محمد السلاموني - الحب والموت

[الآن ليس أمامى الكثير لأتوَقَّعه من عطايا الزمن
لذا سأحدثك عَمَّا يستَتبِع وجود امرأة كتلك .
فقط عليك أن تصغى، لأننى هنا أتحدث عَمَّا لا يراه أحد فى حياته مَرَّتين أبدا.
كنتُ ولأزلتُ وَلِهاً بها لأنها انزلقت من نفسها واندمجت بالعراء الممتد بداخلى.
لو تَفهَم؟، ليتك تفهم... كى لا تُخرِجَ قلبَك من عُزلَتِه وتلقى به فى أيام ضائعة...
الآن أذهبُ لسَرَابها الأخير المُعَلَّق فى وحدتِى... وأتذكَّر كم بَدَت كشهقة تُفْرِط فى تعاطى نفسها، غير مكترثة بأننى أتجَوَّل معها فى زمن حارق...
هى التى انحدرت من غرابة بدت لى كأنما تحدُث دائما، كأنما تهبط من جَبَلٍ؛ كعادتهن حين يهبِطن من الجِبال ليتصيَّدنَ السُّكر، ويلحسن الظلال... ويتركن الأشجار عارية تتأوَّه فى فراغهن...
وكثيرا ما كانت تبكى...
حتى بدا لى كأنما البكاء أكثر الأشياء هولا...!.
ولم أكن أعرف أنها تبكى علىَّ، قبل أن "..."؟!.
صَدِّقنى، فى كل هذا البكاء، تَوَجَّستُ سِرَّا، حين لم أر وردة واحدة تطلع فى حُزنِها !...
واندهشتُ، لأننى لم أحترق من كثرة الأحلام التى انهمَرت؟!...
ثم خطر لى أن أتدَبَّر الضوء!؛ كان فَرِحاً ينساب فوق الماء، فيترجرج الماء...
ثم رأيتنى!، والموت المراوغ يتقافز فوقى، دون أن يدخلنى، فخطر لى أن أمنَحه بهجة أن يوجد كموت، بأن أتركنى أتجَيَّف، كما يليق بى أن أفعل مع امرأة كتلك...
كى أتهاوى وحيدا، كى أتهاوى بفَرَح، بينما أنخَطِفُ بالسماء!...
وأذهبُ إلى آخر ما يمكن الذهاب إليه...
ياله من دَرَجٍ ذلك الذى كنت أصعَده!.
أكان دَرَجاً من رخام الموتِ مَدَّته لى؟!. ].
تعليق:
الحب الآن يوجد خارج كل معنى... إنه لا يعى وجوده بقدر ما يوجد فقط ؛ كجسد شهوى .
هذا ودراما الوجود الآن تقف عند تلك الحدود- حدود المرئى والملموس؛ حدود الحِسِّى، بعد أن ذهب الماورائى إلى الأبد .
نحن نحيا الآن فى عصر موت "الماورائى".
إعلان نيتشه عن "موت الله" كان إعلانا عن موت الإنسان، وما دعوته لمسايرة الطبيعة سوى نبوءة بما سيأتى "وقد أتى الآن"... السوبر مان هو الحيوان "الذى خبَّأناه فى الأخلاق"، وهاهو يتحَرَّر ويحيا على هواه...
نعم، نحن نحيا الآن فى الزمن الذى استحال فيه الحب إلى مجرد جسد بلا أردية...
بيد أنه قد تم اختزالنا إلى مجرد غريزة .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى