كنا نتمشى في شارع السعدون في بغداد بالقرب من فندق "السندباد" وسينما سمير أميس، أنا والكاتب غالي شكري، بعد أن هجر بيروت، فلم يعد معه الاتفاق ساريا هناك، بعد أن تولى رئاسة تحرير مجلة فصلية اسمها "الشرارة"، لم يمانع غالي وقبل بهذه المهمة، وراهن أنه سيحقق فيها ما لم يحققه في مجلة "الطليعة" المصرية التي رأس تحريرها لطفي الخولي، وكان قد عمل بها سابقا ، لكن المجلة لم تستمر ولم يصدر منها غير ثلاثة أعداد. العدد الأول منها كان لي فيه قصة وفي العدد الثالث كان لي فيه قصة أيضا..
كان الوقت قبل الغروب، في هذه الأثناء خرج من الشارع الفرعي الذي يقع فيه فندق "السندباد" الروائي عبد الرحمن منيف، كان مقيمًا في هذا الفندق، ووقتها كان يعمل في مجلة لها علاقة بشؤون النفط، كانت خطواته مسرعة، وعلى غير المعتاد وضع ربطة عنق، رآه غالي أولا فصاح:ايه ده، أنت متنكر ليه يا عبد الرحمن! ضحك عبد الرحمن قائلًا: أنا في طريقي لأزور أحدهم، فعندي موعد ، ولأن موعدي هذا له صفة رسمية معه، اضطررت أن أضع رباط العنق هذا، لكن الآن بعد أن رأيتكما تغيّر الوضع.
كان لعبد الرحمن منيف في وقتها رواية بعنوان " شرق المتوسط"، تدور بعض أحداثها داخل المعتقل، و تعرض للتعذيب الذي لاقاه المعتقلون، و" رجب " "بطل الرواية" كان منهم، بسبب انتمائه الى خلية حزبية معادية للنظام، وهو مثل غيره تعرض للتعذيب الجسدي و النفسي و التعليق بحبل ينزل من السقف و الايهام بالإعدام و غير ذلك، وكان أقسى ما في الرواية بالنسبة الى البطل هو اعلانه البراءة من الحزب الذي ينتمي اليه،وقد أجبروه على ذلك، لكن الكاتب لم يحدد بالضبط عن أي دولة في الوطن العربي تجري فيها هذه الأحداث!
سأل عبد الرحمن: ما رأيكما أن نمضي بقية الوقت معًا؟
قلنا: لا مانع!بالعكس هي فرصة طيبة وخير من ألف ميعاد.
قال: في الجوار هناك كافيتريا تقدم الدوندرمه "الجلاتي" على أفضل ما تكون، هلمو بنا.
ونحن في طريقنا إلى الكافيتيريا، تخلص هو من ربطة العنق، وخلع الجاكيته ووضعها على ساعده الأيسر، وعندما جلسنا قلت: كان عليك أن لا تبقي مواقع المعتقلات غائمة، قال و بضحكة ذات معنى : طز بـ "شرق المتوسط" هذا، لو ذكرت اسم البلد لما كنت معكما الآن
عائد خصباك
-
من كتاب المعد للنشر"حياتي 100%+واحد"
كان الوقت قبل الغروب، في هذه الأثناء خرج من الشارع الفرعي الذي يقع فيه فندق "السندباد" الروائي عبد الرحمن منيف، كان مقيمًا في هذا الفندق، ووقتها كان يعمل في مجلة لها علاقة بشؤون النفط، كانت خطواته مسرعة، وعلى غير المعتاد وضع ربطة عنق، رآه غالي أولا فصاح:ايه ده، أنت متنكر ليه يا عبد الرحمن! ضحك عبد الرحمن قائلًا: أنا في طريقي لأزور أحدهم، فعندي موعد ، ولأن موعدي هذا له صفة رسمية معه، اضطررت أن أضع رباط العنق هذا، لكن الآن بعد أن رأيتكما تغيّر الوضع.
كان لعبد الرحمن منيف في وقتها رواية بعنوان " شرق المتوسط"، تدور بعض أحداثها داخل المعتقل، و تعرض للتعذيب الذي لاقاه المعتقلون، و" رجب " "بطل الرواية" كان منهم، بسبب انتمائه الى خلية حزبية معادية للنظام، وهو مثل غيره تعرض للتعذيب الجسدي و النفسي و التعليق بحبل ينزل من السقف و الايهام بالإعدام و غير ذلك، وكان أقسى ما في الرواية بالنسبة الى البطل هو اعلانه البراءة من الحزب الذي ينتمي اليه،وقد أجبروه على ذلك، لكن الكاتب لم يحدد بالضبط عن أي دولة في الوطن العربي تجري فيها هذه الأحداث!
سأل عبد الرحمن: ما رأيكما أن نمضي بقية الوقت معًا؟
قلنا: لا مانع!بالعكس هي فرصة طيبة وخير من ألف ميعاد.
قال: في الجوار هناك كافيتريا تقدم الدوندرمه "الجلاتي" على أفضل ما تكون، هلمو بنا.
ونحن في طريقنا إلى الكافيتيريا، تخلص هو من ربطة العنق، وخلع الجاكيته ووضعها على ساعده الأيسر، وعندما جلسنا قلت: كان عليك أن لا تبقي مواقع المعتقلات غائمة، قال و بضحكة ذات معنى : طز بـ "شرق المتوسط" هذا، لو ذكرت اسم البلد لما كنت معكما الآن
عائد خصباك
-
من كتاب المعد للنشر"حياتي 100%+واحد"
Log into Facebook
Log into Facebook to start sharing and connecting with your friends, family, and people you know.
www.facebook.com