باسل ترجمان - سميح القاسم ورحيل ما قبل نكبة النكبات

رحلت بعد ثلاث سنوات عجاف أنهكت جسدك العجوز المقاوم وصارعت الموت مراراً، قبل أن تسقط في نهاية رحلة محسومة النتيجة أصلاً تجاه الحقيقة الأخيرة التي لانهرب منها إلا إليها.
بعد سنوات الحرب مع المرض، حملك الموت بعيداً، في نهاية رحلة التجدد في كينونة أخرى ربما سنديانة أو حمامة أو حلم حرية.
غبت عن ساحة الكلمات في لحظات نحن أحوج ما نكون فيها للكلمات، ماقاله التونسي العظيم منور صمادح يجعلنا نرتد بحثاُ عنك
أنــت إنسان لـــدى النّاس رسول الكلمات
فتكلّــــــم وتألّـــــــم ولتمــــت في الكلمات
وإذا مـــا عشــــت فيــهم فلتكــــن الكلمات
شاهــــــد أنت عليهــــم وعليــــك الكلمات
حياتك ومن عاشروا النكبة وعاشوا مأسيها متجذرين في فلسطين، كانت بمثابة حلم التحدي بكل تفاصيله للعدو، بعد أن أنكركم الأهل والأحبة وبقي التواصل معكم سنوات طوال عبر الإذاعات تحمله رسائل "وسلامي لكم يا أهل الأرض المحتلة".
جيل حملة القلم خرجوا من رحم الأرض، ورحل أخرهم& قبل أن يحضروا مراسم إعلان نكبة النكبات بادية التفاصيل من دمشق إلى بغداد لطرابلس حتى لايكونوا شهودا كيف تبخرت أحلامهم ومات فرسانهم وكسرت رماحهم التي ظنوا أنها لن تنحني أمام عدو.
سعداء عاشوا زمن الحلم بالثورة وانتصارها، تغنوا بها حلموا بكبريائها لم تهزمهم النكبات حملوا راياتهم وساروا لإن عدوهم كان واضح الوجه والعنوان، ورحلوا بعد أن أصبح العدو فينا والأعداء نحن.
سميح القاسم أخر زيتونة من عمالقة الوطن، نذكر أسماء البعض وتخون الذاكرة أسماء البقية، هم أسعد منا فلم يشاهدوا دمشق تذبح بيد حملة راية الإسلام، ولم يقرأو كيف يذبح المئات من أهل العراق بيد حملة راية الإسلام، وتغتال صنعاء وطرابلس بيد حملة راية الإسلام.
لم يمهلك المرض لتعرف داعش والدوعشة، ذبح الإقليات وسبي النساء وهتك الإعراض، لم تسمع كيف ضربنا ( الطاعون ) وترى كيف تدك المساجد والكنائس ويمحى تاريخ العراق والشام من على وجه الأرض... رحلت قبل أن تعلم كيف يدمر صناع نهاية التاريخ تاريخ الإنسانية جمعاء .
في قصيدة " أنا متأسف " القريبة من التصوف خاطبت بألم وشوق ربك شاكيا متضرعا، من النص الرائع الغارق بالإنفعالية بعض الأبيات تشكل ترنيمة صوفية أهديها لروحك.
إلى الله أرفع عيني، أرفع قلبي وكفي، يارب يممت وجهي إلى نورعرشك فيا رب بارك براكين روحي ومجد بوقتك ما ظل من من بعض وقتي، إلهي وما من إله سواك ولم يبقى صوت سواك سألت رضاك طلبت رضاك تضرعت صليت هبني رضاك أراك بقلبي وروحي أراك ونزل علي جناح الملاك، إلهي أمن مغفرة؟ ألا مغفرة؟ ولا مغفرة؟ إلهي عذابي طويل وقاس ومؤسف، أنت غفور رحيم ومنصف، إلهي أنا متأسف.
وردة في مهب الريح !!! غاب فرسان شعر المقاومة ولم يعد في فلسطين ووطننا المبعثر أمير، فهل من يحمل الراية يجسد شعر المقاومة لهذه الدهماء الزاحفة لتدمير الإنسان والزمان والتاريخ الماضي والحاضر، فهل يحمل الراية ... ويبشر بالغد .



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى