عبد الرزاق غورناه الروائي التنزاني الذي فاز مؤخراً بجائزة نوبل عن روايته "قلب من حصى"
لغة الرواية تقترب كثيراً من اللغة المحكية،والأحداث متعاقبة عبر زمن خطي والبنية الروائية مسطحة وبسيطة،ولكنها تتمحور حول موضوعة واحدة،مضمونها هو الفشل الذريع للمنظومة الوطنية ما بعد الكولونيالية،والتوحش والدموية التي اجتاحتها في الحقبة ما بعد الكولونيالية،والحنين الذي استولى على المواطن الذي تزعزعت وسائل عيشه،للاستقرار والأمان الذي رتع في ظله إبان الحكم الإستعماري،حيث يعرض الكاتب بصورة موحية عناصر الشرطة البريطانية وهم يتجولون في الشوارع بعد أن جُرّدوا من السلطة!
وهكذا لا يجد البطل مخرجاً إلا اللحاق بالاستعمار في موطنه وصناعة حياته هناك.
وإقل ما يمكن قوله في هذه الرواية أنها قفزت فوق الحقائق التاريخية العارية التي تفضح الإرث الإستعماري الذي هيّأ الأرضية للحروب الأهلية وغزل خيوطها،ثم شدّها وسلّم الراية للجهة الخاطئة،وكنت قد عرضت ذلك في مقال لي حول الإستعمار في إفريقيا وبالذات في زنجبار موطن الكاتب ومسقط رأسه،أقتبس منه ما يلي:
لم يتوقف الامر عند قتل المسلمين
العرب في زنجبار بل قتل ما يقارب خمسين ألفا من المسلمين الأفارقة السود الزنجباريين.[.
وبالرغم من أن هذه الأحزاب ملتحفة بالايديولوجية الماركسية، إلا أن يدها كانت ممدودة للاستعمار البريطاني الذي وجد فيها خير أداة لسياسة فرٍق تسد، وهكذا فصل زنجبار عن عمان وأنهى حكم الملك جمشيد الموالي له أصلا، كل ذلك ليضع سدا منيعا ضد الأمتداد الاسلامي في افريقيا على يد حركات التحرر اليسارية.
وهكذا فهذه الرواية تنتمي لأدب ما بعد الكولونيالية ولكن من الفئة المدّاحة النواحة على العهد الإستعماري والباكية على أطلاله.
وليس تلك التي تفضح أخطاءه وخطاياه كما فعل فرانز فانون وإدوارد سعيد.
لا بل إن هذه الرواية تنتمي لنموذج الكاتب ف.س نايبول والفائز أيصاً بجائزة نوبل عن روايته منعطف النهر، وهنا أقتبس:
وتبرز في هذا السياق رواية الكاتب ف. س. نايبول الحائز على جائزة نوبل للآداب منعطف النهر والتي رأى فيها بعض الباحثين تحميله الشعوب المستَعمرَة مسؤولية العنف والفساد المتفشي في مجتمعاتها. ويقول سعيد في هذا السياق إن نايبول يعتق الجلاد ويحمل الضحية مسؤولية ما آلت إليه الأمور معتبرا ً أنه تحول بإرادته إلى شاهد على الإضطهاد الذي يمارسه. انتهى الاقتباس"
وهكذا مدح غورناه الوالي الأجنبي ففاز بالهبة والعطية.
والأمثلة كثيرة لو أردنا تسميتها،فلم يكن أولها سلمان رشدي الذي عوض فشل البدايات في روايته" أطفال منتصف الليل
بالتعرض للإسلام في آيات شيطانية.
وليس آخرها ابراهيم عيسى الذي رشح للقائمة القصيرة للبوكر العربية عن روايته مولانا،وربما كان الترشيح جزرة لم يأكلها لإغراءه بتقديم المزيد على مذبح هجاء الإسلام وتاريخه،فأتبعها برحلة الدم وبعنوان فرعي موحٍ جداً لأولئك الذين يقصد تشنيف أسماعهم" القتلة الاوائل".
ولعل ركاكتها الفنية قد حالت بينه وبين الترشيح مرة أخرى فقد سبقني أحد النقاد إلى القول: أن عرض ابراهيم عيسى لحوادث الإغتيال يضعك أمام مشهد كاريكاتيري يدفعك إلى الضحك على المكتوب بدل تلمس الفاجعة في الحدث.
وهذا بالضبط ما كان يجول في ذهني فعقبت مثنياً: بالضبط ذلك أنه يفتقد إلى حاسة الروائي في استشعار الفاجعة كما يفتقد إلى الموهبة في عرضها وتصويرها بالكلمات الموحية فكما عبر سيد قطب في كتابه النقد الأدبي بتعريف الأدب والفن عموماً على أنه: التعبير عن تجربة شعورية بصورة موحية!
وحين يفشل الكاتب في هذه الأولية فلا ينتج إلا ركاماً من الكلام لا يرقى إلى أن يكون أدباً أو فناً.
ومع ذلك يحصد أعلى الجوائز.
وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين.
نزار حسين راشد
لغة الرواية تقترب كثيراً من اللغة المحكية،والأحداث متعاقبة عبر زمن خطي والبنية الروائية مسطحة وبسيطة،ولكنها تتمحور حول موضوعة واحدة،مضمونها هو الفشل الذريع للمنظومة الوطنية ما بعد الكولونيالية،والتوحش والدموية التي اجتاحتها في الحقبة ما بعد الكولونيالية،والحنين الذي استولى على المواطن الذي تزعزعت وسائل عيشه،للاستقرار والأمان الذي رتع في ظله إبان الحكم الإستعماري،حيث يعرض الكاتب بصورة موحية عناصر الشرطة البريطانية وهم يتجولون في الشوارع بعد أن جُرّدوا من السلطة!
وهكذا لا يجد البطل مخرجاً إلا اللحاق بالاستعمار في موطنه وصناعة حياته هناك.
وإقل ما يمكن قوله في هذه الرواية أنها قفزت فوق الحقائق التاريخية العارية التي تفضح الإرث الإستعماري الذي هيّأ الأرضية للحروب الأهلية وغزل خيوطها،ثم شدّها وسلّم الراية للجهة الخاطئة،وكنت قد عرضت ذلك في مقال لي حول الإستعمار في إفريقيا وبالذات في زنجبار موطن الكاتب ومسقط رأسه،أقتبس منه ما يلي:
لم يتوقف الامر عند قتل المسلمين
العرب في زنجبار بل قتل ما يقارب خمسين ألفا من المسلمين الأفارقة السود الزنجباريين.[.
وبالرغم من أن هذه الأحزاب ملتحفة بالايديولوجية الماركسية، إلا أن يدها كانت ممدودة للاستعمار البريطاني الذي وجد فيها خير أداة لسياسة فرٍق تسد، وهكذا فصل زنجبار عن عمان وأنهى حكم الملك جمشيد الموالي له أصلا، كل ذلك ليضع سدا منيعا ضد الأمتداد الاسلامي في افريقيا على يد حركات التحرر اليسارية.
وهكذا فهذه الرواية تنتمي لأدب ما بعد الكولونيالية ولكن من الفئة المدّاحة النواحة على العهد الإستعماري والباكية على أطلاله.
وليس تلك التي تفضح أخطاءه وخطاياه كما فعل فرانز فانون وإدوارد سعيد.
لا بل إن هذه الرواية تنتمي لنموذج الكاتب ف.س نايبول والفائز أيصاً بجائزة نوبل عن روايته منعطف النهر، وهنا أقتبس:
وتبرز في هذا السياق رواية الكاتب ف. س. نايبول الحائز على جائزة نوبل للآداب منعطف النهر والتي رأى فيها بعض الباحثين تحميله الشعوب المستَعمرَة مسؤولية العنف والفساد المتفشي في مجتمعاتها. ويقول سعيد في هذا السياق إن نايبول يعتق الجلاد ويحمل الضحية مسؤولية ما آلت إليه الأمور معتبرا ً أنه تحول بإرادته إلى شاهد على الإضطهاد الذي يمارسه. انتهى الاقتباس"
وهكذا مدح غورناه الوالي الأجنبي ففاز بالهبة والعطية.
والأمثلة كثيرة لو أردنا تسميتها،فلم يكن أولها سلمان رشدي الذي عوض فشل البدايات في روايته" أطفال منتصف الليل
بالتعرض للإسلام في آيات شيطانية.
وليس آخرها ابراهيم عيسى الذي رشح للقائمة القصيرة للبوكر العربية عن روايته مولانا،وربما كان الترشيح جزرة لم يأكلها لإغراءه بتقديم المزيد على مذبح هجاء الإسلام وتاريخه،فأتبعها برحلة الدم وبعنوان فرعي موحٍ جداً لأولئك الذين يقصد تشنيف أسماعهم" القتلة الاوائل".
ولعل ركاكتها الفنية قد حالت بينه وبين الترشيح مرة أخرى فقد سبقني أحد النقاد إلى القول: أن عرض ابراهيم عيسى لحوادث الإغتيال يضعك أمام مشهد كاريكاتيري يدفعك إلى الضحك على المكتوب بدل تلمس الفاجعة في الحدث.
وهذا بالضبط ما كان يجول في ذهني فعقبت مثنياً: بالضبط ذلك أنه يفتقد إلى حاسة الروائي في استشعار الفاجعة كما يفتقد إلى الموهبة في عرضها وتصويرها بالكلمات الموحية فكما عبر سيد قطب في كتابه النقد الأدبي بتعريف الأدب والفن عموماً على أنه: التعبير عن تجربة شعورية بصورة موحية!
وحين يفشل الكاتب في هذه الأولية فلا ينتج إلا ركاماً من الكلام لا يرقى إلى أن يكون أدباً أو فناً.
ومع ذلك يحصد أعلى الجوائز.
وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين.
نزار حسين راشد