جعفر الحلي - يا قامة الرَشأ المهفهف ميلي

يا قامة الرَشأ المهفهف ميلي
بِظماي مِنك لِموضع التَقبيل
فَلَقد زَهَوت بِأدعج وَمزجج
وَمفلج وَمضرج وأسيل
رَشاء أَطلَّ دَمي وَفي وَجَناته
وَبَنانه أَثر الدَم المَطلول
يا قاتلي بِاللَحظ أَول مَرة
أَجهز بِثانية عَلى المَقتول
مثّل فَديتك بي وَلو بك مثَّلوا
شَمس الضُحى لَم أَرض بِالتَمثيل
فَالظُلم مِنكَ عليّ غَير مذمم
وَالصَبر مني عَنكَ غَير جَميل
رَوض الجِنان بِوجنَتيك فَهَل لَنا
أَن نَجتني مِن وَردها المَطلول
وَلماك ري العاشقين فَهَل جَرى
ضَرب بَريقك أَم ضريب شمول
يَهنيك يَا غَنج اللحاظ تَلفتي
مَهما مَرَرت وَزفرتي وَعويلي
أَملي وَسوء لي مِن جَمالك لَفتة
يا خَير آمالي وَأَكرَم سولي
لام العذار بِعارضيك أَعلني
ما خِلتُ تِلكَ اللام لِلتعليل
وَبَنون حاجبك الخَفيفة مبتل
قَلبي بِهم في الغَرام ثَقيل
أَتلو صَحايف وَجنتيك وَأَنتَ في
سكر الصبا لَم تَدر بِالإِنجيل
أفهل نظمت لئالئا من أدمعي
سمطين حول رضابك المعسول
وَرأيت سحر تغزلي بك فاتنا
فجعلته في طرفك المكحول
أَشكو إِلى عَينيك من سقمي بها
شكوى عَليل في الهَوى لعليل
فعليك من ليل الصدود شباهة
لكنها في خصرك المهزول
ويلاه من بلوى الموشح إنه
لخفيف طبع مبتلٍ بثقيل
لا يُنكر الخالون فَرط صَبابَتي
فَالداء لَم يُؤلم سِوى المَعلول
لي حاجة عِندَ البَخيل بِنيله
ما أَصعب الحاجات عِندَ بَخيل
وَاحبه وَهوَ الملول وَمَن رَأى
غَيري يَهيم جَوى بِحُب ملول
أَكذا الحَبي أبثه الشكوى الَّتي
يَرثي العَدو لَها وَلا يُرثي لي
وَيصم عَني سُمعة وَأَنا الَّذي
لَم أَصغِ فيهِ إِلى مَلام عَذولي
مِن مُنصفي مِن ناشيء لي عِنده
دين يِسوّفه بليّ مطول
إِني اِختَبرت بَني الوَرى فَرأيتهم
إِن الوَفاء بِهم أَقل قَليل
وَأَرى بِأَجيال الزَمان تَنازلا
وَأَشد مِنها في التَنازل جيلي
لا عولت نَفسي عَليهم إِنَّني
بَعد الآله عَلى الرضا تَعويلي
مَولى يَلوذ الخائفون بِظله
وَالآملون تَفوز بِالمأمول
خلق الآلِه يَمينه مَبسوطة
لِلبَطش وَالتَنويل وَالتَقبيل
يا مَن حمى دين النَبي بِفكرة
تَمضي مضاء الصارم المَصقول
ما زلت تَنطق بِالصَواب كَأَنَّما
يُوحي إِلَيك لِسان جبرائيل
شابهت أَهليك الكرام بِمجدهم
وَالشبل أَشبَه في أسود الغيل
شَيدت مَجدَهُم وَفُزت بِعزهم
ضُعفاً وَهُم كانوا أَعز قَبيل
بُشرى الغري فَإِنَّها بِكَ أَصبَحَت
وَجَنابَها في المَحل غَير محيل
فكأنَّها مصر وَأَنتَ خَصيبها
وَيَداك تُعرب عَن مَجاري النيل
لِلّه بَيتك فَهوَ كَعبة أَنعم
تَسعى العفاة لَهُ بِكُل سَبيل
وَيَمين إِسماعيل ثلثها الوَرى
فَكَأَنَها هِيَ حَجر إِسماعيل
السَيد الراقي إِلى الرتب الَّتي
يَنحط عَنها طائر التَخييل
نُور الإِمامة في أسرة وَجهه
يَزهو كَنور ذباله القنديل
صَدر الشَريعة في محافلها الَّتي
عَقدت لِكسب العلم وَالتحصيل
ذُو فطنة لَو عشرها بَين الوَرى
أَغنَتهم عَن خلق عَشر عُقول
رد الفُروع إِلى الأُصول وَإِنَّهُ
فرع سمى شَرفاً بِخَير أُصول
مِن دَوحة الشَرف المقدسة الَّتي
تَسقى بِصوب الوَحي وَالتَنزيل
وَلَقد أَحبته العلى وأحبها
كَبثينة فيما مَضى وَجَميل
وَالدين لاذ بظل سُلطان الوَرى
فَغَدا بِظل مِن حِماه ظَليل
بَلغ الضراح بِعزمة قجرية
تَرك العَزيز بِها أَذل ذَليل
فَأكفه سر الحَيا وَلسيفه
يَوم الكَريهة سرّ عزرائيل
يَهتز دست الملك شَوقاً لاسمه
وَإِلَيهِ يَبسم جَوهَر الإِكليل
نَضى ثياب الحُزن عَن متسربل
بِالفضل أَولى الناس بِالتَفضيل
وَكَساه مِن تُحف الجِنان بِخلعة
بَيضاء قَد نسجت بِغَير مَثيل
كَبد الكَليم تَطلعت مِن جَيبه
وَيَشك فيها آل إِسرائيل

جعفر الحلي
أعلى