ديوان الغائبين ديوان الغائبين : ستيفن كرين Stephen Crane - امريكا 1871 - 1900

ستيفن كرين (بالإنجليزية: Stephen Crane) (1 نوفمبر 1871 - 5 يونيو 1900) روائي أمريكي وكاتب قصة قصيرة وشاعر وصحافي. ولد ستيفن كرين في مدينة نيويورك الامريكية، كان منذ طفولته حساسا يكره الكذب والممالأة، كان أيضا يحب الأطفال ويدعو إلى احترامهم وعدم الكذب عليهم. بعد أن أتم دراسته الجامعية عمل كمراسل لصحيفة نيويورك تريبيون، وكان كرين معجبا بكتاب سلامبو للفرنسي جوستاف فلوبير. أما الكتاب الامريكيين فكان كرين على الإجمال يكرههم ويقول أنهم غير صادقين فيما يكتبون.

بداية حياته

بعد وفاة أمه عاش كرين فترة من الزمن جائعا ومريضا يكافح في سبيل النجاح ككاتب. وفي 1892 أنهى كرين أول روايته "ماغي: فتاة الشوارع" وهي رواية كانت ذا طابع تشاؤمي حاد لم تلق الرواج الذي تستحقه. عام 1893 كتب كرين روايته الثانية "شارة الشجاعة الحمراء" وقد استوحاها من مقابلات أجراها مع جنود قدامى ومن تجاربه الشخصية وردات فعله تجاه الأزمات التي كان يمر بها. وقد اعتبرت هذه الرواية دراسة ناجحة وموضوعية لرجل عادي في مواجهة دوامة الحرب. وقد نشرت هذه الرواية كحلقات متسلسلة في صحيفة فيلاديلفيا برس، وكتاب كامل في أكتوبر 1895. وقد حققت نجاحا فائقا جعل بعضهم ينشر قصته الأولي "ماغي: فتاة الشوارع".

السفر والشهرة

بعد ذلك انتقل جرين من نجاح إلى نجاح فنشر في 1895 مجموعة أشعار دعاها "الفرسان السود وخطوط أخرى" وقام بعد ذلك بعدة أسفار ورحلات في تكساس أستوحى منها كتابيه "الفندق الأزرق" و"العريس يأتي إلى السماء الصفراء". لكن نجاح "شارة الشجاعة الحمراء" دفع كرين غلى الاهتمام بقصص الحرب. وفي 1896 أثناء سفره كمراسل صحفي إلى كوبا غرقت به السفينة فأمضى 50 ساعة يصارع الأمواج وقد اخص تجربته هذه في كتاب "القارب المفتوح".

في 25 أغسطس 1898 تزوج كرين من كورا تايلور ورحل إلى لندن حيث تعرف على كتاب مشهورين بينهم هربرت ولز الذي أعجب به. بعد ذلك رحل كرين إلى كوبا لتغطية الحرب الإسبانية الأمريكية وهناك أظهر شجاعة ينوه بها حين حافظ على برودة أعصاب رقم تعرضه للنار في معركة غنتنامو، وقد كتب عام 1900 قصة "جراح تحت المطر" المستوحاة من هذه الحرب، وإثناء المعارك حول سانتياغو ساءت صحة كربن فاضطر للعودة إلى نيويورك.

في نيويورك صدم كرين، فقد وجد أن نجمه بدأ في الأفول. وكان البعض هناك قد راحوا يتهموه بالسكر وبتعاطي المخدرات فعاد إلى انجلترا في 1899 وأمضى فيها سنته الأخيرة حيث كتب "الخدمة الفعلية" و"البنفسجية الثالثة" وديوان شعر دعي "الحرب لطيفة" وهو من أروع ما كتب.

وفاته

أصيب كرين بداْ السل فتوفي في 5 يونيو 1900 من جراء نزف رئوي أصابه. وقد جمعت أفضل أعماله في كتاب صدر عام 1921 بعنوان "رجال، نساء، ومراكب".

أعماله

يزخر رصيد ستيفن بالعديد من الروايات ومن أبرزها ماجي فتاة الشوارع التي تعد باكورة أعماله وهي الانطلاقة الأولى لطبعانية في أمريكا. ولن نسى رواية شارة حمراء التي حققت له الصيت الأدبي مع انه لم يدخل في قلب المعارك فلقد كتب عن الحرب بأسلوب تفيض منه العبقرية وتشوبه صور معبرة تجعلك تحس وكأنك تخوض وغى المعارك.

يرى بعض النقاد أن كرين كان يحاكي الأسلوب الأوروبي في فن الرواية، خصوصا إذا علمنا أن بينه وبين الروائي الإنجليزي جوزيف كونراد، كاتب رواية" قلب الظلام" صداقة قوية. كما يعتقد البعض الآخر أنه قد تأثر بروايات الفرنسيَّين فلوبير وإميل زولا والروسي ليو تولستوي.

لكنه أيضا كان لاعبا عنيفا ومغرما بلعبة البيسبول الأمريكية، وقد كانت لاهتماماته هذه الذافع لفشله الدراسي، ولكنها يبدو أنها ساعدته على تصور ميدان المعركة وعنفها.فقد قال ذات مرة :إن المعركة في ميدان البيسبول تشبه كثيرا المعركة في ميدان الحرب.

رواياته

ماجي فتاة الشوارع
شارة حمراء
الوحش

***

* في يوم من الأيام جاء رجل

في يوم من الأيام جاء رجلٌ
فقال
"نظِّموا لي كلَّ أهل الأرض صفوفا"
فثار على الفور
صخبٌ هائلٌ بين الناس
رافضين الوقوف في صفوف.
وإذا بعراك يحتدم
في شتَّى أرجاء العالم
ويستمر عصورا
تراق فيها الدماء
يريقها الذين ما كانوا ليقفوا صفوفا
والذين أذعنوا للصفوف.
وأخيرا،
قضى الرجل نحبه
وهو يبكي.
والذين بقوا في صراعهم الدموي
لم يعرفوا عظمة البساطة.

***

وضاعت الفرصة، ولن نعرف لماذا أراد ذلك الرجل الغامض أن ينظِّمنا أو ينظِّم أسلافنا صفوفا. لن تبقى لنا إلا إشارة يتيمة إلى "البساطة" وعظمة البساطة. ويا لها من إشارة لا تسمن ولا تغني من جوع.

لا نقول إن من استكبروا على الإذعان للأمر أخطأوا وحرمونا الفرصة، ولا أن الذين أذعنوا له هم الذين أصابوا. ولكن، كان ينبغي لأسلافنا أن يعمدوا إلى الحيلة، أن يكونوا على قدر من المرونة يسمح لهم أن يخدعوا الرجل فيعرفوا ونعرف من بعدهم لماذا أراد الرجل الغامض أن يرتبنا هذا الترتيب الحربي؟

ربما كان نبيا ذلك الرجل، فالأنبياء في نهاية المطاف لا يجيئون لتسليم رسالة يخلدون بعد تسليمها إلى الراحة أو حتى إلى العبادة أو إلى أي شأن شخصي. إنما الرسالة نفسها كانت كل مرة تفرض على حاملها عناء بطول حياته. حتى نبي الله سليمان الذي قد يبدو أنه كان أقل الرسل والأنبياء معاناة كان له نصيبه من المكابدة، كان عليه أن يدير شئون مملكة وهو برغم الوجاهة ومتعة السلطة يبقى عبئا يضاف إلى عبء النبوة.

الأنبياء جميعا أرادوا من الناس أن يقفوا في صفوف من نوع ما. كلهم جاءوا بترتيب يقترحونه على الناس بدلا من فوضاهم. والفلاسفة كذلك، والمصلحون الاجتماعيون، والطغاة بالمناسبة، والآباء المؤسسون مهما اختلفت تسمياتهم ومهما تنوع ما يؤسسون. كلهم أرادوا أن يوقفوا الناس صفوفا. ولكنهم كل مرة كانوا يتكلمون عن الغاية من الوقوف. كانوا يضعون في نهاية الصف والصفوف كلِّها جنةً خفية، خفية في السماء، أو خفية في الأرض، ولكنها دائما خفيةٌ خفاء وعد.

كل الذين دعونا إلى الوقوف صفوفا، كانوا يخاطبون فينا القدرة على الإيمان بهذا الخفاء المنتظر، بهذا الغيب البعيد، أو لنقل إنهم كانوا يخاطبون فينا الخيال.

وطبعا، كان كل واحد من أولئك الرجال يجد من يمتثلون لدعواه، فينتظمون في صفوف، ويجد من يرفضون، وقلَّما كان أحدهم يموت باكيا بحسب زعم القصيدة، فكلهم كانوا يعرفون ضرورة القابلين وضرورة الرافضين، كلهم كانوا يعرفون أنه لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع، وأنه على رأي أمير الشعراء أحمد شوقي: لو شاء ربك وحَّد الأقواما.

والبساطة؟ ماذا عن البساطة التي لم يعرفها لا الذين انتظموا في الصفوف ولا الذين رفضوا الانتظام؟ ولماذا هي عظيمة؟ يبدو لي أن ثمة خللا ما في الصفة التي اختارها كرين للبساطة. يبدو لي أن آخر ما تستحقه من صفات هي العظمة. فـ"العظمة" في تصوري لا ترتبط بتقرير الفرد مصيره بناء على اقتراح من غيره يقبله أو يرفضه. العظمة فيما أتصور هي التي تنبني على الاحتقار التام لكل اقتراح يأتي من الخارج، وهكذا، يمكننا تحريف قصيدة لنا من هذه القصيدة:

في يوم من الأيام جاء رجلٌ
فقال
"نظِّموا لي كلَّ أهل الأرض صفوفا"
فلم يبال به أحد.

ت: [SIZE=4]أحمد شافعي


* ستيفن كرين – ثلاث قصائد

(1) “سار الحب وحيدا”

سار الحب وحيدا
جرّحت الصخور أقدامها
أبلى العليق أغصانه الجميلة
جاء من سيرافقه
لكن، يال الحسرة، لم يكن ذلك نافعا
فقد كان اسمه: وجع الفؤاد

(2) “عرفت يوما أغنية عذبة”

عرفت يوما أغنية عذبة
-حقا، صدقوني-
كانت ملأى بالعصافير
حملتها في سلة
حين فتحت غطاءها
يا إلهي، طارت جميعها
صحت: عودي أيتها الأفكار الصغيرة
لكنها لم تفعل شيئا سوى الضحك
تمادت في طيرانها
حتى صارت كتراب
مرتاعة بيني وبين السماء

(3) “كنت يوما في العتمة”

كنت في العتمة
لم أستطع رؤية كلماتي
ولا أمنيات قلبي
ثم باغتني نور عظيم
“أدخلني في العتمة من جديد”


- ستيفن كرين Stephen Crane

[/SIZE]

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى