هل تعرفون الفارق بين محمد مندور ولويس عوض؟ وهل هناك فارق؟
فالأمر يبدو من اللحظة الاولى أنهم من مدرسة واحدة، مدرسة واحدة تتسع للتباينات، لأنها مدرسة واسعة يجمعها الاحساس الوطني العميق والانحياز العام للطبقات الشعبية، مدرسة تحلم بالحرية والعدل الاجتماعي والديمقراطية، مدرسة تحارب الإغماء العقلي والتخلف الفكري والاجتماعي.
ولكن هناك فارقا كبيرا قد لا يلاحظه القارئ، فارق متعلق في كيف يكتب كلا منهما، فمحمد مندور كان يكتب وهو مشتبك في الصراع العملي، يكتب وهو شاهرا سيفه، ولذلك فكتاباته أوسع مجالا من الأدب إلى السياسة والاقتصاد والقانون، ولأنه مشتبك دائما فلقد تعلم أن يكتب للجماهير العريضة ، يكتب الأفكار العميقة بلغة سهلة بسيطة للوصول الى القارئ العادي وليس فقط للمثقفين ، ولذلك فمعظم كتب محمد مندور هي في حقيقتها مقالات كتبت أثناء القتال ويستطيع أي قارئ عادي ان يفهمها ويتابعها بسهولة .
فكتاب نماذج بشرية، الذي يحظى بشعبية كبيرة، كان مجموعة مقالات كتبت عبر سنوات اثناء الاشتباك العملي وبسببه.
وكتابة في الميزان الجديد ذو التأثير الواسع كان ، في اصله ، مجموعة من المقالات نشرت في المجلات الثقافية عبر فترة زمنية في بداية الأربعينات ، والعجيب والغريب أن كتابة الام المسمى بالنقض المنهجي عند العرب كتب ايضا اثناء المعركة رغم أنه كتب لنيل درجة الدكتوراه ، كتب كتحدي علمي للنظم الجامعية التي كانت تسمح للأجانب الغير مؤهلين بالتدريس وتولى اعلى المناصب الجامعية وتحرم أبناء البلاد الأعلى كفاءة من نيل نفس الفرصة ، فكتبه مندور في ستة أشهر فقط لأغير وينال الدكتوراه ، ويبقى كتابة كأحد أهم المراجع إلى يومنا هذا ، وبرغم ذلك يستقيل من الجامعة لرفضها تعديل وضعه ويتحرر تحررا كاملا فيتحرر سيفه من غمده تحررا كاملا في غبار المعارك السياسية من أجل الاستقلال والعدل الاجتماعي والديمقراطية .
وبرغم أن كتابات لويس عوض كانت في نفس التوجه العام وتعرض بسببها للكثير من الأذى الذي وصل إلى حد الاعتقال سنة 1959 وفصل من الجامعة سنة 1954 وأصدر بعض من أهم كتبه بعد وفاة مندور المبكرة، إلا أن كتاباته كانت في شكل كتب بشكل مقصود، الأمر الذي لم يستطع مندور القيام به نتيجة لاختلاف شكل المساهمة في العمل العام.
فمندور كان على رأس الاتجاه الجديد الذي انبثق في أعقاب الحرب العالمية الثانية، تيار الديمقراطية الثورية ومن ضمنه الطليعة الوفدية، وتركزت معظم كتاباته في تلك الفترة على الكتابات السياسية والاقتصادية ثم دخل عضوا في أخر برلمان انتخب بشكل ديمقراطي عام 1950، فمندور لا يمكن اختصاره في النقد الأدبي، بل يمثل حالة شاملة للديمقراطية الثورية على العكس من لويس عوض حيث تطغى على مجهوداته الطبيعة الأدبية والفكرية.
ولو توقفنا عند توصيف لويس عوض لنفسه ولصديقه مندور حين يصف نفسه الاشتراكي الديمقراطي ومندور بالديموقراطي الاشتراكي يبين إلى حد بعيد طبيعة دور كل منهم، رغم عدم اتفاقي مع هذا التوصيف، فالتوصيف الأكثر انطباقا مع شمولية مندور هو التوصيف الذى تبناه إبراهيم فتحي في مقالته المعروفة في التعليق على كتاب برادة عن محمد مندور حين وصفه بالديموقراطي الثوري.
أن تعبير كلا من محمد مندور ولويس عوض عن نفسيهما هو انعكاس للملكات الشخصية لكل منهما، ملكات شخصية لا تنتقص من قيمة وقامة كلا منهما، فالنوازع والملكات الشخصية لمندور تدفعه للقتال في الخط الأمامي، وملكات وشخصية لويس تجعله يقاتل في هيئة العمليات، وكلا لما خلق له.
لكل ذلك فإن مقاتل الخط الأمامي كان أكثر اقترابا من الجمهور غير المتخصص وهو ما دعمة دورة العام خارج المجال الأدبي، ولذلك وبرغم الانتماء إلى مدرسة واحدة فإن مندور كان أوسع انتشارا وتأثيرا واعتقد انه كان ايضا أكثر تجنبا للشطحات الفكرية التي كثيرا ما يقع فيها المفكرون غير المشتبكين في النشاط العملي في الخط الأمامي حتى ولو كانوا في هيئة العمليات، فالنشاط العملي المباشر مع الجمهور يمثل واقيا فعالا من مثل هذه الشطحات.
يبقى اخيرا ان كلا من التوجهين ضروري ولازم، كما يقول المثل الشعبي العميق " كل فولة ولها كيال ".، ولعل تعبير لويس عوض في مقاله الذي ينعى فيه صديقة كان بالغ الدلالة حين يتحدث عن خروجهما سويا لمحاربة الشر.
أرجو أن أكون قد نجحت في التعبير عن وجهة نظري وإزالة اللبس الذي فهمه البعض من الصياغة الأولى وكأني كنت أفاضل بينهما وهو فهم غير صحيح، فلقد كنت أتحدث فقط عن كيف يكتب كلا منهما وكيف كان يكتب مندور فقط لا غير، فأنا لست مختصا كي أقدم تقييما نقديا لدور كلا منهما الأدبي، ولكني على علم كامل بالدور الديمقراطي الثوري لمندور الذي يتجاوز حتى دورة الأدبي الذي اضطر الى الاكتفاء به في العهد الناصري. الميمون.
ولعل من الواجب الإشارة إلى ان ما كتبته كان في الحدود التي كنت اريدها وأنا لست مسؤولا عن كتابة ما يريده القارئ، ولكني احتراما للملاحظات التي تلقيتها من الأصدقاء الأعزاء قررت تعديل النص احتراما لهم ، الأمر الذى لن يتكرر ثانية لان النقاش يجب أن يدور حول النص وليس تعديله.
ويبقى أخيرا أن أشير الى انطباعي الشخصي، فكثيرا عندما كنت أقرأ كتب أبى أن أرى المشروع الذي يطمح إليه وكان كثيرا ما يشير الية فيما يتعلق بموضوع الكتاب وكان ينتابني الغيظ، فالمشروع موجود وعناصره واضحة ومحددة إلا أنه لم يتمكن أبدا أن يجد فسحة من الوقت، ما بين المعارك، أن يتفرغ لكتابة الموضوع، ولم أصل الى حسن الفهم والتقدير الا عندما قادني الزمان أن أكتب على القهوة ما بين المعارك!!!!
فالأمر يبدو من اللحظة الاولى أنهم من مدرسة واحدة، مدرسة واحدة تتسع للتباينات، لأنها مدرسة واسعة يجمعها الاحساس الوطني العميق والانحياز العام للطبقات الشعبية، مدرسة تحلم بالحرية والعدل الاجتماعي والديمقراطية، مدرسة تحارب الإغماء العقلي والتخلف الفكري والاجتماعي.
ولكن هناك فارقا كبيرا قد لا يلاحظه القارئ، فارق متعلق في كيف يكتب كلا منهما، فمحمد مندور كان يكتب وهو مشتبك في الصراع العملي، يكتب وهو شاهرا سيفه، ولذلك فكتاباته أوسع مجالا من الأدب إلى السياسة والاقتصاد والقانون، ولأنه مشتبك دائما فلقد تعلم أن يكتب للجماهير العريضة ، يكتب الأفكار العميقة بلغة سهلة بسيطة للوصول الى القارئ العادي وليس فقط للمثقفين ، ولذلك فمعظم كتب محمد مندور هي في حقيقتها مقالات كتبت أثناء القتال ويستطيع أي قارئ عادي ان يفهمها ويتابعها بسهولة .
فكتاب نماذج بشرية، الذي يحظى بشعبية كبيرة، كان مجموعة مقالات كتبت عبر سنوات اثناء الاشتباك العملي وبسببه.
وكتابة في الميزان الجديد ذو التأثير الواسع كان ، في اصله ، مجموعة من المقالات نشرت في المجلات الثقافية عبر فترة زمنية في بداية الأربعينات ، والعجيب والغريب أن كتابة الام المسمى بالنقض المنهجي عند العرب كتب ايضا اثناء المعركة رغم أنه كتب لنيل درجة الدكتوراه ، كتب كتحدي علمي للنظم الجامعية التي كانت تسمح للأجانب الغير مؤهلين بالتدريس وتولى اعلى المناصب الجامعية وتحرم أبناء البلاد الأعلى كفاءة من نيل نفس الفرصة ، فكتبه مندور في ستة أشهر فقط لأغير وينال الدكتوراه ، ويبقى كتابة كأحد أهم المراجع إلى يومنا هذا ، وبرغم ذلك يستقيل من الجامعة لرفضها تعديل وضعه ويتحرر تحررا كاملا فيتحرر سيفه من غمده تحررا كاملا في غبار المعارك السياسية من أجل الاستقلال والعدل الاجتماعي والديمقراطية .
وبرغم أن كتابات لويس عوض كانت في نفس التوجه العام وتعرض بسببها للكثير من الأذى الذي وصل إلى حد الاعتقال سنة 1959 وفصل من الجامعة سنة 1954 وأصدر بعض من أهم كتبه بعد وفاة مندور المبكرة، إلا أن كتاباته كانت في شكل كتب بشكل مقصود، الأمر الذي لم يستطع مندور القيام به نتيجة لاختلاف شكل المساهمة في العمل العام.
فمندور كان على رأس الاتجاه الجديد الذي انبثق في أعقاب الحرب العالمية الثانية، تيار الديمقراطية الثورية ومن ضمنه الطليعة الوفدية، وتركزت معظم كتاباته في تلك الفترة على الكتابات السياسية والاقتصادية ثم دخل عضوا في أخر برلمان انتخب بشكل ديمقراطي عام 1950، فمندور لا يمكن اختصاره في النقد الأدبي، بل يمثل حالة شاملة للديمقراطية الثورية على العكس من لويس عوض حيث تطغى على مجهوداته الطبيعة الأدبية والفكرية.
ولو توقفنا عند توصيف لويس عوض لنفسه ولصديقه مندور حين يصف نفسه الاشتراكي الديمقراطي ومندور بالديموقراطي الاشتراكي يبين إلى حد بعيد طبيعة دور كل منهم، رغم عدم اتفاقي مع هذا التوصيف، فالتوصيف الأكثر انطباقا مع شمولية مندور هو التوصيف الذى تبناه إبراهيم فتحي في مقالته المعروفة في التعليق على كتاب برادة عن محمد مندور حين وصفه بالديموقراطي الثوري.
أن تعبير كلا من محمد مندور ولويس عوض عن نفسيهما هو انعكاس للملكات الشخصية لكل منهما، ملكات شخصية لا تنتقص من قيمة وقامة كلا منهما، فالنوازع والملكات الشخصية لمندور تدفعه للقتال في الخط الأمامي، وملكات وشخصية لويس تجعله يقاتل في هيئة العمليات، وكلا لما خلق له.
لكل ذلك فإن مقاتل الخط الأمامي كان أكثر اقترابا من الجمهور غير المتخصص وهو ما دعمة دورة العام خارج المجال الأدبي، ولذلك وبرغم الانتماء إلى مدرسة واحدة فإن مندور كان أوسع انتشارا وتأثيرا واعتقد انه كان ايضا أكثر تجنبا للشطحات الفكرية التي كثيرا ما يقع فيها المفكرون غير المشتبكين في النشاط العملي في الخط الأمامي حتى ولو كانوا في هيئة العمليات، فالنشاط العملي المباشر مع الجمهور يمثل واقيا فعالا من مثل هذه الشطحات.
يبقى اخيرا ان كلا من التوجهين ضروري ولازم، كما يقول المثل الشعبي العميق " كل فولة ولها كيال ".، ولعل تعبير لويس عوض في مقاله الذي ينعى فيه صديقة كان بالغ الدلالة حين يتحدث عن خروجهما سويا لمحاربة الشر.
أرجو أن أكون قد نجحت في التعبير عن وجهة نظري وإزالة اللبس الذي فهمه البعض من الصياغة الأولى وكأني كنت أفاضل بينهما وهو فهم غير صحيح، فلقد كنت أتحدث فقط عن كيف يكتب كلا منهما وكيف كان يكتب مندور فقط لا غير، فأنا لست مختصا كي أقدم تقييما نقديا لدور كلا منهما الأدبي، ولكني على علم كامل بالدور الديمقراطي الثوري لمندور الذي يتجاوز حتى دورة الأدبي الذي اضطر الى الاكتفاء به في العهد الناصري. الميمون.
ولعل من الواجب الإشارة إلى ان ما كتبته كان في الحدود التي كنت اريدها وأنا لست مسؤولا عن كتابة ما يريده القارئ، ولكني احتراما للملاحظات التي تلقيتها من الأصدقاء الأعزاء قررت تعديل النص احتراما لهم ، الأمر الذى لن يتكرر ثانية لان النقاش يجب أن يدور حول النص وليس تعديله.
ويبقى أخيرا أن أشير الى انطباعي الشخصي، فكثيرا عندما كنت أقرأ كتب أبى أن أرى المشروع الذي يطمح إليه وكان كثيرا ما يشير الية فيما يتعلق بموضوع الكتاب وكان ينتابني الغيظ، فالمشروع موجود وعناصره واضحة ومحددة إلا أنه لم يتمكن أبدا أن يجد فسحة من الوقت، ما بين المعارك، أن يتفرغ لكتابة الموضوع، ولم أصل الى حسن الفهم والتقدير الا عندما قادني الزمان أن أكتب على القهوة ما بين المعارك!!!!