علي سالم صخي - عن النص والشاعر

الشعر لغة جمالية جزء من اشتغالها هو اكتشاف لا جدوى الحياة بصيرورتها العائمة ، ولأنها ليس مفتاح السعادة أو الحل تبقى قلقة ، محفزة وربما مهمتها الأكثر أهمية ( عل الأقل بالنسبة لي ) أن تضع القارئ في مواجهة حياته متسائلا عن ماهيتها ، لذا يبقى كل نص أكتبه هو مفترق طرق يطل على عتبة كل الجهات .
الشعر يفتح أبواب هي بمثابة مدخل لأبواب أخرى وهكذا الى ما لا نهاية .
الجمال يجتمع مع الوجع لتشكيل لغة قلقة عابرة منفلقة غير آبهة بالشكل السائد وكما مازال الشاعر مكتشف وباحث هو ايضا مبتكر وخلاق وعليه تفكيك سلوك اللغة قبل سلوك الوجود .
الشاعر سلسلة من الكينونات المكثفة المتناقضة غالبا ، المتوحدة في مصاحبة الرفض والاحتجاج لا سكينة في نوافذها المتداخلة ، هكذا هي أرواحها وهي تبحث عن النقاء طوال مسيرتها لا تتعب رغم مطبات الزبد والزيف وترهل اسطح القطيع وفحول السائد المتكور حول الأنا وتبعاتها .
ليس الشاعر أبا لنصه ولا النص ابن الشاعر النص كائن مستقل بنفسه لا ابوة له وليس بامكان أي قارئ تبنيه حتى وان صير نفسه كاتب ثان له طالما هناك قارئ آخر وآخر الى ما لا نهاية ، النص نافذة تطل عليها نافذة القارئ ومنها تفتح نوافذ شتى لا يتمكن من الاطلالة عليها أو تفكيك مفرداتها إلا القارئ المتلذذ الباحث عن الجمال المتعلقة روح كينونته بالحفر .
أنا شاعر هو نص أنت قارئ جميعنا أسطح ونوافذ .
الشاعر تواق لمسك نصه وربما نصوص الآخرين
النص متمسك بانفصاله لا يتبع إلا لكينونة وجوده
القارئ غاية الشاعر والنص ، ينصب عليه قلق النص وتحفيزه ملقا بنافذته في خضم الدهشة والتساؤل .
غاية الشاعر كتابة نص متوهج متفرد لكن لمن يكتب هذا النص ؟ بكل تأكيد هناك من سيقرأه إذن حسب اعتقادي إن الغاية الكبرى من الكتابة هي القارئ لذا كتبت ( القارئ غاية النص ) يعني النص لا يكتب لنفسه وانما ليقرأ .
( وتحسب نفسك جرما صغيرا وفيك انطوى العالم الأكبر ) الشيخ ابن عربي .
اذن انت أيها الكاتب والقارئ نافذة مصغرة مضمر داخلها نافذة كبرى تضم بدورها نوافذ شتى جميعها انطوت فيك فما عليك هو اكتشاف مفرداتها من أجل معرفة نفسك أولا ومن ثم معرفة الآخر ، كيف يتم ذلك ؟ ذلك هو السؤال ؟ وانت من يهم نفسه بالاجابة عليه .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى