د. صبري محمد خليل خيري - نحو مبادرة شعبية لنصرة القضية الفلسطينية والمقاومة الشعبية كخيار استراتيجى للامة

ملخص : تعددت الاجابات التى قدمتها المذاهب والفلسفات والأيديولوجيات على الاسئله المتصلة بمشكلة فلسطين(حقيقتها ، الحل الصحيح لها، وما هي طبيعة الصراع الذي تثيره ). وتربط هذه الإجابات ، بموقف محدد من المسجد الأقصى كرمز ، ودلالاته التكليفية “الدينية”، والتكوينية ”الوطنيه والقوميه”. فالعديد من هذه الاجابات تحيل المسجد الأقصى من معنى ”رمز” إلى مبنى. فبعض هذه الإجابات تفعل ذلك من خلال تجاهل الدلالات التكوينية ”الوطنية والقومية” للمسجد الاقصى، ومنها التفسير اللاهوتي القائم على افتراض خاطىء ، مضمونه أن الصراع الذي تثيره مشكلة فلسطين ،قائم بين المسلمين من جهة واليهود من جهة أخرى لمجرد أنهم يهود، فهي مشكله صراع ديني بين الدين الإسلامي والديانة اليهودية. وقال بهذا التفسير الكنيسة الكاثوليكية في أوربا في العصور الوسطي، خلال فترة الحملات الصليبية وهذا التفسير يتعارض مع الاسلام – رغم ان بعض المسلمين يقول به – لأن الإسلام لم يأذن للمسلمين بقتال غير المسلمين إلا في حالتي إكراههم على الردة أو إخراجهم من ديارهم . كما ان بعض هذه الاجابات تحيل المسجد الاقصى من معنى الى مبنى، من خلال تجاهل دلالاته التكليفية ”الدينيه” كرمز، ومن هذه الاجابات: التفسير العلماني ”الليبرالي” القائم على أن حل مشكلة فلسطين يكون بإقامة دوله علمانية تفصل الدين عن الدولة.. وهو يتجاهل عده حقائق منها أن النظام السياسي لدولة إسرائيل هو نظام علماني ليبرالي رغم قيامه على فلسفة سياسية تخلط بين الدين والقومية، ورغم وجود أحزاب دينية.. كما ان بعض هذه الاجابات تحيل المسجد الاقصى من معنى الى مجرد مبنى، من خلال تجاهل دلالاته التكليفية ”الدينية” والتكوينية ”الوطنيه والقوميه” كرمز ومن هذه الإجابات: التفسير الشعوبي: القائم على افتراض خاطىْ مضمونه أن مشكلة فلسطين مشكله خاصة بشعب فلسطين، وهذا التفسير يعني التنصل والهروب من المسؤوليات القومية والدينية. وهناك التفسير الصهيوني، القائم على افتراض مخالف لحقائق التاريخ الثابتة مضمونه أن فلسطين هي أرض اغتصبها العرب من الشعب اليهودي منذ الفتح العربى – الاسلامى . وان الشعب اليهودي تشتت في أقطار الأرض إلى أن قادته الحركة الصهيونية إلى فلسطين لاستردادها خاليه من الشعب ، وبناء على هذا التفسير نفهم محاولات الصهاينة منذ تأسيس دوله إسرائيل تدمير المسجد الأقصى كرمز الفتح العربى – الاسلامى وفاعليته الحضارية التي نقلت فلسطين من ساحة للصراع القبلي إلى جزء من الأمة العربية المسلمة، .و التفسير الصحيح لمشكلة فلسطين هو التفسير الذي ينطلق من مذهب تكاملي للهويه الفلسطينية ، مضمونه ان الشخصية الحضارية العامة الفلسطينية هي شخصية حضارية ذات علاقات انتماء متعدده، العلاقة بينها علاقه تحديد وتكامل وليست علاقه تناقض وإلغاء . فهناك علاقه الانتماء الوطنيه “الفلسطينيه التى تشمل كل الفلسطينيين ”المسلمين والمسيحيين واليهود”. وهناك علاقه الانتماء القوميه “العربيه”، ومضمونها ان فلسطين جزء لا يتجزء من الامه العربيه.وهناك علاقه الانتماء الاسلاميه ولها مضمونين، الاول مضمون دينى “مقصور على المسلمين“، والثانى مضمون حضاري يتمثل فى الاسلام كحضارة ،يمتد فيشمل المسلمين وغير المسلمين.ويرتبط هذا التفسير بموقف محدد من المسجد الأقصى كرمز ، ودلالاته المتعددة. مضمونه ان المسجد الأقصى معنى وليس مجرد مبنى: اى انه رمز ذو دلالات: اولا:تكليفية”دينيه”:فهو أولى القبلتين وثالث الحرمين. ثانيا: تكوينية(سياسية – وطنيه و قوميه) فهو رمز لوطن مغتصب يجب تحريره ،وحقوق وطنيه وقوميه يجب استردادها…
……………………
متن الدراسة التفصيلي:
تمهيد: تعددت الاجابات التى قدمتها المذاهب والفلسفات والأيديولوجيات على الاسئلة: ما هى حقيقة مشكلة فلسطين؟ وما هو الحل الصحيح لها ؟ وما هي طبيعة الصراع الذي تثيره هذه المشكلة؟
اولا: التفسير اللاهوتي الغربى : قائم على افتراض خاطىء ، مضمونه أن الصراع الذي تثيره مشكلة فلسطين ،قائم بين المسلمين من جهة واليهود من جهة أخرى لمجرد أنهم يهود، فهي مشكله صراع ديني بين الدين الإسلامي والديانة اليهودية.
ا/ الكنيسة الكاثولوكيه في العصور الوسطى: قال بهذا التفسير الكنيسة الكاثوليكية في أوربا في العصور الوسطي، خلال فترة الحملات الصليبية ، التي اتخذت دين المسيحي ذريعة لاغتصاب أرض فلسطين، اى بحجه تحرير القدس من المسلمين. مع ملاحظه أن الكنيسة الارثوذكسيه (الشرقية) ترفض هذا التفسير بل لقد حارب المسيحيون الشرقيين جنيا إلى جنب مع المسلمين ضد الصليبيون.
ب/ الحركه الصهيونيه : كما يمكن اعتبار التفسير الصهيوني شكل من أشكال هذا التفسير، لأنه يقوم على الخلط بين الدين اليهودي والقومية اليهوديه.
تعارض التفسير اللاهوتى- الغربى مع الموقف الاسلامى الصحيح: كما يقول بعض المسلمين بهذا التفسير، اعتقادا منهم انه يمثل الفهم الاسلامى الصحيح للمشكلة، وطبيعة الصراع التي تثيره، وهو غير صحيح لأن الإسلام لم يأذن للمسلمين بقتال غير المسلمين إلا في حالتي إكراههم على الردة أو إخراجهم من ديارهم فالإسلام يحرم الاعتداء ولو كان من مسلم ويوجب قتاله ﴿ وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فان بغت أحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله﴾. أما الاحتجاج بكون الصراع ديني بلعن الله اليهود فهو غير صحيح ، لانه حكم ديني مرتبط بالجزاء الاخروى، وينصب على من استكبر من اليهود كما تشير النصوص كما فى قوله تعالى ﴿لعن الله الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون﴾، فالايه تشير الى الذين كفروا من بنى إسرائيل وليس الى كل بنى اسرائيل، لذا لم يحول هذا الحكم يحول دون أن يقبل الرسول أن يكونوا مواطنين في دولة المدينة ”أن اليهود من بني عوف امة مع المؤمنين”. وذلك خلافا لحكم الله تعالى على اليهود بان لا يكونوا امة تختص بديار معينه ،الذى اشار اليه القران كما قوله تعالى ﴿ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس”﴾ فهو حكم تاريخي ” دنيوى” ينصب على سائر اليهود- وبالتالى فان اغتصاب بعض اليهود لارض فلسطين “كما هو الحال فى اغتصاب الصهاينة لفلسطين عام 1948 ”مخالف للإرادة الإلهية.
ثانيا: التفسير العلماني”الليبرالي” : قائم على أن حل مشكلة فلسطين يكون باقامه دوله علمانية تفصل الدين عن الدولة.
اختلاف الحل العلمانى مع التفسير الصهيونى فى الحل والالتقاء معه فى التفسير الخاطى لطبيعه المشكلة: فهذا التفسير رغم انه يختلف عن التفسير اللاهوتي في الحل المقدم للمشكلة، إلا انه يلتقي معه في تحديد طبيعة المشكلة، إذ يفترض أنها مشكلة صراع بين الأديان. كما أن هذا التفسير يتجاهل عده حقائق منها:
أن الليبرالية التي أتت بالعلمانية ، أتت أيضا بالراسماليه كنظام اقتصادي تطور إلى استعمار قديم ، هو الذي أقام دوله إسرائيل كحارس للتجزئة في هذه المنطقة، واستعمار جديد هو الذي يتولى حمايتها. وان هذا النظام الاقتصادي هو الذي اتاح للصهيونية التحكم في موقف الدول الغربية “الليبرالية” من الصراع العربي الإسلامي/ الصهيوني لصالح الصهيونية بواسطة الاستيلاء على البنوك والمؤسسات المالية وأجهزة الإعلام الرئيسيه.
أن الحركة الصهيونية تضم دعاه دوله دينيه وكذلك علمانيين، وأن اغلب مؤسسي هذه الحركة كانوا علمانيين وبعضهم كانوا ملحدين.
أن النظام السياسي لدولة إسرائيل هو نظام علماني ليبرالي رغم قيامه على فلسفة سياسية تخلط بين الدين والقومية، ورغم وجود أحزاب دينية.
استبعاد دورالاسلام الحضارى: كما أن هذا التفسير يعني استبعاد الإسلام عن حل المشكلة . إذ آن تعرب فلسطين أرضا وبشرا، إنما تم تحت راية الإسلام. كما أن قضية الصراع حول أرض فلسطين قضية المسلمين في جميع أنحاء الأرض ليس لانه صراع دينى بين المسلمين واليهود ، بل لأنه صراع يتصل تاريخيا بمشروعية الفتح الإسلامي، ويتصل حاليا بحق المسلمين في العيش على الأرض التي اسلموا فيها أو حملهم إليها الإسلام منذ أربعة عشر قرنا. كما أن الإسلام أوجب على جميع المسلمين الجهاد إذا حدث اعتداء على ديار المسلمين.
ثالثا: التفسير الماركسي ”الشيوعى”: قائم على افتراض خاطىء مضمونه أن الصراع الذي تثيره مشكلة فلسطين قائم حول نظم اجتماعيه اقتصاديه(الراسماليه، الاشتراكية…) بين رجعيين وتقدميين، اى انه صراع بين طبقات حول ملكيه وسائل الإنتاج . قال بهذا التفسير كثير من الماركسيين. فمن حيث الوقائع التاريخية زعم كثير من رواد الغزو الصهيوني أنهم اشتراكيين بينما المدافعون عن أرض فلسطين إقطاعيين أو رأسماليين، وأدى هذا إلى اعتراف الاتحاد السوفيتي بإسرائيل، وانحياز كثير من الشيوعيين العرب إلى الصهيونية ضد أمتهم. ان الصراع الذي تثيره مشكلة فلسطين ليس صراع حول ملكية أدوات الإنتاج بين طبقات تنتمي إلى ذات المجتمع، بل صراع حول مصادر الإنتاج (اى حول ارض مغتصبه) بين مجتمعات (اى بين مجتمع هو صاحب الأرض وجماعات من مجتمعات شتى تسعى لاغتصاب هذه الأرض).
رابعا: التفسير الشعوبي: الشعوبيه هى محاولة ”فاشلة” للارتداد بالشعوب ، التي أصبحت جزءا من أمة، إلى الطور الشعوبي السابق على الطور القومي ”طور الامه ”. وتأخذ في الامه العربية شكل الدعوة إلى إلغاء أربعه عشر قرنا من التاريخ، أوجد فيه الإسلام للعرب أمة، ليعودوا إلى الشعوب السابقة على الفتح الاسلامى، فهي – موضوعيا وبصرف النظر عن النوايا الذاتية لأنصارها – مناهضة للإسلام. ويقوم التفسير الشعوبى لطبيعة مشكلة فلسطين على افتراض خاطىْ مضمونه أن مشكلة فلسطين مشكله خاصة بشعب فلسطين، هذا التفسير يعنى التنصل والهروب من المسؤوليات القومية والدينية، فقضية الصراع حول أرض فلسطين هي قضية كل العرب، لأن فلسطين ليست كل قائم بذاته، بل هي جزء من كل يحده فيكمله ويغنيه ولكن لا يلغيه هو الأمة العربية، فاغتصاب فلسطين هو اغتصاب واقع على جزء من الوطن العربي . كما أنها قضيه كل المسلمين في جميع أنحاء الأرض لأنه صراع يتصل بمشروعية الفتح الاسلامى وحق المسلمين في العيش بسلام على الأرض التي اسلموا فيها أو حملهم الإسلام منذ 14 قرنا.
خامسا: التفسير الصهيوني : التفسير الصهيوني للصراع الدائر حول فلسطين، قائم على افتراض مخالف للحقائق التاريخية الثابتة مضمونه أن فلسطين هي ارض اغتصبها العرب من الشعب اليهودي منذ الفتح العربى – الاسلامى، اى أن فلسطين الأرض اغتصبت من أربعة عشره قرنا وأخليت من الشعب اليهودي إلا القليل، وان الشعب اليهودي نشتت في أقطار الأرض إلى أن قادته الحركة الصهيونية إلى فلسطين لاستردادها خاليه من الشعب ،وأقام عليها دوله إسرائيل. فالفتح العربى الاسلامى طبقا للتصور الصهيوني ليس إلا غزوا وعدوانا غير مشروع مجرد من الفاعلية الحضارية ،بل معطل للتطور الحضاري، وبالتالي فان من حق اليهود أن يقاتلوا الغزاة ويطردوهم من الأرض ويستردوها ليستانفوا مسيرتهم الحضارية ،وهكذا اسموا حرب 1948 حرب التحرير.
محاوله الغاء المسجد الاقصى كمنبى ومعنى ”رمز”: وبناء على هذا نفهم محاولات الصهاينة منذ تأسيس دوله إسرائيل تدمير المسجد الأقصى كرمز للفتح العربى – الاسلامى وفاعليته الحضارية التي نقلت فلسطين من ساحة للصراع القبلي بين الكنعانيين والاسرائليين… إلى جزء من الأمة العربية المسلمة، وأقامه هيكل سليمان محله كرمز للتفسير الصهيوني القائم على إلغاء التاريخ الحضاري الاسلامى لفلسطين منذ الفتح الاسلامى.
التفسير التكاملى "الوطنى – القومى- الدينى/ الحضارى" للهوية الحضارية الفلسطينية: ان التفسير الصحيح لمشكله فلسطين” طبيعتها والحل الصحيح لها وطبيعة الصراع الذي تثيره “هو التفسير الذي ينطلق من مذهب تكاملي للهوية الفلسطينية ، مضمونه ان الشخصية الحضارية العامة الفلسطينية هى شخصية حضارية ذات علاقات انتماء متعدده، العلاقة بينها علاقه تحديد وتكامل وليست علاقه تناقض وإلغاء . فهناك علاقه الانتماء الوطنيه “الفلسطينيه”، ذات المضمون الجغرافى – الاقليمى، وتشمل كل الفلسطينيين ” المسلمين و المسيحيين واليهود”. وهناك علاقه الانتماء القومية “العربيه” ، ذات المضمون الحضاري – اللساني غير عرقى، ومضمونها ان فلسطين جزء لا يتجزأ من الأمة العربيه.وهناك علاقه الانتماء الاسلاميه ولها مضمونين، الاول مضمون ديني “مقصور على المسلمين “، والثانى مضمون حضاري يتمثل فى ان الاسلام ليس دين فقط ، بل هو دين وحضارة ، وهو كحضارة غير مقصور على المسلمين ” الفلسطينيين او غيرهم”، بل يمتد فيشمل المسلمين وغير المسلمين.
اقرار الدلالات المتعدده للمسجد الاقصى كرمز: ويرتبط هذا التفسير بموقف محدد من المسجد الأقصى كرمز، ودلالاته المتعددة. مضمونه ان المسجد الأقصى معنى وليس مجرد مبنى: اى انه رمز ذو دلالات:
اولا: تكليفية ”دينيه”: فهو أولى القبلتين وثالث الحرمين.
ثانيا: تكوينية(سياسية – وطنيه و قوميه): فهو رمز لوطن مغتصب يجب تحريره ،وحقوق وطنيه وقوميه يجب استردادها.
التفسير الصحيح لطبيعة مشكلة فلسطين فى ضوء التفسير التكاملى (الوطنى "الفلسطينى"- القومى "العربى" الدينى- الحضارى "الاسلامى":
اولا: تاريخيا:
اتاحه الفرصه لبنى اسرائيل ليرتقوا الى طور امة وانتزاعها منهم
: كانت بداية بني إسرائيل “عشيرة” إبراهيم (عليه السلام) في العراق، ثم بدأت جولتهم إلى فلسطين ثم مصر ثم الحجاز ثم العودة إلى فلسطين.ثم يعود بني إسرائيل إلى مصر مرة أخرى بدعوة من يوسف بن يعقوب (عليهما السلام) الذي تولى منصب في حكم مصر ، وفي عهد موسى (عليه السلام) ذهبوا إلى سيناء من اضطهاد فرعون ، وفي هذه المرحلة كانوا قد دخلوا طور القبيلة بكل خصائصه، ثم عادوا إلى فلسطين تحت حكم أنبياء، وهذا يعني محاولة الاستقرار في الأرض (كشعب)، وفي هذه المرحلة كان حكم سليمان وداود (عليهما السلام).وقد أتاح الله لبني إسرائيل الفرصة ليرتقوا إلى طور الأمة، ،ويتضح لنا هذا من دعوتهم للاستقرار في الأرض ليختصوا بها فتكون ديارهم . ثم امر الله تعالى موسى (عليه السلام) أن يتجاوز لدعوته محيط قبيلته بأن يدعوا فرعون مصر فكان ذلك بشرى بعالمية الدعوة. غير أن بني إسرائيل لم يلتزموا بشروط الاستخلاف كأمة ، ويتضح لنا هذا من تحريفهم الدين بما يكرس خصائص الطور القبلي الذي يحيل القبيلة إلى كل مغلق.وهنا نزع الله تعالى من بني إسرائيل الفرصة التي أتاحها لهم ليرتقوا إلى طور أمة مستقرة في أرض معينة فهي ديارها. وقضى عليهم أن يكونوا أشتاتاً قبلية تنتمي إلى سائر أمم الأرض.
ثانيا: فى الواقع المعاصر:
الدور الاساسى للاستعمار الغربى كمظهر للنظام الراسمالى:
ولاحقا ولد في أوربا بعد الثورة الفرنسية النظام الرأسمالي ، الذي تطور من فرض عبودية كل أمة أوروبية على حدي طبقتها المترفة “البرجوازية” ، إلى فرض عبودية سائر أمم وشعوب الأرض للأمم الأوروبية ،باستغلال إمكانياتها لخدمة مصالحها، ليولد بهذا الاستعمار فى شكله القديم ،وقد استهدف ضمن من استهدف الامه العربيه المسلمه، واختار تجزئها لضمان استمراره ، وأراد إقامة إسرائيل كحارس لهذه التجزئة،.وبعد قيام الحرب العالمية الثانية تولت الولايات المتحدة الأمريكية قيادة الاستعمار فى شكله الجديد “الإمبريالي”، فتولت أمر إنشاء دولة عازلة صهيونية في فلسطين تحت اسم إسرائيل، واعترفت بها فور إعلان قيامها 1948م.
التمييز بين اليهودية كديانة والصهيونية كحركة سياسية قومية عنصريه "الصهيونية هي استكبار سياسي لبعض اليهود المعاصرين": اما الصهيونية هي حركة سياسية غربية ، نشأت في أوربا نتيجة عوامل دينية واقتصادية وسياسية متفاعلة ، تهدف إلى تحويل الجماعات القبلية اليهودية ،التي تنتمي إلى أمم مختلفة ، إلى أمة واحدة بالاستيلاء على أرض فلسطين. فالصهيونية هي استكبار جزء من اليهود المعاصرين ، لأنها تتضمن إخراج العرب من ديارهم ويترتب على هذا وجوب التمييز – لا الفصل – بين الصهيونية كحركة سياسية قومية و اليهودية كديانة
الحل الصحيح لمشكلة فلسطين فى ضوء التفسير التكاملى (الوطنى"الفلسطينى"- القومى "العربى "الدينى- الحضارى "الاسلامى"):
أولا: ما ينبغي أن يكون :
1- المستوى العقدى"الدينى":
ا/ عدم شرعية التنازل عن ارض فلسطين :
ان ملكية الأرض العربية"المتضمنه لارض فلسطين" – كما ملكية سائر الأراضي – لله تعالى وحده . وأن الله استخلف العرب فيها- وهوما يتضمن استخلاف الشعب الفلسطينى كشعب عربى فى ارض فلسطبن- فهي ديارهم- كما استخلف غيرهم من الأمم في ارضهم فهى ديارهم– فليس من حق كل العرب ،وليس من حق كل الفلسطينيين ان يتنازلوا عن أرض فلسطين – كما انه ليس من حق الأمم الأخرى إن تتنازل عن أرضها – لأنهم بهذا يتصرفون فيما لا يملكون، لذلك نهى الله تعالى عن إخراج الناس من ديارهم، فكل اتفاق يتضمن التنازل عن أرض فلسطين باطل شرعا.
ب/ الجهاد لاسترداد الحقوق الفلسطينية فرض عين": لان هنا تتحقق احدى الحالتين التى اذن الاسلام فيهما بقتال غير المسلمين وهما فتنه المسلمين فى دينهم بإكراههم على الردة ، و إخراجهم من ديارهم بغير حق. وقد اجمعت المذاهب الاسلامية على ان الجهاد فرض عين إذا دخل العدو بلاد المسلمين ففي الفقه المالكي ” ان دخل الكفار دار الإسلام تعين على كل من أمكنه النصرة “، في الفقه الشافعي ” الجهاد الذي هو فرض عين فإذا وطئ الكفار بلدة للمسلمين او اطلوا عليها ونزلوا بها قاصدين ولم يدخلوا، صار الجهاد فرض عين” ، وفي الفقه الحنبلي “إذا نزل الكفار ببلد ، تعين على أهله قتالهم ودفعهم”.
2-المستوى العملى:
ا/ الوحدة شرط استرداد الحقوق"
: ان استعادة الحقوق الوطنية والقومية والدينية للشعب الفلسطيني العربي المسلم، مشروط بتحقيق الوحدة الوطنيه والقوميه والدينيه ، فكل خطوه تجاه الوحده هى خطوه تجاه استرداد هذه الحقوق.
ب/عدم موالاه الصهيونية: ان مضمون الصهيونية هو محاولة تحويل الجماعات القبلية اليهودية ،المنتمية إلى أمم شتى إلى أمة واحده، بان تستولي على أرض فلسطين لتكون ديارها ، ولابد لكي تم ذلك من أن تستقر على الأرض وتختص بها، وهذا الاستقرار يقتضي توافر أمران هما الأمن والاعتراف.
ثانيا: الممكن :
الممكن السالب والالتزام بقاعدة "النهي عن موالاة الذين أخرجونا من ديارنا":
يأخذ الممكن السالب شكل حرمان إسرائيل من الأمن والاعتراف ، حتى لا يتحول الصهاينة إلى امة، بالالتزام بقاعدة " النهي عن موالاة الذين أخرجونا من ديارنا" ،الثابته بنصوص قطعيه، ويأخذ هذا الالتزام أشكال كثيرة منها:
عدم التنازل عن الحقوق الوطنية والقومية والدينية للشعب الفلسطيني.
عدم الاعتراف بإسرائيل كدولة ومؤسسه سياسية تقوم على اغتصاب هذه الحقوق.
رفض مشاريع التسوية التي لا تقود إلى الاعتراف بهذه الحقوق .
مناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني وانشاء وتفعيل مباردات شعبيه لمناهضته.
مقاطعة دوله إسرائيل والدول والشركات والمؤسسات التي تدعمها.
الممكن الموجب والمقاومه الشعبيه كخيار استراتيجى والمبادره الشعبيه لنصره القضيه الفلسطينيه:
اما الممكن الموجب فيأخذ أشكال عديدة منها:
التاكيد المستمر والدائم على ان القضيه الفلسطينيه كانت ولازالت وستظل القضيه المركزيه لامه التكليف "الامه الاسلاميه " ، وامه التكوين "الامه العربيه – المسلمه".لاسباب كثيره اهمها انها تتصل تتصل – حاليا- بحق المسلمين في العيش على الأرض التي اسلموا فيها، أو حملهم إليها الإسلام منذ أربعة عشر قرنا الفتح الاسلامى.
اعتبار المقاومة الشعبيه- وليس الاستسلام المسمى تمويها سلام- خيار استراتيجى للامه، وما يترتب على ذلك من دعم للمقاومة الشعبيه الفلسطينية ككل ، دون انحياز الى بعض فصائلها دون غيرها .ودعم توحيدها على مستوى الثوابت الوطنيه والقوميه والدينيه.
انشاء وتفعيل مبادرات شعبيه فى كل الدول العربيه لنصره القضيه الفلسطينيه بكل الوسائل الممكنه.
دعم كل الوسائل التي تؤدي إلى الحصول على حقوق جزئية ، بشرط عدم استبدالها بالحقوق الكاملة.
العمل على إلغاء الحواجز بين فلسطين وأمتها العربية المسلمة حسب ما متاح وممكن.
الدفاع عن الحقوق الفلسطينية أمام المجتمع الدولي ومحافله ومنظماته.
إقرار ودعم حقوق الشعب الفلسطيني الوطنيه والقوميه والدينيه…

د. صبري محمد خليل/ أستاذ فلسفه القيم الاسلامية فى جامعة الخرطوم


.....................................................................
الموقع الرسمي للدكتور/ صبري محمد خليل خيري | دراسات ومقالات الموقع الرسمي للدكتور صبري محمد خليل خيري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى