النخيلي محمود رفاعي
(((قالت عـشِقـْـتُـك َ شاعـري)))
قالت عـشِـقْـتـُكَ شـاعري
فانثر قصـيـدك َ في ربوع مـشـاعـري
وارسم على وجه الزمان ملامحي
هـذي عيوني الحالمات وسحرها
هذي شفاهي تشـتهـيك َ...غـدائـري
يا شـاعـري
هـذي حقول أنوثـتـي
فـارسـلْ سـحـابـات الغرام الماطـرِ
هـذي دروب العشق قد فـَتَّحـتُها
فادخل جميع مرافئي
واقطف ثماري هانئا ً
واشـتـَمّ عـطـر أزاهـري
إني عـشـقـتُـكَ شاعـراً
فاغـنـم هـيامي
واشـتـيـاق عـنـاصـري
وابنِ من الكلمات مملكة الضّحَى
نحن الـمـلائـك
فـي الـربـيـع الـنـاضـرِ
لكنني يا شاعـري
أخشي الجَوَى
أخـشَـى الـهـلاك بـبحـر ليل ٍ حائرِ
أخـشَـى عـلـيَّـا وقد مـنحـتُـك َعالمي
تُـلـقـيـنـي يـومـاً
في الغياهـب هـاجـري
وأصير ذكـرَى
من زمان ٍ شـاحـب ٍ
وأنا التي قد كـنـتُ كل الـحـاضـرِ
وأصير حرفاً باهـتاً
قد تاه في ركب القصيد الغابرِ
يا شاعـري
كم زهـرةً
ألـقـيـتـَهـا لـلـريح بعـد قطافها
فغـدتْ هشـيـمـاً
في مـسـاءٍ عـاثـرِ
فأجبتُها:
سأعيش عـمـري نـاسـكاً
أتـلـو تـراتـيـل الغرام الـعـاطـرِ
أتلو ويسمعني الزمان ْ
فيدور في فلكي وبين خـناصري
وأنُـبِّـه الأطـيار والأزهـار أني عاشقُ ُ
أتـلـو على الملكوت سِـرَّ الـخـاطـرِ
وأظل قديساً؛
نهـاري نـاسـكُ ُ
مُتَهَـدِّجُ ُ ليلي
على هَـمْـس الـمـسـاء الساهـرِ
يا غادتي
أنتِ البراءة في القُـرَى
أنت النجوع بمهجتي
أنت الشـواطـيء والـمـرافيء
أنتِ كل حواضري
أنتِ المدائن في خيالي شِـدْتُـهـا
أنتِ الـمـلـيـكة والـمـلاك بـنـاظـري
أنتِ العـبـيـر الـسـرمـدي
قد لَـفَّ ماضي ما حـيـيـتُ وحاضري
لا تـعـجـبـي إن قـلـتُ
كل قـصـائدي
فيهِـن َّ قد كانت لكِ..وخواطري
قد كان حبي للنساء تـَخَــبُّـطاً
بحثاً عن الطيف الـخـفـيِّ الـسـائـرِ
حتى أتـيْـتِ سـحـابـة ً مِعـطـاءة ً
هَـطَـلَـتْ بـروحـي
كي تُـذيـب هـواجـري
يا فِـتْـنـتي
سـيـعـيش حـبـكِ ما حييتُ بـمهجـتي
تـَخـْضَـرّ أيامي وتـزهـو مـشـاعـري
ويصـيـر حـبـكِ لـي مِداداً هائماً
متوحداً بـدَمِي
متوهجاً
لـيـذوب في قـلـمي
فـتـزهـو دفـاتـري
القراءة
********
قصيدة تعمقت في وصف الحب وصورته على صفاته الحقيقية التي يحسها ويشعر بها كل إنسان عاشق لنصفه الثاني
ودائم الإهتمام به حتى أنه لا يكاد يفارقه طيفه فاستوى الحضور والغياب شعر كهذا يحتاج أن يكتب بماء الذهب تفدير له على سعة الإلهام التي استطاع أن يخوض فيها وأن يصل إليها في تجربته ومن ثم كان له التمكن التام وقد بلغ درجات عالية ورتبة أهلته أن يتكلم باسم الحب الإنساني الصادق لأنه توفرت فيه كل الإمكانيات واللغة منحته من ذاتها ومن روحها فاستشعر القدرة عند البوح الطبيعي على الإستمرار في التعبير ومن ثمة كان لكل القصائد الكثيرة نفس قوة التعبير ونفس التأثير فلا وجود لقصيدة ضعيفة أو معتلة وأنما هي القصائد العصماء التي تشد المتلقي وتلفة إنتباهه إلى زخم العواطف المتراصة الممتلئة بالحياة والحركة الفعالة شعر النخيلي محمود رفاعي ظاهرة موسيقية وظاهرة فنية تعرف كيف تضع اللفظ المناسب في مكانه المناسب بحيث لا يحدث أي خلل في الجملة او السطر المكتوب ليظهر الجمال المتناسق في الخط وفي النطق وفي عموم النص فلا خدش ولا تعثر ولا وقف وإنما القصيدة في الحب من لغة الحرير الناعم من لغة القلب الطيب ومن لغة السحر المطلوب لدى مريدي جيدة الإبداع هذا وغيره من الجماليات نجده بوفرة في شعر صاحبنا الذي جعل شعره سيرة لحياته وجعله لسان حاله يحتفل به في جميع المناسبات ولا يستثنيه في حال من الاحوال وكذلك شعره في الدفاع عن القومية العربية له وزنه وقيمته التي تستحق التمجيد والإعتراف لها بالأصالة والتقدير فهو متمكن من التاريخ ومن دراسة الآثار التي فوضت له من بابها الواسع أن ينال الحضوة والإستحقاق لأن معانيه تصدر من هذه الملكية التي حرص على إعطائها حقها فكان له ذلك وأبعد من منه مجالا وفي عموم أسلوب شاعرنا ظاهرة الفرادة والتميز فهو صريح في تعبيره ومغامر سياسي كبير حتى في زمن شراء الذمم وتطويع الشخصيات ظل عصيا على الترويض بل عبر عن ثورة الشعر في أشهر المواقف وسد الذرائع التي خضع لها غيره ممن انبطحول أمام مواجهة الأهوال وخنوا للخوف وتقزموا في جغرافيته ومحيطه فهم بهذه الصفة خانوا الفكر والفن ولم يلتزموا بالشعائر التي من الواجب رفعها عاليا وهذا الشرف الغالي وسام لا يناله إلا من ثبات على منهج العزة والكرامة والحرية والشاعر توفرت فيه هذه الشروط الشعبوية والوطنية الحقة فسلم من الإنتقاص المزري الذي لحق وحاق بغير ممن يطمحون إلى الفوز بالمكاسب ولم يكونوا من الصفوة الأخيار إن الثقافة العربية تحتاج لمن يمنحها من روحه تمجيدا لها لديمومتها وانبعاثها من جديد في مقاومتها وعظمتها التي رأيناها علميا وأخلاقيا وتحديا ومن هذا المنطلق يكون شعر محمود محافظا على أصالة اللغة الأسطورية المتفجرة حبا وانتماءا ورشدا واهتداءا وقوة ردا وتجاوز وعبورا وسيطرة ونضجا فلسفة تلم بتاريخ الحضارة وقادرة على خلق فرص كثيرة تنتجها حكمة المحاولات وإعادة الصياغة وافتراض البدائل الحداثية والمعاصرة المنسجمة والمتوافقة مع منهج العبقرية العربية في شعره نكتشف أشكالا ومعاني تليق بأن تؤخذ بعين الإعتبار لوزنها المتعبر ولمعالجتها لمختلف القضايا الأساسية لأنه يبدي الحرص والإهتمام بها ولا يتخلف عما هو ضروري ويشارك الجمهور معاناته ويستشعر خطرها الداهم ويعالجها من وجهة رأيه فيكون مصيبا في اختياره لكيفية الطريقة المتناولة بما يلقي فيها من شحناته العاطفية الكبيرة لتتدفق دماء الإنتماء والتضامن والوحدة شاعرصنع من كلماته الحقوق والعدالة والمساواة ويصنع منها الدفء ويصنع منها المحبة والوطن .
(((قالت عـشِقـْـتُـك َ شاعـري)))
قالت عـشِـقْـتـُكَ شـاعري
فانثر قصـيـدك َ في ربوع مـشـاعـري
وارسم على وجه الزمان ملامحي
هـذي عيوني الحالمات وسحرها
هذي شفاهي تشـتهـيك َ...غـدائـري
يا شـاعـري
هـذي حقول أنوثـتـي
فـارسـلْ سـحـابـات الغرام الماطـرِ
هـذي دروب العشق قد فـَتَّحـتُها
فادخل جميع مرافئي
واقطف ثماري هانئا ً
واشـتـَمّ عـطـر أزاهـري
إني عـشـقـتُـكَ شاعـراً
فاغـنـم هـيامي
واشـتـيـاق عـنـاصـري
وابنِ من الكلمات مملكة الضّحَى
نحن الـمـلائـك
فـي الـربـيـع الـنـاضـرِ
لكنني يا شاعـري
أخشي الجَوَى
أخـشَـى الـهـلاك بـبحـر ليل ٍ حائرِ
أخـشَـى عـلـيَّـا وقد مـنحـتُـك َعالمي
تُـلـقـيـنـي يـومـاً
في الغياهـب هـاجـري
وأصير ذكـرَى
من زمان ٍ شـاحـب ٍ
وأنا التي قد كـنـتُ كل الـحـاضـرِ
وأصير حرفاً باهـتاً
قد تاه في ركب القصيد الغابرِ
يا شاعـري
كم زهـرةً
ألـقـيـتـَهـا لـلـريح بعـد قطافها
فغـدتْ هشـيـمـاً
في مـسـاءٍ عـاثـرِ
فأجبتُها:
سأعيش عـمـري نـاسـكاً
أتـلـو تـراتـيـل الغرام الـعـاطـرِ
أتلو ويسمعني الزمان ْ
فيدور في فلكي وبين خـناصري
وأنُـبِّـه الأطـيار والأزهـار أني عاشقُ ُ
أتـلـو على الملكوت سِـرَّ الـخـاطـرِ
وأظل قديساً؛
نهـاري نـاسـكُ ُ
مُتَهَـدِّجُ ُ ليلي
على هَـمْـس الـمـسـاء الساهـرِ
يا غادتي
أنتِ البراءة في القُـرَى
أنت النجوع بمهجتي
أنت الشـواطـيء والـمـرافيء
أنتِ كل حواضري
أنتِ المدائن في خيالي شِـدْتُـهـا
أنتِ الـمـلـيـكة والـمـلاك بـنـاظـري
أنتِ العـبـيـر الـسـرمـدي
قد لَـفَّ ماضي ما حـيـيـتُ وحاضري
لا تـعـجـبـي إن قـلـتُ
كل قـصـائدي
فيهِـن َّ قد كانت لكِ..وخواطري
قد كان حبي للنساء تـَخَــبُّـطاً
بحثاً عن الطيف الـخـفـيِّ الـسـائـرِ
حتى أتـيْـتِ سـحـابـة ً مِعـطـاءة ً
هَـطَـلَـتْ بـروحـي
كي تُـذيـب هـواجـري
يا فِـتْـنـتي
سـيـعـيش حـبـكِ ما حييتُ بـمهجـتي
تـَخـْضَـرّ أيامي وتـزهـو مـشـاعـري
ويصـيـر حـبـكِ لـي مِداداً هائماً
متوحداً بـدَمِي
متوهجاً
لـيـذوب في قـلـمي
فـتـزهـو دفـاتـري
القراءة
********
قصيدة تعمقت في وصف الحب وصورته على صفاته الحقيقية التي يحسها ويشعر بها كل إنسان عاشق لنصفه الثاني
ودائم الإهتمام به حتى أنه لا يكاد يفارقه طيفه فاستوى الحضور والغياب شعر كهذا يحتاج أن يكتب بماء الذهب تفدير له على سعة الإلهام التي استطاع أن يخوض فيها وأن يصل إليها في تجربته ومن ثم كان له التمكن التام وقد بلغ درجات عالية ورتبة أهلته أن يتكلم باسم الحب الإنساني الصادق لأنه توفرت فيه كل الإمكانيات واللغة منحته من ذاتها ومن روحها فاستشعر القدرة عند البوح الطبيعي على الإستمرار في التعبير ومن ثمة كان لكل القصائد الكثيرة نفس قوة التعبير ونفس التأثير فلا وجود لقصيدة ضعيفة أو معتلة وأنما هي القصائد العصماء التي تشد المتلقي وتلفة إنتباهه إلى زخم العواطف المتراصة الممتلئة بالحياة والحركة الفعالة شعر النخيلي محمود رفاعي ظاهرة موسيقية وظاهرة فنية تعرف كيف تضع اللفظ المناسب في مكانه المناسب بحيث لا يحدث أي خلل في الجملة او السطر المكتوب ليظهر الجمال المتناسق في الخط وفي النطق وفي عموم النص فلا خدش ولا تعثر ولا وقف وإنما القصيدة في الحب من لغة الحرير الناعم من لغة القلب الطيب ومن لغة السحر المطلوب لدى مريدي جيدة الإبداع هذا وغيره من الجماليات نجده بوفرة في شعر صاحبنا الذي جعل شعره سيرة لحياته وجعله لسان حاله يحتفل به في جميع المناسبات ولا يستثنيه في حال من الاحوال وكذلك شعره في الدفاع عن القومية العربية له وزنه وقيمته التي تستحق التمجيد والإعتراف لها بالأصالة والتقدير فهو متمكن من التاريخ ومن دراسة الآثار التي فوضت له من بابها الواسع أن ينال الحضوة والإستحقاق لأن معانيه تصدر من هذه الملكية التي حرص على إعطائها حقها فكان له ذلك وأبعد من منه مجالا وفي عموم أسلوب شاعرنا ظاهرة الفرادة والتميز فهو صريح في تعبيره ومغامر سياسي كبير حتى في زمن شراء الذمم وتطويع الشخصيات ظل عصيا على الترويض بل عبر عن ثورة الشعر في أشهر المواقف وسد الذرائع التي خضع لها غيره ممن انبطحول أمام مواجهة الأهوال وخنوا للخوف وتقزموا في جغرافيته ومحيطه فهم بهذه الصفة خانوا الفكر والفن ولم يلتزموا بالشعائر التي من الواجب رفعها عاليا وهذا الشرف الغالي وسام لا يناله إلا من ثبات على منهج العزة والكرامة والحرية والشاعر توفرت فيه هذه الشروط الشعبوية والوطنية الحقة فسلم من الإنتقاص المزري الذي لحق وحاق بغير ممن يطمحون إلى الفوز بالمكاسب ولم يكونوا من الصفوة الأخيار إن الثقافة العربية تحتاج لمن يمنحها من روحه تمجيدا لها لديمومتها وانبعاثها من جديد في مقاومتها وعظمتها التي رأيناها علميا وأخلاقيا وتحديا ومن هذا المنطلق يكون شعر محمود محافظا على أصالة اللغة الأسطورية المتفجرة حبا وانتماءا ورشدا واهتداءا وقوة ردا وتجاوز وعبورا وسيطرة ونضجا فلسفة تلم بتاريخ الحضارة وقادرة على خلق فرص كثيرة تنتجها حكمة المحاولات وإعادة الصياغة وافتراض البدائل الحداثية والمعاصرة المنسجمة والمتوافقة مع منهج العبقرية العربية في شعره نكتشف أشكالا ومعاني تليق بأن تؤخذ بعين الإعتبار لوزنها المتعبر ولمعالجتها لمختلف القضايا الأساسية لأنه يبدي الحرص والإهتمام بها ولا يتخلف عما هو ضروري ويشارك الجمهور معاناته ويستشعر خطرها الداهم ويعالجها من وجهة رأيه فيكون مصيبا في اختياره لكيفية الطريقة المتناولة بما يلقي فيها من شحناته العاطفية الكبيرة لتتدفق دماء الإنتماء والتضامن والوحدة شاعرصنع من كلماته الحقوق والعدالة والمساواة ويصنع منها الدفء ويصنع منها المحبة والوطن .
