يتهم مدعو الدفاع عن السيادة الوطنية خصومهم وبكل شراسة بأنهم "لا يميزون بين "الوطن" والنظام، ويبنون مزاعم دفاعهم عن السيادة الوطنية على تمييز "من وجهة نظرهم" واع وحصيف بين النظام وبين الوطن الذي يتعرض لتهديد مصيري، وهو في زعمهم ما تقاصر خصومهم عن الارتقاء إليه وفهمه.
وسؤالنا لهؤلاء هو: من هو الذي أوجد "الخلط" بين الوطن والنظام من الأساس؟ أو بمعنى أوضح: من الذي أحدث الخلط بين "نفسه" وبين الوطن؟
أولا ولتوضيح السياق إشارتنا واستخدامنا لكلمة "نظام" هي من باب الإشارة فقط إذ لا يوجد في ارتريا نظام سياسي، بل "حكومة مستبدة".
أشهر ربط للدولة بالنفس هو الذي سجله لنا التاريخ على لسان ملك فرنسا المشهور "بالملك الشمس" لويس الرابع عشر والذي صرخ في وجه خصومه: "أنا الدولة".
في الممارسة الاستبدادية في ارتريا لا يحتاج افورقي للتصريح مثل الملك الفرنسي بذلك، إذ تكفي ممارسته التي لا تترك مجالا للفصل بين شخصه وبين الدولة. وحتى تصبح الدولة شخصية اعتبارية من شخصيات القانون الدولي وتحظى بالاعتراف والمعاملة الدولية اللازمة يشترط لها ثلاث مكونات وهي: الأرض والشعب والحكومة. أما الحكومة فهي افورقي ذاته، وهو الذي غيب الشعب وهو الذي يحتكر الأرض، فكيف إذن تم هذا الربط السرطاني؟ الذي يتهم أصحاب السيادة الآخرين بتجاهله بينما هو يمارسه يوميا في البلاد وعلى رؤوس العباد.
فيما يخص الدستور، رغم علله، فقد قال الرئيس الأوحد بأنه "مات"، ويبدو أن دستوره البديل والذي أعلن عنه "مات" كما ماتت "طنجرة جار جحا" هو الآخر في غرفة الولادة، ولا زالت أمه في غيبوبة. في بلد لا يوجد فيه قانون لا دستوري ولا غيره لا يمكن الفصل بين الحاكم والحكومة: فالمال تحت يده وتدبير الأمور أمر يخصه، فهل هناك ارتباط وربط أكثر من هذا؟
أما مظاهر السيادة من علم ورأس دولة وتمثيل خارجي فهي كلها تخصه وحده ولا تخص الشعب الارتري بعد انفصالها وتسخيرها لخدمة هدف واحد وهو البقاء على رأس السلطة وتلفيق وحياكة الأعذار والمبررات للاستمرار رغم كل شيء
فهل ترك استبداد افورقي أي مسافة للفصل بينه وبين الوطن؟
فلو رجعنا للشعب الذي سلمه أسلافه وطنا مستقلا لوجدناه لا يعيش في الوطن إلا خائفا ولا يغادره إلا هاربا، ومن لديه برهان غير هذا فليأت به.
الوضع الذي تعيشه ارتريا هو وضع استبداد وهو وضع، بكل ما ينتجه هو وضع غير طبيعي وصورة مقلوبة رأسا على عقب.
يعرف عبد الرحمن الكواكبي الاستبداد لغة بأنه: " غرور المرء برأيه، والأنفة عن قبول النصيحة أو الاستقلال في الرأي في الحقوق المشتركة." ويبدو أن كلمة الاستفراد بالرأي والحقوق هي الأنسب للسياق، وهذا ما ينطبق على ارتريا اليوم
ففيها مستبد بالحق والرأي والتصرف وأنه يرى أنه الوطن أو ما يراه هو الوطن وكل ما عدا ذلك فهو سراب بالنسبة له.
من هنا تولد الربط السرطاني بين المستبد وبين الوطن المسلوب.
فما هو السبيل لفك هذا الربط السرطاني؟
ليس سوى المقاومة من سبيل لفك الارتباط بين الاستبداد الجاثم والوطن، أما محاولة تأجيل الصراع "لظروف تاريخية" فهي دعوات ذات غرض يتم الباسها ثوب الدفاع عن الوطن الذي يرى المستبد أنه حقه الكامل غير المنازع.
ثم ان واحدا من صور المقاومة وهو من صورها النبيلة هو: كراهة الاستبداد حتى وإن لم يكن المقاوم عضوا في حزب او جماعة معارضة أو في جوقة لا تقدم ولا تؤخر. فالإيمان بأن الاستبداد الأسود الذي يلف البلاد، حتى بدون أي عمل، يتسامى ويعلو على أي تبرير للظلم والاستبداد الذي يخنق البلاد، هو مقاومة شريفة ابية.
وهناك واجب أوجب على أنصار فكرة الدفاع عن السيادة الوطنية: وهي إقناع الدكتاتور بأنه ليس "الوطن" قبل إضاعة الجهد الوقت في اتهام الآخرين بأنهم لا يميزون بين الوطن و"النظام" كما يدعون.
وسؤالنا لهؤلاء هو: من هو الذي أوجد "الخلط" بين الوطن والنظام من الأساس؟ أو بمعنى أوضح: من الذي أحدث الخلط بين "نفسه" وبين الوطن؟
أولا ولتوضيح السياق إشارتنا واستخدامنا لكلمة "نظام" هي من باب الإشارة فقط إذ لا يوجد في ارتريا نظام سياسي، بل "حكومة مستبدة".
أشهر ربط للدولة بالنفس هو الذي سجله لنا التاريخ على لسان ملك فرنسا المشهور "بالملك الشمس" لويس الرابع عشر والذي صرخ في وجه خصومه: "أنا الدولة".
في الممارسة الاستبدادية في ارتريا لا يحتاج افورقي للتصريح مثل الملك الفرنسي بذلك، إذ تكفي ممارسته التي لا تترك مجالا للفصل بين شخصه وبين الدولة. وحتى تصبح الدولة شخصية اعتبارية من شخصيات القانون الدولي وتحظى بالاعتراف والمعاملة الدولية اللازمة يشترط لها ثلاث مكونات وهي: الأرض والشعب والحكومة. أما الحكومة فهي افورقي ذاته، وهو الذي غيب الشعب وهو الذي يحتكر الأرض، فكيف إذن تم هذا الربط السرطاني؟ الذي يتهم أصحاب السيادة الآخرين بتجاهله بينما هو يمارسه يوميا في البلاد وعلى رؤوس العباد.
فيما يخص الدستور، رغم علله، فقد قال الرئيس الأوحد بأنه "مات"، ويبدو أن دستوره البديل والذي أعلن عنه "مات" كما ماتت "طنجرة جار جحا" هو الآخر في غرفة الولادة، ولا زالت أمه في غيبوبة. في بلد لا يوجد فيه قانون لا دستوري ولا غيره لا يمكن الفصل بين الحاكم والحكومة: فالمال تحت يده وتدبير الأمور أمر يخصه، فهل هناك ارتباط وربط أكثر من هذا؟
أما مظاهر السيادة من علم ورأس دولة وتمثيل خارجي فهي كلها تخصه وحده ولا تخص الشعب الارتري بعد انفصالها وتسخيرها لخدمة هدف واحد وهو البقاء على رأس السلطة وتلفيق وحياكة الأعذار والمبررات للاستمرار رغم كل شيء
فهل ترك استبداد افورقي أي مسافة للفصل بينه وبين الوطن؟
فلو رجعنا للشعب الذي سلمه أسلافه وطنا مستقلا لوجدناه لا يعيش في الوطن إلا خائفا ولا يغادره إلا هاربا، ومن لديه برهان غير هذا فليأت به.
الوضع الذي تعيشه ارتريا هو وضع استبداد وهو وضع، بكل ما ينتجه هو وضع غير طبيعي وصورة مقلوبة رأسا على عقب.
يعرف عبد الرحمن الكواكبي الاستبداد لغة بأنه: " غرور المرء برأيه، والأنفة عن قبول النصيحة أو الاستقلال في الرأي في الحقوق المشتركة." ويبدو أن كلمة الاستفراد بالرأي والحقوق هي الأنسب للسياق، وهذا ما ينطبق على ارتريا اليوم
ففيها مستبد بالحق والرأي والتصرف وأنه يرى أنه الوطن أو ما يراه هو الوطن وكل ما عدا ذلك فهو سراب بالنسبة له.
من هنا تولد الربط السرطاني بين المستبد وبين الوطن المسلوب.
فما هو السبيل لفك هذا الربط السرطاني؟
ليس سوى المقاومة من سبيل لفك الارتباط بين الاستبداد الجاثم والوطن، أما محاولة تأجيل الصراع "لظروف تاريخية" فهي دعوات ذات غرض يتم الباسها ثوب الدفاع عن الوطن الذي يرى المستبد أنه حقه الكامل غير المنازع.
ثم ان واحدا من صور المقاومة وهو من صورها النبيلة هو: كراهة الاستبداد حتى وإن لم يكن المقاوم عضوا في حزب او جماعة معارضة أو في جوقة لا تقدم ولا تؤخر. فالإيمان بأن الاستبداد الأسود الذي يلف البلاد، حتى بدون أي عمل، يتسامى ويعلو على أي تبرير للظلم والاستبداد الذي يخنق البلاد، هو مقاومة شريفة ابية.
وهناك واجب أوجب على أنصار فكرة الدفاع عن السيادة الوطنية: وهي إقناع الدكتاتور بأنه ليس "الوطن" قبل إضاعة الجهد الوقت في اتهام الآخرين بأنهم لا يميزون بين الوطن و"النظام" كما يدعون.