عصري فياض - إلى حركة الجهاد الاسلامي... يجب عليكم أن لا تخطئوا.. أو تتجنبوا الخطأ

أولا، ليسمحلي العظماء في حركة الجهاد الاسلامي النبيلة والنقية في ظل واقع الانحدار والتلوث، القابضين على المبدأ في ظل الباعة والمقايضين، أن اطلق العنان لقلمي ليترجم نبضات قلبي وكلمات تتزاحم في جوف حلقي وأطراف لساني، أن البس أرتدي ثوب التواضع وأدخل ساحتهم النعمانية الحمراء الموشحة بالمسك والزغفران، وأبث غِيرةً عليهم في قلبي كونهم الفتى المؤمن الاقرب للخط الحسينيّ الذي اومن به، وأتمنى أن يكبر وينتشر في واقعنا العربي على امتداد الوطن الاكبر من الضفاف إلى الضفاف...
أولا،دعونا نعود للمنشأ، عندما كان الدكتور المؤسس الشهيد فتحي الشقاقي لا يغادر "برش" الزنزانة في معتقلات الاحتلال في نفحة وعسقلان وبئر السبع ليخرج الى الفسحة اليومية وهو يضع أسس إستنبطها من كتاب الله وسيرة محمد عليه السلام والمجاهدين من آله وصحبه الاخيار،ليخرج للشعب والأمة طريقا هي الاقرب للقلوب، الاقصر للهدف، الازهد في مغريات الدنيا،الاكثر رضاء لله،الاطهر في غسل ما لحق بالشعب والامة من دنس الذل والانقياد، فإستظل بظل الثورة المجيدة التي خرجت شعلتها من "قم"، وسار يرسى قواعد شعلته الموازية الصغيرة من ارض بيت المقدس، ليضيء الفضاء والسماء، عندها عبر برؤيته الخلاقة المبدعة عن حلقة مفقودة في مسرح النضال ومدارسه المختلفة، وهي مدرسة ثورة ألقرآن وان القرآن ثورة،وليس دعوة وعبادات فقط،بل هو سيف رأسه رأس الناقورة ومقبضه ام الرشراش، وسهم ُمَعرّق* له من نهر الاردن الى يافا،قال فصدق،وكانت ساحات الارض كلها ترجمة لقوله الصادق حتى إرتقى،وخلفه من بعده من سار على نفس النهج،حتى أصبحت هذه المدرسة الصادقة المضحية تلقى الاحترام والتقدير الكبيرين عند الشعب ونظرائها من الفصائل،سواء كانت اسلامية أو وطنية قومية أو يسارية أو علمانية.
ولانها زهدت في مناحي الحكم ومنافع الدنيا،فقد برزت أكثر وتجذرت في الارض،وتسامت رايتها في السماء أكثر، حتى دفعها زهدها وجهادها وحجم تضحياتها قياسا بحجم اتساعها إلى أن تكون محل ثقة حتى "المختلفين المتناحرين " من ابناء وفصائل العمل الوطني والاسلامي،ولازالت على هذا الحال، لكنها، وبسبب تعاظم مكانتها ودورها، وإتساع فضائها المحلي والاقليمي وحتى الدولي،حاول البعض من المتنافسين على لقب الوهم " لقب التمثيل الشرعي الوحيد " والبديل الاسلامي عنه أن يقوداها إلى شرك الالتحاق بالجسم الاكبر وهو البيت الذي يقال تاريخيا انه يمثل الشعب الفلسطيني وهو منظمة التحرير الفلسطينية، عبر اصلاحها واحياء مؤسساتها وتحقيق المشاركة بين كل مكوناتها بمن فيهم المنوي انضمامهم لها ومنهم "الجهاد"،وهذه هذه المنظمة التي كانت في الستينيات والسبعينيات مسلحة بالميثاق الوطني الفلسطيني هي هي نفسها المنظمة التي في عشرينيات القرن الواحد والعشرين بعد شطب بنود هامة في الميثاق وتوقيع اتفاقية اوسلو؟؟ ،وكيف أن شركاء حقيقيون في منطمة التحرير الفلسطينية مثل قوى اليسار الذي تلتقي مع " الجهاد " في الرؤيا السياسية فشلت في منع اعتراف تلك المنظمة "بـإسرائيل"،ولم يستطيعوا ثنيّ الرئيس الراحل ياسر عرفات من اقتياد المنظمة الى مربع التسويات الفاشلة والمدمرة،فهل يعقل ان تتمكن حركة "الجهاد" ومعها" حماس" أن تعود بتلك المنظمة العجوز الى سيرتها الاولى وإلى شبابها المتوقد ؟؟ الجواب صعب جدا إن لم نقل مستحيل، وهذا الاتجاه التي سعت وتسعى اليه تلك الحركة كان من الاخطاء التي تتنافى مع مفاهيم النشأة والانطلاقة فكرا وممارسة.
هذا هو الخطا الاول، اما الخطأ الثاني، فهو ما فرضه واقع غزة المحاصر من قبل الاحتلال وغير الاحتلال من ضرورة التعامل مع حالتين فرضتا نفسهما على الواقع الفلسطيني هناك بالدرجة الاولى، وفي كل اماكن التواجد الفلسطيني في الضفة او في الداخل او في الشتات وهو الانقسام، وما يترتب على ذلك من دور يقوم فيه "الجهاد" يهدف لانهاء الانقسام والالتقاء على ارضية مفهوم مقاومة بالحد الادنى يلتقي عليه الكل الفلسطيني.
والامر الثاني ما ينتح من معارك وصدامات وحروب وعدوان من المحتل الاسرائيلي على قطاع غزة وما يترتب عليه من التعامل مع الوسطاء العرب مثل المصريين بالدرجة الاولى والقطريين والامميين، وما يحاول الوسيط المصري بقصد او بغير قصد أن يجر جانب " الجهاد " لإلية تعامل مختلفة ومتباينة بين طرفي الاقتتال الاحتلال و"الجهاد" والمقاومة،فالوسيط المصري الذي توسط في كل حروب اسرائيل على غزة، وكانت القاهرة المكان الذي اعلنت فيه بيانات وقف اطلاق النار وتوقيع تفاهمات غير مباشرة بين قوى المقاومة واسرائيل، والتي لو قمنا بدراسة متأنية للوعود التي قطعتها اسرائيل على نفسها للجانب المصري والتي كانت سببا من اسباب ايقاف تلك الحروب والمواجهات،لوجدنا أن اسرائيل لم تنفذ 5% من تلك الوعود والتعهدات، وأن سياسة الجانب المصري لم تتغير تجاه الجانب الاسرائيلي الناقض للعهود والمواثيق، بل على العكس مستمر ومتواصل في تثبيت آلية تعامله الغير متوازنة، فمثلا في هذه الايام وبالرغم من تنكر اسرائيل الملعن والصريح لتعهداتها في المواجهة الاخيرة باطلاق سراح الاسيرين خليل العواودة،والشيخ بسام السعدي،والذي يفترض ان يكون للوسيط المصري موقف من هذا التنكر، تقوم مصر وبالتحديد المخابرات المصرية باستدعاء وفد " الجهاد" بشقيه السياسي والعسكري الى القاهرة للتفاوض، بينما ترسل لاسرائيل وفد للقاء الجانب الاسرائيلي وتذكيره بما تم الاتفاق عليه، وكلا الحالتين لا يتساويان، ولا يتشابهان، ولا يتماثلان لا في التعامل ولا في البروتكولات، وهذا خطأ على قيادة "الجهاد" أن تغير او تعدل التعامل معه، فقد لا نكون مجبرين على خوض معركة عسكرية جديدة تكون امتدادا للمعركة الاخيرة بحكم ظروف الشعب الفلسطيني في القطاع، لكن هذا لا يمنع من اتخاذ موقف يتناسب مع حقنا ومظلوميتنا ومع اخلاقيات تجاوبنا مع اشقائنا المصريين الذين يصرون للأسف في الابقاء على التواصل وفق نظرتهم للجانب الاسرائيلي التي تختلف تماما عن نظرتنا.
إن السعي لدخول م ت ف حتى بنية اصلاحها في الوقت الذي تتجه المنطقة والعالم للتغير لصالح شعبنا وامتنا اقل ما يقال فيه انه مضيعة للوقت، وهو خطأ يتعارض من ادبيات التأسيس، وأن الابقاء على التعامل مع الوسيط المصري بهذا الشكل أيضا خطأ يتعارض مع مكانة وهيبة هذه الحركة التي عمادها الحق والمظلومية وجبال التضحيات،وانه في بعض معانية العميقة اقرار ببعض نتائج اتفاقيات كامب ديفيد المصرية الإسرائيلية، وهذا متعارض تماما مع اسس الحركة ومرتكزاتها، لذلك اتمنى وبكل تواضع تصحيح مسار تلك التوجهات، حتى تبقى تلك الحركة على ألقها وتألقها ووفائها لمنطلقاتها حتى تحقيق الاهداف التي انطلقت من أجلها، وحتى لا تخيب ظن المندهشين من آدائها وثباتها الذي يكاد ان يكون الوحيد في الساحة الفلسطينية .

• عَرَّقَ له :- صوب واعد السهم للإطلاق.
• كاتب فلسطيني

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى