ديوان الغائبين ديوان الغائبين : عبدالحسن الشذر - العراق - 1952 - 1981

عبدالحسن بن عودة الشذر البصري.
ولد في مدينة البصرة (جنوبي العراق)، وتوفي فيها ولما يبارح الشباب.
قضى حياته في العراق.
أكمل المرحلة الابتدائية بمدرسة البصرة عام 1963، ثم حصل على الشهادة الثانوية عام 1971، ثم استكمل ثقافته بالاطلاع على الآداب الغربية، وتأثر بالموجة التي كانت سائدة في السبعينيات.
عمل بالصحافة ومراسلة صحف العاصمة.
كان عضوًا في اتحاد الأدباء العراقيين بمدينة البصرة.
كان له نشاط ثقافي واسع في المهرجانات الشعرية بمدينته، ونشاط سياسي أيضًا. مال إلى حياة الصعلكة والنوم في الشوارع حتى أصيب بكسور بليغة في ساقيه جراء حادث سيارة اضطره للسير على عكاز في أخريات حياته، ثم انقطعت أخباره عن الناس.

الإنتاج الشعري:
- له قصائد عدة نشرت بمجلة الأقلام منها: «ورقة من تقويم المنفى» - العدد الحادي عشر - السنة الثامنة - 1973، و«شارات طريق القلب»، و«المغني بشار»، و«أسباخ على أجنحة النورس»، وله ديوان مخطوط لدى أسرته.
ما أتيح من شعره قليل، يرسله غير متقيد بشروط الأوزان ولا القوافي وكأنما يلقيه على السجية، يسجل لمشاهدات بيئته (البصرة) حاضرًا وتراثًا حيث ثورة الزنج، وحيث يحضر البحر برموزه المألوفة في مقابلة طريفة مع الصحراء، فضلاً عن إشارته إلى ملحمة جلجامش، وإلى «وفيقة» رمز عشق السياب، ومشاهداته تعج بالحركة حيث السفن والبحارة والتجار وفقراء الزنج، وهو يستنطق مشاهداته بوعي بصري حاد فيلحظ دقائق الأشياء، بما يعكس خبرة قوية بملابسات الحياة في الطرق والمرافق العامة، ينسجها في سياق سردي، أما إيقاعه فداخلي يتضح عبر حركة الصور والمعاني وقليل من الحيل الفنية مثل التشكيل في توزيع الجمل والأسطر الشعرية، وتكرار بعض المفردات في أنساق متوافقة أو متخالفة.

مصادر الدراسة:
1- حيدر الكعبي: عبدالحسن شذر - مقالة مخطوطة.


عن موسوعة البابطين

***
ولد عبد الحسن عودة الشذر في البصرة عام 1952. أكمل دراسته الثانوية في إعدادية الجمهورية. إنخرط في النشاط السياسي بانظمامه إلى اتحاد الطلبة العام، وتعرض نتيجة ذلك لتجربة اعتقال مبكرة. عبَّر عن رفضه للنظام في قصائده التي نشرها في مجلات (الثقافة الجديدة) و(الأقلام) و(الطليعة الأدبية) و(ألف باء)، وفي جريدتَي (الثغر) و(الفكر الجديد) العراقيتين وجريدة (السفير) اللبنانية. فازت قصيدته "ورقة من تقويم المنفى" بالجائزة الأولى لمسابقة مديرية تربية البصرة عام 1971. نشر قصةً قصيرةً وحيدة عنوانها "الشارب الأصهب" في مجلة (العاملون في النفط). كان ذا شخصية حالمة، قلقة، متمردة. في عام 1972، أثار ضجة في قاعة التربية بالعشار بإهدائه قصيدته "أسباخ على أجنحة النوارس" إلى عبد الخالق محجوب، الأمين العام للحزب الشيوعي السوداني، الذي كانت حكومة جعفر النميري قد أعدمته سنة 1971. وقد تُرجِمَت القصيدة المذكورة إلى الإنكليزية بعنوان (Brine on the Wings of Seagulls)، ونُشِرت في أنطولوجيا (Flowers of Flame: Unheard Voices of Iraq). والقصيدة تستوحي ثورة الزنج في جنوب العراق في القرن التاسع الميلادي بقيادة علي بن محمد، الذي يشير إليه الشاعر بعبارة "الصاحب" أي صاحب الزنج. أكمل الشذر دراسته العليا في معهد إعداد المعلمين في البصرة، وعُيِّن معلماً في إحدى قرى محافظة ذي قار. فرَّ من الخدمة العسكرية الإلزامية، وراح يتنقل بلا انقطاع بين البصرة والناصرية وبغداد. شرع في أواخر أيامه بكتابة مطولاتٍ شعرية نشر جزءاً من إحداها في جريدة (السفير) اللبنانية. وفي عام 1980 تعرض لحادث سير يُظَنُّ أنه كان مقصوداً كاد أن يودي بحياته. ويؤكد شهود عيان أن الشذر اعتقل في أواخر العام نفسه في مديرية أمن البصرة في منطقة التحسينية. ويقول الشاعر داوود الربيعي، الذي كان معه في المعتقل: "كان [الشذر] قد رُبِطَ إلى نافذة وقدماه لا تكادان تصلان الأرض. [و]في اليوم التالي أخذوه إلى مكانٍ آخر." ويؤكد الناقد خالد السلطان، الذي كان معتقلاً مع الشذر هو الآخر، أن الشذر اقتيد مع آخرين الى جهة مجهولة خارج المعتقل، ولم يُعرفْ مصيرُه.

من جدار حيدر الكعبي

***



أسباخ على أجنحة النوارس
الى روح الشهيد عبد الخالق محجوب

لما خسر الزنج الفقراء المعركة الأولى ،
انتزعَ البحارة من جسدي أيقونةَ مَنْ أهواهُ ورائحة البحر
.. البرية ، صرتُ غريباً في البحر
والبحرُ غريباً صار ، حنى عينيهِ الماءُ حزيناً ، مثلي كان الماء
في البحر ، المحنة أن لا ساحل للنوتيّ المطرود
فكتبتُ لمحبوبي في صدر قميصي ما قد كان وما سيكون
وكتبتُ : يا محبوبي .. اطرحْ كفيك سواحلَ من دفلى
علقتُ قميصي فوق الماء
ودعوت طيورَ النورس مأخوذاً بمجيء الفجر ، لتحملَ
للمحبوب قميصي ،
مرتْ حاملةً أسباخ البحر إلى
الصحراء
الماءُ يعيد إلى كتفيَّ قميصي مكتوفاً ، أبيضَ
من يحملُ للمحبوب قميصَ النوتيّ ؟
مَنْ يمنح في هذا البحر الممتدّ لهذا النوتيّ المطرود طريقاً
للبر ؟
مَنْ يحملُ جثةَ هذا النوتي المقتولِ إلى البصرة ؟
مَنْ؟ لا غير البحر ... !

البحرُ غريبٌ مسدود الشطآن ، وزنج البصرة مستبخون ،
... يجرون السفن الهندية حتى أبواب التجار
فالصاحب لم يرسلْ للزنج نوارسه ببشارات العتق
الصاحب محكوم بالصلب لتحريض الزنج الفقراء
على التجار
الليلة لن يخفيه نخيل البصرة أو صلوات الزنج عن الدرك
... السري وإيماءات فوانيس الجند

يا محبوبي
لا عاصمَ في هذا الليل
للصاحب من لوح الجلد
لا عاصم في هذا الويل
للعاشق من طوفان الوجد
يا محبوبي ..
ويموت العاشق في جسد النوتي ، فكل المعشوقات
هربن مع البحارة في سفن الهند
والزنج عصافير تتدلى راعشة فوق القطط الوحشيات
والصاحب مصلوب في قمصان التجار
يا محبوبي ، لو كنت هناك أتبكي ، أم تتشفى من ...
... معشوقٍ مات ؟

لما دخل الزنج الفقراء المعركة الأخرى ،
ناديت على محبوبي ، إذ منحتني المحنة صوتاً محتجاً
لا توقفه شارات طريق القلب :
يا محبوبي المتأرجح بين الوصل وبين الهجر ولا تختار
إني أتعذبُ في الما بين ، وليل البصرة ممتدّ كالبحر ، ...
... وزنج البصرة يقتتلون مع التجار ، وقلبي
فانوس في حضرة عشقك مشتعلٌ تحت الأمطار
يا محبوبي .. إما أن تمنح عشقكَ للزنج الفقراء وإما
للتجار

الليلة حين مررتُ تحاور بينهمو عمال البحر ، أشاروا لي
... بأصابعَ مُذْهبةٍ بالتبغ :
هذا النوتي البارحةَ البحارةُ قد قتلوه ..!!
هذا النوتي له ـ صهْ لا تسمعه ـ له محبوب يقتله تجار البصرة في هذي الليلة .
في هذي الليلة أغفو في جسدي ،
لا خوفاً من دركيٍّ في الدركِ السري يلاحقني ويعدّ
خطايَ ، ...
... ويكتبُ : مَرَّ على زنجيّ صافَحَه ، اختبأتْ
بين الكفين حمامةُ طفلٍ زنجي ، ثم افترقا ..!
لكن لأراك ، فحضرة عشقكَ في جسدي
ورأيتكَ ـ طاوعتُ الكلمات وقلتُ رأيتك فانوساً
يتوهج في ليل البصرة
ورأيتُ طيور النورس وهي محملة برسائل عشق للعشاق
... تعود لتذهب وهي محملة برسائلهم للمعشوقات ،
... تعود لتذهب ، ثم تعود لتذهب ، ثم ،
بأجنحةٍ لا تثقلها الأسباخ تعود لتذهب ...
... بين البحر وبين الميناء
ورأيت الصاحب ملتفاً بالماء وبالعشب البري ،
مساء ...
... يخرج مصطحباً عشاقَ وزنجَ البصرة والآتين
من المدن الأخرى ومغني البصرة ( تومانَ )
المفتونَ بألفِ هوىً ، بقواربَ مفروشاتٍ بالدفلى
للنزهةِ ...
يخرجُ في ضفةِ العشّار .


* نشرت في مجلة الأقلام / العدد 11 ـ السنة الثامنة 1973

***

شارات طريق القلب

يا محبوبي المتأرجحَ بين الوصل وبين الهجر ولا تختارْ
إني أتعذَّب في الما بين، وليل البصرة ممتدٌّ كالبرِّ،
وزنجُ البصرة يقتتلون مع التجار، وقلبي فانوسٌ
في حضرة عشقِك مشتعل تَحْتَ الأمطارْ
يا محبوبي إمَّا أن تمنحَ عشقك للزنج الفقراءِ وإمَّا
للتجارْ

الليلةَ حينَ مررتُ تحاور بينهمُ عمالُ البحر، أشاروا
لي
بأصابع مُذْهبةٍ بالتبغْ:
هذا النوتيُّ البارحة البحارةُ قد قتلوه!!
هذا النوتي - صهْ لا تسمعْهُ - له محبوبٌ يقتله
تجار البصرة في هذي الليله
في هذي الليلة أغفو في جسدي،
لا خوفًا من دركيٍّ في الدرك السرِّيِّ يلاحقني ويعدّ
خطايَ،
ويكتبُ: مُرَّ على زنجيٍّ صافحه، اختبأتْ
بينَ
الكفّين حمامةُ طفلٍ زنجيٍّ، ثم افترقا!
لكنْ لأراك، فخضرة عشقكَ في جَسَدي
ورأيتكَ - طاوعتُ الكلمات وقلتُ رأيتك - فانوسًا
يتوهَّجُ في ليل البصرة
ورأيت طيور النورسِ وهي مُحمَّلَةٌ برسائل عشقٍ للعشاق
تعود لتذهبَ وهْي محمَّلة برسائلهم للمعشوقات،
تعود لتذهب، ثم تعود لتذهب، ثم بأجنحةٍ
لا تثقلها الأسباخُ تعود لتذهبَ
بين البحرِ وبين الميناءْ
ورأيت «الصاحبَ» ملتفّاً بالماء وبالعشبِ البريِّ
مساءْ
يخرج مصطحبًا عشاقَ وزنجَ البصرة والآتينْ

آه يا معشوقتيَ الشاخصةَ العينين بالشبَّاك، والشباك
باب الانتظارات لمعشوقٍ مُهاجِرْ
حينما أدخل محراب القصيده
فأنا نحوك من منفاي أجتاز المحطات، أسافرْ
أنتهي منها وتنتهيني القصيده

آهِ يا معشوقتي المنتظره
آهِ ما أقربَ شباككِ، ما أبعد شباككِ، لو جئْتُهُ أرتدّ قتيلا
سفرٌ ما بين عينيّ وعينيكِ و«خمبابا» وسيّاف المدينة

فاحلمي آبَ المغني من منافيه لشبّاك «وفيقه»
أوبتي فصلٌ تلاشى الفزع الساكن أحداق عصافيرِ الشبابيك العتيقه

***

المغني بشَّار

إعقد يديكَ وراء ظهركْ
إعقد يديكَ وسرْ وراء النهر يتبعك البغاه
ماذا دَهاكَ؟
ماذا؟ أأنتَ تقودني أم نحن مقتادان في الطرقِ الظليله
ضيّعتَها وأضعتَ كفَّ دليلك الحبشيّ خلفكْ
ونسيتَ من فرط التسكّع مرةً أخرى عصاكْ

يا مياه الخليجْ
يا مياه الشطوطْ
يا مياه المياهْ
إرفقي بالمغني
واجعلي من يدك عصاهْ
فالمغني إذا تاه، تاهْ





ع االحسن الشدر.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى