د. محمد عباس محمد عرابي - الدلالة النفسية للألفاظ في القرآن الكريم للباحث محمد جعفر العارضي

الدلالة النفسية للألفاظ في القرآن الكريم إطروحة تقدم بها للباحث / محمد جعفر محيسن العارضي إلى مجلس كلية الآداب بجامعة القادسية ،وهي جزء من متطلبات نيل درجة الدكتوراه – فلسفة في اللغة العربية وآدابها بإشراف الأستاذ المساعد الدكتور/حاكم مالك الزيادي 1423 هـ / 2002 م
مقدمة :
أشار الباحث إلى أنه تعامل الألفاظ في الاختيار القرآني على أساس من أن لها بعدين دلاليين : بعدا عرفيا يهيمن عليه التواطؤ المعرفي الاجتماعي فيلقى استجابة تواصلية بما تعارفت عليه الجماعة اللغوية ، وهذه الاستجابة تكاد لا تفارق دلالة العرف اللغوي ؛ فهي محكومة بمرجعيات النظام اللغوي على مستوى المعجم ، ومن ثم تكون على نحو متماثل – إلى حد كبير –عند أفراد الجماعة اللغوية . وبعدا إيحائيا رمزيا تبارى فيه المتذوقون فتتعدد مواقفهم الدلالية ومقولاتهم إزاه تبعا لتعدد إشاراته وفيوضاته التأثيرية ؛ ذلك أن الأمر يرجع إلى الذائقة اللغوية لفرد الجماعة وانفعاله بأُسلوب المعنى والتحسس لاختيار عناصر أدائه كلها ، والوقوف على أسرار العدول والتحولات السياقية التي تصيب السياق الداخلي تساوقا مع تبدلات السياق الخارجي وعناصره ، فضلا عن آثار السياق العاطفي والسياق الثقافي في المحلل الدلالي وطالب المعنى .
و بين الباحث أنه إذا كان الأمر كذلك فإن الدلالة الإيحائية التي يتمتع بها الاستعمال القرآني تنهض بقسم كبير من الأثر التأثيري الذي يريده القرآن الكريم ، فيكون طلب هذه الدلالة وملاحقتها في الاستعمال القرآني أمرا واجبا ، إذ أن الاكتفاء بالدلالة العرفية لا يخرج النص القرآني من كونه نصاً إبداعياً حسب، على حين تُظهره القراءة (الدلالة ) الثانية نصا في المعرفة الإلهية ينبني على أسس من الابداع والفن القولي ، فكثيرا ما يعمد النص القرآني إلغاء الدلالة الحسية للمفردة إلغاء (تاما) ، تلك الدلالة التي ( عجزت) عن إلغائها النصوص الأخرى .أي أن الدلالة الإيحائية التي يحركها الخطاب القرآني حركة متوالية كثيرا ما تمثل الوظيفة التأثيرية فيه ؛ فيكون هذا ملمحا بارزا من ملامح عبقرية الصياغة (العمارة) القرآنية المتفردة وقدرتها التأثيرية العليا ، وقبل ذلك عبقرية اللغة التي صاغ القرآن الكريم تفرده بإمكاناتها التعبيرية وقيمها الجمالية على مستوى اللفظ والتركيب صوغا جماليا تأثيريا ؛ فيظهر مظهر من مظاهر الإعجاز جديد .
مكونات الدراسة :
تكونت الدراسة من أربعة فصول وخاتمة جاءت على النحو التالي :
الفصل الأول : ألفاظ العقيدة . وتضمن المباحث :
ـ المبحث الأول : ألفاظ التوحيد والعبادة .
ـ المبحث الثاني : ألفاظ الرسالة والاصطفاء .
ـ المبحث الثالث: ألفاظ الضلال والإثم .
ـ المبحث الرابع: ألفاظ النعيم والثواب .
ـ المبحث الخامس: ألفاظ العذاب .
- المبحث السادس : ألفاظ الإقامة في الآخرة .
الفصل الثاني : الألفاظ الاجتماعية . ومباحثه :
ـ المبحث الأول :ألفاظ العلاقات الاجتماعية .
ـ المبحث الثاني :ألفاظ الفِرق والجماعات .
ـ المبحث الثالث: ألفاظ التوطن والإقامة .
- المبحث الرابع : ألفاظ الفقر والإطعام .
-المبحث الخامس :ألفاظ اللباس والزينة .
الفصل الثالث : ألفاظ خلق الإنسان وحياته . واشتمل على مباحث :
ـ المبحث الأول : ألفاظ الإنسان .
ـ المبحث الثاني : ألفاظ الكلام والمحادثة .
ـ المبحث الثالث: ألفاظ الحركة والانتقال .
ـ المبحث الرابع: ألفاظ العلم .
ـ المبحث الخامس: الألفاظ النفسية .
ـ المبحث السادس : ألفاظ المرض .
الفصل الرابع : ألفاظ الطبيعة . وتكلم على :
ـ المبحث الأول : ألفاظ الأرض وما يتصل بها .
ـ المبحث الثاني : ألفاظ الماء وامكنته.
ـ المبحث الثالث: ألفاظ الظواهر الطبيعية.

الخاتمة التي تضمنت نتائج الدراسة .
نتائج الدراسة :
بين الباحث أنه خلال التماسه الدلالة النفسية للألفاظ داخل البناء القرآني المعجز تجلى وتبين له العديد من الدلالات ، ويبقى مظهر الإعجاز والتفرد …
،حيث ذكر أن أبرز المظاهر التي تمثَّلها درس الدلالة النفسية لألفاظ الاختيار القرآني فيما يلي بعض من هذه المظاهر :
1.تداخلت الدلالة النفسية مع الفروق الدلالية بين الألفاظ المستعملة على دلالة عامة ، فكثر أن تكون الفروق الدلالية معينا للدلالة النفسية . وأعلى من هذا أن كانت الدلالة النفسية طريقا لتمثل الفروق الدلالية بين هذه الألفاظ ؛ فانتهى البحث بسبب من هذا إلى القول أن لا (ترادف) هنا ، إنما هنالك تقارب دلالي .
2. وقريب من هذا التحام الكلام على الدلالية النفسية بالتطور الدلالي ، لاسيما نقل الألفاظ من دلالتها المادية إلى دلالة معنوية جديدة ؛ إذ يبدو أن كثيرا من الظلال المعنوية تتحول دلالة رئيسة للفظة في هذا السياق أو ذاك ، فينشأ التطور الدلالي المار بالمظهر الإيحائي النفسي لألفاظ الاختيار القرآني .
3.وأكبر من هذا أنَّ الدلالة النفسية أخرجت غير واحدة من الظواهر الدلالية إخراجا جماليا فنيا ، فبدا أنَّ القرآن الكريم يستعمل الأضداد على نحو من حركية دلالية إشارية فيعمد إلى تضييق الحدود بيت الدلالتين الضديتين لهذه اللفظة أو تلك ، حتى كأنه يريد الدلالتين معا مبتدءا من واحدة منتهيا إلى الأخرى فيحدث هالة من الدلالة مضيئة بينهما تكون مثار لذة دلالية كبرى . أما المشترك اللفظي أو ما يسمى بالنظائر القرآنية فإنها كانت مما يبعث على النظر الدلالي الذي يقود إلى الإيحاء وتأمل ظلال المعنى في الاستعمال القرآني؛ ذلك أن السياق يمنح هذه الطائفة من الألفاظ إشعاعا دلاليا من خلال تعبئتها دلالات ذات طابع رمزي فيضي؛ فيكون التأثير والعنصر الجمالي رائدا في هذا لا يغيب عنه .
4. أما الألفاظ الاجتماعية وألفاظ الإنسان وحياته فأتت دلالاتها النفسية متساوقة مع ما للفعاليات الحياتية من حضور ، فما كان أمام هذه الألفاظ إلا أن تكون ناهضة الدلالة متحركة الإيحاء مشحونة بمشاعر الدلالة في محاولة لموازاة مشاعر الإنسان والحياة .
5.قد كان للغريب وما تشترك فيه اللغات من ألفاظ مستعملة في الخطاب القرآني اثر إيحائي، يؤشر قصدية الاختيار ويبني الدلالة بناء نفسيا بعد أن كان بناها بناء اجتماعية ،إذ صار إلى لفظة مستعملة في سياق ما قبل القرآن الكريم ، فبدت هذه الفظة المشتركة أو الغريبة عربية مرتين مرة بالتواطئ المعرفي ، ومرة- وهي الأهم – بالدلالة القرآنية المخصوصة ، والفيض النفسي المصاحب لاستعماله الانفعالي .
6.انمازت طائفة من الألفاظ القرآنية بهيمنة أسلوبية فما كان إلا أن تمتعت هذه (الألفاظ الأُسلوبية ) بإيحاء أسلوبي مهيمن هو الآخر على سياقات استعمالها ، فيتشكل المعنى الأُسلوبي موحيا من خلال التظافر الدلالي للمهيمنة الأسلوبية التي تبقى بقيمها التعبيرية طاقة التجدد ولذَّة الإدهاش .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى