عصري فياض - مطار ريمون والمقاصد الاسرائيلية من فتحه امام الفلسطينيين

فجأة ودون مقدمات،أعلنت دولة الاحتلال عن فتحها لمطار ريمون الواقع اقصى جنوب غرب صحراء النقب والملاصق للحدود الاردنية مطارا يمكن للفلسطينيين السفر من خلاله لدول الخارج خاصة الى تركيا وغيرها، وقد قدمت اسرائيل هذا المقترح عبر " تسهيلات" أبلغت فيها الرئيس الامريكي بايدن في زيارته الاخيرة للمنطقة ضمن ما يسمى تسهيلات للفلسطينيين، وقد رفضت السلطة الفلسطينية هذا الأمر ولا زالت ترفض،اما المفاجأ أن شريحة من البعض الفلسطيني لا يرى في الامر شيئا سيئا، بل يعتبره " تخفيفا" عن معاناة الفلسطينيين على الجسور خاصة لجهة التجار والرحلات السياحية التي تقصد دولا كثيرة منها تركيا وغيرها،وهذا ظهر ت هذه المواقف من خلال التعبير والتغريد عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وحتى نحاول تشريح تلك الرغبة الاسرائيلية وأهدافها لا بد لنا ان نستعرض او نستكشف الغرض من وراء هذا العرض،فالمطار الذي بني ليكون مطارا عسكريا،ثم حاولت سلطات الاحتلال اعتمادة كمطار مدني منذ اربع سنوات لم ينجح، وفشل فشلا ذريعا،فأرادت " اسرائيل" تشغيله عبر فتحه للفلسطينيين وهي التي تعلم حجم السفر التجاري والسياحي الفلسطيني،والذي يتجاوز المليون مسافر عبر جسر الكرامة، وما لهذا العدد من عوائد ممكن ان تدر على ميزانية السلطة الفلسطينية، والعوائد والفوائد التي تعود ايضا على الجانب الاردني حلقة الوصل بين الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال وباقي دول العالم.
من هنا رأت العقلية الاسرائيلية التي تغوص منذ سنوات وعقود في تحقيق ما يسمى السلام الاقتصادي مع الفلسطينيين، وتحاول تجسيدة على الارض،بالضبط تماما كما تسعى ليل نهار في مصادرة الارض وتهويد المقدسات وتهجير السكان لبناء واقع ديمغرافي يحول دون تحقيق ادنى مقومات الدولة الفلسطينية،فموضوع المطار تقصد اسرائيل من خلاله لربط قسم من التجارة الفلسطينية من خلالها،ومن خلال معابرها الخاصة لتشغيل المطار اولا ومن ثم جنيّ الضرائب ورسوم المعاملات التي قد تكون بعيدة عن اتفاقية باريس الاقتصادية، والتي هي اصلا تتعرض للنهب والقضم من قبل السلطات الاسرائيلية بدعوى العقوبات التي تفرضها على الشعب الفلسطيني من حين لاخر.
كما ان هذا المطار كان قد تعرض لقصف الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة العام الفائت ضمن معركة "سيف القدس"، وإذا ما تم تشغليه بالرحلات التي تقل الفلسطينيين،فإن اعادة التعرض له سيكون امرا صعبا. كما أن التعامل مع الجانب الاسرائيلي المباشر في ادخال ونقل المسافرين والبضائع عبر ذلك المطار يعتبر تطبيع اقتصادي سياحي نعيبه على غيرنا،فكي قد يمارسه البعض منا ربما جاهرا نهارا.
إن السفر من خلال معبر الكرامة رغم المعاناة التي فيه والذي يقف الاحتلال في سلم من يتحملون المسؤولية عنه،لهو الافضل والاشرف، لكونه المعبر الوحيد الذي يطل بنا على المحيط العربي والدولي، وهو معبر بالرغم مما فيه،اعتاد عليه الشعب الفلسطيني منذ احتلال عام 1967، وأن التوجه شرقا مما كان فيه من معاناة،هو مستقبل هذا الشعب الذي يبحث عن الانفكاك عن هذا الاحتلال، والتوجه غربا أي جهة الاندماج في الحياة الاسرائيلية هو ذوبان في الجسد المعادي لشعبنا برغم ما قد يظهر للوهلة الاولى أن فيه تسهيل على الفلسطينيين.
وقد يقول قائل إن معاناة الفلسطينيين شديدة وقاسية على معبر الكرامة ذهابا وايابا، وأنا لا انكر لكن كما نصبر ونصمد امام ممارسة الاحتلال ونقاومها علينا الثبات والصمود والمطالبة الحثيثة والدائمة في التسهيل على شعبنا العابر والداخل للأرض المحتلة حتى يصبح معبر الكرامة معبرا بين دولتيّ الاردن وفلسطين دون بقاء للاحتلال.
لذلك على الجميع أن يتنبه لما يحاول الاحتلال تمريره على شعبنا، وأن يرفض تلك " التسهيلات" التي يراد من خلالها الاحتواء والذوبات في الاقتصاد الاسرائيلي،وتحقيق لون من الوان التطبيع الاقتصادي والسياحي،فلو كان الاحتلال فعلا حريص على مصلحة الشعب الفلسطيني بإيجاد مطار له ليتنقل الى دول العالم،فليسمح لمطار غزة بالعودة للعمل أو ليوقف البناء الاستيطاني في مطار قلنديا، ويمنح السلطة فرصة في العمل على تأهيله واستخدامه من قبل الفلسطينيين، وهذا المحك الحقيقي للتسهيل على الفلسطينيين، وليس جرهم لمطار في عمق الصحراء خاضع للقوانين الاسرائيلية مئة بالمئة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى