د. محمد عباس محمد عرابي - آيات العدد في القرآن دراسة أسلوبية

آيات العدد في القرآن دراسة أسلوبية رسالة تقدمت بها الباحثة /مها محسن البياتي إلى مجلس كلية التربية للبنات في جامعة تكريت وهي جزء من متطلبات نيل درجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها بإشراف الأستاذ الدكتور محمد سعيد الجبوري رمضان 1424هـ / تشرين الأول 2003م
مكونات الدراسة :
تكونت الدراسة من تمهيد ومقدمة وفصلين وخاتمة .
الفصل الأول: (المستوى التركيبي) :
تناولت فيه الباحثة تكوين النص وأسلوب جملته في مستواها العادي أو الخروج عن المألوف مـن خلال أبرز الظواهـر البلاغية والأسلوبية فيها ، وذلك في مبحثين :ـ
الأول ـ الجملة بين الأسلوب الخبري والإنشاء الطلبي .
والآخرـ أسلوبية العدول الذي اشتمل على :
أ ـ التقديم والتأخير .
ب ـ الذكر والحذف .
ج ـ الوصل والفصل .
الفصل الثانـي : (المستوى الدلالي ) :
وقد اشتمل على ثلاثـة مباحث :
الأول ـ (أثر السياق في القيمة الدلالية للعدد )
تطرقت الباحثة فيه لدلالة الألفاظ منفردة أو ضمن السياقات التي جاءت فيها ، وكان على محورين :
أ ـ القيمة الدلالية المباشرة :
وقد تضمن دلالة الأعداد الصريحة مثل ( الواحد والاثنين . . .)
ب ـ القيمة الدلالية غير المباشرة:تناولت فيه دلالة الأسماء غير الصريحة على العدد مثل (معدودات ، بضع ، ورهط . . . )
الثاني ـ الحقول الدلالية للمعدود وقد قسمتـه على ثلاثـة محاور: أ ـ الزمان .
ب ـ المكان . ج ـ حقول أخرى .
الثالث ـ دلالة التكرار والتقابل والتوازي:ـ
تناولت فيه دلالة هذه الظواهر أثرها على المعنى من خلال وجودها مجتمعة في آيات العدد.
تلى ذلك خاتمة البحث وضمنتها أبرز النتائج التي توصلت اليها.
وختمت البحث بثبت المصادر والمراجع .
نتائج الدراسة :
توصلت الباحثة لعدة نتائج أبرزها :
-إن للأعداد أهمية كبيرة وذلك من خلال تاريخها العريق وجذورها العميقة في الحضارات القديمة ولاسيما العربية حيث اتخذه العرب رمزاً دينياً وقيمة فلسفية برزت في أساطيرهم وملاحمهم وقصصهم ، فضلاً عن دوره في الاكتشافات العلمية وتحديد عامل الزمن والوقت .
ـ للأعداد حضور متميز في القرآن الكريم بنوعيها (المفرد والمركب ) مما جعل منها موضوعاً أستحق البحث والدراسة والاهتمام .
*تميزت آيات العدد بجمالية فريدة من نوعها كامنة في معانيها لا يدركها إلا من سبر غور نصوصها بالتحليل الدقيق والتأمل الطويل في بنيتها التركيبية والدلالية .
* برز الخبر مهيمناً أسلوبياً في نصوص آيات العدد نظراً لطبيعة هذه النصوص الإخبارية ، والتي تتعلق بخلق السماوات والارض وعدد السنين والحساب وبمسائل الإرث وما شابه ذلك .
*خرج الأسلوب الخبري في آيات العدد الى معاني مجازية مثل الأمر والنفي والتعظيم والوعيد 000الخ. مما زادت من ألق هذهِ الآيات وتميزها.
* زخرت آيات العدد بجملةٍ من الأساليب الإنشائية منها : الاستفهام ، والامر ، والنهي ، والنداء . التي رمت بظلالها على نفسية المتلقي فأثرت فيه وأسهمت في نقل الكثير من الحقائق بأدق الصور والأساليب وبما يلائم سياقاتها.
ففضلاً عن المعاني الحقيقية لهذهِ النصوص فقد أدت معان مجازية من مثل الإنكار والاستبعاد والتقرير 000 وأضافت اليها دلالات جديدة أثارت فاعلية واضحة في بنيتها .
* لم يحدد بناء جملة العدد باستخدام المستوى اللغوي العادي بل تعداه الى خرق المألوف من خلال ظواهر العدول من مثل : التقديم والتأخير ، والذكر والحذف ، والوصل والفصل.
* أدى التقديم والتأخير وظيفته الأسلوبية في الاهتمام والتخصيص بالدرجة الأساس الى جانب وظائف أخرى مثل : التشريف والتعظيم ورعاية الفواصل .
*كثر الحذف في العددين (واحد وأثنين) لكفاية دلالة المعدود عليهما فضلاً عن حذف المعدود بغض النظر عن موقعه في الجملة وأركان الجملة الاخرى حتى طال الحرف والجملة لأغراض بلاغية .
* أما الوصل والفصل فقد كشف عن عمق ترابط أجزاء الجملة في آيات العدد سواء كانا منفصلين أو متصلين ، فتارة نجدهما قد ارتبطا معنىً ودلالة وأخرى نجدهما قد انفصلا في الظاهر واتصلا في العمق وتارة ثالثة أثارت الأولى سؤالاً جوابه الثانية أو مستوحى منها وهكذا 000
* وجدنا أن الأعداد في القرآن الكريم شملت جميع المراتب المفردة والمركبة وألفاظ العقود حتى الكسور والابعاض ، لكن المفردة كانت أوفرها حظاً في الشيوع.
*حاز العدد (واحد) على أكبر تردد من بين الأعداد في القرآن الكريم وذلك دليل تأكيده على وحدانية الخالق عز وجل وانفراده سبحانه وتعالى بالربوبية والألوهية حيث لم يرد (الواحد) صفة إلا لله تقدس اسمه، ثم تلاه العدد (سبعة) وذلك دلالة على عظمة الخالق في خلق السماوات والأرض، وأيضاً لتأديتها معنى الكثرة ، ثم جاءت بعد ذلك بفروقٍ بسيطة وعلى التوالي الأعداد (ثلاثة ـ واربعة ـ وستة ـ وعشرة ـ وثمانية وتسعة) في مختلف المعاني والدلالات كالقلة والكثرة والأحكام الدينية والتشريعية 000الخ ).
* أما الأعداد المركبة فقد وردَ منها حصراً الأعداد ( أحد عشر ـ اثناعشر ـ تسعة عشر) في مواضع خاصة جداً ارتبطت بقصةٍ أو حادثةٍ معينة .
كما وردت ألفاظ العقود وبرزت في السياقات التي تحمل في طياتها دلالة لإثبات وبيان الأحكام والقوانين .
وكذلك الحال فيما يتعلق بالكسور فقد جاءت خاصة بالسياقات المتعلقة بقضايا الميراث والأمور الدينية لما فيها من دقةٍ وخصوصية .
* إن دلالات العدد ومعانيه نشأت من تأثير السياق على القيمة الدلالية للعدد بصورةٍ مباشرة ، فلا تكون للأعداد هذهِ الدلالات الواسعة وهي متجردة من سياقاتها سوى المعنى اللغوي لها .
*وجدنا بعض الألفاظ الدالة على العدد بصورة غير مباشرة مثل ( بضع ـ ورهط ـ ومعدودات 000وغيرها ) وكان للسياق اثر في دلالاتها كما هو الحال في الأعداد المباشرة .
إن أهمية العدد وقيمته برزا بوضوح وأزيل إبهامهما من خلال دلالة المعدود وتحديد أنواعه وعلاقاته وماهيته في السياق .
ـ إن العلاقات بين ألفاظ الحقل الدلالي المتمثلة بـ( الترادف والتضاد والاشتمال 000) كشفت لنا عن ترابط المعدود من خلال انتماء كل فئة منها الى حقل دلالي سواء أخذنا بنظر الاعتبار سياقاتها أم لا ، وبالتالي أسهمت في إبراز وحدة هذهِ النصوص وتكاملها .
ـ ولغرض الوصول الى الدلالات والمعاني السالفة الذكر ، أتخذ التعبير القرآني من بعض الظواهر الدلالية المتمثلة بـ(التكرار والتقابل والتوازي ) سبيلاً في صياغة هذهِ النصوص .
ـ وبعد ذلك يمكننا القول إن دلالة هذهِ الظواهر وجماليتها لم تكن في وجودها منفردة حسب كما الحال في النصوص الشعرية ، بل في تجمعها معاً في آية واحدة ، مما يؤكد رصانة الأسلوب القرآني وجزا لتـه كما هو الحال في آيات القرآن جميعاً.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى