جعفر الحلي - أَينَ الظِباء مِن الحسان الغيد

أَينَ الظِباء مِن الحسان الغيد
إِن غازَلتك بِفاتِرات سُود
مِن كُل مائِسة المَعاطف إِن مَشَت
خَطرت بِقامة أَسمَر أملود
حَجبت براقعها الورود فرنقت
تِلكَ الوُرود مِن الهِيام وَرودي
يَمشين في نزه الرِياض ووردها
في الجَو مُنبسط كوشي بُرود
هَزأت عَلى الأَوراد في وَجناتها
وَعَلى الغُصون زَهَت بِميس قُدود
وَإِذا المُوشَح رنّ جَرس حليه
أَنسى المطوق نَغمة التَغريد
وَوَراء هاتيك الشِفاه سلافة
جاماتها مِن لؤلؤ مَنضود
حمنا لَها حَوم العِطاش فذدننا
ذود الغَرائب عَن حياض وُرود
كَم فيكَ يا أُخت الغَزال مفند
تَرك الهجوع وَلج في تفنيدي
يُحصي ذُنوبك وَالشؤون بِشأنها
وَيعدها وَأَنا عَلى تَعديدي
أذويت عودي يا أميمة بِالجَفا
عُودي بِوَصلك لي لِيُورق عُودي
نَجدية مَلكت حشاشة معرق
من لي وَدُون الوَصل قطع البيد
فَلأفرجن الهمَّ في عيدية
وَالهمُّ يَفرج في بَناتِ العيد
فَعلى مَ لم أَنهض بِطاعة همَتي
وَلِمَ القُعود في إزايَ قُعودي
كوماء إِن وَجهتها بِتنوفة
تَركت بَعيد الدار غير بَعيد
مالي وَللطيف الكَذوب إِذاغَفت
عَيني رشفت لمى الفَتاة الرُود
هَيهات لي مِنها اللقاء وَحيُّنَا
أَقصى العِراق وَأَهلَها بِزرود
وَادٍ بِهِ الآرام وَهِيَ غَوازل
مَلكت لَواحظها قُلوب أسود
لِلّه أَيامي بِأَيمن ربعها
إِذ لا أَراعَ بِجَفوة وَصُدود
أَحَسو المدام عَلى الرِياض وَخدها
فَأَتيه بَينَ الوَرد وَالتَوريد
وَاضمها شَغفاً فَاهصر قامة
كَالغُصن يهصر لاقتطاف وُرود
وَبِساعديَّ تَوشحت وَتطوقت
فَيداي حلية خصرها وَالجيد
وَأعلُّ مِن رَشف اللَمى إِن لَم يفد
نَهلي بِرَشف لابنة العنقود
خود وَثقت بَعهدها فَتمنعت
ما كانَ أَسرَع نَقض عَهد الخود
قد أَسلفتَني وَعدها لا عَن وَفاً
فَجعلت حَبات الفُؤاد نُقودي
مَن لي بمذكرها العُهود كَأَنَّها
نَسيت فَلم تذكر قَديم عُهودي
عقدوا عَليها لِلحِجاب سَرادِقا
وَالحَتف دُونَ حجابها المَعقود
يا طُول لَيلي بِالغريّ كَأَنَّهُ
قَتل الصَباح فَلم يَقُم بِعَمود
وَقفت سَواري النجم فيهِ فخلتها
بُدنا هوين بِمنهج مَسدود
أَو حملت هَمي فَأثقل خَطوَها
فَكأَنَّها مَصفودة بِقُيود
يا قَلب هَل لَك أَن تَعود عَن الجَوى
إِذ لَست مَنحوتاً مِن الجَلمود
لا تحسبنَّ النجم غَيَّر عادة
لَكنَّما هِيَ لَيلة التَسهيد
وأجب لِداعية الهَنا فَلَقَد زَهَت
أَرض الغريّ بأنسها المَشهود

أَو ما تَرى الأَشراف عِندَ نَقيبهم
حَفوا بِه مِن سَيد وَمَسود
يَتهللون مِن السُرور وَأَصبَحوا
يَتصافحون كَأَنَّهم في عيد
يا ابني عميد الطالبيين الَّذي
لَولاه ما اِنقادوا لِأَمر عَميد
أَخويّ لِلجلي إِذا مدَّت يَدا
كانا عَلَيها عدتي وَعَديدي
لاحَت عَلى وَجهيهما سمة العُلا
بَيضاء تَنبي عَن أَتمّ سُعود
يأَوي المخوف إِليهما وَكَأنه
يَأوي لِرُكن في الزَمان شَديد
لَكُم الهَنا آل النبي بِفَرحة
هِيَ مَأتم في بَيت كُل حَسود
دَرت المُلوك بِأَنكُم ساداتها
وَلأجل ذا خَضعوا خُضوع عَبيد
كَم مِنهُم صلد الفُؤاد غَدا لَكُم
مثل الحَديد بِراحَتي داود
فَعَلى مَ أَركن للأَنام بِبَلدة
فيها الجَواد أَبو الكِرام الصيد
وَهوَ الفرات فَإن رَكنت لِغَيره
فَكَأنَّني متيمم بَصيد
لَو أَن للأَيام راحة حاتم
بخلت فَلا تَأتي لَهُ بِنَديد
وَعددتها إذ لَيسَ يُوجد مِثله
وَالجُود قَد قالوا مِن المَوجود
ملك يَرد عَلى الخطوب سِهامها
وَيَفوه فيما لَيسَ بِالمَردود
فَالرزق قَدَّر أَن يَفه في وَعده
وَالمَوت عجِّل أَن يَفه بِوَعيد
أَقصى مِن أم الرَأس عَن عَين الفَتى
وَبقرب حاجبها إِذا ما نُودي
بِيديه مِن إِرث الإِمامة دُرة
كَالسَيف لَكن صوغها مِن عُود
صبت عَلى هام العَدوّ كَأَنَّها
سُوط العَذاب يُصب فَوق ثَمود
وَإِذا اِدّعى شَرَفاً تَكُن هِيَ شاهِداً
وَالعَجز يحوج أَهله لِشهود
بلغ النَقيب لِغاية لَم أَدرها
إِذ لا يُطاق لي السَماء صُعودي
مَولى لَهُ إِرث السِياسة يَنتَهي
مِن خَير آباء لَهُ وَجدُود
تَاللَه لا تَصل الحَوادث لامرئ
أَضحى يَقيل بِظله المَمدود
وَازَنْتُ مِدْحته وَجلُّ قَصائدي
فَوَجدت قَولي فيهِ بَيت قَصيدي
وَأَرى المَجيد بشعره إن يَمتَدح
غَير الجَواد بِهِ فَغير مَجيد
وَمحمد الحسن الفعال تخاله
إِن وَّجه العَزمات شبل أُسود
وَعدت تناط عَلَيهِ أَبنية العُلا
وَالبَيت لَم يَرفَع بِغَير عَمود
بَحر وَلَكن المَوارد عَذبة
وَسَحابة لَكن بِغَير رُعود
عَجَباً أَبا الهادي وَلم أك الكَنا
بِالنَظم لَكن ما وَفاك نَشيدي
لَكَ هَيبة في الصَدر يا اِبن محمد
تَكسو لبيد الشعر ثَوب بَليد
لَو كانَ فكري كَالحسام فعاذر
لَو عادَ مِن خَجل كَليل حُدود
دُمتُم لَنا مثل الكَواكب في السَما
لَم يَفنها قِدم وَكرُّ جَديد
أعلى