عبدالعزيز سارت - ديسموند توتو: الإفريقي الأبيّ

هي قصيدة متعددة الدلالات، ترثي أحد رجالات المصالحة في جنوب أفريقيا، وتحيي أنفة الزمن الإفريقي التي انصهرت في حقبة الفكر الوطني ونضال القارة من أجل التحرر من الاستعمارين البريطاني والفرنسي، وتأكيد المشترك الثقافي والإنساني بين أطراف هذه القارة السمراء. هذه قصيدة كتبها الشاعر المغربي المقيم في بلجيكا عبد العزيز سارت في تخليذ أحد رموز العمل الوطني والانسانية في جنوب أفريقيا:

ديسموند توتو: الإفريقي الأبيّ

حَيَّيْتُ ربُوعاً طَيِّبَةً بِهَا أَحْبَارٌ
يَصُدُّونَ القَهْرَ كُلَّمَا القَهْرُ بَدَا
حُنَفَاءُ يَنْشُرُونَ فِي النَّاسِ قَوْلًا ثَقِيلًا
رَوَتْهُ صُحُفُ التَّنْزِيلِ كَمَا وَرَدَ

رَفَعَ كَبِيرُهُمْ لَاهُوتَ الإِبَاء
وَدَعَا إِلَى قَوْمَةِ القِيَامَةِ، فَانْطَلقَتْ
شَرَارَةٌ مَا خَفَتَ نُورُهَا،
وَلَا لَهِيبُهَا خَمَدَ

وَاليَوْمَ تَنْطَفِي نَجْمَةٌ فِي سَمَائِهِمْ
وَيَغِيبُ وَجْهٌ بَاسِمٌ
لَبَّى نِدَاءَ رَبّهِ
ثُمَّ إِلَى جِوَارِهِ صَعَدَ

فَصَبْراً قَارَّتِي السَّمْرَاء
وَشَدَّ اللهُ العَضُدَ
عَلَى رِزْءٍ جَلَلٍ
أَصَابَ جَنُوبَ إِفْرِيقْيَا بِمَا أَخَذَ

وَعَزَائِي لِشَعْبِ الكِبْرِيَاءِ
فِي نَكْبَتِهِ
شَعْبٌ كُلَّمَا اشْتَدَّتْ نَكْبَتُهُ
بَدَا أَسَدَ

نُحِثَّ دِيسْمُونْدُ
مِنْ بِشَارَةِ مُبَارَكَةٍ دَهْمَاءَ جَسَدَ
وَبِيُمْنَاكَ مِشْعَلٌ
نَفَخَ فِيهِ جِبْرِيلُ فَاتَّقَدَ

فَجِئْتَ عَلَى مَوْعِدٍ
كَابْنِ مَرْيَمَ تَنْشُرُ البِشَارَةَ فِي النَّاسِ
وَتَهْدِي قلْبَكَ لِمَنْ سَعَى لِلْخَيْرِ
وَعَلَى اللهِ اسْتَنَدَ

حَمَلْتَ رِسَالَةَ الرُّهْبَانِ
تَطُوفُ بِهَا
وَفِي فَمِكَ قَوْلُ المَسِيحِ
بِلِسَانِكَ اتًّحَدَ

وَفِي قَلْبِكَ ضَيْم جَسِيمٌ
كَمْ كَابَدْتَهُ
وَمَضَيْتَ تَحْمِي شَعْباً
عَلَى أَمْثَالِكَ اعْتَمَدَ

سَلَامٌ عَلَى خَلِيلِ مَنْدِيلَا
وَضَمِيرِ كِفَاحِهِ
وَسَلَامٌ عَلَى خَلِيلَيْنِ
بُعِثَا لِبَعْضِهِمَا مَدَدا

وَحيَّا اللهُ تَضحِيَاتٍ جِسَامٍ
أَلَّفَتْ سَعْيَهُمَا
وَبُورِكَ تَارِيخُ شَعْبٍ
بِالخَلِيلَيْنِ انْفَرَدَ

تَوَّجَهُ النُّبْلُ بجَوَائِزِهِ رَايَةَ السَّلَامِ
فَتَسَلَّلَ بِتَوَاضُعٍ فِطْرَتِهِ
يَخْدُمُ البُسَطَاءِ
وبَيْنَ الصَّفْوَةِ فِي الحَقِّ لَا يَخْشَى أَحَدَا

دِيسْمُونْدُ عَزَمْتَ عَلَى الكِفَاحِ
فَانْصَرَفْتَ لَهُ
بِالزُّهْدِ وَالصَّلَاةِ والشَّهَادَةِ
أَخْلَاقاً ومُعْتَقَدَا

فَمَشَتْ خَلْفَكَ الحُشُودُ بالأَنَاشِيدِ
مُهَرْوِلَةً إِلَى مَصْرَعِهَا
تَهْجُرُ الحَيَاةَ
وَالمَالَ وَالوَلَدَ

وبَكَيْتَ وتَمَرَغْتَ
حَتَّى تَعَفَّرَ وَجْهَكَ بِالدُّمُوعِ والتُّرَابِ
وَقُلْتَ أَيْنَ اللهْ
وَمَا قَلَاكَ رَبُّكَ أَبَداً
وَلَا عَنْ شَعْبِكَ ابْتَعَدَ

وَمَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ فِي سِينَاكْ
وَلَمْ تنْسَ عَصَاكَ وَلَا حُوتَكْ
وَ قَدْ أَوْحَى لكَ رَبُّكَ
مِنْ نُورِهِ رَشَدَا

وَأَشْرَقَتْ شَمْسُ مَنْدِيلَا
فِي يَوْمِهَ المَشْهُودِ
وَجَاءَ وَعْدُ اللهِ نَصْرًا
بِالتَّحْرِيرِ كَمَا وَعَدَ

وَأَحْيَتْ إِفْرِيقْيَا
مَوْعِدَ سُمْرَتِهَا مَعَ التَّاريخِ
وَبُعِثَ الشُّهَدَاءُ مِنْ قُبُورِهِمْ
يُحَيُّونَ العَمِيدَ وَ المُعْتَمَدَ

تَاهَ التَّارِيخُ بَيْنَ مَرَاجِعِهِ
أَمَامَ شَعْبِ المُعْجِزَاتِ
فَتَوَقَّفَ الزَّمَانُ
مُنْبَهِراً بِمَا شَهِدَ

وَقَفْتَ مَعَ مَنْدِيلَا بِدَيْرِالغُفْرَانِ
تَنْشُدَانِ العَدْلَ وَالإنْصَافَ
تُعَانِقَانِ مَنْ تَابَ وَأَصْلَحَ
وَدَنَى مِنَ الصُّلْحِ مُجْتَهِدَا

وَسَعَيْتَ بِالعَزْمِ إِلَى الوِفَاقِ
تَبْنِي مِعْمَارَهُ
وَأَسَّسْتَ عَقْداً
عَلَى الصَّفْحِ الجَمِيلِ انْعَقَدَ

وَحَضَنْتَ الضَّحَايَا بِالدُّمُوعِ
وَسَلَكْتَ نهْجَ الصَّلِيبِ
تُنَاجِي الأَرْوَاحَ والقُبُورَ
وَتَقْرَأُ فِي دِمَاءِ الشُّهَدَا

تَنْعِيكَ فِلَسْطِينُ السَّلِيبَةُ
وَقَدْ لَبِسَتْ ثَوْبَ حِدَادِهَا
وتَبْكِي القُدْسُ اليَتِيمَةُ
عَلَى مَا ضَاعَ بِفَقْدِكَ وَافْتُقِدَا

نَاشَدْتُكَ اللهَ، وَأَنْتَ فِي ذِمَّتِهِ
شَهَادَةَ حَقٍّ فِي مَغْرِبٍ
أَسْدَى لكُمْ يَوْمَ النِّزَالِ
الدَّعْمَ والسِّلَاحَ وَالسَّنَدَ.

وَاذْكُرْ وَطَنِي بِخَيْرٍ
يَوْمَ كَانَ قِبْلَةَ أَحْرَارِ إِفْرِيقْيَا
يَحْضُنُ بِالأُخُوَّةِ اللَّاجِئَ
والثَّائِرَ وَالمُضْطَهَدَ.

وَابْشِرْ بِحَضْرَةِ أَعْلَامِ إِفْرِيقْيَا
مُحَمَّدًا الخَامِسَ، وَنَاصِر،ْ و َنِكْرُومَا
وَلُومُومْبَا، ومُودِي بوُكِيتَا،
وَنِيرِيرِي، وهِيلَاسِيلَاسِي، وابن بركة،
وسيكوتوري، وكابرال،
وَمَوْكِبِ بَاقِي الأَقْطَابِ العُمَدَا

سَلَامٌ عَلَـى نَعْشٍ جَلِيلٍ
نُوَدِّعُهُ بِالتَّأَسِّي وَ الصلاة
نَعْشُ قِدِّيسٍ سِلَاحُهُ الإيمَانُ
لَنْ يَجُودَ الدَّهْرُ بِمِثْلِهِ أَبَدَا.


عبدالعزيز سارت
لوفن، بلجيكا، 30 دجنبر 2021






1641491464211.png

تعليقات

لا توجد تعليقات.

هذا النص

ملف
في الأدب الإفريقي - ملف
المشاهدات
1,208
آخر تحديث
أعلى