إيتجار كيريت - ماذا لدينا في جيوبنا... ت: شادي عبد العزيز

ولاعة سجائر، دواء للسعال، طابع بريد، سيجارة مقوسة قليلاً، مسواك، منديل، قلم، وعملتان معدنيتان من فئة خمسة شيكل، هذا جزء مما أحمل في جيوبي،فهل هناك أي غرابة في انتفاخها؟ الكثير من الناس يذكرون ذلك، يقولون: تباً، ماذا لديك في جيوبك؟ ولا أجيب غالباً، فقط أبتسم، وأحياناً أقدم ابتسامة قصيرة ومهذبة، كما لو أن أحدهم أخبرني بنكتة، ولو أنهم يصرون على الاستمرار ويسألوني ثانية، فسأريهم على الأرجح كل ما لديّ، بل وقد أشرح لهم سبب حاجتي لكل هذه الأشياء معي عادةً، ولكنهم لا يفعلون، اللعنة، ما هذا؟، ابتسامة، ضحكة قصيرة، صمت محرج، ثم ننتقل للموضوع التالي.

في الواقع، كل ما لديّ في جيوبي منتقى بدقة، لأكون مستعداً دائماً، كل ما فيها لأكون في وضع أفضل في لحظة الحقيقة، ليس هذا دقيقاً في الواقع، كل ما فيها حتى لا أكون في وضع أسوأ في لحظة الحقيقة، فأي ميزة في الواقع تلك يقدمها لك مسواك أو طابع بريد؟ ولكن -على سبيل المثال- لو أن فتاة جميلة، أتدري شيئاً؟!، ليست حتى جميلة، مجرد فتاة لطيفة، فتاة عادية المظهر ذات ابتسامة خلابة تسرق أنفاسك تطلب منك طابعاً، أو حتى لا تطلب، فقط تقف هناك في الشارع بجوار صندوق بريد أحمر في ليلة ممطرة وفي يدها مظروف بلا طابع، وتسألك إذا ما كنت تعرف بالصدفة مكتب بريد مفتوح في تلك الساعة، ثم تسعل قليلاً لأنها مصابة بالبرد ويائسة كذلك، ففي عمق قلبها تعرف أنه لا توجد مكاتب بريد مفتوحة في المنطقة، وفي تلك الساعة تحديداً، وفي هذه اللحظة، لحظة الحقيقة، لن تقول " تباً، ما هذا الذي في جيوبك؟" ولكنها ستكون ممتنة للطابع، وقد لا تكون حتى ممتنة، فقط ستبتسم ابتسامتها الخلابة، ابتسامة خلابة بالنسبة لطابع بريد، سأقبل مثل هذه الصفقة في أي وقت، حتى لو قفز سعر طوابع البريد، وانهار سعر الابتسامات.

بعد الابتسامة، ستقول شكراً، وستسعل ثانيةً بسبب البرد، وكذلك لأنها ستكون محرجة قليلاَ، وسأعرض عليها دواءً للسعال، ستسأل "ماذا لديك في جيوبك أيضاً"، ولكن بلطف، دون "تباً"، ودون السلبية، وسأجيبها دون تردد: كل ما تحتاجينه يا حبي، كل ما قد تحتاجينه أبداً.

والآن أنت تعرف، هذا ما لديّ في جيوبي، فرصة لعدم الإخفاق، فرصة ضئيلة، ليست كبيرة، وليست حتى محتملة، أعرف ذلك، فلست غبياً، فرصة بالغة الصغر، لنقل أنه متى بدت السعادة، يمكنني أن أقول لها: نعم، وليس"آسف، ليس لديّ سيجارة/ مسواك/ عملة معدنية لماكينة الصودا"، هذا كل ما لديّ هناك، تامة ومنتفخة، فرصة بالغة الصغر لقول نعم وألا آكون آسفاً.


ايتغار كيريت Etgar Keret

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى