د. محمد الشرقاوي - أوقفوا كل شيء… وتعالوا إلى رحلة وجدانية مستحقّة!

هي أخبارٌ غدت اعتياديةً عن البؤس السياسي وضياع البوصلة في هذا العالم المضطرب: أممٌ متحدةٌ تائهةٌ على مسرح بهلوانيات مجلس الأمن وأنفة الخمسة الكبار، ومدرّعاتٌ روسيةٌ تلتهم أراضي أوكرانيا، وملايينٌ جددٌ من اللاجئين نحو دول أوروبا تزيد أحوالهم الغمً غمّا على مآسي المستضعفين في اليمن وسوريا وليبيا، وأوميكرون وشقيقاتها من ذرية آل كورونا الولاّدة تفرض علينا واجب الضيافة دون سابق اتصال، ووضعٌ اقتصاديٌ مهترئٌ تحكمه الأسعارُ المنتفخة والتضخم وتآكل القوة الشرائية. وفوق كل هذا، أعراضٌ مستشريةٌ من فقدان الحميمية الاجتماعية واللايقين وانعدام الثقة في قدرة الحاكمين وتتويه المحكومين بقرارات ارتجالية غير متبصرة…!
لكن قلوبنا لا تزال تنبض بإرادة الحياة، وعزائمنا تتمسك بحلم الغد وإن شَحُبَ وجهُ يومنا الرمادي، ولا خيار لنا سوى التفاؤل والتشبت بأن فجر الغد سيبدّد عتمة هذا الليل المظلم.
أدعوكم أن توقفوا انشغالاتكم وهمومكم لعشرين دقيقة، وأن تتابعوا هذا الآداء الرائع لعبدو شريف في القاهرة لأغنية لم يخفت توهجها منذ اثنين وخمسين عاما، غنّاها في الأصل محمد الحياني، ولحّنها عبد السلام عامر بعد أن نفذ إحساسُه إلى عمق روح القصيدة التي كتبها عبد الرفيع الجواهري.
هي أغنيةٌ تجد مكانتها الطبيعية ضمن ثلاثية عربية رصينة القول والمغنى بجانب "رسالة من تحت الماء" و"قارئة الفنجان" اللتين جسدنا تكاملا تلقائيا بين نزار قباني وعبد الحليم حافظ. وشاءت الأقدار بعد تسجيل "راحلة" عام 1970 أنها لم تحظ بالانتشار الإذاعي والتلفزيون من المغرب نحو المشرق، ولم ينتبه لها كثيرون في القاهرة وبيروت ودمشق وبغداد.
أقول هذا من إيماني بالتنوع والتكامل بين ما هو مغربي وماهو مشرقي في الفنون والآداب والبحث العلمي وبقية مسارات الثقافة العربية الرصينة، ودون الردّ على بعض ما يدّعون "التفوق" الموهوم لطرف مقابل آخر. وكما قلتُ منذ ثلاثين عاما، المشرق مشرق، والمغرب مغرب، فهل يلتقيان؟
نعم نلتقي اليوم أكثر من أي مرحلة سابقة، وجوازُ سفرنا هويةٌ متصالحةٌ مع ذاتها، وهمومٌ وهواجسٌ مشتركةٌ من خليجنا إلى محيطنا، ويجدر بنا أن نلتقي في السراء وفي هذه اللحظة مع جميل الشعر ودلالة المغنى:







تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى