اللغة الدينية والنقد البائس
اللغة الدينية التي يتحدث بها النص الديني لا يمكن لنا ان نتعامل معها بكونها نصا تاريخيا او نصا ادبيا او نصا فلسفيا او نصا علميا, لأن لكل فرع موضوعه الخاص ولغته التي ينشغل بها, وموضوع اللغة الدينية الإنشغال الكوني. ولغة التاريخ تنشغل كما أطلق عليها هيجل ب(عبء التاريخ).
اهم ما تكتنزه اللغة الدينية هي المعتقدات والتجربة الدينية التي تنقلها عبر ما تفترضه من وجود لكينونة متعالية هي (الله). وبالتالي لا يمكن قراءة النص الديني دون معرفة هذه الكينونة.
بالرجوع الى رؤيا إبراهيم في النص الديني فقد تم تناولها من قبل الفليلسوف (سورن كيركغارد) في كتابه الخوف والرعشة وهو يتحدث عن (قشعريرة الفكرة وليس نسيج الخيال الجميل) كما يقول في تمهيده.
في كتابه هذا طرح (كيركغارد) سؤالا فلسفيا غير مسبوق حول "الإيمان" بكونه "مفارقة" كما يقول فتحي المسكيني, ولم يعد في "حدود العقل" كما أراد كانت. هذا التناول هو ما نحتاجه لفهم الايمان فلا يمكن ان تكون لنا حياة أخلاقية بدون ايمان.
لكن ان يأتي اكاديمي ليتناول هذه الرؤيا بمناهج متعددة ثم يترحل عبر التاريخ وعبر المناهج دون اعتبار حتى للمناهح التي يؤمن بها. فحينما يقول هاجر قوم إبراهيم بحدود (2500) وعاش إبراهيم بعد ذلك بحدود (500) عام لينتقل عبر الزمان والمكان فيقول لنا ان اصله "جزري" وان هذه القرون الخمس لم تؤثر في ثقافته وان ارض العراق لم تؤثر فيه, وهو هنا يعنيا بأننا كل من هاجر اجداده عبر الهجرات السامية هم ذاتهم سواء سكنوا اليمن ام شرق البلاد في اسيا ام غربها في افريقيا.
السؤال المقلق حقا هو لماذا يقتل النقد البائس النص الثري بمعناه المفعم بقشعريرة الفكرة على قول كيركغارد. فحتى لو تنزلنا وتماشيا مع الكاتب الذي يحلل النص الديني بكون رواية تاريخية وقلنا ان (التاريخ هو معاصر دائما) فهل يمكن لنا ان نكون حياديين في فهم التمايز بين الماضي والحاضر كما يذهب (جاك لوبوف). وهل استطاع الكاتب ان يميز بين الذاكرة التي يشكلها النص الديني وبين تاريخية النص. بمعنى هل تفكيك النص بهذه السذاجة هو المعيار ام علينا تناول مدى تثير هذا النص في الحاضر, واذا كنت تعتقد ان التحرر من النصوص الدينية عبر تهيشمها يمكن ان يكون مقدمة للتحرر الإنساني فانت واهم.
ان تناول الرؤيا بكونها تعبير عن انثروبولوجيا ولم تتغير لمئات السنين (بكونهم اهل حرب) ولكنه لأجل نقده البائس يقر ان التغير الانثروبولوجي حصل (فداء الذكور بالاناث) ولم يقل لنا اين حصل هذا التغيير في الجزية ام في العراق التي نزح اجداه اليها. ولكي يثبت لنا ان نقده حقيقة يرحل ثانية ثم يربط هذا التغيير بدليل (وأد البنات) عند العرب.
هذا الترحل النقدي البائس هي سمة لفكر قلق لا يستطيع ان يعيش مع الحاضر فيصاب بالنكوص كما الطفل الذي يحتاج (الاستقطاب المائل نحو الحاضر الذي يتسم به الطفل الذي يعيد تشكيل الماضي بناءا على الحاضر) كما يقول (جان بياجيه).
يقول كيركغارد في مديح إبراهيم (لو لم يملك الانسان أي وعد ابدي...لو لم يكن هنالك رباط مقدس...كم ستكون الحياة خاوية) ويقول كل شخص يتناسب مع عظمة ما أحب:
من احب نفسه أصبح عظيما بذاته.
ومن أحب الآخرين أصبح عظيما بولائه.
لكن هذا الذي أحب الله أصبح أعظم من الجميع.
فالاستعارة التي يحملها النص الديني ممكن ان نحملها من الحقيقي الى المجازي. ولكن بهذه الطريقة التي لا تبخس النص قدرته على احداث ذلك الأثر الوجداني فتسري بنا قشعريرة الشعر الذي يحمل طاقة هائلة تسري لجميع أعضاء الجسم لأن اللسان وحده غير قادر على تحمل هذه القشعريرة, فيتم استنفار أعضاء الجسم كافة للتتحمل طاقة الكلمات.
لا ان نحطم بمعول البنيوية او النفسية السلوكية التي لم تعد هي المناهج المعتبرة في محاكمة اللغة الدينية والمعنى المتفجر فيها والتجربة التي تحملها.
وفي هذا يقول فتحي المسكيني في قرائته لنص كيركغارد (كيف نعد أحدا بالغربة بوصفها وطنا؟ لا يفعل الإيمان غير ذلك). فطوبى للغرباء.
اللغة الدينية التي يتحدث بها النص الديني لا يمكن لنا ان نتعامل معها بكونها نصا تاريخيا او نصا ادبيا او نصا فلسفيا او نصا علميا, لأن لكل فرع موضوعه الخاص ولغته التي ينشغل بها, وموضوع اللغة الدينية الإنشغال الكوني. ولغة التاريخ تنشغل كما أطلق عليها هيجل ب(عبء التاريخ).
اهم ما تكتنزه اللغة الدينية هي المعتقدات والتجربة الدينية التي تنقلها عبر ما تفترضه من وجود لكينونة متعالية هي (الله). وبالتالي لا يمكن قراءة النص الديني دون معرفة هذه الكينونة.
بالرجوع الى رؤيا إبراهيم في النص الديني فقد تم تناولها من قبل الفليلسوف (سورن كيركغارد) في كتابه الخوف والرعشة وهو يتحدث عن (قشعريرة الفكرة وليس نسيج الخيال الجميل) كما يقول في تمهيده.
في كتابه هذا طرح (كيركغارد) سؤالا فلسفيا غير مسبوق حول "الإيمان" بكونه "مفارقة" كما يقول فتحي المسكيني, ولم يعد في "حدود العقل" كما أراد كانت. هذا التناول هو ما نحتاجه لفهم الايمان فلا يمكن ان تكون لنا حياة أخلاقية بدون ايمان.
لكن ان يأتي اكاديمي ليتناول هذه الرؤيا بمناهج متعددة ثم يترحل عبر التاريخ وعبر المناهج دون اعتبار حتى للمناهح التي يؤمن بها. فحينما يقول هاجر قوم إبراهيم بحدود (2500) وعاش إبراهيم بعد ذلك بحدود (500) عام لينتقل عبر الزمان والمكان فيقول لنا ان اصله "جزري" وان هذه القرون الخمس لم تؤثر في ثقافته وان ارض العراق لم تؤثر فيه, وهو هنا يعنيا بأننا كل من هاجر اجداده عبر الهجرات السامية هم ذاتهم سواء سكنوا اليمن ام شرق البلاد في اسيا ام غربها في افريقيا.
السؤال المقلق حقا هو لماذا يقتل النقد البائس النص الثري بمعناه المفعم بقشعريرة الفكرة على قول كيركغارد. فحتى لو تنزلنا وتماشيا مع الكاتب الذي يحلل النص الديني بكون رواية تاريخية وقلنا ان (التاريخ هو معاصر دائما) فهل يمكن لنا ان نكون حياديين في فهم التمايز بين الماضي والحاضر كما يذهب (جاك لوبوف). وهل استطاع الكاتب ان يميز بين الذاكرة التي يشكلها النص الديني وبين تاريخية النص. بمعنى هل تفكيك النص بهذه السذاجة هو المعيار ام علينا تناول مدى تثير هذا النص في الحاضر, واذا كنت تعتقد ان التحرر من النصوص الدينية عبر تهيشمها يمكن ان يكون مقدمة للتحرر الإنساني فانت واهم.
ان تناول الرؤيا بكونها تعبير عن انثروبولوجيا ولم تتغير لمئات السنين (بكونهم اهل حرب) ولكنه لأجل نقده البائس يقر ان التغير الانثروبولوجي حصل (فداء الذكور بالاناث) ولم يقل لنا اين حصل هذا التغيير في الجزية ام في العراق التي نزح اجداه اليها. ولكي يثبت لنا ان نقده حقيقة يرحل ثانية ثم يربط هذا التغيير بدليل (وأد البنات) عند العرب.
هذا الترحل النقدي البائس هي سمة لفكر قلق لا يستطيع ان يعيش مع الحاضر فيصاب بالنكوص كما الطفل الذي يحتاج (الاستقطاب المائل نحو الحاضر الذي يتسم به الطفل الذي يعيد تشكيل الماضي بناءا على الحاضر) كما يقول (جان بياجيه).
يقول كيركغارد في مديح إبراهيم (لو لم يملك الانسان أي وعد ابدي...لو لم يكن هنالك رباط مقدس...كم ستكون الحياة خاوية) ويقول كل شخص يتناسب مع عظمة ما أحب:
من احب نفسه أصبح عظيما بذاته.
ومن أحب الآخرين أصبح عظيما بولائه.
لكن هذا الذي أحب الله أصبح أعظم من الجميع.
فالاستعارة التي يحملها النص الديني ممكن ان نحملها من الحقيقي الى المجازي. ولكن بهذه الطريقة التي لا تبخس النص قدرته على احداث ذلك الأثر الوجداني فتسري بنا قشعريرة الشعر الذي يحمل طاقة هائلة تسري لجميع أعضاء الجسم لأن اللسان وحده غير قادر على تحمل هذه القشعريرة, فيتم استنفار أعضاء الجسم كافة للتتحمل طاقة الكلمات.
لا ان نحطم بمعول البنيوية او النفسية السلوكية التي لم تعد هي المناهج المعتبرة في محاكمة اللغة الدينية والمعنى المتفجر فيها والتجربة التي تحملها.
وفي هذا يقول فتحي المسكيني في قرائته لنص كيركغارد (كيف نعد أحدا بالغربة بوصفها وطنا؟ لا يفعل الإيمان غير ذلك). فطوبى للغرباء.