علي سيف الرعيني - شحة المخرجات الفكرية والفلسفية العربية التي تحاكي الغرب!!؟

ان الاقتراب من الواقع والتعمق بالتفاصيل وإيجاد الحلول المناسبة والطرح والمناقشة بكل جرأة لمجمل قضايانا ومشاكلنا وتلك المتعلقة بالفكر العربي امرا يسهم في تذليل الصعوبات وتوضيح نقاط الفشل والعمل على تجاوزها

وحتى نتمكن من اخراج فكر عربي يوثر في الأدب علينا ان نجتهد في مسائل أهمها جودة الكتاب المادة الفكرية المؤثرة المادة التي تجعل الفكر العربي يخرج من التبعية للغرب ويخرج من النظرة العميقة للماضي ويواجه الحاضر بنظرة فكرية تستطيع أن تحلله وتفكك اجزائه المعقدة وتضع حلول يقتنع بها المجتمع العربي

علينا أن نطرح المشاكل ونعالجها سواء بالرواية أو غيرها من الوسائل الأدبية والفكرية وعلينا أن ننظر للواقع كما هو دون أن نجمله ونرسم له صورة خيالية بعيده عنه فالاقتراب من الواقع يجعلنا حقيقيين أكثر ويجعلنا مؤمنين أن لدينا مشاكل ملحة تحتاج لحلول مسائل موجودة في كل المجتمعات ونرى أنها نمت وتطورت بشكل سريع بسبب اننا نتجنب الحديث عنها

تعتبر مشكلة الرواية العربية مشكلة مركبة فالقصة بحد ذاتها قديمة وتطورت بأساليبها المختلفة عبر القصص المروية والمكتوبة حتى وصلت لشكلها الحالي كقصة كبيرة تسمى رواية لم تولد في المنطقة العربية ولا يوجد نهج خاص بالروائيين العرب ولا اعني بهذا الكلام الأسلوب بل اعني ان لا مدارس فكرية او فلسفية عربية خرجت في اطارها الرواية أومدارس فكرية وفلسفية عربية مستقلة تأثر بها الروائيين العرب بل كل التصورات والأفكار غربية ولولا الفكرة المحلية في الرواية العربية لكنا متلبسين بالكامل بالمدارس الفكرية والفلسفية الغربية

وهذا ليس عيباً في الرواية بل تكمن المشكلة في فقر المخرجات الفكرية والفلسفية العربية التي تحاكي الغرب في كل اتجاهاتها ولا تعمل على اخراج فكر يحمل قدر من الاستقلالية بل تكرس الفكر الغربي وتتبناه بقوة ما عدا الفكر الوحيد الذي يقاوم الغرب وهو الفكر الإسلامي !

لنعود للرواية ومشاكلها العربية فالرواية قصة لا تحاكي مراحل زمنية فقط بل تحاكي فكر يعتبر عميق في النفس يحاكي المشاعر ، المشاكل ، وينقل كل صور الحياة التي يعيشها الإنسان دون أن يكون هناك قيود تحدد فكر الكاتب أو ابعاد لروايته لذا تكون جودة الرواية مهمة لأنها حين تقرأ ستصل لمسافة عميقة في نفس القارئ وتمس مشاعره ، فإن كانت تحمل فكر ، فسوف تؤثر في القارئ بشكل جيد وستنقل إليه أفكار الكاتب وعلى القارئ التمييز بين الغث والسمين في هذا الجانب

المعضلة التي يعانيها الكِتاب العربي انه لا يُقرأ ولا يعني هذا أن كل الكتب سيئة بل يعني أن القارئ العربي قد فقد ثقته في الكُتاب العربي لأسباب كثيرة ولو نظرنا لهذه الزاوية في الرواية ستتضح لنا الصورة بشكل شبه كامل فالرواية العربية تعاني من مشاكل كثيرة التفاصيل التي تخرج عن سياق الرواية الفكرة المطاطة للرواية الروتين في الرواية وتكرار المشاهد والوصف الذي يجعل القارئ يهتم بالمكان لا بالشخوص الرواية حتى تقييم الرواية نفسه يرتبط باسم الكاتب ولا يقيم العمل بذاته فحين يكتب أحد الكتاب الكبار رواية ضعيفة نجد المديح مستمر دون ان يوجه له نقد يقيم العمل وحين يصدر روائي صغير رواية جيدة يعاني من الاهمال لأنه أسم غير معروف

كذلك هناك مشاكل يعانيها الكُتاب العرب فالمحاذير العربية والإسلامية كثيرة بدعوة المجتمع المحافظ ونتجاهل أن المجتمع المحافظ في المنزل العربي يعاني من انفلات غير محدود في الشارع ومطلوب من الكُتاب العرب أن يسيروا على النهج المنزلي المحافظ ولا يتطرقوا إلى الانفلات الذي وصل إليه الشارع العربي

وبالتالي فإن التطرق لمشاكل ربما يعتبرها البعض معقدة كالجنس والإلحاد مثلا! وغيرها من المشاكل التي تعقد الفكر العربي وتحدده ولا تريد أن يقترب احد من هذه المشاكل ويطرحها ويناقشها بل كل الأمور تحبس وتترك للقدر فإما تتطور تكتسح أو تموت وتدفن دون تدخل فكري ولا اجتماعي عميق يحلل المشاكل ويدرسها ويفككها ويضع الحلول الممكنة لكي يحجمها على اقل تقدير وعلى الكاتب العربي أن يسير على نفس النهج لكي يكون مقبولاً

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى