أمل الكردفاني- إلى الأبد

إلى الأبد، الكلمة التي لا تعني شيئاً إذ أن الأبد لا نهائي، ونحن في الواقع نهائيون. ولذلك فمن المنطقي أن نقول: إلى النهاية. سأحبك إلى النهاية وليس إلى الأبد. سأكون حزيناً إلى النهاية وليس إلى الأبد. سأعيش مفلساً إلى النهاية (وهذه حقيقة بالنسبة لي) وليس إلى الأبد.
لكن..
هل تعني إلى الأبد ذلك بالفعل؟
وهل (إلى النهاية) تعطي المعنى الحقيقي لما نود قوله.
عندما أقول: سأحزن على فراقك إلى الأبد..فهل هذه الجملة غير صحيحة.
في الواقع لا.
إن إلى الأبد ليست كلمة فيزيائية، فهي لا ترتبط بالزمن باعتباره تمثيلاً للتغير والاستمرار في المكان. إنها كلمة روحية. تعني (الثقل) ثقل الحزن الذي يبدو ممتداً في داخل الذات (إلى الأبد)، ثقل بمعنى وزني، فإلى الأبد قيمة وزنية، كم وزن تلك المشاعر؟ الإجابة: من الثقل بحيث لا يمكن وزنها. إنها ليست امتداداً زمنياً بل هي امتدادٌ كمي، امتداد يبدو في لحظة (التعبير) عن الشعور بأنه غير قابل للقياس. وهو ثقل وليس امتداداً في المسافة، أو في الطول، لأن الثقل هنا يعني التأثير، تاثير الوزن على النفس. الثقل النفسي الذي قد يكون نشوة أو حزناً أو توتراً أو فرحاً أو أي شعور آخر، وهذا ما لا يقاس بالأطوال.
إذاً؛ فجملة أحبك إلى الأبد، تعني أن وزن ذلك الشعور لا يمكن قياسه. وجملة: سأكرهك إلى الأبد قد لا تعني الكره بل الخيبة في الآخر وهي خيبة تمارس سطوتها على النفس بحيث لا يمكن قياسها كمياً.
لكن
وفي الحقيقة..
لا شيء يؤبد، ربما الموت بالنسبة لمن لا يؤمنون بالأطروحات الدينية. أما كل شيء فله نهاية.. واللحظة الشعورية لا تعبر إلا عن نفسها، في تلك اللحظة فقط.
إن حزننا على من افتقدناهم قد لا ينتهي إلا بموتنا، أما سعادتنا بمن نحبهم فهي مهددة في كل لحظة.
لذا يمكنك أن تقول: أكرهك إلى الأبد..
ولكنني أنصحك أيضاً بأن لا تقل: أحبك إلى الأبد.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى