صبري حافظ - رحلة باريس الثانية وسنوات الغليان في صالون توفيق الحكيم

كُنت في تلك السنواتِ أبقى كثيراً في مكتب الحكيم، حتى ينصرف الجميع، ويصعد إليه عادةً الرسَّام صلاح طاهر من مكتبه/ مرسمه كي يوصله في طريق عودته إلى منزله، وفي بعض الأحيان يوسف إدريس في الأيام التي لا يحضر فيها صلاح طاهر إلى مبنى الأهرام. ولأنني كُنت أسكن أيضاً على مسار رحلة صلاح طاهر في العودة إلى مسكنه في الجيزة أو بداية شارع الهرم على ما أذكر(1)، كنت أصحبهما في تلك الرحلة، وأنزل أنا بعدما ينزل توفيق الحكيم على كورنيش النيل، عند «كوبري الجامعة».

بعد أنْ تناولت علاقة توفيق الحكيم الإشكالية مع حركة الضباط التي استولت على الحكم عام 1952 وهو في أَوْجِ العطاء، ورغبته في أن يبقي بينه وبينها مسافة، برغم حرص عبدالناصر على الاقتراب منه، أحاول هنا إماطة اللثام عن فصلٍ آخر من فصولها. وأبدأ هنا بما كتبه محمد حسنين هيكل عن هذه المسألة من وجهة نظر هي أقرب ما يكون إلى وجهة نظر عبدالناصر، وهو يتناول علاقة الحكيم به كما شهدها: «توفيق الحكيم في مقابلته الأولى مع عبدالناصر عندما سلَّمه قلادة النيل، حاول عبدالناصر أن يتكلَّم معه، ولكنه كان قليل الكلام. كنّا قبل السويس، ولم تكن الأسطورة قد ترسَّخت بعد، وبالتالي فأنا أظن أن هذا اللقاء كان في أجواء مقابلة بين أديبٍ كبير والرجل القوي على قمة الدولة. في اللقاء الثاني اختلفت الصورة، لأن اللقاء جرى بعد السويس وجوِّها الأسطوريّ، وعند سفر الحكيم مندوباً لمصر في اليونسكو، وكان توفيق الحكيم يريد هذا المنصب بشدّة، وكان يتصوَّر أن عودته إلى باريس أديباً كبيراً هذه المرّة، سوف تحدث عنده انبثاقاً متجدِّداً في الفكر، يفوق ما أحدثه لقاؤه الأول مع باريس عندما ذهب إليها طالب بعثة لدراسة الحقوق. في هذه المُقابلة لم يتكلَّم الحكيم، ولم يقل شيئاً سوى كلمة شكر على تعيينه، وتصوُّره أنه يتوقَّع كثيراً من ذهابه إلى باريس. وكان من بين ما قاله له عبد الناصر إنه سيكون متشوِّقاً لقراءة ما يكتبه. ونصحه بأن يترك الأعمال الروتينيّة لمندوب مصر في اليونسكو لأحد مساعديه، وأن ينتدب مَنْ يشاء لمكتبه من سفارة مصر في باريس، حتى يتفرَّغ هو لما يتمنَّاه من تأمُّل وتفكير وكتابة. وعندما عاد الحكيم من باريس لم يطلب مقابلة جمال عبدالناصر، مع أن عدداً من أصدقائه -ومن ضمنهم الدكتور حسين فوزي كما قال لي- نصحه بأن يدوِّن اسمه في دفتر التشريفات في الرئاسة تعبيراً عن شكره بعد عودته من مهمَّته. سألني توفيق الحكيم إنْ كان ذلك ضرورياً؛ لأنه يشعر بخجل فهو لا يعتقد أنه نجح في اليونسكو، وأن باريس لم تهمّه هذه المرّة، وأنها «صدّت نفسه»، وأن قرينته ضحكت عليه كثيراً، لأنه تصوَّر أن في استطاعته بعد الستين استعادة أجواء كان فيها تحت الثلاثين»(2).
د. صبري حافظ

هذا المُقتطف، ممّا قاله محمد حسنين هيكل عن تلك العودة لباريس، ينطوي على تعبيرٍ دال وهو أن باريس «صدّت نفسه»، وأنه إنْ كان يعترف بأنه لم ينجح في اليونسكو، فهو لم ينجح أيضاً في أن يعود لنفسه الحرّة التي أبدعت ما أبدعت في باريس في المرّة الأولى. وعلى غير ما توهَّم هيكل فإنَّ الأمر كان من ناحية الحكيم كان محاولة للهرب من المناخ الثقيل الذي كان يشهد تخلُّق آليات الاستبداد فيه، والعصف بكثير من المُثقَّفين، علّه يسترد فيها حرّيته. وليته ذهب إليها دون أن يلتقي بعبد الناصر كي يشكره، وهو الأمر الذي ألح الكثيرون من أصدقائه وعلى رأسهم هيكل نفسه للقيام به، لأن لقاءه هذا مع عبدالناصر كشف له فيما يبدو أنه لن يستطيع الهرب ممّا أراد تجنُّبه، وأيقظ قرون الاستشعار لديه، وهي التي نغَّصت عليه إقامته في باريس. ففي هذه المرّة أحسّ أنه مُراقب، وأن عبدالناصر ينتظر منه شيئاً -وهو يقول إنه «سيكون متشوِّقاً لقراءة ما يكتبه»- لم يكن في طاقته أن يفعله.

فلم يكن غائباً عنه أن تلك السفرة التي طلبها قبل عام 1959، لم تتحقّق إلّا بعده، وبعد أكبر حملة اعتقالات للمُثقَّفين في مصر، وفي طليعتهم جُلُّ مثقَّفيّ اليسار الذين كان يعرف الكثيرين منهم، وله بينهم عددٌ من الأصدقاء، كما لم يغب عنه أيضاً أن مَنْ معه من المُعاونين من مصر، قد يكونون عيوناً عليه، فلم يكن الحكيم غافلاً عن منطق الحكم الناصري في تسليط العيون على الجميع، وانتشار كتبة التقارير الذين ألمح إليهم في (بنك القلق). وهو الأمر الذي «صدّ نفسه» وليست باريس، التي تصوَّر أنه قد يهرب إليها ممّا يضيق به في مصر، حتى ولو كان سعيداً بأن أغلاله كانت من حرير كما ذكرت، لأن باريس لديها القدرة دائماً على أن «تفتح النفس» المصدودة، وتستثير أفضل ما في الإنسان من طاقاتٍ خلّاقة.

ونحن نعرف كم كانت رحلات طه حسين إلى فرنسا تثمر دائماً إنتاجاً ثرياً، وكيف كانت واحدة منها حينما التقيا معاً فيها، هو وتوفيق الحكيم، قد أثمرت هذا العمل المُشترك (القصر المسحور)، لكن ذلك كلّه كان في زمنٍ سابق على زمن الاستبداد وحكم العسكر. أمّا تفسير زوجته الذي ينقله لنا هيكل وإحالتها الأمر كلّه إلى عمر توفيق الحكيم، فهذا يفتح الباب على جرح آخر في حياة الحكيم، وهو زواجه غير المُوفَّق، والذي عانى منه طويلاً، على العكس من طه حسين الذي أنعم اللهُ عليه بزوجةٍ حَفِيّة ورائعة، وهو أمرٌ أعرفه، وأعرف شيئاً عن طريقة توفيق الحكيم المُراوغة في التعامل معه، ولكني لا أتصوَّر أن من اللائق أن أكتب عنه شيئاً هنا في هذه الذكريات عن الحكيم الكاتِب والمُبدع الكبير.

نعود إلى صالون الحكيم المفتوح في مبنى (الأهرام) الجديد، والذي كنت أتردَّد عليه بشكلٍ شبه يوميّ طوال أكثر من عامين حينما عملت في ملحق الطليعة(3)، من 1971 – 1973، وحتى غادرت مصر إلى إنجلترا في أواخر مارس/آذار 1973 (4)، وهي الفترة التي تحوَّل فيها الصالون إلى ساحةٍ مفتوحة للنقاش والجدل في الشأن العام، وصولاً إلى كتابة بيان الأدباء الشهير في غرفته تلك، وكان اسمه في صدارة المُوقِّعين عليه، وهي أيضاً الفترة التي كتبَ فيها كُتيّبه المشهور (عودة الوعي).

كنت في تلك السنواتِ أبقى كثيراً في مكتب الحكيم، حتى ينصرف الجميع، ويصعد إليه عادةً الرسّام صلاح طاهر من مكتبه/ مرسمه كي يوصله في طريق عودته إلى منزله، وفي بعض الأحيان يوسف إدريس في الأيام التي لا يحضر فيها صلاح طاهر إلى مبنى الأهرام. ولأنني كنت أسكن أيضاً على مسار رحلة صلاح طاهر في العودة إلى مسكنه في الجيزة أو بداية شارع الهرم على ما أذكر، كنت أصحبهما في تلك الرحلة، وأنزل أنا بعدما ينزل توفيق الحكيم على كورنيش النيل، عند «كوبري الجامعة». وكان الحكيم يحرص على أن ينزل من السيارة على كورنيش النيل في جاردن سيتي، وفي مكان لا بيوت أمامه، وإنما أمام سور السفارة البريطانيّة المُطلة على هذا الجزء من كورنيش النيل. ومع أننا نعرف الآن أنه كان يسكن على بُعد أكثر من مئتي متر من المكان الذي كان يطلب إنزاله من السيارة فيه؛ إلّا أنه كان يريد أن يراه الجيران وبواب العمارة معاً، عائداً إلى بيته، ماشياً على قدميه بعصاه التقليديّة والبيريه الشهير. هذا وقد سمعت أكثر من تأويلٍ لهذا الإصرار الذي عاصرته لعامين تقريباً وبشكلٍ شبه منتظم. كان أسوأها ناجماً عن علاقته غير السعيدة، إنْ لم نقل الإشكالية مع زوجته، وهو الأمر الذي لا أريد حتى أن أذكره. أمّا تأويلي الشخصيّ لهذا فهو أنه ابن حرص الحكيم على ترويج صورة خاصّة وشخصيّة عن نفسه، لايزال يحرص فيها على أن يبدو في صورة ابن البلد الشعبيّ الذي يذهب لعمله ماشياً، كما يذهب لمقهاه ماشياً في أيام الجمعة، وقد ذكرت أنه اختار مقهى فندق (سميراميس) القديم، الذي لا يبعد عن هذا العنوان بأكثر من خمسمئة متر.

وكان صالون الحكيم في تلك الفترة العاصفة من تاريخ مصر -وما شهدته من تغيُّرات جلبها حكم السادات بعد انتهاء عصر عبدالناصر، بما له وما عليه- يعجُّ بالجدل المفتوح حول مستقبل مصر، وقد عاد عبء التخلص من الاحتلال -الإسرائيليّ المدعوم أميركيّاً هذه المرّة وليس البريطانيّ- يقض مضاجع الجميع ويشغلهم. وكانت هذه السنوات الأولى من السبعينيات مشحونة بالكثير من الأحداث، من تخلص السادات من كلِّ مناوئيه مِمّنْ كانوا يعتبرون أنفسهم أكثر منه ناصرية في مراكز السلطة السياسيّة، إلى سعيه للتخلّص من أنصار فكرهم في وسائل الإعلام المُختلفة.

ولم يكن هذا كلّه -رغم إحاطته بأجواءٍ من السرية- بغائب عن الواقع الثقافيّ، ولا عن الجدل المُستمر حول ما يدور في مصر في صالون الحكيم. وقد بدأ في هذا الوقت مثقَّفون يمينيّون من نوع ثروت أباظة يُكثِّفون من تردُّدهم على صالون الحكيم، وقد اكتسب أباظة، خاصّةً، جرأة في طرح أفكاره اليمينيّة ما كان يحلم بالتعبير عنها قبل عامين. وأخذ الحكيم -وقد صدّق ما أشاعه السادات من إطلاق الحرّيّات، وإلغاء الرقابة- يفصح عن كثيرٍ من آرائه الناقِدة للنظام بشكلٍ أوضح، بما فيها من نقدٍ حاد لتلكؤ السادات في العمل على تحرير الأرض المُحتلة. وكانت قضية التحرير تلك، ورفض حالة اللاسلم واللاحرب التي سادت منذ موت عبد الناصر، مجالَ جدلٍ مستمر بين مختلف التيارات الثقافيّة المصريّة والتي كانت تتجمَّع في كثيرٍ من الأحيان في غرفته تلك، كما كانت بالقطع موضوع الحركة الطلابية الأثير، منذ اندلاع أول مظاهرات في الجامعة بعد هزيمة 1967، وتنامي الاستقطاب بين تياراتها المُختلفة.

وما أن انتهى العام التالي لتولي السادات الحكم، وهو عام 1971 -وكان قد جعل شعاره في هذا العام، أنه عام الحسم وتحقيق الديموقراطيّة وتحرير الأرض أو تصفية آثار العدوان- دون حسم، حتى أخذت الحركة الطلابية في الغليان، وفي 13 يناير/كانون الثاني، وبمُناسبة الاحتفال بالمُولد النبويّ، خطب السادات «خطبة الضباب» المشهورة، وما أعقبها من نكاتٍ لم تنقطع(5). وفجَّر هذا الخطاب ثورةَ الطلاب في كلِّ الجامعات، وأصبح خطاب الضباب خطابَ استفزاز بدلاً من أن يكون خطابَ تبرير. فقد قال فيه إن ضباب الحرب الهنديّة – الباكستانيّة قد أعاق تنفيذ وعده بعام الحسم، لأنَّ العَالَم لم يكن فيه متسعٌ لاندلاع حربين كُبريين في آنٍ واحد. وكنت دائماً ما أتطلع إلى الوصول إلى غرفة الحكيم في تلك الفترة كي أبلغه بأحدث ما سمعت من نكات «الضباب»، وكان مولعاً بسماعها ككلّ المصريّين، أو أسمع منه خيراً من تلك التي جئت له بها. والواقع أن أحد المجالات التي لم تأخذ حقّها من الدرس والجمع والتحليل هو حقل «النكتة المصريّة»، والسياسيّة منها بشكلٍ خاص. وكانت موجة النكات المُضادة للعسكر، وانسحابهم من سيناء بعد هزيمة 1967، قد دفعت عبدالناصر إلى أن يرجو الشعب في خطابٍ علني بالكفِّ عن تلك النكات.

أمّا النكاتُ التي صاحبت السادات منذ توليه السلطة، وصولاً إلى أغنية الشيخ إمام الشهيرة «شحاتة المعسل»، فقد كانت من نوعٍ آخر. أعتقد أنه أخذ ينخر في هيبة الدولة المُرعبة التي بنتها مرحلة عبدالناصر، وجعلتها كياناً مخيفاً لا يجرؤ أحد على السخرية منه، ناهيك عن التطاول عليه، إلّا همساً ولمَنْ يثق بهم. لكن سحابة الخوف الثقيلة التي تكوَّنت في زمن عبدالناصر بدأت تتبدَّد، منذ أن كسرتها صدمة الهزيمة في عام 1967، وإنْ لم تنقشع كليةً إلّا بعد رحيله، وإعلان السادات الإجهاز على مراكز القوى والتنصُّت على الشعب، وأخذَ الكثير من الكُتَّاب يحلون ضيوفاً على المُؤتمرات الطلابية التي أخذت تتنامى في الجامعة، ويطرحون فيها آراءهم الناقِدة لما يدور بجرأةٍ غير مسبوقة. وكانت تلك أيضاً هي الفترة التي ازدهرت فيها الأغنية السياسيّة الساخرة التي تزعَّمها «الشيخ إمام عيسى»، ثمَّ «عدلي فخري»، وغيرهما.

وهي أيضاً الفترة التي بدا فيها أن مصر قد أزالت عن روحها عبء الخوف الثقيل الذي رانَ على روحها وعقلها في مرحلة عبد الناصر، واستعادت شيئاً من الحرّيّة التي عاشتها قبل استيلاء العسكر على السلطة. وحسب الدكتور أحمد عبد الله رزة تركَّزت مطالب الطلبة على ثلاث قضايا رئيسة هي: إنهاء حالة اللاسلم واللاحرب واتخاذ قرار حاسم ونهائي بالحرب، وتحرير الأراضي المصريّة المُحتلة، وقضية الديموقراطيّة والنظام السياسيّ في مصر، بما في ذلك حرّيّة الصحافة؛ وكانت ثالث القضايا هي البنية الاجتماعيّة الاقتصاديّة للبلاد، حيث نادى الطلبة بضرورة قيام ما سمّوه «اقتصاد حرب»، والإجهاز على الفساد. وكانت أكثر المطالب راديكاليّة في تلك القضية هي المُطالبة بألّا يتجاوز الحدّ الأعلى للأجور في البلاد عشرة أمثال الحدّ الأدنى، مع رفض سياسة ربط الاقتصاد المصريّ بالمصالح الإمبرياليّة عبر مناطق التجارة الحرّة، وطالبوا بالإفراج عن العُمَّال المُعتقلين وإعادة الاعتبار للجان النقابية العُمَّاليّة التي تعرَّضت للتشهير من قِبل الحكومة نتيجة إضراب العُمَّال عام 1971 (6).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

1 – كان مسكني في أول حيّ المنيل وبالقرب من «كوبري الجامعة»، الذي كان لابد أن يعبره في طريقه إلى الجيزة، وكنت أنزل من سيارته قبل أن يعبر الجسر مباشرةً.

2 – (محمد حسنين هيكل يتذكَّر: عبدالناصر والمُثقَّفون والثقافة)، ص 251 – 252.

3 – ما أن بدأ المُلحق بهيئة تحريره الكاملة لعدّة شهور، حتى أخذ المناخ الطارد وقتها، يعصف تدريجيّاً بأعضاء لجنة تحريره، فيغادرون مصر واحداً بعد الآخر. حتى لم يبقَ منهم سواي. ممّا جعلني أتردَّد على مبنى الأهرام بشكلٍ شبه يومي.

4 – جاءتني فرصة للسفر إلى إنجلترا في ذلك الوقت، وطلب مني لطفي الخولي أن أرشِّح له مَنْ يحلّ مكاني في هذا المُلحق، وفاتحت فاروق عبدالقادر في الأمر فرحَّب به، ورشّحته للطفي الخولي. واستلم فاروق العمل مني في ملحق الطليعة الأدبيّ في مارس/آذار عام 1973، وهو الشهر الذي غادرت مصر في نهايته.

5 – الواقع أن النكات الساخرة من السادات والمُستهزئة به لم تنقطع أبداً منذ تولي السادات السلطة. فلم تأخذه مصر مأخذ الجد، ولم تعترف له بأي شرعيّة حتى اندلاع حرب 6 أكتوبر، وهي الشرعيّة التي سرعان ما تبدَّدت بعد فترةٍ قصيرة. وخرجت المُظاهرات العارمة في 18 و 19 يناير/كانون الثاني عام 1977 من شواطئ المُتوسط حتى شواطئ بحيرة ناصر تنزع عنه كلّ شرعيّة. فتوجَّه فاقداً للشرعيّة إلى العدو الإسرائيليّ علّه يسبغ عليه شيئاً ممّا فقده، فضيَّع مصر معه.

6 – راجع كتاب أحمد عبد الله الشهير: Ahmed Abdalla, The Student Movement and the National Politics in Egypt: 1923-1973 (London, Saqi Books, 1985)، وخاصّة الفصل التاسع عن انتفاضة الطلاب عام 1972 – 73، ص 176 – 211.

تعليقات

لا توجد تعليقات.

هذا النص

ملف
الجماعات والمدارس والحركات والصالونات الأدبية
المشاهدات
266
آخر تحديث
أعلى