ما حُكْمُ الزَّوْجِ الَّذِي يَتَزَوَّجُ امْرَأَةً أُخْرَى عَلَى زَوْجَتِهِ؟
الْجَوابُ: لَسْتُ قاضِيًا، لَكِنِّي دَرَسْتُ الْفِقْهَ والْفَتاوَى في طَريقِ دِراسَتي لِتَفْسيرِ الْقُرْآنِ وَأَسْبابِ النِّزُولِ، وَعُلومِ الْحَديثِ مِنَ الصِّحاحِ السِّتَّةِ، وَسُنَنِ النَّبِيِّ، وَمَجْموعاتِ الْحَديثِ مِنْ مَظانِّها، وَعِلَلِ الْحَديثِ لابنِ حَنْبَلٍ ومُسْنَدِهِ الْمَعْروفِ بِمُسْنَدِ أحْمَد، وَأَخْبارِ القُضاةِ لِوكيعٍ ، وَكُتُبِ الرِّجال، وذلِكَ أَثْناءَ تَحْقيقِي لِلسِّيرَةِ النَّبَوَيَّةِ الشَّريفَةِ، وَما كَتَبْتُ مِنْ دِراساتٍ، وَأَلَّفْتُ مِنْ كُتُبٍ.
أقولُ: إنَّ القُرْآنَ الْكَريمَ قَدْ ذَكَرَ الزَّواجَ بِما لا شَكَّ فيهِ، وجاءَتِ السُّنَّةُ وَفَصَّلَتْهُ وَبَيَّنَتْ أَحْكامَهُ.
تَقُولُ الْآيَةُ الْكَريمَةْ (الآية ٣ مِنِ سورةِ النِّساء) “وَانْكِحًًُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُباعَ، فَإنْ خِفٍتُمْ ألََا تَقْسِطُوا فَواحِدَةٌ”.
فِعْلُ الْأَمْرِ “فَانْكِحُوا” يَحْمِلُ مَعْنَى الِاخْتِيارِ لا الْإلْزامِ. أَيْ نَحْنُ لَسْنا مُجْبَرِينَ عَلَى تَنْفيذِهِ، ولا يَحْوِي مَعْنَى الطَّلَبِ أَيْضًا، لَأَنَّ طَلَبَ الْخالِقِ مِنْ عِبادِهِ واجِبٌ، وَلَيْسَ نَدْبًا َوْ حَثًّا أَيْضًا، فَاللَّهُ سُبْحانَهُ لا يَحُثُّنا عَلَى تَعَدُّدِ الزَّوْجاتِ، وَإنَّما تَرَكَ الْأَمْرَ لَنا، كأَنَّهُ قالَ لَنا:
أَتَرْغَبونَ تَعَدُّدَ الزَّوٍْجاتِ (فَانْكِحُوا .. الْآيَةَ) وَحَدَّدَهُ بِأَرْبَعِ زَوْجاتٍ، لَكِنَّها في الْحَقيقَةِ زَوْجَةٌ وَاحِدَةٌ لا أكْثَرَ كَما سَنَرَى بِالتَّفْصيل.
اِشْتَرَطَ اللَّهُ سُبْحانَهُ تَعَدُّدَ الزَّوْجاتِ بِالْعَدالَةِ في مُعامَلَتِهِنَّ بِقَوْلِهِ: “فَإنْ خِفْتُمٍ أَلّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةٌ”.
وَالْعَدْلُ بَيْنَ النِّساءِ غايَةٌ لا تُدْرَكُ، وَبِهذا جاءَ قَوْلُهُ تَعالَى:”وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْا حَرَصْتُمْ”.
سُبْحانَ اللَّهِ أَحْكَمِ الْحاكِمين. ماذا نَسْتَخْلِصُ مِنْ هذا هذا؟ إنَّها زَوْجَةٌ واحِدَةٌ، وَبَقِيَ التَّعَدُّدُ مَفْتُوحًا، وَالْعِقابُ حَتْمِيًّا لِمَنْ لا يَعْدِلُ. فَاللَّهُ هُوَ الَّذِي شَرَّعَ هذا “وَلَنْ تَسْتَطيعُوا أنْ تَعْدِلُوا”.
لِماذا شُرِّعَ تَعَدُّدُ الزَّوْجاتِ في بِدايَةِ الْإسْلامِ؟
دَعا الرَّسولُ عَلَيْهِ السَّلامُ إلَى الزَّواجِ وَالتَّناسُلِ لِزِيادَةِ عَدَدِ الْمُسْلِمينَ الْمُكَلَّفينَ لِنَشْرِ تَعاليمِ الْإسْلامِ وَالدَّعْوَِةِ إلَيْهِ: مِنْ سَلامٍ وَمَحَبَّةٍ وَأَمْنٍ، والتَّكاثُرِ لِلِقاءِ عَدُوِّهِمْ، مُسْتَثْنِيًا أَهْلَ الْكِتاب الَّذِينَ دَعاهُمْ إلَى كَلِمَةٍ سَواءٍ، وَهِيَ عِبادَةُ اللَّهِ الْواحِدِ القَهّارِ.
لَنْ أَتَحَدَّثَ عَنْ مِلْكٍ اليَمينِ لِأَنَّها قَضِيَّةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْإماءِ والْجَواري والسُّرِّيّاتِ والْعُبودِيَّةِ التي زالتْ بَعْدَ إلْغاءِ الرٍّقِّ وَتَحْريرِ الْعَبيدِ وَعِتْقِهِمْ، وَقَدْ شَجَّعَ الإسْلامُ عَلَى هذا حَتَّى جَعَلَ الْعِتْقَ كَفّارَةً لِلذُّنوبِ.
هَلِ الجَمْعُ بَيْنَ اثْنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرُ جَريمَةٌ؟
أَقولُ اجْتِهادًا وَدِرايَةً إنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ عِدَّةِ نساءٍ لَيْسَ كُفْرًا، يُعاقِبُ اللَّهُ عَلَيْهِ في جَهَنَمَ، إلّا إذا ظَلَمَ اعْتِمادًا عَلَى ما ذَكَرْتُ سابِقًا.
أَمّا مِنَ النّاحِيَةِ الإنْسانِيَّةِ وَالاجْتِماعِيَّةِ فَإنَّها أَبْغَضُ الْحَلالِ عِنْدَ اللَّهِ، فِيها قَهْرٌ لِلزَّوْجَةِ الأولَى، وَلِذَلِكَ تُسَمَّى ضَرَّةَ أوْ عَلَّةً، والْجَمْعُ ضَرائِرُ وَعَلّاتٌ، وَأوْلادُهُنَّ أوْلادُ عَلّاتْ، تَسْتَشْرِي بَيْنَهُمْ الشَّحْناءُ وَالْبَغْضاءُ والْأَحْقادُ الدَّفينَةُ والْخُصوماتُ.
وَلَنا في سورَةِ يُوسُفَ أَلْفُ عِبْرَةٍ وَعِِبْرَةٍ، أَلَمْ يَقْتُلِ الْخَليفَةُ الْمَأْمونُ أخاهُ الْأَمينَ صِراعًا عَلَى الْمُلْكِ، أَلَمْ يَعْتَدْ سَلاطينُ آلِ عُثْمانَ عَلَى قَتْلِ إخْوَتِهِمْ عِنْدَ اعْتٍلائِهِمْ لِلْعَرْشِ؟
وَتَحْضُرُني أَبياتٌ قالَها أعْرابِيٌّ أخْطَأ وَجَمَعَ بَيْنَ اثْنَتَيْن: مِنَ الْوافر
تَزَوَّجْتُ اثْنَتَيْنِ لِفَرْطِ جَهْلِي
بِما يَشْقَى بِهِ زَوْجُ اثْنَتَيْنِ
فَقُلْتُ أصيرُ بَيْنَهُما خَروفًا
أَنْعَمُ بَيْنَ أَكْرَمِ نَعْجَتَيْن
فَصِرْتُ كَنَعْجَةٍ تُضْحِي وَتُمْسِي
تَداوَلُ بَيْنَ أَخْبثِ ذِئْبَتَيْنِ
رِضا هَذي يُهَيِّجُ سُخْطَ هَذي
فَما أَعْرَى مِنِ اِحْدَى السَّخْطَتَيْنِ
لِهَذي لَيْلَةٌ وَلِتِلْكَ أُخْرَى
عِتابٌ دائِمُ في اللَّيْلَتَيْنِ
فَإنْ أَحْبَبْتَ أنْ تَبْقَى كَريمًا
مِنَ الْخَيْراتِ مَمْلُوءَ الْيَدَيْنِ
فَعِشْ عَزَبًا فَإنْ لَمْ تَسْتَطِعْهُ
فَضَرْبًا في عراضِ الْجَحْفَلَيٍْنِ
(الجحفلُ: الجيشُ الْعَظيم)
وَأَقولُها عَلانِيَةً: الرَّجُلُ الَّذِي لا تَكْفيهِ زَوْجَةٌ واحِدَةٌ لا تَكْفيهِ عَشَراتُ الزَّوْجاتُ.
أ. د. لطفي منصور
https://www.facebook.com/groups/376929282943628/user/100022632713764/
الْجَوابُ: لَسْتُ قاضِيًا، لَكِنِّي دَرَسْتُ الْفِقْهَ والْفَتاوَى في طَريقِ دِراسَتي لِتَفْسيرِ الْقُرْآنِ وَأَسْبابِ النِّزُولِ، وَعُلومِ الْحَديثِ مِنَ الصِّحاحِ السِّتَّةِ، وَسُنَنِ النَّبِيِّ، وَمَجْموعاتِ الْحَديثِ مِنْ مَظانِّها، وَعِلَلِ الْحَديثِ لابنِ حَنْبَلٍ ومُسْنَدِهِ الْمَعْروفِ بِمُسْنَدِ أحْمَد، وَأَخْبارِ القُضاةِ لِوكيعٍ ، وَكُتُبِ الرِّجال، وذلِكَ أَثْناءَ تَحْقيقِي لِلسِّيرَةِ النَّبَوَيَّةِ الشَّريفَةِ، وَما كَتَبْتُ مِنْ دِراساتٍ، وَأَلَّفْتُ مِنْ كُتُبٍ.
أقولُ: إنَّ القُرْآنَ الْكَريمَ قَدْ ذَكَرَ الزَّواجَ بِما لا شَكَّ فيهِ، وجاءَتِ السُّنَّةُ وَفَصَّلَتْهُ وَبَيَّنَتْ أَحْكامَهُ.
تَقُولُ الْآيَةُ الْكَريمَةْ (الآية ٣ مِنِ سورةِ النِّساء) “وَانْكِحًًُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُباعَ، فَإنْ خِفٍتُمْ ألََا تَقْسِطُوا فَواحِدَةٌ”.
فِعْلُ الْأَمْرِ “فَانْكِحُوا” يَحْمِلُ مَعْنَى الِاخْتِيارِ لا الْإلْزامِ. أَيْ نَحْنُ لَسْنا مُجْبَرِينَ عَلَى تَنْفيذِهِ، ولا يَحْوِي مَعْنَى الطَّلَبِ أَيْضًا، لَأَنَّ طَلَبَ الْخالِقِ مِنْ عِبادِهِ واجِبٌ، وَلَيْسَ نَدْبًا َوْ حَثًّا أَيْضًا، فَاللَّهُ سُبْحانَهُ لا يَحُثُّنا عَلَى تَعَدُّدِ الزَّوْجاتِ، وَإنَّما تَرَكَ الْأَمْرَ لَنا، كأَنَّهُ قالَ لَنا:
أَتَرْغَبونَ تَعَدُّدَ الزَّوٍْجاتِ (فَانْكِحُوا .. الْآيَةَ) وَحَدَّدَهُ بِأَرْبَعِ زَوْجاتٍ، لَكِنَّها في الْحَقيقَةِ زَوْجَةٌ وَاحِدَةٌ لا أكْثَرَ كَما سَنَرَى بِالتَّفْصيل.
اِشْتَرَطَ اللَّهُ سُبْحانَهُ تَعَدُّدَ الزَّوْجاتِ بِالْعَدالَةِ في مُعامَلَتِهِنَّ بِقَوْلِهِ: “فَإنْ خِفْتُمٍ أَلّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةٌ”.
وَالْعَدْلُ بَيْنَ النِّساءِ غايَةٌ لا تُدْرَكُ، وَبِهذا جاءَ قَوْلُهُ تَعالَى:”وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْا حَرَصْتُمْ”.
سُبْحانَ اللَّهِ أَحْكَمِ الْحاكِمين. ماذا نَسْتَخْلِصُ مِنْ هذا هذا؟ إنَّها زَوْجَةٌ واحِدَةٌ، وَبَقِيَ التَّعَدُّدُ مَفْتُوحًا، وَالْعِقابُ حَتْمِيًّا لِمَنْ لا يَعْدِلُ. فَاللَّهُ هُوَ الَّذِي شَرَّعَ هذا “وَلَنْ تَسْتَطيعُوا أنْ تَعْدِلُوا”.
لِماذا شُرِّعَ تَعَدُّدُ الزَّوْجاتِ في بِدايَةِ الْإسْلامِ؟
دَعا الرَّسولُ عَلَيْهِ السَّلامُ إلَى الزَّواجِ وَالتَّناسُلِ لِزِيادَةِ عَدَدِ الْمُسْلِمينَ الْمُكَلَّفينَ لِنَشْرِ تَعاليمِ الْإسْلامِ وَالدَّعْوَِةِ إلَيْهِ: مِنْ سَلامٍ وَمَحَبَّةٍ وَأَمْنٍ، والتَّكاثُرِ لِلِقاءِ عَدُوِّهِمْ، مُسْتَثْنِيًا أَهْلَ الْكِتاب الَّذِينَ دَعاهُمْ إلَى كَلِمَةٍ سَواءٍ، وَهِيَ عِبادَةُ اللَّهِ الْواحِدِ القَهّارِ.
لَنْ أَتَحَدَّثَ عَنْ مِلْكٍ اليَمينِ لِأَنَّها قَضِيَّةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْإماءِ والْجَواري والسُّرِّيّاتِ والْعُبودِيَّةِ التي زالتْ بَعْدَ إلْغاءِ الرٍّقِّ وَتَحْريرِ الْعَبيدِ وَعِتْقِهِمْ، وَقَدْ شَجَّعَ الإسْلامُ عَلَى هذا حَتَّى جَعَلَ الْعِتْقَ كَفّارَةً لِلذُّنوبِ.
هَلِ الجَمْعُ بَيْنَ اثْنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرُ جَريمَةٌ؟
أَقولُ اجْتِهادًا وَدِرايَةً إنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ عِدَّةِ نساءٍ لَيْسَ كُفْرًا، يُعاقِبُ اللَّهُ عَلَيْهِ في جَهَنَمَ، إلّا إذا ظَلَمَ اعْتِمادًا عَلَى ما ذَكَرْتُ سابِقًا.
أَمّا مِنَ النّاحِيَةِ الإنْسانِيَّةِ وَالاجْتِماعِيَّةِ فَإنَّها أَبْغَضُ الْحَلالِ عِنْدَ اللَّهِ، فِيها قَهْرٌ لِلزَّوْجَةِ الأولَى، وَلِذَلِكَ تُسَمَّى ضَرَّةَ أوْ عَلَّةً، والْجَمْعُ ضَرائِرُ وَعَلّاتٌ، وَأوْلادُهُنَّ أوْلادُ عَلّاتْ، تَسْتَشْرِي بَيْنَهُمْ الشَّحْناءُ وَالْبَغْضاءُ والْأَحْقادُ الدَّفينَةُ والْخُصوماتُ.
وَلَنا في سورَةِ يُوسُفَ أَلْفُ عِبْرَةٍ وَعِِبْرَةٍ، أَلَمْ يَقْتُلِ الْخَليفَةُ الْمَأْمونُ أخاهُ الْأَمينَ صِراعًا عَلَى الْمُلْكِ، أَلَمْ يَعْتَدْ سَلاطينُ آلِ عُثْمانَ عَلَى قَتْلِ إخْوَتِهِمْ عِنْدَ اعْتٍلائِهِمْ لِلْعَرْشِ؟
وَتَحْضُرُني أَبياتٌ قالَها أعْرابِيٌّ أخْطَأ وَجَمَعَ بَيْنَ اثْنَتَيْن: مِنَ الْوافر
تَزَوَّجْتُ اثْنَتَيْنِ لِفَرْطِ جَهْلِي
بِما يَشْقَى بِهِ زَوْجُ اثْنَتَيْنِ
فَقُلْتُ أصيرُ بَيْنَهُما خَروفًا
أَنْعَمُ بَيْنَ أَكْرَمِ نَعْجَتَيْن
فَصِرْتُ كَنَعْجَةٍ تُضْحِي وَتُمْسِي
تَداوَلُ بَيْنَ أَخْبثِ ذِئْبَتَيْنِ
رِضا هَذي يُهَيِّجُ سُخْطَ هَذي
فَما أَعْرَى مِنِ اِحْدَى السَّخْطَتَيْنِ
لِهَذي لَيْلَةٌ وَلِتِلْكَ أُخْرَى
عِتابٌ دائِمُ في اللَّيْلَتَيْنِ
فَإنْ أَحْبَبْتَ أنْ تَبْقَى كَريمًا
مِنَ الْخَيْراتِ مَمْلُوءَ الْيَدَيْنِ
فَعِشْ عَزَبًا فَإنْ لَمْ تَسْتَطِعْهُ
فَضَرْبًا في عراضِ الْجَحْفَلَيٍْنِ
(الجحفلُ: الجيشُ الْعَظيم)
وَأَقولُها عَلانِيَةً: الرَّجُلُ الَّذِي لا تَكْفيهِ زَوْجَةٌ واحِدَةٌ لا تَكْفيهِ عَشَراتُ الزَّوْجاتُ.
أ. د. لطفي منصور
https://www.facebook.com/groups/376929282943628/user/100022632713764/