عبدعلي حسن - الفوضىٰ الّلا(خلّاقة)

اذا كان اللاثبات واللايقين والتحوّل المتسارع في الهويات وظهور معالم الثقافات الزائلة والهشّة هي من مخرجات مابعد الحداثة التي ارتبط ظهورها بظهور العولمة كنظام اقتصادي شامل منذ تسعينيات القرن الماضي تسلّلَ إلى مجتمعات خارج جغرافية الحداثة ومنها مجتمعنا العربي ، مضافاً إليه التطور الهائل المتسارع للثورة المعلوماتية ، فإن الفوضىٰ التي تسوّقها كل هذه السمات تتجه صوب تخليق لمنظومات اقتصادية واجتماعية وثقافية سمتها الوحيدة الفوضىٰ التي لا يمكن السيطرة على اتجاهاتها ومساراتها فهي سائلة في كل الأحوال ، ولعل من أبرز مظاهرها تفكيك النظم الاجتماعية القائمة على قوة العلاقات وتماسكها وتحولها إلى علاقات سريعة التغيير واللاثبات ، أعني ظهور (اللامجتمع) كما أشارت مارغريت تاتشر ،
هذه هي الفوضىٰ (الخلاقة) التي تسعىٰ إلى إشاعتها الرأسمالية المتأخرة/العولمة التي لم تتوقف لحظة عن اجتراح نظم تكنولوجية جديدة يتراجع فيها دور الإنسان ليتحول إلى رقم استهلاكي على الرغم من مواجهة هذا التسارع بالتمسك بالهوية وثباتها ،
فوضىٰ تُخلّقُ فوضىٰ الروح الإنسانية التي تسلّلت إلى مجتمعاتنا كما يتسلل الماء من تحت الأرجل .

عبد علي حسن

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى