حاجز بن عوف الازدي - سَأَلتُ فَلَم تكلِّمُني الرُسومُ

سَأَلتُ فَلَم تكلِّمُني الرُسومُ
فَظَلتُ كَأَنَّني فيها سَقيمُ
بقارعةِ الغَريفِ فَذاتِ مَشيٍ
إِلى العَصداءِ لَيسَ بها مُقيمُ
منازِلُ عَذبَةِ الأَنيابِ خَودٍ
فَما إِن مِثلُها في الناس نيمُ
فَأَمّا إِن صَرَفتُ فَغيرُ بُغضٍ
وَلكن قَد تُعَدِّيني الهُمومُ
عَداني أَن أَزورَكِ حَربُ قَومٍ
كَحَرِّ النارِ ثاقِبَةٌ عَذومُ
عَذومٌ يَنكُلُ الأَعداءُ عَنها
كأَنَّ صُلاتَها الأَبطالَ هيمُ
فَلَستُ بآمِرٍ فيها بِسِلمٍ
وَلكنّي عَلى نَفسي زَعيمُ
قَتَلنا ناجياً بِقَتيلِ فَهمٍ
وَخَيرُ الطالِبِ التِرةَ الغَشومُ
بِغَزوٍ مثلِ وَلغِ الذئبِ حَتّى
يَنوءَ بِصاحِبي ثأرٌ مُنيمُ
يَنوءُ بِصاحِبي أَو يَقتلوني
قَتيلٌ ماجِدٌ سَمحٌ كَريمُ
وَلَمّا أَن بَدَت أَعلامُ تَرجٍ
وَقالَ الرابئانِ بَدَت رَتومُ
وَأعرضتِ الجِبالُ السودُ خَلفي
وَخَينَفُ عَن شِمالي وَالبَهيمُ
أَمَمتُ بِها الطَريقَ فُوَيقَ نَعلٍ
وَلَم أَقسِم فتَربِثَني القُسومُ
وَمَرقَبَةٍ نَمَيتُ إِلى ذُراها
يُقَصِّرُ دونَها السَبِطُ الوَسيمُ
عَلَوتُ قَذالَها وَهَبطتُ منها
إِلى أُخرى لثٌلَّتِها طَميمُ
فَلَم يَقصُر بِها باعي وَلكن
كَما تَنقَضُّ ضاريَةٌ لحومُ
من النُمرِ الظُهورِ كَأَنَّ فاها
إِذا أَنحَت عَلى شَيءٍ قَدومُ
وَلَيلَةِ قِرَّةٍ أَدلَجتُ فيها
يُحَرِّقُ جِلدَ ساقيَّ الهَشيمُ
فَأَصبَحتِ الأَنامِلُ قَد أُبينَت
كَأَنَّ بَنانَها أَنفٌ رَثيمُ
تَراها مِن وِثامِ الأَرضِ سوداً
كأَنَّ أَصابِعَ القَدَمَينِ شيمُ
ورَجلٍ قَد لَفَفتُهُم برَجلٍ
عليهم مِثلَ ما نُثِرَ الجَريمُ
يُصيبُ مقاتِلَ الأَبطالِ منهم
قَحيطُ الطَعنِ وَالضَربُ الخَذيمُ
كَمعمعةِ الحَريقةِ في أَباءٍ
تَشُبُّ ضِرامَها ريحٌ سَمومُ
وَرَدتُ المَوتَ بالأَبطالِ فيهم
إِذا خامَ الجَبانُ فَلا أَخيمُ
وَمُعتَرِكٍ كأَنَّ القَومَ فيهم
تَبُلُّ جُلودَ أَوجُهِهم جَحيمُ
صَلَيتُ بحرِّهِ وَتَجنَّبَتهُ
رِجالٌ لا يُناطُ بِها التَميمُ
إِذا أَنسى الحَياءَ الروعُ نادوا
أَلا يا حَبَّذا الأَنَسُ المُقيمُ

حاجز بن عوف الازدي
أعلى