مهيار الديلمي - تهوى وأنت محلأٌ مصدودُ

تهَوى وأنت مُحَلَّأٌ مصدودُ
ماءَ النَّقيب وإنه مورودُ
ويُقرّ عينَك والوصالُ مصوِّحٌ
غصنٌ يرفُّ على الحمى ويميدُ
وإذا رغبتَ إلى السحاب فحاجةٌ
لك ما يصوب على الغضا ويجودُ
ما ذاك إلا أن عهدَك لم يحُلْ
أفما لحيٍّ في النخيل عهودُ
ومن الشقاوة حافظٌ متجنَّبٌ
يقضي عليه غادرٌ مودودُ
قَسَماً ولم أُقسمْ بسكَّانِ الحمَى
عن رِيبةٍ لكنه تأكيدُ
لهُمُ وإن مَنعوا مكانُ مَطالبي
وهُمُ وإن كرِهوا الذين أريدُ
أتنسَّمُ الأرواحَ وهي رواكدٌ
منهم وتُجدبُ أرضُهم فأرودُ
وأكذِّبُ الواشي إليّ بغدرهم
وعلى الحديثِ دلائلٌ وشُهودُ
فهم الصديقُ ولا مودةَ عندهم
وهم الأقاربُ والمزارُ بعيدُ
وبأيمَنِ العلَمين من أبياتهم
ظبيٌ يُصادُ الظبيُ وهو يَصيدُ
لاهٍ إذا جمع الرجالُ حلومَهم
حل العزائمَ خصرُهُ المعقودُ
يَرمِي القلوبَ وما دمٌ بمطوَّحٍ
ما لم تُرِقه مقلةٌ أو جيدُ
وعدَ الوفاءَ وليس منه فغرَّني
ومن السرابِ إذا اغتررتَ وعودُ
أعنو له وأنا العزيزُ بنفسه
وأَلينُ عمداً والفؤادُ جليدُ
وإذا عزفتُ فتُبتُ من دِين الهوى
جذبَ الغرامُ بِمقوَدي فأعودُ
ولقد أحنّ إلى زرودَ وطينتي
من غير ما فُطرتْ عليه زرودُ
ويشوقُني عَجَفُ الحجازِ وقد ضفا
رِيفُ العراق وظلُّه الممدودُ
ويُطَرِّبُ الشادي فلا يهتزُّني
وينالُ منّي السائقُ الغِرّيدُ
ما ذاك إلاّ أنّ أقمارَ الحمى
أفلاكُهنَّ إذا طلعنَ البيدُ
طفِق العذولُ وما ارتفدتُ برأيه
فيهن يُبدىءُ ناصحاً ويعيدُ
فأنا الذي صدعَ الهوى في أضلعي
ما لا يَلُمُّ العذلُ والتفنيدُ
يا صاحِ هل لك من خليلٍ مؤثرٍ
راضٍ بأن يشقى وأنت سعيدُ
متقلقلٍ حتى تقَرَّ وربّما
بَقَّى رقادَك ساهرٌ مجهودُ
يَلقَى القواذعَ أو يقيك لسانُه ال
مشهورُ فيك وعزمُه المشدودُ
كذُبالةِ المِصباحِ أنت بضوئها
في الليلة الظلماء وهي وَقودُ
من دون عِرضك نَثْلَةٌ منضوضة
منه وإن لم يقضها داودُ
قلَّ الثِّقاتُ فإن عَلِقتَ بواحدٍ
فاشدد يديك عليه فهو وحيدُ
لا يُبعِد اللّهُ الألى حفِظ العلا
بيتٌ لهم حولَ النجوم مَشِيدُ
وإذا اقشعرّ العامُ أغدقَ من ندَى
أيديهم الوادي ورَفَّ العودُ
وإذا سرى نقصُ القبائل أقبلتْ
تَنمِي المكارمُ فيهُمُ وتزيدُ
لا يعدَمُ الجودَ الغريبُ ومنهُمُ
شخصٌ على وجه الثرى موجودُ
بيتٌ بنو عبدِ الرحيم طُنوبُهُ
وأبوهُمُ ساقٌ له وعمودُ
تطغى رياحُ البِرِّ فيه عواصفاً
ولها بأثناء البيوت ركودُ
مِن حولهِ غُررٌ لهم وضّاحةٌ
تبيضّ منهنّ الليالي السودُ
وإذا أناخ به الوفودُ رأيتَهم
كرماً قياماً والوفودُ قعودُ
فإذا أردتَ طُروقَهُ لملمَّةٍ
فأبو المعالي بابُهُ المقصودُ
جاراهُمُ فأراك غائبَ أمسهم
رؤيا الزيادة يومُهُ المشهودُ
ومضَى يُريدُ النجم حتى جازه
شوطاً فقال النجمُ أين تريدُ
شرَفٌ كمالُ المُلك في أطرافه
حامٍ عن الحسب الكريم يذودُ
فَصحَ البوازلَ وهو قارحُ عامه
وأجابَ داعي الشَّيبِ وهو وليدُ
يقظانُ يقدَحُ في الخطوب بعزمةٍ
تسري به وبنو الطريق هُجودُ
عَشِقَ العلا وسعَى فأدرك وصلَها
متروِّحاً وحسودُه مكدودُ
ووفَى بأشراطِ الكفايةِ داخلاً
من بابها ورِتاجُها مسدودُ
عبِقٌ بأرواح السيادة عِطفُه
فكأنه في حِجرها مولودُ
لو طاول الغَمْرُ المغفَّلُ خُلقَه
شيئاً تعلَّم منه كيفَ يسودُ
هَشٌّ لصدر اليوم إمَّا مالُه
فيه وإمّا قربهُ المنقودُ
لا قبلَ نائله إذا سُئل الندى
وعدٌ ولا قبل اللقاءِ وعيدُ
وإذا الخلالُ الصالحاتُ تكاملتْ
فهي الشجاعةُ أو أخوها الجودُ
أفنَى الثراءَ على الثناءِ وعلمُهُ
أنّ الفَناءَ مع الثناءِ خُلودُ
ولربّما بُلي البخيلُ بموقفٍ
يُخزيه فيه مالُهُ المعبودُ
لك من خلائقه إذا مارستَه
جنبانِ ذا سهلٌ وذاك شديدُ
فمع الحفيظة قسوةٌ وفظاظةٌ
حتى كأنّ فؤادَه جُلمودُ
ومع المودّة هِزّةٌ وتعطّفٌ
فتقول غصنُ البانة الأُملودُ
يا أُسْرةَ المجدِ التي لم تنتبهْ
عن مثلها الأيامُ وهي رُقودُ
كُفِيَ الزمانُ العَينَ في أعيانكم
إن الزمانَ عليكُمُ محسودُ
لولاكُمُ نُسِي الثناءُ ولم يكن
في الناس لا رِفدٌ ولا مرفودُ
ولكان قُلُّ الفضلِ أو ميسورُهُ
يفنَى فَناءَ كثيرهِ ويَبيدُ
بكُمُ رددتُ يدَ الزمانِ وباعُهُ
متوسِّعٌ بمَساءتي ممدودُ
وحمَلتُ مضعوفاً ثقائلَ خطبه
وهي التي تُوهِي القُوَى وتؤودُ
وخلطتموني بالنفوس فمن يقَعْ
جُنُباً فإني منكُمُ معدودُ
وإذا تلوَّنَ معشرٌ بتلوُّنِ ال
دُنيا فعهدِي فيكم المعهودُ
وعُنيتَ أنت بخَلَّتي فسددتَها
ونظمتَها بالجودِ وهي بديدُ
وإذا تقاعدَ صاحبٌ عن نُصرتي
فالنصرُ حظّي منكَ والتأييدُ
فلأجزينَّك خيرَ ما جازَى امرؤٌ
وجَدَ المقال فقالَ وهو مُجيدُ
مما يُخالُ قوافياً ومعانياً
بالسمعِ وهو حَبائرٌ وبُرودُ
ويكون زادَ السَّفرِ في ليل الطَّوَى
ويقادُ تتبعه المهاري القُودُ
من كلِّ مخلوعٍ عِذارُ محبِّها
فيها ومعذورٍ بها المعمودُ
وكأنها بين الشفاهِ قصائداً
فوق النحورِ قلائدٌ وعقودُ
عذراء تحسُدها إذا أنصفتَها
أوقاتَها منك الكعابُ الرودُ
يحتثُّها شوقاً لك النيروزُ أو
يأتي فيُطلِعَها عليك العيدُ
لك من بشائرها الخلودُ ودولةٌ
تمضي بها الأيَّامُ ثم تعودُ
ما أحسبُ الدنيا تطيبُ وأمرُها
إلاَّ إلى تدبيركم مردودُ
فبقيتم والحاسدون علاكُمُ
لا خيرَ فيما ليس فيه حسودُ
أعلى