شاكر مجيد سيفو - كاريزما الشعر

يتقدم الشعر علي كل الأجناس الأدبية في كارزميته وتشكله البنائي وأمتلاكه لحيواته الداخلية و غناه في موسوعيته، إذ أن الشعر يمتلك موسوعة غنية مثلما تملكها الرواية، موسوعة متنوعة من الفلسفة وعلم الاجتماع وعلم اللغة والمعرفة..لقد شغل هذا الفهم إمبرتو إيكو في اجتراحه لمفهوم النص المفتوح، ولهكذا أنصّب اهتمام القارئ الي معالجة التأويلات الممكنة داخل النص والتي تشير الي أن يستمد القارئ من النص ما لا يقوله، بل ما يعدّ به ويتضمّنه أو يضمره وذلك (( من أجل أن يملأ المدي الفارغ بين هذا النص وبنيته الكبري، حيث يولد وحيث يؤول الي الذوبان. ولقد آفاد “إيكو” خلال انشغاله بالبحث في هذا التعاضد التأويلي داخل النصوص الحكائية من نظرية التأويل الخاصة من بحوث الشكلانيين الروس، ومن علوم اللسانيات وعلوم الأناسة البنائي ويمّم شطر اقتراحات جاكوبسن وأعمال بارت،، يتقدم الشعر بكل هذه المدخّرات والذخائر التي تتعالق في تظافر المسافات الحواسية المتناغمة مع الوجود إذ تشتغل الحواس في تثوير ما بين العادي والمدهش وتتسم هذه المثاقفة في ترائيات طبيعة الشعر وحضور النفس الوجودي المتعالق مع حيز الزمان والمكان.. تشير الكشوفات والترائيات الشعرية الجديدة بممارساتها الاستكشافية للخاص والعام الي تثوير النسق الإبداعي واستنطاق الشعري وتأويله إذ تري المدرسة التفكيكية في هذا، بأنّ الوحدة العنصرية تنقسم علي ذاتها من الداخل وتؤدي الي جوهر واحد، وتؤكد في منحاها هذا الي أللاشيء خارج النص، حسب جاك دريدا، وفي السياق نفسه يقع فعل الدلالة علي ألمأثورات الداخلية للنص وأنسجته، بوصفها وحدة لغوية ذات قيمات دلالية وعلامات نصية وإشارية تقيم علاقاتها مع قرائن الوجود، نجد مثل هذا القول في مظلّة جدلية هيغل ، وهي العلاقة بين الواحد والكل، هذه العلاقة قادمة من اتجاهات مرنة وواسعة الأفتراض ومفككة ذاتها في رحلة التولد الدائم، فيما داخلها الرمزي ينهض في حمل معانيه، وبثها في الخصائص والكوامن والظروف… يتقدم الشعر في الأشارة الكبيرة من العنونة وتساعده هذه الأشارة علي التنبيه والتعليق وتؤطره وتخلق له مناخاً يساعد علي بلورته وآستيعابه، وتتسع مساحة العنونة في تشكيل طرسيته حسب قول الناقد ناجح المعموري.. إنّ النص الشعري الحديث الحامل للشعر الخلق والتكوّن الأزلي يظلّ مراوغاً وطرسيا الي حدّ بثّه ودفع شفراته وأرسالياته، الي أن يحقق التبادل بين القارئ والنص، وبين النّاصّ والقارئ حينما تمتد مساحة التنافذ، وتتسع مساحة الأرسال وسيبقي النص في حالة مستمرة من البثّ والأرسال معاً ودفع شفراته الي مستويات التأويل والتلقي..



أعلى