ديوان الغائبين ديوان الغائبين : حسين البصير - العراق - 1873 - 1911 م

ولد حسين بن علي البصير الحلي - الشهير بابن زكوم في مدينة الحلة(جنوبي العراق)، وهدته بصيرته في دروبها زمنًا قصيراً ملأه شعرًا، ثم صادف منيته فيها، ودفن في النجف.
من مشاهير أدباء الحلة في زمنه، وكان معروفاً بذكائه وقوة حافظته، فقد حفظ القرآن الكريم قبل البلوغ، وسمع بعض كتب التفسير واللغة على محمد القزويني ومحمود سماكة.
كان مكفوف البصر، لقبه بعض أدباء زمانه ببشار الفيحاء تشبيهًا له ببشار بن برد، وبعضهم لقّبه بحسّان، لمدائحه في الرسول صلى الله عليه وسلم وأهل بيته الكرام.

الإنتاج الشعري:

- أثبت له كتاب «شعراء الحلة» عددًا من القصائد، هذا وقد جمع المترجم له ديوان شعره في حياته وأهداه قبيل وفاته إلى ممدوحه (حبيب بك بن محمد نوري باشا آل عبدالجليل) ولكنه تلف عندما نهبت دار ممدوحه أثناء جلاء الأتراك عن الحلة.
شاعر موهبته الحقيقية في الغزل، وإن تكسّب بالمدح، وقال في رثاء أهل البيت (رضي الله عنهم)، فحتى هذا الغرض الأخير افتتحه بالغزل الرمزي الشائق. لم يحرر موهبته تماماً من أثقال النظم البديعي في زمانه، فاستخدم التورية، والتقسيم وغيرهما، وقصيدته الغزلية: «أما والنهود ورمانها» تأتي على وزن وقافية قصيدة بشار: «أتته الخلافة منقادة»، كما تأخذ سمت غزل بشار في وصفه الحسّي للجمال الأنثوي.

مصادر الدراسة:

1 - علي الخاقاني: شعراء الحلة (جـ2) دار الأندلس - بيروت 1964.
2 - علي كاشف الغطاء: الحصون المنيعة (مخطوط).
3 - محسن الأمين: أعيان الشيعة (ط5) - دار التعارف - بيروت 1998.
4 - محمد علي اليعقوبي: البابليات (جـ3) المطبعة العلمية - النجف 1955.

سحر المحبوب

أما والنُّهودِ ورمّانِها
وريّا القدودِ وأغصانِها
عليَّ حرامٌ بشرع الهوى
أميل إلى دين سُلوانها
لحاظُ الحسانِ ومن سحرها
تَعلّمَ معظمُ كهّانها
ورجراجةُ الردفِ ميّادةٌ
تصيد القلوبَ بأجفانها
حمتْها الأهلّةُ من حيِّها
عليَّ بأنجم خُرصانها
أحنُّ اشتياقاً لأوطانها
حنينَ الهجين لأعطانها
أمالئةَ الحِجْلِ أنتِ التي
ملأتِ حشايَ بأشجانها
أما للزيارة من موعدٍ
به ينطفي حَرُّ نيرانها
وقائلةٍ دعْ هوى غادةٍ
محبَّتُها الذلُّ من شانها
فقلتُ دعيني أبِنْ بعد ما
غزا كبدي جندُ سلطانها
ولي أدبٌ زان بين الورى
بديعَ القوافي بتبيانها
فبعضٌ دعانيَ «بشّارَها»
وبعضٌ دعاني «بحسَّانِها»


***

أحبة قلبي

أحبّةَ قلبي بالتواصل عُودوا
ليورقَ من دوح المحبّة عُودُ
رعى الله ُدهراً كلُّ لمحةِ ناظرٍ
به منكمُ يا آلَ بابلَ عيد
أما ورماحٍ في الغلائل منكمُ
تَثنّى كأغصانٍ وهنَّ قُدود
وبيضِ صفاحٍ، وهي سودُ محاجرٍ
وحُمرِ منيّاتٍ، وهنَّ خُدود
أعنْ كبدي من حبّ هيفاءَ فيكمُ
أُهيلَ ديارِ «الجامعين» وقود
مهفهفةٍ ألحاظُها شَرَكُ الردى
بهنَّ قلوبُ العاشقين تصيد
إذا قيل لي دعْ يا «حسينُ» غرامَها
أرى حبَّها بين الضلوعِ «يزيد»
ورُبَّةَ ليلٍ خضتُ فيه لخِدرها
بحارَ المنايا، والوشاةُ هجود
خُدورٌ حمتْها من أكارم قومها
بزُرق عيونِ السمهريّةِ صِيد
فقبّلتُ منها وجنةً لجمالها
إذا سفرتْ بدرُ السماءِ حسود
وجَرّدتُ من أثوابها غصنَ بانةٍ
وريقًا بأثمار الحليِّ يميد

***

الحورية الساحرة

ماستْ فمسَّ التربَ منها المعجَرُ
فغدا الثرى من نشره يتعطّرُ
تختال في حُلل الجمالِ كأنها
بدرٌ على غصنٍ بدُرٍّ مُثمر
ويُخال منها الخالُ مِسكًا أذفرًا
بل دونه في النشر مسكٌ أذفر
والغصنُ يثني عن تثنّي عطفها
والظبيُ من لفَتاتها مُتحيّر
ولجِيدها يثني حياءً جيدَه
وبها أنيسٌ وهي عنّا تنفر
حوريّةٌ جنّاتُ وجنةِ خدِّها
قد أُزلفتْ ورضابُ فِيهَا الكوثر
يا جنّةً فيها أُعِدَّ عذابُ من
أضحى لآية حسنها يتدبَّر
إنسيّةٌ آنستُ وسْطَ جبينها
نورًا تكاد له الذُّكا لا تُسفر
نشرتْ عليه ذوائبًا فكأنما
ليلٌ هناك على النهار يُكوَّر
فطفقتُ ألثم إثْرها وأبلُّه
بمدامعي وبه الجبينَ أعفّر
كيما ترقَّ لرقّتي وتبرَّني
وصلاً أُسَرّ به وكسري يُجبَر
أتُراكَ تصدر من مناهل وصلها
يا قلبُ إني لا إخالكَ تصدر
إني بذاك وقد حماها أبيضٌ
من لحظها ومن القوام الأسمر
ومن الحواجب أسهمٌ وشرارةٌ
من وجنةٍ، نيرانُها تتسعَّر
لا يستطيع من النظارة ناظرٌ
كالشمس إذ سفرتْ إليها ينظر
عزَّ النظيرُ لنور بهجة وجهها
فغدتْ تناظر بالجمال وتفخر
وحمى لجينَ حُليّها ونُضاره
عن أعين النظّارِ طَرْفٌ أحور

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى