د. زياد العوف - الرواية والوقوف على الأطلال

أخصّ بهذه ( الملاحظة النقديّة)في المقام الأوّل المعنيين بشأن الرواية تأليفاً ونقداً، ثمّ قرّاء هذا اللون الأدبي الراغبين في الوقوف على ملامح هذا اللون الأدبي المهيمن على ساحة الإبداع الأدبي في أيامنا هذه . من هذا المنطلق تأتي السطور النقديّة التحليليّة النافذة التالية المقتطفة من فصل يحمل عنوان" الواقع أنجب الرواية" للعالم والباحث المدقّق ( البروفيسور أنور لوقا) وردت ضمن مباحث كتابه القيّم ، الذي يحمل عنوان" ربع قرن مع رفاعة الطهطاوي" .
جاء في هذا الفصل الذي يتناول رواية( طه حسين) الأولى" أديب" مايلي:
" ومن حسنات الشكل الروائي الحديث أنّه يفسح صدره لأغراض الأدب القديم ويستوعبها. ففي" أديب" وقوف على الأطلال، وصفحات من أدب الرسائل، وأخرى من أدب الرحلات . على أنّ الرواية تؤصّل هذه الأغراض في واقع العصر .
فليس الوقوف على الأطلال- في الفصل السابع- فريضة بلاغيّة يؤديها شاعر لذكرى حبيب ومنزل منفرد، وإنّما هي وقوف على أطلال جماعيّة. أطلال معمل السّكّر أوّلاً، فالبطل يقول: " أطيل الوقوف وأُطيل النظر عن يمين وشمال، وأُطيل النظر من أمام ومن وراء حتّى يُخيّل إليّ وإلى من كان يراني من النّاس أنّي أبله قد فقدت الصواب. ثمّ لا أملك نفسي، وإذا أنا أسأل عن المدينة وعن القناة، وإذا أنا أسمع، ويا شرّ ما أسمع! إنّي قد بلغت المدينة وإنّ القناة قد ماتت منذ زمن بعيد وإنّ معالم المدينة قد تغيّرت منذ هُدم معمل السكّر، ماذا أسمع! معمل السكّر قد هُدِم، وماذا بقي إذن في المدينة؟ أو ماذا جئت أرى في المدينة! ماتت القناة! وهُدِمَ معمل السكّر، وغُيّرتْ المعالم! وانتقل أكثر مَن كنّا نعرف في المدينة من الناس . يا لَلحزن والأسى! يا لَلّوعة والحسرة! يا لَليأس والقنوط! أيبلغ العنف بالزمان أن يمحو هذا المقدار الضخم من حياة الناس في أعوام قصار..."

الدكتور زياد العوف



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى