د. عبد الله عوبل / من دولة اليمن
عبد الستار وأم أزهار
النص
يبتسم الناس لك في الطريق،، يحيونك باهتمام برفع الأيدي او بابتسامة عريضة ،، او إيماءة ،، بهذا الحي أناس نظيفون، طيبون ،، حتى وان كانت خلف الابتسامة وجع واعاصير من الألم ،،
الابتسامة امل وربيع حياة،، روح يحي الفرح ،، الابتسامة تؤشر على ان الدنيا بخير ،،ابتسامة الزوجة في لحظة احباط تساوي الدنيا،،،تلك هي عقيدة عبد الستار ونظريته حول معنى الابتسامة،،
يخرج العم عبدالستار من بيته بعد الخامسة عصرا الى المقهي المجاور للحافة العتيقة ،، حيث الهدوء الا من أصوات السيارات المارة في الشارع الرئيس ،،،رغم انه قد تخطى الخامسة والسبعين من العمر ،، عبدالستار يخرج أنيق المظهر ،،بقميصه الأبيض والبنطلون نظيفان مكويان وجزمة سوداء لامعة ،،شعره الهندي مصففا مرتبا ،،،يقضي وقت العصر يلعب الدمنة او الورق مع زملاء له متقاعدون من الخدمة ،، ويتراهنون على فنجان شاي ،،،
يطلق عبدالستار العنان لذكرياته،،،زوجته الهندية تسبق اي حديث ،، فهي التي وقفت بجانبه في السراء والضراء ،، وهي التي تخفف بعض احزانه باابتسامة وهي تفتح له باب المنزل اثناء عودته من العمل ،،، ( كانت لمن تفتح لي الباب تبتسم لي أشوفها كأنها ملاك ،، ويردف مع بعض التنهيدات ،،،؛ يروح مني التعب والإرهاق ،، بس بنت ناس ،، من عائلات خان الهندية المشهورة ،، تخفف عني الضبح حق الشغل واللوك حق الزبائن ،،،، مش زي البنات حق ذلحين تروح تعبان تلاقي مشافرها واحد ٠الع وواحد نازل )
عبد الستار يبتسم للجميع ويضحك ويجامل الجميع في الحي ،،،لم يعلم احد ان ابتسامته تخفي حزن عميق ،، يحاول ان يقتنص لحظات من زملائه المتقاعدون ،، وان ينسي حزنه على زوجته ام أزهار وفوزية،، منذ عام توفت ،، بكى حتى جفت ماقيه،، رفيقة عمره عاشت معه على الحلوة والمرة ،، تهتم به كطفل ،، لا تتركه يخرج من منزله دون ان تتفقد ملابسه وانسجام ألوانها ،، مكوية ونظيفة ،، وتحرص على ان تلبسه شرابات على لون الجزمة والحزام ،،، تطبخ له ألوانا من الطعام الذي يحبه ،، ام أزهار امرأة كاملة ،، انعم الله بها عليه ،، لكن كما قال عبدالستار "اتبهذلت بعدها ،، كانت تدلعنا تسوي لي كل شيء ،،،، ولو ان العيال عندي بس مش زي أمهم ،، تسقط من عينيه دمعة حارة ،، يتوقف عن الحديث ،، تترقرق عينيه بالدمع ،،،غصة في الحلق ،، تنهيده عالية ،،،مع بعض آهات الشوق ،، احالت العبرة دون الكلام ،،،يحاول أصدقاؤه في المقهي ان يخففوا عنه الألم ،، بالإشارة الى انها خلًٓفت له ولدان جميلان،، حاول ان يواصل اللعب ،،، لكن لوحظ في تلك الليلة انه متوعكا،،عاد الى البيت ،، احتضن صورة زفافهما ،،استعاد شريط ذكرياته ،، أغمض عينيه،، نام ،،، لكنه لم يقم ،، لقد لفظ اخر أنفاسه ،، صعدت روحه الى بارئها،،، بالضبط في ليلة كان قد مر على وفاتها سنة كاملة .
القراءة
"""""""""""""""""""""""""
اطال الله في عمر الأحباء فإنه إذا رحل أحدهما إلى دار البقاء تبعه نصفه الثاني في مدة وجيزة وهذه القصة تحمل الإنسان على الثبات على الأصول ومراعاة حق العشرة وهناك دراسات علمية تؤكد النهاية نفسها وتبقى الابتسامة الرمز الذي يؤلف بين جميع القلوب مهما كانت الظروف قاسية لابد من التفاؤل وتوقع الأمل وقرب الإنفراج القصة عمدت إلى تضميد الجراح وأظهرت الدور المهم الذي يجب على الأصدقاء القيام به فهم أيضا على عاتقهم تقع مسئولية تنفيس الكرب وفك الضيق وتفريجه على المهمومين من معارفهم الذين يدرون ما بهم من أحزان وأشجان وبذلك التكافل في الحياة والمجتمع تخف حدة المآس ولا تعود لها تلك القوة حين وقوعها على المصاب الذي لا شك أنه يمتعض و يتذمر بها كثيرا وتصيبه في مقتل لولا وجود اناس اكفاء أصحاب قلوب متوادة و رحيمة قد يقلبون المأساة والحدث الجلل الى تعزية أقل إيلاما بمعنى تقاسم المصيبة وعدم إفراد شخص واحد بها ومن هنا تتجزء وتذوب بفضل التحدي والتعاون ونشر فكرة التضامن بين الأفراد على أوسع نطاق ممكن القصة كانت ملفتة للنظر تعاطفية ومراعية لقيمة المحبة الإنسانية وحريصة تجمع القلوب وتؤلف بينها في قالب سردي سلس جميل وأنيق ودعوي من خصائصه المحافظة على أهم أركان الأخلاق وهو طهر السريرة والإحساس بالآخر والتواصل معه ودعمه معنويا بالمواساة و بالمؤانسة والتعاضد والتظافر والتكافل ضد التفككية والإنعزالية والتغريب والإنزوائية والتكمش والإنطوائية المقيتة الضارة والفاتكة و نلمس في النص نظرية بناءة تشيد بفخر المجتمع القائم على الأصول التي يعتز بها العربي ويبذل في سبيلها كل ما في وسعه لتبقى مستمرة وعنوانا عريضا للشهامة يعرف بها وجوده وقيمه ومبادئه وحكمته التي لا تزول ولا يلحقها توتر او خذلان أو إنهزامية لأنها بخلاصة تمثل الصراع والفارق المعياري بين ماهو خيري فاضل وواجب ومستحب يثنى عليه ويمجد وبين ماهو شر محض لا يطاق ولا يقبل ولا ينصح به في التعامل ولا يؤخذ كأسلوب حياة مشرفة ونلاحظ في هذه الجملة المتفرعة القراءة نقدا ناريا لاذعا لمح له النص ولكنه تخطاه بسرعة وتجاوزه ولم يطل عنده الوقوف برهة وكانه يقلل من شأنه ويعتبره فكرا لا يستحق المبالاة ولا حتى الذكر فكان عبورا خاطفا المراد منه إستثناءه أو أقصاءه .....
( مش زي البنات حق ذلحين تروح تعبان تلاقي مشافرها واحد ٠الع وواحد نازل )
كانه لا يتضمن الحديث المشار إليه بالإمعان ورحابة الصدر والتواطئ بالميل نحوه كما عند قول عبد الستار في وصف أم أزهار....( كانت لمن تفتح لي الباب تبتسم لي أشوفها كأنها ملاك ) أ و عند وصفه لها ..( ،، بس بنت ناس )أما المتروك والمهجور و المنهي عنه ولأنه من دون جدوى ومن دون قيمة فتم الإنصراف عنه وعدم تخصيص الوقت له و عدم إعتباره وعدم وزنه والتغطية عليه وإدارت الظهر له فلا حضور مكثف له في بيئة القصة وكذلك وسط المجتمع برمته وهذا الموضوع الأناني الخبيث جاءت فكرة التلميح إليه خفيفة وكان التعبير عن هذه الحالة الشاذة بهذه الطريقة
عبد الستار وأم أزهار
النص
يبتسم الناس لك في الطريق،، يحيونك باهتمام برفع الأيدي او بابتسامة عريضة ،، او إيماءة ،، بهذا الحي أناس نظيفون، طيبون ،، حتى وان كانت خلف الابتسامة وجع واعاصير من الألم ،،
الابتسامة امل وربيع حياة،، روح يحي الفرح ،، الابتسامة تؤشر على ان الدنيا بخير ،،ابتسامة الزوجة في لحظة احباط تساوي الدنيا،،،تلك هي عقيدة عبد الستار ونظريته حول معنى الابتسامة،،
يخرج العم عبدالستار من بيته بعد الخامسة عصرا الى المقهي المجاور للحافة العتيقة ،، حيث الهدوء الا من أصوات السيارات المارة في الشارع الرئيس ،،،رغم انه قد تخطى الخامسة والسبعين من العمر ،، عبدالستار يخرج أنيق المظهر ،،بقميصه الأبيض والبنطلون نظيفان مكويان وجزمة سوداء لامعة ،،شعره الهندي مصففا مرتبا ،،،يقضي وقت العصر يلعب الدمنة او الورق مع زملاء له متقاعدون من الخدمة ،، ويتراهنون على فنجان شاي ،،،
يطلق عبدالستار العنان لذكرياته،،،زوجته الهندية تسبق اي حديث ،، فهي التي وقفت بجانبه في السراء والضراء ،، وهي التي تخفف بعض احزانه باابتسامة وهي تفتح له باب المنزل اثناء عودته من العمل ،،، ( كانت لمن تفتح لي الباب تبتسم لي أشوفها كأنها ملاك ،، ويردف مع بعض التنهيدات ،،،؛ يروح مني التعب والإرهاق ،، بس بنت ناس ،، من عائلات خان الهندية المشهورة ،، تخفف عني الضبح حق الشغل واللوك حق الزبائن ،،،، مش زي البنات حق ذلحين تروح تعبان تلاقي مشافرها واحد ٠الع وواحد نازل )
عبد الستار يبتسم للجميع ويضحك ويجامل الجميع في الحي ،،،لم يعلم احد ان ابتسامته تخفي حزن عميق ،، يحاول ان يقتنص لحظات من زملائه المتقاعدون ،، وان ينسي حزنه على زوجته ام أزهار وفوزية،، منذ عام توفت ،، بكى حتى جفت ماقيه،، رفيقة عمره عاشت معه على الحلوة والمرة ،، تهتم به كطفل ،، لا تتركه يخرج من منزله دون ان تتفقد ملابسه وانسجام ألوانها ،، مكوية ونظيفة ،، وتحرص على ان تلبسه شرابات على لون الجزمة والحزام ،،، تطبخ له ألوانا من الطعام الذي يحبه ،، ام أزهار امرأة كاملة ،، انعم الله بها عليه ،، لكن كما قال عبدالستار "اتبهذلت بعدها ،، كانت تدلعنا تسوي لي كل شيء ،،،، ولو ان العيال عندي بس مش زي أمهم ،، تسقط من عينيه دمعة حارة ،، يتوقف عن الحديث ،، تترقرق عينيه بالدمع ،،،غصة في الحلق ،، تنهيده عالية ،،،مع بعض آهات الشوق ،، احالت العبرة دون الكلام ،،،يحاول أصدقاؤه في المقهي ان يخففوا عنه الألم ،، بالإشارة الى انها خلًٓفت له ولدان جميلان،، حاول ان يواصل اللعب ،،، لكن لوحظ في تلك الليلة انه متوعكا،،عاد الى البيت ،، احتضن صورة زفافهما ،،استعاد شريط ذكرياته ،، أغمض عينيه،، نام ،،، لكنه لم يقم ،، لقد لفظ اخر أنفاسه ،، صعدت روحه الى بارئها،،، بالضبط في ليلة كان قد مر على وفاتها سنة كاملة .
القراءة
"""""""""""""""""""""""""
اطال الله في عمر الأحباء فإنه إذا رحل أحدهما إلى دار البقاء تبعه نصفه الثاني في مدة وجيزة وهذه القصة تحمل الإنسان على الثبات على الأصول ومراعاة حق العشرة وهناك دراسات علمية تؤكد النهاية نفسها وتبقى الابتسامة الرمز الذي يؤلف بين جميع القلوب مهما كانت الظروف قاسية لابد من التفاؤل وتوقع الأمل وقرب الإنفراج القصة عمدت إلى تضميد الجراح وأظهرت الدور المهم الذي يجب على الأصدقاء القيام به فهم أيضا على عاتقهم تقع مسئولية تنفيس الكرب وفك الضيق وتفريجه على المهمومين من معارفهم الذين يدرون ما بهم من أحزان وأشجان وبذلك التكافل في الحياة والمجتمع تخف حدة المآس ولا تعود لها تلك القوة حين وقوعها على المصاب الذي لا شك أنه يمتعض و يتذمر بها كثيرا وتصيبه في مقتل لولا وجود اناس اكفاء أصحاب قلوب متوادة و رحيمة قد يقلبون المأساة والحدث الجلل الى تعزية أقل إيلاما بمعنى تقاسم المصيبة وعدم إفراد شخص واحد بها ومن هنا تتجزء وتذوب بفضل التحدي والتعاون ونشر فكرة التضامن بين الأفراد على أوسع نطاق ممكن القصة كانت ملفتة للنظر تعاطفية ومراعية لقيمة المحبة الإنسانية وحريصة تجمع القلوب وتؤلف بينها في قالب سردي سلس جميل وأنيق ودعوي من خصائصه المحافظة على أهم أركان الأخلاق وهو طهر السريرة والإحساس بالآخر والتواصل معه ودعمه معنويا بالمواساة و بالمؤانسة والتعاضد والتظافر والتكافل ضد التفككية والإنعزالية والتغريب والإنزوائية والتكمش والإنطوائية المقيتة الضارة والفاتكة و نلمس في النص نظرية بناءة تشيد بفخر المجتمع القائم على الأصول التي يعتز بها العربي ويبذل في سبيلها كل ما في وسعه لتبقى مستمرة وعنوانا عريضا للشهامة يعرف بها وجوده وقيمه ومبادئه وحكمته التي لا تزول ولا يلحقها توتر او خذلان أو إنهزامية لأنها بخلاصة تمثل الصراع والفارق المعياري بين ماهو خيري فاضل وواجب ومستحب يثنى عليه ويمجد وبين ماهو شر محض لا يطاق ولا يقبل ولا ينصح به في التعامل ولا يؤخذ كأسلوب حياة مشرفة ونلاحظ في هذه الجملة المتفرعة القراءة نقدا ناريا لاذعا لمح له النص ولكنه تخطاه بسرعة وتجاوزه ولم يطل عنده الوقوف برهة وكانه يقلل من شأنه ويعتبره فكرا لا يستحق المبالاة ولا حتى الذكر فكان عبورا خاطفا المراد منه إستثناءه أو أقصاءه .....
( مش زي البنات حق ذلحين تروح تعبان تلاقي مشافرها واحد ٠الع وواحد نازل )
كانه لا يتضمن الحديث المشار إليه بالإمعان ورحابة الصدر والتواطئ بالميل نحوه كما عند قول عبد الستار في وصف أم أزهار....( كانت لمن تفتح لي الباب تبتسم لي أشوفها كأنها ملاك ) أ و عند وصفه لها ..( ،، بس بنت ناس )أما المتروك والمهجور و المنهي عنه ولأنه من دون جدوى ومن دون قيمة فتم الإنصراف عنه وعدم تخصيص الوقت له و عدم إعتباره وعدم وزنه والتغطية عليه وإدارت الظهر له فلا حضور مكثف له في بيئة القصة وكذلك وسط المجتمع برمته وهذا الموضوع الأناني الخبيث جاءت فكرة التلميح إليه خفيفة وكان التعبير عن هذه الحالة الشاذة بهذه الطريقة