ديوان الغائبين ديوان الغائبين : عباس أبو الطوس - العراق - 1929 - 1958

ولد عباس بن مهدي بن حمادي آل أبو الطوس في مدينة كربلاء (جنوبي العراق)، وفيها قضى حياته القصيرة، وفي ثراها كان مرقده.
كان ابنًا لعامل (صانع) امتهن نقش الأواني النحاسية (الطوس)، ولكن الصبّي اتجه إلى الكتّاب، وثقف نفسه ذاتيًا فدرس أمهات كتب النحو والمصادر التاريخية، وقرأ كتب الجاحظ، وحفظ من الشعر الجيد ومن خطب الإمام علي، وتابع الكتابات الصحفية بما أنضج شاعريته.
اختلف المترجمون له في سنة ولادته (1929 أو 1935) ومهما يكن فقد توفي شابًا.
كان له نشاط سياسي فاعتقل وسجن غير مرة في العصر الملكي (في العراق) حتى أصيب بروماتيزم القلب، مما أدى إلى رحيله شابًا.

الإنتاج الشعري:
- له قصائد في كتاب: «دراسات أدبية»، وله شعر في رثاء الإمام الحسين - بعنوان: «يوم الحسين الخالد» - طبعه وعلق عليه جاسم الكلكاوي، ونشرت له صحف عصره عددًا من القصائد: مجلة «رسالة الشرق» (كربلاء) العدد 2 السنة الأولى - رجب 1373هـ/1953م، وجريدة «شعلة الأهالي» -العدد 14 السنة الأولى - يوليو 1960، ومجلة «العرفان» (اللبنانية) (جـ 5) - المجلد 50، ومجلة «رسالة الشرق» - (كربلاء) العدد 10، ومجلة «العرفان» (اللبنانية) (جـ 5) - المجلد 46، ومجلة «رسالة الشرق» (كربلاء) - العدد 5، ومجلة «العرفان» - (اللبنانية) (جـ 8) - مجلد 47، و له ستة دواوين مخطوطة، ذكرت بعض المصادر أنها بحوزة أديب كربلاء سليمان الطعمة، وهي: «هدير الشلال»: قصائد سياسية، و«أغاني الشباب»: في الغزل والوصف، و «ذكريات»: في ذكريات الحب، و«النشيد الظافر»: في مديح ورثاء آل البيت، و«رباعيات»: في أغراض مختلفة، و«زئير العاصفة»: أشعار في ثورة 14 تموز (1958).
شاعر متدفق، فياض العاطفة، قادر على الإطالة وتنوع الموضوعات، في زمنه القصير قال في السياسة، وفي المجتمع، وفي الطبيعة، كما عبر عن عالمه الداخلي،
ولكن صوره وتعابيره تحمل طابع مرحلته الأقرب إلى الرومانسية انفعالاً وتمردًا.

مصادر الدراسة:
1 - سلمان هادي آل طعمة: معجم رجال الفكر والأدب في كربلاء - دار المحجة البيضاء - بيروت 1999.
2 - غالب الناهي: دراسات أدبية (جـ 2) - مطبعة أهل البيت - كربلاء 1960.
3 - كوركيس عواد: معجم المؤلفين العراقيين في القرنين التاسع عشر والعشرين - مطبعة الإرشاد - بغداد 1969.
4 - موسى الكرباسي: البيوتات الأدبية في كربلاء خلال ثلاثة قرون - مطبعة أهل البيت - كربلاء 1968.

الهوى والفراق

جَدَّ الفراقُ فـمدمعـي نضَّاحُ = ونـيـاط قـلـبـي كلهـنَّ جــــــــــراحُ
وبـمهجتـي سهـم الـتـوجّع نابتٌ = وبأضلعـي جمـرُ الأسى قَدَّاح
أهفـو إذا جـاء الـمسـاء صـبابةً = وكذاك حيـن يلفَّني الإصـبـاح
وأحِنُّ مـن فرط الشقـاء كأننـي = متـنكّبٌ عصـفَتْ بـه الأتـراح
هـيـمـانُ مكلـوم الـحشـاشة حـائرٌ = دامي الجفون معذَّبٌ مـلـتاح
تجثـو عـلى كبـدي الهمـوم مـثيرةً = فـيهـا لـواعجُ مـا لهــــنَّ براح
وتُثَقِّل الآلام فـوقـي خطْوَهـا = وركـامهـا حَنقًا ولا تـــــــــــــــنزاح
والـذكريـات عـلـيَّ جـيشٌ زاحفٌ = يـطأ الجـوانحَ وَقْدُهـا الطـوَّاح
فَأبِيـت مضطربَ الفؤاد مسهَّدًا = أرعى الدجى، وسميريَ المصباح
صَدَعَ الهـوى قـلبي وزاد بـلوعتي = ونفا كرايَ وهل عـليه جُناح
والـحـبُّ جـبّارٌ تَهاب جلاله = صُلْد القـلـــــــوب وتحذر الأرواح
يا عاذلي ناهـيك هل ذقت الهوى؟ = أم أنت من ألم الهـوى مرتاح؟
لو كـنـت تعـرف ما الهوى ما لمتـني = فاكففْ فعذلك ليس فيه صلاح
لا العـودُ يؤنسنـي برقَّة لحنه = والـمقْمـراتُ الـبـيض والأقــداح
جـافـيـتُ كلَّ مسـرّةٍ وتـركتهـا = حـيرى فلا كأسٌ لـــــــديَّ وراح
هـيـهـات أسلـو عـن فراق أحـبتي = وتجلّدي، بفراقهـم، مـجتـاح
ليت الأحبة قبـل يوم رحيلهم = تركـوا ليَ الصـبرَ الجمـيل وراحـوا
أحـبـابنـا نـامـوا عـلى فُرُش الهنا = حيث النعـيـمُ الحـلو والأوضاح
إنـي وإن فـارقت أنسـيَ بعـدكـــــــم = وتشـابكت مِحَنٌ عـلـيَّ فِســاح
لـتهـزّنـي النعـمى ويُطرب خـاطري = قـمـرُ السّمـا والكـوكب اللـمّاح
وتشـوقنـي ذكرى الشبـاب وزهـوه = وملاعبُ الصـبـوات والأفراح
وطلاقةُ الماضـي الجـمـيل ولطفه = والأمسـيـات وعهدهـا المِمـراح
بـاللهِ يـا زمـنَ الهـنـا هل عودةٌ = لك مـن ذهـابك والـوصـال يُتاح؟
فتضمُّنـا تلك الـمبـاهجُ والرؤى = والـماضـيات وفجْرهـا الوضّاح
وهل المسرّةُ سـوف تجمع شمـلنا = وعـليه من حُلَلِ السرور وِشاح؟
وتـرفُّ أحـلامُ الشبـاب فـويـقنـا = والأمـنـيـاتُ وطِيبـهـا الفــوّاح؟
حـيث الطلاقةُ والرفـاهة والهــوى = ونمـيرهـا المتفجّر السحَّاح
نصـبـو فلا للعـاديـات دخــــيلةٌ = مـا بـيـننـا ولرجـمهـنَّ كفـــاح
ونعبُّ أكـواب الـمدامة كـيفـمـا = شئنـا وشـاء نعـيـمـنـا الـمنداح
والعـيش مبتسمٌ وكل نفـوسنا = نشـوى فلا نُوَبٌ هـنـاك قِبـاح

***

في محراب باخوس

لـيلايَ يـا أمـلَ النفـوس تقـرَّبــــي = شـوقًا ولا تتبعَّدي عـن ذاتــــي
ثـم اعطفـي نحـوي ولا تتخـوَّفـي= إن أرعبَتْكِ هـنـيـهةً نظراتـــــــي
وإذا هـمست مشـاعـري مهتـاجةٌ = وعـواطفـي مسعـورة الصرخات
وشعـرتِ بـين جـوانبـي نـار الهـوى = تذكو وقـد عبثت بها زفراتي
ورأيـتِني كالوحش أختطف المنى = قسـرًا ولست أحيـد عن رغباتي
وشهدتِ مـني في الوجود عجائبًا = وغرائبًا زفرتْ بها صـبواتي
طـورًا عـلى الأقـداح أحصد راشفًا = خمـرَ الهنـا أو جاحدًا رغباتي
وأخـفُّ آونةً لأنكرَ مـا بـــدا = مـنـي وألعـن بؤرةَ الشهــــــــــــوات
أَوَ مـا كفـانـي مـا حـمـلـت مـن الأذى = وصـبرت للأوجــاع للأرزاء
وشـربتُ أقـداح العذاب وإنهـــا مـلئت= بفـيض مدامعـي ودمـائــــي
وأضعت في دنـيا الشقـاء لذائذي = ودفـنت في وادي الهموم هنائي
وتـركت أيـامـي نـوادبَ تـرتـمـي = مـجـروحةَ الأضلاع والأحشــــاء
وهجـرت قـيثـاري ولطف مسـرتــي = وسعـادتـي مـن مهجة الندمــاء
ولقـيـت مـن محن اللـيـالـي جـمّةً = وأنـا أسـير الـوحدة الســــوداء
وبقـيـت أشكـو للنجـوم ظلامتـي= وأبثّ للـيل الأصـمّ شقـائـــــــــي


عباس أبو الطوس.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى