مرَّ زمن غير قصير، وتحديداً منذ أن اطلعت لأول مرة على كتاب” ألف ليلة وليلة” وأنا لا أملّ من القراءة فيه والعودة إليه، متأملاً ومتسائلاً، فينفتح بي على أبهى ما في السرد من جمال، وفي الحكي من متعة، وفي الحياة من تجارب وفي المتخيل من عجيب غريب، ثم صرت أبحث عن كل ما كتب ويكتب عنه، فأفيد منه، وأجمع شوارده، وأتعلم من كل هذا، الكثير من عطايا المعرفة.
ومن بين الكتب المهمة التي تناولت “ألف ليلة وليلة” كتاب الدكتور محسن الموسوي “مجتمع ألف ليلة وليلة” الذي قال عنه الدكتور حمادي صمود “هذا الكتاب، محاولة عميقة جادة لبناء مجتمع ألف ليلة وليلة، بما يعتمل داخله من سلط متصارعة وقوى خفية متنازعة، تحرك الحكي فيه وتبني كيانه السردي، وتحرك وراء ذلك كله، المجتمع الذي هو سياقه الحاضن والفضاء الذي يرتع فيه”.
إن حكايات ألف ليلة وليلة، كما يقول الدكتور الموسوي “تكتسب أهمية متزايدة، كلما تقدمت أوجه الحياة وسبلها، وتنوعت وسائل الاتصال المسموعة والمرئية، وهي تبحث في خزين الحكاية وأشكالها ومادتها وفضاءاتها، لتعيد إخراجها في هذا الثوب أو ذاك”.ومن خلال هذا الرأي، خطر لي أن أرى بغداد في العصر العباسي، من خلال ألف ليلة وليلة، كما أرى الليالي من خلالها.
في الفصل الخامس، من كتاب” مجتمع ألف ليلة وليلة” يذكرنا الكاتب بهذا الشبه بين مجتمع ألف ليلة وليلة، ومجتمع بغداد في العصر العباسي، كما وصفه التنوخي في “نشوار المحاضرة” إذ تمتد الحكايات بين القصر الفاره والزقاق الضيق، بين السوق وبين السرداب، بين البستان والنهر، حيث يتحرك أبناء التجار والحرفيون والجواري والمغنون والقواد والنسوة والحمالون والصبايا والغلمان، والبغال والحمير.
ويشخص الخلفاء والحلاقون وجواري البلاط والطفيليون، محركين السرد ودافعين به إلى أمام، ومما ورد في “نشوار المحاضرة” للتنوخي: “وتتعدد الضواحي والأزقة والحمامات والأسواق، حتى قيل إن بغداد ليس لها ما يوازيها”.
إن حضور تاريخ بغداد وأحداثه وأشخاصه في حكايات الليالي، كحكاية جواري أم الخليفة المقتدر، وحكاية إبراهيم بن المهدي وحكاية عريب والمأمون، وغيرها الكثير الكثير، يؤكد ما ذهبنا إليه، وقد تأتي مثل هذه الحكايات التاريخية في حكايات الليالي بروايات أخرى، وأشخاص آخرين، ولا تنفرد بغداد العباسية في حضورها التاريخي في حكايات الليالي، فهناك القاهرة والبصرة ودمشق وفضاءات مدينية أخرى، تمثلها مدن آسيوية.
غير أن حضور بغداد ظل طاغياً، ليس على صعيد الأحداث والأشخاص فحسب، بل على صعيد الأمكنة أيضا، حتى أنه بإمكاننا أن نقول من دون خشية من تطرف أو مبالغة بأن الليالي من دون التأثير البغدادي، في كل مكوناتها، كانت ستكون غير ما هي عليه في حالها الذي أدركناه، رغم ما نعرف من تعدد مصادرها، العربية والأجنبية، المكتوبة والمحكية، الموضوعة والمترجمة، وما عرفنا أيضاً من تعدد طبقات السرد فيها.
ويعيد مؤلف كتاب “مجتمع ألف ليلة وليلة” الكثير من أحداث الليالي وأشخاصها إلى مصادر تاريخية، كانت قد وردت في ما كتب عن المجتمع البغدادي أيامذاك، مثل “مروج الذهب” للمسعودي و”معجم الأدباء” لياقوت الحموي و”نشوار المحاضرة” للتنوخي، وغيرها.
إن كتاباً مثل “ألف ليلة وليلة” بتعدد مصادره وحيوية مجتمعه وصراعاته ومتغيرات الأمكنة فيه، لا يمكن إلا أن يكون نتاج مدينة حضارية متعددة المكونات والثقافات، كما كانت عليه بغداد أيام الليالي بأحداثها وحكاياتها.
ويرى الدكتور الموسوي أن زمن كتابتها هو القرن التاسع الميلادي، بعد مرحلة العصر الذهبي لبغداد في زمن الرشيد، حيث نظر إليها الرواة بمزيج من المودة والانتقاد، الحنين والمراجعة. لكن هذه المعلومة لم تغلق أبواب البحث عن مصادر الليالي والمعطيات المؤثرة فيها، ومنها بغداد العباسية التي أرى فيها المؤثر الأهم في نصوص الليالي.
ومن بين الكتب المهمة التي تناولت “ألف ليلة وليلة” كتاب الدكتور محسن الموسوي “مجتمع ألف ليلة وليلة” الذي قال عنه الدكتور حمادي صمود “هذا الكتاب، محاولة عميقة جادة لبناء مجتمع ألف ليلة وليلة، بما يعتمل داخله من سلط متصارعة وقوى خفية متنازعة، تحرك الحكي فيه وتبني كيانه السردي، وتحرك وراء ذلك كله، المجتمع الذي هو سياقه الحاضن والفضاء الذي يرتع فيه”.
إن حكايات ألف ليلة وليلة، كما يقول الدكتور الموسوي “تكتسب أهمية متزايدة، كلما تقدمت أوجه الحياة وسبلها، وتنوعت وسائل الاتصال المسموعة والمرئية، وهي تبحث في خزين الحكاية وأشكالها ومادتها وفضاءاتها، لتعيد إخراجها في هذا الثوب أو ذاك”.ومن خلال هذا الرأي، خطر لي أن أرى بغداد في العصر العباسي، من خلال ألف ليلة وليلة، كما أرى الليالي من خلالها.
في الفصل الخامس، من كتاب” مجتمع ألف ليلة وليلة” يذكرنا الكاتب بهذا الشبه بين مجتمع ألف ليلة وليلة، ومجتمع بغداد في العصر العباسي، كما وصفه التنوخي في “نشوار المحاضرة” إذ تمتد الحكايات بين القصر الفاره والزقاق الضيق، بين السوق وبين السرداب، بين البستان والنهر، حيث يتحرك أبناء التجار والحرفيون والجواري والمغنون والقواد والنسوة والحمالون والصبايا والغلمان، والبغال والحمير.
ويشخص الخلفاء والحلاقون وجواري البلاط والطفيليون، محركين السرد ودافعين به إلى أمام، ومما ورد في “نشوار المحاضرة” للتنوخي: “وتتعدد الضواحي والأزقة والحمامات والأسواق، حتى قيل إن بغداد ليس لها ما يوازيها”.
إن حضور تاريخ بغداد وأحداثه وأشخاصه في حكايات الليالي، كحكاية جواري أم الخليفة المقتدر، وحكاية إبراهيم بن المهدي وحكاية عريب والمأمون، وغيرها الكثير الكثير، يؤكد ما ذهبنا إليه، وقد تأتي مثل هذه الحكايات التاريخية في حكايات الليالي بروايات أخرى، وأشخاص آخرين، ولا تنفرد بغداد العباسية في حضورها التاريخي في حكايات الليالي، فهناك القاهرة والبصرة ودمشق وفضاءات مدينية أخرى، تمثلها مدن آسيوية.
غير أن حضور بغداد ظل طاغياً، ليس على صعيد الأحداث والأشخاص فحسب، بل على صعيد الأمكنة أيضا، حتى أنه بإمكاننا أن نقول من دون خشية من تطرف أو مبالغة بأن الليالي من دون التأثير البغدادي، في كل مكوناتها، كانت ستكون غير ما هي عليه في حالها الذي أدركناه، رغم ما نعرف من تعدد مصادرها، العربية والأجنبية، المكتوبة والمحكية، الموضوعة والمترجمة، وما عرفنا أيضاً من تعدد طبقات السرد فيها.
ويعيد مؤلف كتاب “مجتمع ألف ليلة وليلة” الكثير من أحداث الليالي وأشخاصها إلى مصادر تاريخية، كانت قد وردت في ما كتب عن المجتمع البغدادي أيامذاك، مثل “مروج الذهب” للمسعودي و”معجم الأدباء” لياقوت الحموي و”نشوار المحاضرة” للتنوخي، وغيرها.
إن كتاباً مثل “ألف ليلة وليلة” بتعدد مصادره وحيوية مجتمعه وصراعاته ومتغيرات الأمكنة فيه، لا يمكن إلا أن يكون نتاج مدينة حضارية متعددة المكونات والثقافات، كما كانت عليه بغداد أيام الليالي بأحداثها وحكاياتها.
ويرى الدكتور الموسوي أن زمن كتابتها هو القرن التاسع الميلادي، بعد مرحلة العصر الذهبي لبغداد في زمن الرشيد، حيث نظر إليها الرواة بمزيج من المودة والانتقاد، الحنين والمراجعة. لكن هذه المعلومة لم تغلق أبواب البحث عن مصادر الليالي والمعطيات المؤثرة فيها، ومنها بغداد العباسية التي أرى فيها المؤثر الأهم في نصوص الليالي.