عبد الحكم العلامي - هذه العلاقة...

كانت تربطني بأخي مشهور فواز علاقة شديدة الاستسرار ، فقد كنت الأثير عنده من بين طلبة وطالبات كلية دار العلوم آنذاك ، وهو من أطلق علي لقب العلامي نسبة إلى بيت علام قريتي الكائنة في محافظة سوهاج ، كان كل من يعرفنا أنا وهو يحسدني على هذه العلاقة ، وذلك لأن مشهور وقتها كان النجم اللامع في الكلية : شاعرها الأول ومقرر جماعة الشعر فيها ، يتهافت طلبة وطالبات الكلية على التقرب منه والتعرف عليه يتحلقون حوله منصتين لكلامه ومنبهرين بشعره . أذكر عندما كتبت أول قصيدة موزونة لي عام ١٩٨١ م وكان عنوانها : بذور التوحد فرح مشهور فرحا كبيرا ، ثم وجدته بعد ثلاثة أيام من فرحه بقصيدتي هذه, يقول لي يا عبد الحكم أنت ستذهب معي إلى الإذاعة يوم الثلاثاء القادم لتسجل في برنامج مع الأدباء الشبان الذي كانت تقدمه الإعلامية الكبيرة هدى العجيمي وقتذاك ، وعندها طرت من الفرح وأخذت أقبل رأسه ويديه وهو ينأى عني مبتسما هكذا ويقول لي كفاية كفاية خلاص خلاص، وعندما أصدرت أنا وأوفي شقيق مشهور ورفيق رحلتي في دار العلوم مجموعة شعرية عنوانها : قصائد للأرض والحب ، فإذا بمشهور يكتب عن هذه المجموعة مبشرا بي وبأوفى في المجلة العربية التي كانت تصدر في المملكة العربية السعودية آن ذاك وأظنها ما زالت تصدر حتى الآن ، فما كان مني إلا أن فعلت الشيء نفسه أخذت أقبل رأسه ويديه وهو ينأى عني مبتسما كعادته هكذا !
ولكن الأهم في هذا كله امتدادات هذه العلاقة وتأثيراتها ، فقد كنت أذهب إليه في سوهاج حيث منزله العامر بالأحبة والرفاق يتسيد هذا المشهد.حضور طاغ لشاعر كلاسسكي مهيب هو عمي عبد الله الأنور فواز ، وكان هو أي مشهور يأتي ألي في قريتي بيت علام نتزاور وربما يمكث كل منا عند صاحبه أسابيع نقتطعها من عطلة الدراسة في الصيف .
أما الأمر المثير بالنسبة لي فيتمثل في هذا الشرف الذي منحتني إياه ماما صفية هانم أم فولاذ ، فقد كنت أناديها بطنط كعادة أصحاب مشهور لكنها في إحدى المرات قالت لي يا عبد الحكم لا تناديني بطنط مرة أخرى بل قل لي : يا ماما مثلما يفعل مشهور ، فأنت لست صاحبا لأولادي فقط ، بل أنت أخ لهم ومن يومها وأنا أناديها بماما وأقبل يدها تماما مثلما كان يفعل مشهور ، والشيء المثير حقا والذي علي أن أذكره هنا أن هناك صديقا من أصدقاء مشهور تحدث إلى ماما صفية هانم قائلا أنا فلان العلامي فقالت له نحن لدينا علامي واحد فقط اسمه عبد الحكم فعاد أدراجه وعرف قدره ! وأنا متمسك بما قررته ماما صفية هانم في شأن علاقتي بأولادها ، فالأمر لا يخصني ولا يخصهم ، نحن أنا وهم علينا فقط أن ننفذ هذه الوصية التي لم تقل بها ماما صفية هانم هكذا عفو الخاطر ، ولكنها يبدو أنها قد تدبرت تماما مآلات هذه الوصية وأنا لا أطالب أشقائي : فولاذ ومشهور وأوفى والسماح ومعلومات وعزيمة سوى بتنفيذها ! ذلك الأمر الذي أتيه به بين الناس ، وعندما ألقاها أقصد ماما صفية هانم يوم القيامة وهي في الفردوس الأعلى من الجنة سأقول لربي هذه صنو أمي ، هذه أمي هي من أرادت ذلك وأنا على ذلك أمين !
ومن يومها وأنا أخاطب : فولاذ ومشهور وأوفى والسماح ومعلومات وعزيمة بأشقائي ولا أزيد !!



1646564327856.png

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى