محمد السلاموني - [4] عن المنهج النقدى

ما الأفق الذى يبحث عنه الناقد إذن؟.
أشرت من قبل إلى أنه [ما "يوحى" به النَّص].
الإيحاء:
لغويا-الإيحاء: "هو صوت التكلّم، ويتميّز بأنّه صوت خفيّ لا يظهر للعيان مُباشرة". كما أنه
"تلميح بشيء قريب الحدوث، والإِيعازُ بِهِ دُونَ إقْنَاعٍ أَوْ أَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ"، وَوَحَى‏‏ بِمَعْنَى "أَوْمَأَ "، هذا والإيحاء هو "الإلهام" أيضا .
وإجمالا، الإيحاء "عملية عقلية تنتهي بقبول الفرد للأفكار التي تنجم في ذات نفسه دون نقد أو تحقق"...
من هنا كان عمل الناقد هو الإشتغال على "الإيحاءات التى نجمت فى نفسه".
وهو ما يعنى أن عمل الناقد ينصب على "الإيحاءات التى فجَّرها النص فى نفسه"- وفى الواقع، تلك الإيحاءات هى "نص آخر"؛ هذا النص هو "ظل النص الأول- الذى كتبه المؤلف"؛ إنه الظل الممتد بداخل الناقد...
أيعنى هذا أن الناقد يلاحق الإمتدادات الإيحائية بداخله، والتى تكوِّن فى مجموعها نصا ثانيا تابعا للنص الأول ؟.
نعم، بعد أن يفرُغ الناقد من قراءة النص الأول، يبدأ بالإشتغال على النص الثانى...
ما الذى يعنيه هذا؟.
[عَرَّف النقّاد المُعاصرون الإيحاء بأنّه إشارة إلى معنى غير مباشر من خلال "التلميح، والتعريض، والكناية، والرمز، والإيهام، والإضمار"، وبهذا تحمل الكلمات معانٍ ودلالات ذات تاريخ نفسي، ثقافى... يفضي بالنهاية إلى صورة مُعيّنة في "نفس المُتلقي"، يُمكن من خلاله استرجاع أحداث مُعيّنة، وتداعي معانٍ غير حَرفيَّة...].
مجموع إيحاءات النص الأول فى نفس الناقد هى التى تضفى على النص سِمَة الترابط المعنوى والمادى... وبذا يمكن لنا أن نفهم معنى عبارة أن "الإيحاء هو صوت اللغة الخفى فى التَّكَلُّم"، وأن الذى يسمع هذا الصوت هو "الناقد".

يتبع...



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى