ذكرى وفاة نجيب محفوظ 30 أغسطس
كتاب "في حضرة نجيب محفوظ" لـ "محمد سلماوي" هو في رأيي واحد من أهم الكتب عن الكاتب الكبير، فهو يجمع بين التوثيق الرشيق، وبين متعة الحكايات عبر سلاسة سرد وانسيابية معلومات.
فبينما يركز كتاب جمال الغيطاني "نجيب محفوظ يتذكر" على الجانب الأدبي عند نجيب محفوظ.
وكتاب رجاء النقاش "صفحات من مذكرات نجيب محفوظ" يبدو أقرب إلى العمل الصحفي حيث الجانب الاكبر منه يتضمن أراء مباشرة لنجيب محفوظ في أمور عديدة.
فإن كتاب "محمد سلماوي" الذي صدر عن الدار المصرية اللبنانية بعد رحيل نجيب محفوظ هو كتاب تاريخي به الجانب التوثيقي، بالإضافة لما أفتتح به محمد سلماوي الكتاب من لقاءات قمم ادبية عالمية جاءوا إلى مصر وطلبوا مقابلة نجيب محفوظ، وكان محمد سلماوي شاهدا على ما دار خلال تلك اللقاءات.
ومن أجملها اللقاء مع الكاتب البرازيلي الشهير باوللو كويللو، ذلك اللقاء في منزل نجيب محفوظ الذي بدأ بانحناء باولو كويللو على يد نجيب محفوظ لتقبيلها، ووصف باولو كويللو سبب تصرفه هذا بأنه يقبل اليد التي أنتجت مجموعة من أعظم الأعمال الروائية في العالم، وعلى الرغم من اندهاش نجيب محفوظ من هذا التصرف، إلا أن باولو كويللو قد كرره في نهاية اللقاء حين أهداه نجيب محفوظ "أحلام فترة النقاهة" ممهورة بإمضائه، فسحب محفوظ يده وانحنى تحية للضيف البرازيللي صاحب الأعمال الرائعة التي تم ترجمتها إلى مختلف لغات العالم.
وقد بدأت مداعبات نجيب محفوظ مع "باولو كويللو" منذ بداية اللقاء بملاحظة نجيب محفوظ لباولو كويللو حول أنه قد أطلق لحيته مثله، واستمر في المداعبة قائلا بأن كلا منهما تتميز لحيته باللون الأبيض. وبالمداعبة كسر نجيب محفوظ حاجز الرسمية في اللقاء.
وتحدث باولو كويللو حول أنه يشترك مع نجيب محفوظ في الإهتمام بالبشر قبل الأفكار والعقائد والإيديولوجيات.
كما تحدث باولو كويللو حول أنه عندما يزور بلدا إذا كان عليه الإختيار بين الجلوس على مقهى أو زيارة متحف فإنه يفضل أن يجلس على مقهى.
وقال كويللو لنجيب محفوظ أنه حين قرأ روايته العظيمة "الطريق"، وجد أن البطل الباحث عن والده هو يبحث عن الحقيقة، ومن خلالها يبحث عن نفسه، وأضاف أن هذا هو أيضا حال بطل روايته "الكيميائي"، فقال محفوظ أن لكل إنسان الكنز الذي يبحث عنه. فرد كويللو: وقد يكون الكنز بداخله. فعلق محفوظ بأن هذا هو الكنز الحقيقي.
ومثلما حضر محمد سلماوي لقاء باولو كويللو في بيت نجيب محفوظ فقد حضر لقاءات مختلف الشخصيات العالمية معه، ويحكي محمد سلماوي أن نجيب محفوظ قد أطلق عليه مازحا لقب "وزير الخارجية" باعتباره قد اختاره ليقرأ كلمته في احتفال تسلم جائزة "نوبل" من ناحية، وباعتباره كان يرتب ويحضر لقاءات الشخصيات العالمية معه.
ويروي محمد سلماوي استمتاعه بقيامه بهذا الدور من ناحية، إنما في الوقت نفسه يروي نوادر تتعلق بما كان يحدث بسبب حرص الكاتب الكبير على الإلتزام بجدول حياته اليومية. فقد كان خلال أيام الأسبوع يقابل في المساء الأصدقاء الذين أطلق عليهم "الحرافيش"، أما يوم "السبت" فقد خصصه لزيارة "محمد سلماوي" الأسبوعية له في البيت في حوار يتم نشره بعد ذلك في جريدة "الأهرام" بدلا من مقال نجيب محفوظ الذي كان يكتبه أسبوعيا قبل أن يحول ضعف نظره بينه وبين الكتابة.
كما خصص مساء السبت للمقابلات التي يتلقاها "محمد سلماوي" للقاء بنجيب محفوظ.
ومن النوادر التي حكاها محمد سلماوي، ذلك الرد الذي رد به نجيب محفوظ عليه حين أخبره أن الأمير "خالد الفيصل" يرغب في زيارته لاستطلاع رأيه في شأن مؤسسة للفكر العربي يريد إنشاؤها، فإذا بنجيب محفوظ يرد عليه قائلا: "إبقى هاته معاك يوم السبت"، فأخبره محمد سلماوي أن الأمير لن تستمر زيارته للقاهرة حتى يوم السبت، فجاء رد نجيب محفوظ التلقائي الخاضع لجدوله اليومي قائلا: "يعني حيقابلني مع الحرافيش" باعتبار أن جدول بقية الأيام مخصص لمقابلة أصدقاءه سواء المجموعة التي اشتهرت باسم "الحرافيش" أو غيرهم.
أيضا حكى محمد سلماوي أن السفير الفرنسي في القاهرة قد أخبره أن فرنسا قررت منح نجيب محفوظ أعلى وسام في الآداب والفنون، وأوضح له أن هذا الوسام لم يتم منحه إلا على أرض فرنسية، فإما أن يسافر محفوظ إلى فرنسا أو يقلده السفير الوسام في السفارة الفرنسية بالقاهرة.
وروى سلماوي أنه تلقائيا قد أخبر السفير الفرنسي بأن محفوظ لا يهوى السفر للخارج، إلى درجة أنه لم يذهب إلى السويد بنفسه لاستلام جائزة "نوبل"، واقترح سلماوي أن تسليم الوسام يكون في السفارة بالقاهرة.
لكن إذا بنجيب محفوظ يرد على محمد سلماوي حين عرض عليه الأمر قائلا رده المعتاد وهو أن يحضر السفير معه إلى البيت يوم السبت ليسلمه الوسام.
وأمام هذه الورطة أخذ سلماوي يشرح الوضع للسفير بأكثر الطرق دبلوماسية، ولقد جاء رد السفير بعد تفكير بأن نجيب محفوظ شخصية استثنائية، ولا بد من اتخاذ إجراء استثنائي معه.
وقد كان.
وأحضر محمد سلماوي السفير معه إلى بيت نجيب محفوظ يوم السبت، وتم تسليمه أعلى وسام فرنسي في بيته.
ويروي عن موقف آخر أخبره فيه عن رغبة رئيس وزراء أسبانيا في مقابلته خلال زيارته الرسمية لمصر، وأن سلماوي قد أضاف قائلا لنجيب محفوظ: "لا تقل لي أحضره معك يوم السبت"، فإذا بنجيب محفوظ يرد عليه مندهشا: "أمال حيقابلني إمتى"، وأكمل نجيب محفوظ قائلا: "إن مكنشي يقدر ييجي معاك يوم السبت يبقى نعتذر له".
ويحكي محمد سلماوي عن "ماريو بارجاس يوسا" كاتب بيرو الكبير الجائز على جائزة "نوبل" أنه لم يتمكن من أن "يأتي به معه يوم السبت"، كعادة من يطلبون مقابلة نجيب محفوظ، بسبب أن ذلك السبت الذي كان فيه أديب بيرو في القاهرة لم تسمح الحالة الصحية لنجيب محفوظ بمقابلته، وحين تعافى كان "يوسا" في الأيام الأخيرة من زيارته للقاهرة فكان الحل هو أن يستقبله نجيب محفوظ في أحد لقاءاته الأسبوعية مع الأصدقاء، وكان اللقاء في فندق "سوفتيل" بالمعادي، وقد خشي نجيب محفوظ أن يكون المكان بعيدا بالنسبة للضيف الزائر، فجاء تعليق "يوسا" وهو يضحك قائلا أنه مستعد للذهاب للقائه ولو على سطح القمر.
ويكمل محمد سلماوي بدهشة لا تفارقه قائلا: "إن قائمة من (أحضرتهم معي يوم السبت) حسب طلب الأستاذ ـ رحمه الله ـ تضم عددا من أكبر الشخصيات العربية والعالمية".
وكان من بينهم كاتبة جنوب أفريقيا الحاصلة على جائزة نوبل "نادين جوديمر" التي كانت قد اشترطت قبول دعوة الحضور كضيفة شرف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب أن يرتب لها محمد سلماوي لقاء مع نجيب محفوظ. وكانت في الثمانين من عمرها وهو في الثالثة والتسعين.
وإذا كان هذا هو حال إقبال الشخصيات العالمية على مقابلة نجيب محفوظ، فإن اهتمام نجيب محفوظ بالأشخاص المصريين العاديين لم يتغير.
يروي محمد سلماوي أنه قد إقترح على نجيب محفوظ بعد شهور من حصوله على نوبل أن يرتاح في أجازة بالإسكندرية كعادته، وبينما يستعد للسفر وجد نجيب محفوظ السكرتيرة تخبره بأنها ستطلب له سيارة من "الأهرام" ليسافر بها، فرفض وقال أنه سيسافر بالقطار أو الأتوبيس الصحراوي كعادته، فردت السكرتيرة أن هذا كان يحدث قبل حصوله على نوبل. فقاطعها على الفور قائلا: إني كما أنا لم أتغير، ولن يتغير شيء في حياتي.
ثم عندما تدخل محمد سلماوي موضحا أنها لا تقصد أن حياتك يجب أن تتغير، إنما أن الفوز بنوبل يدفع المواطنين لمصافحتك والتحدث إليك لو استخدمت المواصلات العامة.
وإذا بنجيب محفوظ يرد بهدوء: من حق أبناء بلدي أن يُتاح لهم مصافحتي والتحدث إليّ، وأضاف أن إقبالهم على أعماله هو الذي أدى في النهاية إلى حصوله على نوبل. وسافر أديب نوبل العالمي كما تعود بالقطار.
الله يرحمه ويحسن اليه.
كتاب "في حضرة نجيب محفوظ" لـ "محمد سلماوي" هو في رأيي واحد من أهم الكتب عن الكاتب الكبير، فهو يجمع بين التوثيق الرشيق، وبين متعة الحكايات عبر سلاسة سرد وانسيابية معلومات.
فبينما يركز كتاب جمال الغيطاني "نجيب محفوظ يتذكر" على الجانب الأدبي عند نجيب محفوظ.
وكتاب رجاء النقاش "صفحات من مذكرات نجيب محفوظ" يبدو أقرب إلى العمل الصحفي حيث الجانب الاكبر منه يتضمن أراء مباشرة لنجيب محفوظ في أمور عديدة.
فإن كتاب "محمد سلماوي" الذي صدر عن الدار المصرية اللبنانية بعد رحيل نجيب محفوظ هو كتاب تاريخي به الجانب التوثيقي، بالإضافة لما أفتتح به محمد سلماوي الكتاب من لقاءات قمم ادبية عالمية جاءوا إلى مصر وطلبوا مقابلة نجيب محفوظ، وكان محمد سلماوي شاهدا على ما دار خلال تلك اللقاءات.
ومن أجملها اللقاء مع الكاتب البرازيلي الشهير باوللو كويللو، ذلك اللقاء في منزل نجيب محفوظ الذي بدأ بانحناء باولو كويللو على يد نجيب محفوظ لتقبيلها، ووصف باولو كويللو سبب تصرفه هذا بأنه يقبل اليد التي أنتجت مجموعة من أعظم الأعمال الروائية في العالم، وعلى الرغم من اندهاش نجيب محفوظ من هذا التصرف، إلا أن باولو كويللو قد كرره في نهاية اللقاء حين أهداه نجيب محفوظ "أحلام فترة النقاهة" ممهورة بإمضائه، فسحب محفوظ يده وانحنى تحية للضيف البرازيللي صاحب الأعمال الرائعة التي تم ترجمتها إلى مختلف لغات العالم.
وقد بدأت مداعبات نجيب محفوظ مع "باولو كويللو" منذ بداية اللقاء بملاحظة نجيب محفوظ لباولو كويللو حول أنه قد أطلق لحيته مثله، واستمر في المداعبة قائلا بأن كلا منهما تتميز لحيته باللون الأبيض. وبالمداعبة كسر نجيب محفوظ حاجز الرسمية في اللقاء.
وتحدث باولو كويللو حول أنه يشترك مع نجيب محفوظ في الإهتمام بالبشر قبل الأفكار والعقائد والإيديولوجيات.
كما تحدث باولو كويللو حول أنه عندما يزور بلدا إذا كان عليه الإختيار بين الجلوس على مقهى أو زيارة متحف فإنه يفضل أن يجلس على مقهى.
وقال كويللو لنجيب محفوظ أنه حين قرأ روايته العظيمة "الطريق"، وجد أن البطل الباحث عن والده هو يبحث عن الحقيقة، ومن خلالها يبحث عن نفسه، وأضاف أن هذا هو أيضا حال بطل روايته "الكيميائي"، فقال محفوظ أن لكل إنسان الكنز الذي يبحث عنه. فرد كويللو: وقد يكون الكنز بداخله. فعلق محفوظ بأن هذا هو الكنز الحقيقي.
حالة يوم السبت
ومثلما حضر محمد سلماوي لقاء باولو كويللو في بيت نجيب محفوظ فقد حضر لقاءات مختلف الشخصيات العالمية معه، ويحكي محمد سلماوي أن نجيب محفوظ قد أطلق عليه مازحا لقب "وزير الخارجية" باعتباره قد اختاره ليقرأ كلمته في احتفال تسلم جائزة "نوبل" من ناحية، وباعتباره كان يرتب ويحضر لقاءات الشخصيات العالمية معه.
ويروي محمد سلماوي استمتاعه بقيامه بهذا الدور من ناحية، إنما في الوقت نفسه يروي نوادر تتعلق بما كان يحدث بسبب حرص الكاتب الكبير على الإلتزام بجدول حياته اليومية. فقد كان خلال أيام الأسبوع يقابل في المساء الأصدقاء الذين أطلق عليهم "الحرافيش"، أما يوم "السبت" فقد خصصه لزيارة "محمد سلماوي" الأسبوعية له في البيت في حوار يتم نشره بعد ذلك في جريدة "الأهرام" بدلا من مقال نجيب محفوظ الذي كان يكتبه أسبوعيا قبل أن يحول ضعف نظره بينه وبين الكتابة.
كما خصص مساء السبت للمقابلات التي يتلقاها "محمد سلماوي" للقاء بنجيب محفوظ.
ومن النوادر التي حكاها محمد سلماوي، ذلك الرد الذي رد به نجيب محفوظ عليه حين أخبره أن الأمير "خالد الفيصل" يرغب في زيارته لاستطلاع رأيه في شأن مؤسسة للفكر العربي يريد إنشاؤها، فإذا بنجيب محفوظ يرد عليه قائلا: "إبقى هاته معاك يوم السبت"، فأخبره محمد سلماوي أن الأمير لن تستمر زيارته للقاهرة حتى يوم السبت، فجاء رد نجيب محفوظ التلقائي الخاضع لجدوله اليومي قائلا: "يعني حيقابلني مع الحرافيش" باعتبار أن جدول بقية الأيام مخصص لمقابلة أصدقاءه سواء المجموعة التي اشتهرت باسم "الحرافيش" أو غيرهم.
أيضا حكى محمد سلماوي أن السفير الفرنسي في القاهرة قد أخبره أن فرنسا قررت منح نجيب محفوظ أعلى وسام في الآداب والفنون، وأوضح له أن هذا الوسام لم يتم منحه إلا على أرض فرنسية، فإما أن يسافر محفوظ إلى فرنسا أو يقلده السفير الوسام في السفارة الفرنسية بالقاهرة.
وروى سلماوي أنه تلقائيا قد أخبر السفير الفرنسي بأن محفوظ لا يهوى السفر للخارج، إلى درجة أنه لم يذهب إلى السويد بنفسه لاستلام جائزة "نوبل"، واقترح سلماوي أن تسليم الوسام يكون في السفارة بالقاهرة.
لكن إذا بنجيب محفوظ يرد على محمد سلماوي حين عرض عليه الأمر قائلا رده المعتاد وهو أن يحضر السفير معه إلى البيت يوم السبت ليسلمه الوسام.
وأمام هذه الورطة أخذ سلماوي يشرح الوضع للسفير بأكثر الطرق دبلوماسية، ولقد جاء رد السفير بعد تفكير بأن نجيب محفوظ شخصية استثنائية، ولا بد من اتخاذ إجراء استثنائي معه.
وقد كان.
وأحضر محمد سلماوي السفير معه إلى بيت نجيب محفوظ يوم السبت، وتم تسليمه أعلى وسام فرنسي في بيته.
ويروي عن موقف آخر أخبره فيه عن رغبة رئيس وزراء أسبانيا في مقابلته خلال زيارته الرسمية لمصر، وأن سلماوي قد أضاف قائلا لنجيب محفوظ: "لا تقل لي أحضره معك يوم السبت"، فإذا بنجيب محفوظ يرد عليه مندهشا: "أمال حيقابلني إمتى"، وأكمل نجيب محفوظ قائلا: "إن مكنشي يقدر ييجي معاك يوم السبت يبقى نعتذر له".
ويحكي محمد سلماوي عن "ماريو بارجاس يوسا" كاتب بيرو الكبير الجائز على جائزة "نوبل" أنه لم يتمكن من أن "يأتي به معه يوم السبت"، كعادة من يطلبون مقابلة نجيب محفوظ، بسبب أن ذلك السبت الذي كان فيه أديب بيرو في القاهرة لم تسمح الحالة الصحية لنجيب محفوظ بمقابلته، وحين تعافى كان "يوسا" في الأيام الأخيرة من زيارته للقاهرة فكان الحل هو أن يستقبله نجيب محفوظ في أحد لقاءاته الأسبوعية مع الأصدقاء، وكان اللقاء في فندق "سوفتيل" بالمعادي، وقد خشي نجيب محفوظ أن يكون المكان بعيدا بالنسبة للضيف الزائر، فجاء تعليق "يوسا" وهو يضحك قائلا أنه مستعد للذهاب للقائه ولو على سطح القمر.
ويكمل محمد سلماوي بدهشة لا تفارقه قائلا: "إن قائمة من (أحضرتهم معي يوم السبت) حسب طلب الأستاذ ـ رحمه الله ـ تضم عددا من أكبر الشخصيات العربية والعالمية".
وكان من بينهم كاتبة جنوب أفريقيا الحاصلة على جائزة نوبل "نادين جوديمر" التي كانت قد اشترطت قبول دعوة الحضور كضيفة شرف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب أن يرتب لها محمد سلماوي لقاء مع نجيب محفوظ. وكانت في الثمانين من عمرها وهو في الثالثة والتسعين.
أبناء البلد
وإذا كان هذا هو حال إقبال الشخصيات العالمية على مقابلة نجيب محفوظ، فإن اهتمام نجيب محفوظ بالأشخاص المصريين العاديين لم يتغير.
يروي محمد سلماوي أنه قد إقترح على نجيب محفوظ بعد شهور من حصوله على نوبل أن يرتاح في أجازة بالإسكندرية كعادته، وبينما يستعد للسفر وجد نجيب محفوظ السكرتيرة تخبره بأنها ستطلب له سيارة من "الأهرام" ليسافر بها، فرفض وقال أنه سيسافر بالقطار أو الأتوبيس الصحراوي كعادته، فردت السكرتيرة أن هذا كان يحدث قبل حصوله على نوبل. فقاطعها على الفور قائلا: إني كما أنا لم أتغير، ولن يتغير شيء في حياتي.
ثم عندما تدخل محمد سلماوي موضحا أنها لا تقصد أن حياتك يجب أن تتغير، إنما أن الفوز بنوبل يدفع المواطنين لمصافحتك والتحدث إليك لو استخدمت المواصلات العامة.
وإذا بنجيب محفوظ يرد بهدوء: من حق أبناء بلدي أن يُتاح لهم مصافحتي والتحدث إليّ، وأضاف أن إقبالهم على أعماله هو الذي أدى في النهاية إلى حصوله على نوبل. وسافر أديب نوبل العالمي كما تعود بالقطار.
الله يرحمه ويحسن اليه.