جاكلين سلام - رؤيا الشعر، محاولة في تعريف ماهية الشعر…

الشعر تمرين على التنفس من رئة الكون حين يشحّ الاكسجين في الجوار. وقد تكمن ضرورته في أنه السلم الذي أصنعه بالكلمات لأصل إلى قلب المجهول، قلبك أيها القارئ. وربما رحلة خارج الذات والزمان والمكان، متجاوزة الحالة الفردية الشخصية إلى نقيضها. يليق بالشعر أن يصبح جبهتي المتبقية لصنع الجمال والحب في عالم تكثر فيه مبيدات الإنسان. أو لا أدري لماذا الشعر، لعله كذبة لطيفة أعيشها وأبحث عن عشاقها. وجدتني أكتب الشعر كي أبقى قريبة من حلمي الذي يخشخش ويقرقع ويهيم في خراب هذا العالم. القصيدة صديقة النقصان، والدليل إلى ما يغني وما يفيض عن حلمي الباذخ. أريد للقصيدة أن تهمس في قلب القارئ بعضاً من أسراري التي لم أكتبها حرفياً على الورقة البيضاء أو في قلب الملف الالكتروني. للقصيدة عناقها الموجع الرهيف والمخادع، فافتح لها باب روحك عزيزي القارئ لأنها بك تستعيد الحياة وتتجدد. أريد للشعر أن يصبح مكنسة أيضاً.
*
قلب الشاعر الذي يرى، القلب الذي يخلق، القلب الذي يسمع، ما أجلّه وما أشقاه. قبل وبعد أن يأتي عيد الشعر، نريد من كل قصيدة ومجموعة أن تكون تجديداً وإضافة، وحين يأتي عيد الشعر نذهب إليه بهذه القصائد وهذه الكلمات نقدمها قربانا بين يديه. كثيراً ما نعتذر له لأننا لم نكنّ كما يريد السيد الشّعر.
نبحر بكلماتنا لنقيم للأيام عيداً باسم الشعر. ننغمس في دروب الحياة التي تستحق الجميل الباهر، وأحيانا نصاب بالعمى ونتعثر في الطريق إلى الشعر. نصل ولا نصل. الشعراء باقون، الشعراء راحلون إلى ضفة الموت، لكنهم لا يذهبون كلياً، هنا يتركون بقايا الروح-الكلمات. في عيد الشعر نوقظ أرواح وكلمات شعراء من العالم، ونقرأ الحب والسلام على مقاماتهم التي أضافت جمالاً وصنعت وردة لأيامنا وشعلة.
*
فلسفة الشاعر صورة ولغة وبيدر من التآويل والمعاني. فلنجدد ثوب الشعر كل يوم وننفض عنه الطفيليات والأفكار الميتة. وحين يأتي العيد، سيجدنا، سيجد ثوباً يليق بجلاله. الشعر يفكّر بطريقته، يفعل الكثير، يكرس قيم الجمال وفلسفة العدالة والخير، أو ينحاز إلى الخانة المعاكسة. الفلسفة والعلوم والتكنولوجيا ترفد الشعر والشاعر بالمعرفة والأدوات، ويبقى لنا أن نختار اللغة والصورة والطريق التي تعكس صورة روحنا، باطن رغباتنا وظاهرها.
*
ماذا لو لم يكن هناك شبكة الكترونية، كيف كنت سأصل إليكم؟
الاتصالات عن بعد، أداة ووسيلة، وعبر هذه الشبكة تصبح النصوص والصحف الورقية والكتب في متناول الجميع. الشبكة بالنسبة لي وسيلة ضرورية للبقاء على تواصل يومي ودائم مع الشرق الذي يسكنني ولا يمكنني الانسلاخ عن ثقافته وكتبه وأخباره الحزينة. إنها حالة شعرية متقدمة أن يكون لي أصدقاء وصديقات، سوبر فضائيون. لقد أثمرت هذه الاتصالات بأكثر من صورة. قد تضيف الشبكة مفردات إلى قاموسنا الشعري، قد تخلق حالة شعرية وشعورية ترفد المخيلة بمعطيات طازجة. قلب الشعر رحب ويستقبل الجديد، كما استقبل قديما إيقاع البحور، لغة العلوم والفيزياء، والموسيقى. الشعر لا يحب الأصنام. عبر القصيدة نستعيد ربيع الحب ونصنع ربيعاً خارج الفصول.
نص كتب ونشر سابقا في مكان ما!

جاكلين سلام

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى