علي سالم صخي - من يقود الكاتب الى حتف نصوصه ؟

شيوع الثقافة المحدودة عند أغلب القراء يجعلهم يتعاملون مع النص المنشور عاطفيا وليس معرفيا وبالتالي يتم منح النص أكثر من استحقاقه مما يؤدي أحيانا وربما غالبا الى استعلاء الأنا عند الكاتب الذي يراوح في السائد بل ويتقوقع فيه مادام المتلقي قد فتح له أبواب الشهرة الفانية لو كان يعلم ، هذا غير دور النشر التي تطبع مادام هناك من يدفع ، تجارة لغوية كاسدة.
انا هنا لا أحاول احباط الكاتب ولا المتلقي وانما أحاول حث الجميع من أجل اعادة النظر والتمعن فيما يقرأون أو يكتبون .
وهل نحن الا مشاريع معرفة نحاول الكشف عن عالم يظل أبدا في حاجة الى الكشف كما يقول الشاعر الفرنسي - رينيه شار
- أجل الكتابة بحث في البحث وكشف في الكشف وقفز خارج السائد .
- كيف أكتب ؟
لماذا حين أكتب أشطب كثيرا وأترك ما كتبته ثم أعود اليه في وقت آخر ثم أتركه وهكذا عدة مرات حتى تنضج عجينة لغته وتستوي الجمل ؟
لأن الكتابة انغماس في كينونة الموجودات واللغة معا ، محاولة خلق علاقة ممغنطة بينهما من أجل بث الحياة في النص ، لذلك أنا دائم البحث أحيانا لا أعرف بالتحديد عماذا أبحث ؟ لكن الاصرار والملحة في التنقيب أو الشرود يجعل من التوهج المضمر في مخيلتك يفتح شيئا من نافذته لتمسك بدورك لغة النص تدريجيا حتى تكتمل عندك الصور المراد انسيابها في النص ، حتى وإن اكتملت تبقى عينك على اللغة النهائية للنص ومدى تفردها ، وهل تم تطهيرها من شوائب السائد وحمى التملك لأن الاعتزاز هيمنة مريضة وعلى الكاتب أن يتخلى عن هذه الصفة وينظر الى نصه بعين القارئ الناقد الباحث في الجمال وعنه .
ربما بعض من الجمال أن ترى لغتك خالية من الثرثرة والشرح ، متماسكة ، مقتضبة ، تجعل من القارئ كائن مزدوج يتصف بالشيء ونقيضه ،
وبعض من الجمال أيضا أن يكون للنص امتدادا في كل جزء من كيانه ، أي مفتوح البداية والنهاية ، هكذا كما الحياة ليس ثمة نقطة تفصله عما قبله وبعده .
وبعض من الجمال أيضا تشظيه الناتج من تشظي صاحبه وإن أنكره فيما بعد وصار ملك نفسه .
-- لست وحيدا
وما كنت يوما لا أحد
مجرد أنتم
أنا
طويل القامة ، نحيف
بشرة أيامي رمادية --
.....
وبعض من الجمال أيضا أن تخرج من ذاتك مستغرقا في ذات الوجود لا تعلم هل ما تكتبه عنك أم عن الآخر أم انكما أصلا تشكلان صوت واحد سيستمر لسانه بالامتداد مخترقا كينونة هذا العالم متعريا ومعريا في آن واحد .
...

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى