محمد مهدي الجواهري - محمد علي كلاي

* تلاكم وخصمه فهزمه وأدماه فحاز إعجاب العالم وملايينه!!

يا مُطْعِمَ الدنيا ـ وَقَدْ هُزِلَتْ ـ
لحماً بشـحمٍ منـه مقطوبِ
و مزيرَهـا يقظى وغـافيـةً
أطيافَ بادي البطش مرهوبِ
يا حالباً من ضَرْعِها عَسَلاً
عن غيرِ سُمّ غيرَ محلوبِ
وَمُرَقّصَاً منها كما انتفضتْ
نُطَفُ الحَبابِ بكأسِ شِرّيبِ
وكما تراقصت الدمى عبثاً
ما بين تصعيد وتصويب
يا طاعنـا أعجاسَ صفوتهـا
بمَطى شديدِ الصُلبِ ألهوب
شِسْعٌ لنعلِكَ كلّ مَوْهِبةٍ
وفداءُ ((زندِك)) كلّ موهوبِ
وصدى لُهاثِكَ كلّ مُبتَكَرٍ
من كلّ مسموعٍ ومكتوب
من كلّ ما هَجَسَ الغواةُ بهِ
عن فرط تسهيدٍ وتعذيبِ
* * *
يا سـالـباً بجِمـاع راحتِـهِ
أغنى الغنى، وأعزّ مسلوبِ
ما الشعرُ؟.. ما الآدابُ؟.. ما بِدَعٌ
للفكر؟.. ما وَمَضاتُ أُسلوب؟
شِسْعٌ لنعلِكَ كلّ قـافيـة
دوّتْ بتشـريـق وتـغـريـب
وشدا بـهـا السّـمّارُ مـالئـةً
ما يُفرِغُ النّدمانُ من كوبِ
ومُعيلُـهـا يجـترّ من ألـمٍ
دامٍ على الأَسلاتِ مسحوب
يُلغى ويُنفى شأنَ مُنتَبَذٍ
سَقْطٍ من الأغلاطِ مشطوبِ
* * *
يا سيّدَ ((اللّكَماتِ)) شـامخـةً
تهـزا بمنسـوبٍ ومحسـوب
ومريّبَ الضّرَباتِ، ما مَسَحَتْ
يوماً على أكتافِ مَربوبِ
مجّدْ ذراعَكَ، إنّـهـا هِبَـةٌ
أغنتْكَ عن أدبٍ وتأديبِ
محبوكةُ ((الأليافِ)) في نمَطٍ
عَجَبٍ، مُعَنّى فيـه، مطلوبِ
وتغنّ فيها، واسْـتَجِدّ لهـا
غَزَلاً، ولا تبخلْ بتشبيبِ
لله نسجُكَ.. أيّ ذي عَصَبٍ
من عالَمِ القُدُراتِ مجـلوب
ما كان إلا أنْ مددت به
سبباً لمجـدٍ جدّ مكذوب
حتى انثنيت بخيرِ ما حَفَلَتْ
حَلَباتُ موروثٍ ومَكْسوب
يفدي عروقَك كل ما حملت
أعـراق داود و يـعـقـوب
ونثارُ عُرسِكَ كلّ مُقتَرِنٍ:
من خاطبٍ عِرساً، ومخطوب
* * *
سُبحانَ ربّكَ كيف عَوّضَني
عن ((حَوْملٍ)) قفرٍ و((ملحوبِ)
رَبْعـاً أنيسـاً فـي ملاعِبِه
ما شئتُ من لهوٍ وتطريب
مُحاضنَيْنِ، و بيننـا مُـلَـحٌ
من عاتبٍ صبّ ومعتوبِ
نتبادلُ ((اللّكَمات)) نحسـبُـهـا
قبـلاتِ محـبوبٍ ومحبـوبِ
* * *
يا سيّدَ ((اللّكَماتِ)) يَسْحَرُها
ذهباً، بِذِهْنٍ منهُ مَشبوبِ
نحنُ الرعيةُ.. عِشْتَ من مَلِكٍ
بِمفـاخِـرِ ((العَضَلاتِ)) معصوب
زَنْدٌ بزندٍ.. والورى تَبَعٌ
لكما، وَ عُـرْقُوبٌ بعُرقوب
مَرّغْهُ.. مَزّقْ ثوبَ سَحْنَتِهِ
رَقّعْهُ من دَمِهِ بِشُؤبوبِ
لَدّغْـــه بـالنّـغَـزاتِ لاذعـةً
ما لـم يُـلدّغْ سُـمّ يعسوبِ
سَلِمَتْ يداك.. أأنت صُغْتَهما
أمْ صوغُ ربّ عنك محجوبِ
* * *
قل لي ـ أبيْتَ اللّعْن ـ مُمتَدَحاً
وَكَرُمْتَ عن لَوْمٍ وتثريبِ
الملهمـــونَ أأنتَ ترسُــمُهُمْ
خَوَلاً من الشّبّانِ والشّيبِ؟
خَدَماً ((لقصرِكَ)) صُنْعَ ساحرةٍ
ذي ألفِ سَقْفٍ فيه مَذهوبِ؟!
ذي ألفِ ((باطيةٍ)) وساقيةٍ
وبألـفِ رُعبـوبٍ ورُعْبُـوبِ
أمْ أنتَ تخشى أن تَعِيثَ به
نزواتُ ((مَـرْعوصٍ)) ومجْـذوبِ
* * *
((أمحمّـدٌ)) والدهـرُ مَلْحَمـةٌ
من غاصبٍ عاتٍ ومَغْصوبِ
والناسُ ذُؤبانٌ تَضيقُ بـهـا
أسلابُ تثقيفٍ وتـهـذيـبِ
لا يَرتضونَ ـ لِفَرْطِ مَكْلَبَةٍ ـ
وَثَبات ذئبٍ غير مَكْلُوبِ
ويُصفّقُونَ لِمُحْـرِبٍ شَـرسٍ
وَيُبَصّقُونَ بوجـهِ محـروبِ
يُذكي ((الهِراشُ)) حماسَهمْ طرَباً
لِدَمٍ بِعُرف الدّيكِ مَسكوبِ
و كأنـهُمْ يُسْقَوْنَ صـافيـة
بنزيفِ رأسٍ منـهُ مَنخوبِ
و ((الثّوْرُ))، تصطخِبُ الجِراحُ بهِ،
مدعاةُ تهليـلٍ و تـرحيـبِ
وكأنّ مُرْتَكَزَ الرّماحِ به
نَغَمٌ بِعُودٍ منـه مضـروبِ
كُنْ حيثُ أنتَ تَجئكَ صاغرةً
دُفَعُ اللّهى والزّهْوِ والطيبِ
تَسعى لذي بَطَرٍ، وقد زُوِيَتْ
عن نابغٍ أسيانَ مغلوبِ
* * *
كم ((عبقرياتٍ)) مشتْ ضَرَماً
في جُنحِ داجي الجنْحِ غِربيبِ
وتنفّستْ رئـةُ الحيـاةِ بهـا
من بَعْدِ تعبيسٍ وتقطيبِ
عاشتْ وماتتْ فـي حِمى جَشِبٍ
جاسٍ، شَتيمِ العيشِ مسبوبِ
مَجْـلـودةً ـ تُلـوى أعنّـتُـها ـ
بسـياطِ تـرغيبٍ وترهيـبِ:
بمرجّمين.. نهارَ مُرْتَخَصٍ
وبليْلِ نابي الجنبِ مرعوبِ
حِجَجٌ مِئونٌ، دون شهقتِها
شَـهَـقاتُ مخنـوقٍ ومصـلـوبِ
أعطتْ وأغنتْ، واسْتُرِدّ بهـا
أنفاسُ محزونٍ ومكروبِ
ما عادلتْ أعشـارَ ((ثـانيَـةٍ))
عُمِرتْ بساحٍ مُوحشٍ مُوبي
تلكَ ((الملايينُ)) التي سُحِبَتْ
سَحْبَ ((المخاضةِ)) عَبْرَ ((أُنبوبِ))
نُثِرَتْ على قدميْنِ خُضّبَتَا
بِدَمٍ لآخـرَ منـهِ مخضـوبِ
* * *
يا أيـهـا ((العـمـلاقُ)) نَـازَعَـهُ
((قَزَمٌ)) على سَبَبٍ.. وتسبيبِ
كم جاءَ دهرُكَ بالأعاجيبِ
من كلّ مرفوضٍ ومشجوبِ
كم راغبٍ نَحّى، ومُرْتَغَبٍ
وكم استعزّ بِغيْرِ مرغوبِ
وكمِ اصطفى هَمَلاً بنادرةٍ
وكم ابتلى فَحْلاً بمجبوبِ
* * *
شسْعٌ لنعلِكَ كلّ موْهبةٍ
وَفِداءُ زندِكَ كلّ موهوبِ


براغ، عام 1976
أعلى