يبدأ نص العقاد المسرحي غير التمثيلي بمشهد نرى في جانب منه قمبيز وهو يقف قدام الأهرام وبجواره كاهنه الأعظم سابور، وفي الجانب الآخر من المشهد نلمح أحمد شوقي وهو يتسلل لواذا من ناحية إلى ناحية خشية أن تقع عليه عينا قمبيز ولكن قمبيز يلمحه دون أن يتحقق من شخصه فيسأل كاهنه سابور عن ذلك الشخص قصير القامة الذي يظهر ويختفي في ناحية من الأهرام كأنه يخشى عاقبة جرم قد ارتكبه قائلا:
سابور، من ذاك القزم .. في جانب مـــن الهرم ؟
يظهر حيــــــــــنا ويروغ روغـــــــــان المتهم (20)
فيجيبه الكاهن سابور بأنه شاعر مصري تعود أن يخوض في سمعة الأمم و يفعل ذلك محتميا بقربه من سدة الحكم في مصر وأنه - وإن كان شاعرا شهيرا - هو في حقيقة أمره شاعر ضعيف .. ضعيف سواء مدح أو هجا (وبالفعل لم يكن لشوقي شأن بالهجاء من قريب أو من بعيد ولم يؤثر عنه أنه هجا احدا إلا إن كان ذلك من باب الفكاهة والدعابة وفي مواقف يغلب عليها الارتجال ولو هجا أحمد شوقي أحدا من الناس لكان العقاد وصديقه المازني أولى الناس بهجائه، وأظن أن هذا يحسب لشوقي لا عليه عكس ما يرى العقاد) ويستطرد سابور في الحديث عن شوقي فيصفه بأنه شخص لا يأبه إلا بذوي النفوذ والبأس وليس من خلقه الوفاء بالعهود ورعاية الذمم (وكذلك يحسب لشوقي تجنب معاداة نظام ربيبه الخديوي عباس حلمي الثاني فذلك من زاوية معينة يصب في خانة الوفاء الذي يحاول العقاد تجريد شوقي منه) (21) وأنه جبان لم يقل (لا) في حياته قط، وإن قال (نعم) فمن المؤكد أنه كاذب، هو أيضا لا ينطق إلا من خلال كتابته وبعيدا عن القلم وسيلته الوحيدة في التعبير هو في الواقع أبله أو قل أبكم (كان من سمات شوقي الشخصية أنه لا يستطيع مواجهة الآخرين مباشرة حتى إنه كان يستعين في إلقاء شعره بآخرين):
مولاي هـــذا شاعـــــرٌ .. في مصــر يغتــاب الأمم
يرجمــــها ويحتــــمي .. خلف الدهـــور في أجم (22)
أضعف من قال مديــــحا في القصـــــيــد أو شتم
يرعــى ذوي البــأس ولا يرعى العهــــــود والذمم
ما قال لا قـــــطّ ولا .. يصـــــدق إن قــــــال نعم
وناطقٌ إذا جــــرى حديــــثه عــــــــــــــــــلى القلم
لكنـــه في صمتــــــه أبلهُ أو فيـــــــــــــــــــــه بكم
ويواصل العقاد هجاءه لشوقي على لسان سابور الذي يصف شوقي فوق أوصافه السابقة له بأنه شخص وضيع لا كبرياء لديه وأن الوضاعة ليست مجرد صفة طارئة عليه بل هي عنصر أصيل في جوهر طبيعته وخلق مركوز في جرثومة جبلته ولذلك فالوضاعة ملازمة دائما لسلوكه، إنه في حقيقته مجرد خادم مهما تسنّم من مناصب أو ارتقى من درجات:
قد عاند الأقــــــــدار لا .. يكــون يــومــا ذا شمم
لو ارتقى العـــرش ارتقاه وهــــــــو في زي الخدم
ويبدي قمبيز تعجبه من أمر هذا الشخص بحسب وصف سابور له فيتملكه الفضول ويطلب أن يراه عن قرب كي يستنطقه بنفسه ويعرف شخصه وأمره بشكل مباشر أي "عيانا بيانا" كما يقال، فيرد سابور أنه لا داعي لأن يعكر الملك مزاجه برؤية هذا الشاعر القميء البذيء الأحمق الذي يكتب شعرا في سبه والحط من قدره، وحين يسأل قمبيز كاهنه سابور عما يرجف به شوقي عنه يجيبه قائلا: إن من دأب شوقي يا مولاي التشنيع عليك فيصفك بالطغيان ويسمك الظلم والجور ويصورك في شعره كأنك مسخ قبيح المنظر:
يقول: مولاي طغى .. يقول: مولاي ظلم
لا بل يقول كذبا .. ينقضه فيما رجم
كأنما ينعت مسخا شائها ذاك القزم
فيغضب قمبيز عندما يسمع هذا الكلام ويستشيط حنقا وغيظا فيأمر بأن يأتوا بشوقي أمامه فورا حيا أو ميتا:
يا ويـله، جـــئني بــــه .. أشفيه من داء البكم
جئني بــــه إن جسـدا .. حيا يـرى وإن عدم
ويستحضر سابور شوقي برقاه وتعاويذه السحرية، وحين يجد قمبيز شوقي واقفا بين يديه وهو خائف يرتعش يصرخ فيه مبكتا ومعنفا: ما الذي أغراك بالتطاول علي أيها المسخ؟هل ظننتي ميتا لا أسمع ولا أرى فزعمت ما زعمت عني:
يا مسخ ما غرّك بي .. حسبتني مــن الرمم ؟
مسخٌ أنا تــزعمني؟.. انطق تكــلم يا صنم
ويحاول شوقي - كما صوره العقاد - الدفاع عن نفسه وتفنيد ما ألصق به من اتهامات فينفي نفيا قاطعا أنه أساء إلى قمبيز في مسرحيته، وأنه لو سمح له بالذهاب إلى بيته فإنه سيأتي بنص ما كتبه دليلا على براءته من تهمة العيب في ذات قمبيز الملكية ولكن قمبيز لا يسمح له بالمغادرة ويتدخل في الحديث سابور فيستجوب شوقي بشان مسرحيته الشعرية "قمبيز" مستنكرا ما أورده فيها عن مليكه وفي استجواب سابور تأكيد لما سبق أن ألصقه بشوقي من التهم:
ألم تلفــــــق قصــــة .. سميــتها باسم "العلم" (23)
فيها تقــــــول ما تقول مــن هــــــــراء وتهم؟
وهنا في هذا الجزء من المشهد يجعل العقاد شوقي في دفاعه عن نفسه يلجأ إلى أسلوب "الإسقاط" فينسب ما هو متهم به من أمور إلى شخص العقاد فهو خصمه الذي ينقم عليه ويتحين الفرص دائما لكي يكيد له، فيقول في سياق دفاعه أن مسرحية قمبيز التي تزخر بالتهجم على شخص الملك والانتقاص من قدره والإزراء بهيبته نص مدسوس عليه فالمسرحية في الحقيقة من تأليف العقاد وليست من تأليفه، ودلالة تصوير العقاد لشوقي وهو يلجأ إلى هذا الأسلوب في الدفاع عن نفسه وتبرئتها من التطاول على مقام الملك العظيم قمبيز أنه رجل جبان؛ لا خلاق له؛ كل ما يهمه أن يفلت من العقاب ولو كان ذلك على حساب شخص آخر بريء :
حاشاي، لــم أنظــم ولا .. كان لسـاني إن نظم
لكنه العقـــــاد ســـــــــوّاها ومثــــــــله اجترم (24)
ألّف "قمبيز" وألقـــــــــاها عــــــليّ واعتصم
ولكن قمبيز لم يقتنع بدفاع شوقي لذلك يأمر بقتله عقابا له على ما اقترفه في حق ذاته الملكية وحق شعبه وجنود جيشه.
وهنا ينتاب الذعر شوقي فيأخذ في استعطاف قمبيز والاستشفاع بالكاهن سابور وأنه لا يستحق الموت فهو في النص الأصلي للمسرحية لا نص العقاد المدسوس عليه قد مدح قمبيز ونوه بعظمته إلى درجة أنه لم يستنكف من أجل ذلك أن يسيء إلى بلده مصر ويعترف شوقي أنه حين فعل ذلك قد هدم من مجد مصر أكثر مما هدمه قمبيز من معابدها وآثارها وقد زاد فوصف أهلها بأنهم جبناء لا همة لهم ففي أخلاقهم وهن وسلوكياتهم تزخر بالغرور والفجور ويتفشى فيهم الجهل كالوباء، وأن كل من يخون مصر (يشير إلى فانيس) معذور ولا تثريب عليه، كما أنه وصف بني فارس بأنهم كالذئاب جرأة وشراسة في حين أن المصريين أشبه بالغنم في ضعفهم وتفرقهم، ثم يزيد من نغمة استعطافه واستجدائه الرحمة فيبكي ويذرف الكثير من الدموع.
وما جاء على لسان شوقي في نص العقاد الهجائي من اعترافات هو تكرار موجز لمآخذ العقاد التاريخية على شوقي كقوله: إن قارئ رواية قمبيز ليرى كأنما هذا الشاعر لم ينظمها إلا ليمسخ تلك الفترة من تاريخ مصر ومحا منها كل ما هو حقيق بالذكر ويذكر فيها كل لغو وفضول عندما انساق مغمض العينين وراء مؤرخي الإغريق المغرضين وافترى على شجاعة المصريين، ولو غير شوقي كما يقول العقاد تعرض لفترة الغزو الفارسي لكان له مجال أي مجال لإنصاف الوطنية المصرية واستخراج الجوهرة النادرة من خلل ذلك الركام المهيل ولكنها فترة منكودة الحظ لأنها وقعت في يد (شوقي) الذي لا خطر عنده للوطنية ولا للتاريخ ولا للخيال:
يا رجل الديـــــــن أغـثني، لا طغـــــت بك القسم
كن شافعا، كـــن حكما .. أنــت الشفيــــــــع والحكم
أنا مدحــــــت سيــــدي .. ومــــــــا جحدتــــه العظم
أنا هدمت بيــــــــدي .. من مصـــر فــوق ما هدم
أنا سلبـــــت أهلـــــها .. خِيــــــــم الرجــال والهمم (25)
رميـتهم بالجبـــن والوهـْــــــن وبالجـــــــــهل العمم
وبالفجـــــور تـــــــــــارة وبالغــــــــــــرور والوخم
وقلت: كـــــــــل مارقٍ يخـــــون مصـــــر لــــــم يلم
وقلــــت: أنتم الذئـــــاب وبنــــــــو مصــــــــر الغنم
فكيـــــف لا ترحمني وأنــــــت أولى مـــــــــن رحم
هذي ضلـــوعي كاللظى وذي دمـــــــــوعي كالديم (26)
سابور، من ذاك القزم .. في جانب مـــن الهرم ؟
يظهر حيــــــــــنا ويروغ روغـــــــــان المتهم (20)
فيجيبه الكاهن سابور بأنه شاعر مصري تعود أن يخوض في سمعة الأمم و يفعل ذلك محتميا بقربه من سدة الحكم في مصر وأنه - وإن كان شاعرا شهيرا - هو في حقيقة أمره شاعر ضعيف .. ضعيف سواء مدح أو هجا (وبالفعل لم يكن لشوقي شأن بالهجاء من قريب أو من بعيد ولم يؤثر عنه أنه هجا احدا إلا إن كان ذلك من باب الفكاهة والدعابة وفي مواقف يغلب عليها الارتجال ولو هجا أحمد شوقي أحدا من الناس لكان العقاد وصديقه المازني أولى الناس بهجائه، وأظن أن هذا يحسب لشوقي لا عليه عكس ما يرى العقاد) ويستطرد سابور في الحديث عن شوقي فيصفه بأنه شخص لا يأبه إلا بذوي النفوذ والبأس وليس من خلقه الوفاء بالعهود ورعاية الذمم (وكذلك يحسب لشوقي تجنب معاداة نظام ربيبه الخديوي عباس حلمي الثاني فذلك من زاوية معينة يصب في خانة الوفاء الذي يحاول العقاد تجريد شوقي منه) (21) وأنه جبان لم يقل (لا) في حياته قط، وإن قال (نعم) فمن المؤكد أنه كاذب، هو أيضا لا ينطق إلا من خلال كتابته وبعيدا عن القلم وسيلته الوحيدة في التعبير هو في الواقع أبله أو قل أبكم (كان من سمات شوقي الشخصية أنه لا يستطيع مواجهة الآخرين مباشرة حتى إنه كان يستعين في إلقاء شعره بآخرين):
مولاي هـــذا شاعـــــرٌ .. في مصــر يغتــاب الأمم
يرجمــــها ويحتــــمي .. خلف الدهـــور في أجم (22)
أضعف من قال مديــــحا في القصـــــيــد أو شتم
يرعــى ذوي البــأس ولا يرعى العهــــــود والذمم
ما قال لا قـــــطّ ولا .. يصـــــدق إن قــــــال نعم
وناطقٌ إذا جــــرى حديــــثه عــــــــــــــــــلى القلم
لكنـــه في صمتــــــه أبلهُ أو فيـــــــــــــــــــــه بكم
ويواصل العقاد هجاءه لشوقي على لسان سابور الذي يصف شوقي فوق أوصافه السابقة له بأنه شخص وضيع لا كبرياء لديه وأن الوضاعة ليست مجرد صفة طارئة عليه بل هي عنصر أصيل في جوهر طبيعته وخلق مركوز في جرثومة جبلته ولذلك فالوضاعة ملازمة دائما لسلوكه، إنه في حقيقته مجرد خادم مهما تسنّم من مناصب أو ارتقى من درجات:
قد عاند الأقــــــــدار لا .. يكــون يــومــا ذا شمم
لو ارتقى العـــرش ارتقاه وهــــــــو في زي الخدم
ويبدي قمبيز تعجبه من أمر هذا الشخص بحسب وصف سابور له فيتملكه الفضول ويطلب أن يراه عن قرب كي يستنطقه بنفسه ويعرف شخصه وأمره بشكل مباشر أي "عيانا بيانا" كما يقال، فيرد سابور أنه لا داعي لأن يعكر الملك مزاجه برؤية هذا الشاعر القميء البذيء الأحمق الذي يكتب شعرا في سبه والحط من قدره، وحين يسأل قمبيز كاهنه سابور عما يرجف به شوقي عنه يجيبه قائلا: إن من دأب شوقي يا مولاي التشنيع عليك فيصفك بالطغيان ويسمك الظلم والجور ويصورك في شعره كأنك مسخ قبيح المنظر:
يقول: مولاي طغى .. يقول: مولاي ظلم
لا بل يقول كذبا .. ينقضه فيما رجم
كأنما ينعت مسخا شائها ذاك القزم
فيغضب قمبيز عندما يسمع هذا الكلام ويستشيط حنقا وغيظا فيأمر بأن يأتوا بشوقي أمامه فورا حيا أو ميتا:
يا ويـله، جـــئني بــــه .. أشفيه من داء البكم
جئني بــــه إن جسـدا .. حيا يـرى وإن عدم
ويستحضر سابور شوقي برقاه وتعاويذه السحرية، وحين يجد قمبيز شوقي واقفا بين يديه وهو خائف يرتعش يصرخ فيه مبكتا ومعنفا: ما الذي أغراك بالتطاول علي أيها المسخ؟هل ظننتي ميتا لا أسمع ولا أرى فزعمت ما زعمت عني:
يا مسخ ما غرّك بي .. حسبتني مــن الرمم ؟
مسخٌ أنا تــزعمني؟.. انطق تكــلم يا صنم
ويحاول شوقي - كما صوره العقاد - الدفاع عن نفسه وتفنيد ما ألصق به من اتهامات فينفي نفيا قاطعا أنه أساء إلى قمبيز في مسرحيته، وأنه لو سمح له بالذهاب إلى بيته فإنه سيأتي بنص ما كتبه دليلا على براءته من تهمة العيب في ذات قمبيز الملكية ولكن قمبيز لا يسمح له بالمغادرة ويتدخل في الحديث سابور فيستجوب شوقي بشان مسرحيته الشعرية "قمبيز" مستنكرا ما أورده فيها عن مليكه وفي استجواب سابور تأكيد لما سبق أن ألصقه بشوقي من التهم:
ألم تلفــــــق قصــــة .. سميــتها باسم "العلم" (23)
فيها تقــــــول ما تقول مــن هــــــــراء وتهم؟
وهنا في هذا الجزء من المشهد يجعل العقاد شوقي في دفاعه عن نفسه يلجأ إلى أسلوب "الإسقاط" فينسب ما هو متهم به من أمور إلى شخص العقاد فهو خصمه الذي ينقم عليه ويتحين الفرص دائما لكي يكيد له، فيقول في سياق دفاعه أن مسرحية قمبيز التي تزخر بالتهجم على شخص الملك والانتقاص من قدره والإزراء بهيبته نص مدسوس عليه فالمسرحية في الحقيقة من تأليف العقاد وليست من تأليفه، ودلالة تصوير العقاد لشوقي وهو يلجأ إلى هذا الأسلوب في الدفاع عن نفسه وتبرئتها من التطاول على مقام الملك العظيم قمبيز أنه رجل جبان؛ لا خلاق له؛ كل ما يهمه أن يفلت من العقاب ولو كان ذلك على حساب شخص آخر بريء :
حاشاي، لــم أنظــم ولا .. كان لسـاني إن نظم
لكنه العقـــــاد ســـــــــوّاها ومثــــــــله اجترم (24)
ألّف "قمبيز" وألقـــــــــاها عــــــليّ واعتصم
ولكن قمبيز لم يقتنع بدفاع شوقي لذلك يأمر بقتله عقابا له على ما اقترفه في حق ذاته الملكية وحق شعبه وجنود جيشه.
وهنا ينتاب الذعر شوقي فيأخذ في استعطاف قمبيز والاستشفاع بالكاهن سابور وأنه لا يستحق الموت فهو في النص الأصلي للمسرحية لا نص العقاد المدسوس عليه قد مدح قمبيز ونوه بعظمته إلى درجة أنه لم يستنكف من أجل ذلك أن يسيء إلى بلده مصر ويعترف شوقي أنه حين فعل ذلك قد هدم من مجد مصر أكثر مما هدمه قمبيز من معابدها وآثارها وقد زاد فوصف أهلها بأنهم جبناء لا همة لهم ففي أخلاقهم وهن وسلوكياتهم تزخر بالغرور والفجور ويتفشى فيهم الجهل كالوباء، وأن كل من يخون مصر (يشير إلى فانيس) معذور ولا تثريب عليه، كما أنه وصف بني فارس بأنهم كالذئاب جرأة وشراسة في حين أن المصريين أشبه بالغنم في ضعفهم وتفرقهم، ثم يزيد من نغمة استعطافه واستجدائه الرحمة فيبكي ويذرف الكثير من الدموع.
وما جاء على لسان شوقي في نص العقاد الهجائي من اعترافات هو تكرار موجز لمآخذ العقاد التاريخية على شوقي كقوله: إن قارئ رواية قمبيز ليرى كأنما هذا الشاعر لم ينظمها إلا ليمسخ تلك الفترة من تاريخ مصر ومحا منها كل ما هو حقيق بالذكر ويذكر فيها كل لغو وفضول عندما انساق مغمض العينين وراء مؤرخي الإغريق المغرضين وافترى على شجاعة المصريين، ولو غير شوقي كما يقول العقاد تعرض لفترة الغزو الفارسي لكان له مجال أي مجال لإنصاف الوطنية المصرية واستخراج الجوهرة النادرة من خلل ذلك الركام المهيل ولكنها فترة منكودة الحظ لأنها وقعت في يد (شوقي) الذي لا خطر عنده للوطنية ولا للتاريخ ولا للخيال:
يا رجل الديـــــــن أغـثني، لا طغـــــت بك القسم
كن شافعا، كـــن حكما .. أنــت الشفيــــــــع والحكم
أنا مدحــــــت سيــــدي .. ومــــــــا جحدتــــه العظم
أنا هدمت بيــــــــدي .. من مصـــر فــوق ما هدم
أنا سلبـــــت أهلـــــها .. خِيــــــــم الرجــال والهمم (25)
رميـتهم بالجبـــن والوهـْــــــن وبالجـــــــــهل العمم
وبالفجـــــور تـــــــــــارة وبالغــــــــــــرور والوخم
وقلت: كـــــــــل مارقٍ يخـــــون مصـــــر لــــــم يلم
وقلــــت: أنتم الذئـــــاب وبنــــــــو مصــــــــر الغنم
فكيـــــف لا ترحمني وأنــــــت أولى مـــــــــن رحم
هذي ضلـــوعي كاللظى وذي دمـــــــــوعي كالديم (26)
Log into Facebook
Log into Facebook to start sharing and connecting with your friends, family, and people you know.
www.facebook.com