بهيجة الزوهري - ليس البيض كله ينتمي لسلة واحدة

انتشرت أخبار الجنس مقابل النقط كانتشار النار في الهشيم ، وكل من لديه ريش على مؤخرته يتحسسه . ظاهرة مرتبطة بأقدم مهنة في التاريخ ، رغم أنه امتهان الدعارة له قواعد تجعل منه عملا مثل الطب النفسي للمجتمعات التي تعاني الكبت الناتج عن تجريم الغريزة بفعل الدين والثقافة ..لكن هذا العمل مرتبط بمهنة أخرى أحدث من سابقتها وهي "القوادة" فالوساطة ميعت كل شيء في التاريخ وأهمها الوساطة حتى بين العبد والمعبود...وساطة ناتجة عن تسليع اللحم البشري تتغير أشكاله بتغير موضات التجارة منذ عصور السبي والعبودية إلى عهد العبودية الجديدة المتشكلة في نظم العمل والوظيفة وحتى وسائل التواصل الاجتماعي والأنترنت عموما..شكلت النساء وسط هذه التجارة حلقة ضعيفة يطغى عليها الاستغلال ، وتمارس عليها أشكال من الذكورية حتى من النساء أنفسهن. منذ فطنت المرأة أن جسدها مشتهى يمكن المقايضة به على امتيازات مادية ومعنوية ما فتئت تستخدمه مباشرة أو عن طريق وساطات ومنها شركات الإشهار والملابس والعطور الخ ... وصارت تجارة ممأسسة تدر الملايين وخاضعة لاقتصاد السوق والعرض والطلب. لم يكن متاحا التعليم بالنسبة للمرأة في التاريخ بشكل مساو للرجل مما شكل قطيعة جندرية بين الجنسين في مجال يتحتم فيه استخدام الفكر والعقل حصريا . الان حين تم الاختلاط وأتيحت فرص تفوق النساء وخرجن من قوقعة البيت والمطبخ والإنجاب ، صارت تتململ الغريزة واستغلال الجسد في التعليم والمهن المرتبطة بالفكر والثقافة ، فالرأسمالية طبعا طاغية في دقائق الحياة لم سيشكل التعليم والثقافة استثناء؟ والتسليع المرتبط بالجنس والرغبات الجنسية وصورة المرأة النمطية منتشر عبر شركات عابرة للقارات ، فكيف سيفر منها ميدان معين دون اخر؟
حين ظهرت الاشتراكية ونادت بمساواة الجنسين في العمل وأجر النساء والنضال النقابي ، وظهور موجات من النضال النسوي المرتبط بالعمل النقابي خصوصا ، صار لزاما ظهور حركات مناهضة للفكر الذكوري واستغلال صورة المرأة في السلع الخ .. هنا لم تقف الرأسمالية مكتوفة الأيدي بل جندت كل الوسائل منها المثليون وحقوق الأقليات لإعادة سؤال الجسد وتجارته. الجنس مقابل النقط في التعليم ما هو إلا وجه من أوجه تجارة الجسد بين الجنسين معا ليس هناك ضحية وجاني ، فالفعل مرتبط بازدواجية مرتكبيه لا يمكن تجريم جنس وترك جنس اخر . الضحية تستغل ضعفها للإيقاع بالجاني ، والجاني يتسغل ضعف الضحية وموقعه في المجتمع وسلطته . هنا السلطة مزدوجة سلطة الجسد وسلطة النفوذ ، فحتى جسد الرجل هو له شهوته ونفوذه وحضورة ليس فقط المرأة ،إذ بقولنا تفوق جسد على اخر في الرغبة هو تجني على الغريزة الإنسانية برمتها ، وسقوط في تنميط اخر مرفوض ..
هناك نساء شيوعيات يؤمن بالمساواة والعدالة الاجتماعية ويناضلن من أجل عالم خال من الاستغلال الرأسمالي لا تغريهن أموال ولا جاه ولا سلطة من أي نوع ..هن كثيرات بالمناسبة يشكلن الأغلبية في كل المجتمعات لأنها هي الفطرة ..فطرة الحرية التي جبل عليها الإنسان وما فقدانها سوى تمظهر عابر .


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى