لعل ما يمكن قوله، إن كان هناك ــ ما يضاف إلى فضاء الكتابة مجال أوسع ــ ما يقال، ذلك إذا حسمنا جدلا بأن ثمة شيء ما ناقص، في الذات العارية الخطة، هو ذاك الناتج عن "فعل الكلام" هذا، الذي لا يزال يشير إلى نقص ما، فراغ...، ذاك الإطار الذي تستمد منه الكتابة ميدانها، وسلطتها، أو قوتها التي تطوق من خلالها القول، والكلام، فالكتابة، هو مفعول اللغة، إذا، هو ذا مسار النقص في "الملكة الأدبية" ومكمن الإبداع معا، أعني الكتابة اللعنة، فحين تباشر ــ اللغة ــ بالوقوف أمام تلك العتبة، عتبة التعبير عما فيّ، وعن الكائن البشري، تدوينه، تلك المهارة المقتدرة، حين يكون موضوعها الإنسان حول ذاته، يصبح النقص محتما، ومن ثم يداخلنا اليقين بأن ثمة شيء ما، أو قول ما، لا يزال ناقص!
فاللغة كمعطى، وإرث اجتماعي، هي ركيزة الحاضر، أو هندسة للتاريخ بكل أطيافه في قالب يرسم مدى، وأفق، وإطار الكلام الذي يترجم الواقع العصي على الإلمام، تلك الصورة الذهنية، المشكّلة بكل أنواع الكتابة، والكلام، والفنون، وما يمت للإبداع، للقراءة ــ بكل حمولتها الدلالية ــ بصلة الحاضر الغائب، هي السمة الوحيدة التي تفرض على الكاتب وجودها، وإرثها، فالكتابة هي الشرط الوحيد الكائن، إنها "إنتاج" الكاتب، ذاك الذي لا ينفك يصبح "منتوجا" عند القراءة، وعند الممارسة، حيث تفضي القراءة بحد ذاتها إلى "إنتاج" آخر، كلعبة الدوال، ودواليك...
فلنعد من حيث ابتدأنا، بأن ثمة شيء (قول) ما ناقص؟ إذا فرضنا جدلا، أننا أمام سؤال لا مهرب منه مرده، ما ومن هو؟ هذا الشيء، يوقظ في تتابعه، أسئلة من قبيل، كيف، ولماذا، وهل... إنه هو؟ ذلك التمهيد للقول بأننا أمام نقصان ما، ولو حسمنا الفرض أمام ذاك النقصان، بأنه هو الكتابة أو اللغة ــ وتلك لا تكون ناقصة بذاتها ــ كعامل يستدرج الكاتب لما يريد، فهل نحن فعلا رهينة هكذا نقصان؟
لا أزال استحضر وقوفي في حافة الكتابة الأدبية، هذا، كي أُخرج نفسي من اللبس في الحكم إزاء تلك المسألة، وكي لا أخرجها من الكتابة، "كأكثر المصطلحات تشويشا، وتفتحا" حسب فانسون جوف، فالكتابة في الدرجة الصفر كنقطة ابتداء النهاية، هي سمة بارت التي ما انفك يزاولها، ويهجرها ويرجع لها كنقطة أولية عند انتهاء البدء، أو بعبارة أكثر تقاربا من القول، دخولا في سياق الجوانب الحياتية الشاملة، أو خروجا من نفق المرآة تلك، مرآة نرسيس "الأديب" المنشغل بذاته، وتجاوزا للسمات التي بصددها تدشن الآراء سلطتها، وغوايتها للكائن البشري، تلك النقاط والصور التي ترسم ملامح الجماعات والمؤسسات، في حركة تاريخية مُحكّمة، وقريبة من القدسية، تلك الصورة المحددة الملامح بحاجة ماسة، إلى نظرة خارجة، أو رؤية تأتي بالضرورة من خارج تلك الدائرة، فوضوية في مجاراة ذاك العنف المُمَأسس، لتؤكد للأولى ضديتها، ونقيضها، ووجهها المحتم والأبدي الذي لا يكون إلا في الاختلاف، تلك النظرة الحادة، أو ذاك التجاوز الذي لا ينفك يثبت حضوره بصورة مربكة، وحاضرة في مجاراة النصوص المكبلة، له اسم، هو الكتابة.
فهل أبدو فعلا أنني تعلمت ممارسة الكتابة؟ هذا السؤال مؤجل، ولربما إن كان ذاك الإتيان المهجور، والذي تؤسسه القرائن، هي الصورة التي رسمتها البلاغة كواجهة معفية، قبل أن يعفيها الزمن! فهل نحن فعلا تعلمنا الكتابة!؟ أو لنقل هل نحن فعلا تعرفنّا على موضع الكتابة، لا تزال ــ كتاباتنا تلك ــ تشتغل في غير موضعها!؟ كصيغة السؤال المنشغل في خارج حقله، على الأقل مثلما يتم طرحه الآن، لا شك هناك الكثير ما يخاله القارئ، وأخاله، لذا سيظل هذا السؤال مؤجلا، ومن ثم سنفتح نافذة القراءة، وبمثل ما تكون صيغة الدلالات المنطقية للتكبد الكتابي، أو لنقل تلك الشعلة التي تستدعي الكتابة حين تفرض صورتها على الخيال، تلك هي الخاصية التي ثير عملية الكتابة، من لدن لاكان، وبارث، وجوف، إلى موران، دريدا، سيوران مجمعين على أن الرمز، هي سمة الإنسان التي لا يشترك معه فيها غيره، ولذا هي شاكلة الفرادة التي يصنع منها الكاتب حضوره، وأنا استعمل الحضور كصيغة أقرب للتحيز الوجودي الذي لا نستطيع الجزم على توحّده إلا عبر مرحلة ممرحلة، هي من تكشف لنا ما إن كانت الكتابة قد حددت أفقها كإطار قابل للقبض والانفلات، أو مشكّلة بذلك قدرة الفرد على امتلاك المقدرة للتفرد بالكتابة، تلك التي تظل مستوحاة دائما وبشكل مطّرد من رمزيته التي لا يدانيه فيها أحد، ذلك لو تمكن من انفلات المنهجية التي تحدد أطره التفكيري، فها نحن نعود مجددا للتأكد ــ والتحرر معا ــ ما إن كانت الكتابة ــ كأداة رمزية، وفرادة رامزة ــ قادرة في الانفلات من القبض المستمر...
لم يعد التأكيد مجديا، إن كانت الكتابة لا تزال لم تحدد معالمها بعد، فبالتالي ليس هناك ما يمكن ضبطه، أو لنقل ــ بطريقة أخرى ــ تعقله، إذا كان المغزى الوحيد الذي ما زال تحت التسآل المستمر، قاد الكتابة نفسها إلى شيء من التهور والسرد المكرر حول ذاته، وإلا كيف نفهم الكتابة تلك التي يمتلكها الأديب كخاصية في التفرد، كيف نفهم تلك المهارة التي تظل معكوسة بحمولتها الدلالية والاجتماعية تلك، هذا قبل اختلاطها برؤية الكاتب، وتأثير المحيط في أداءه الكتابي؟ كيف نحدد فهم الكتابة ــ خصوصا في هذه الحالة ــ إن لم نشرع في تعلمها بعد، وحين أتكلم عن التعلم أتحدث عن تلك الممارسة أو العملية التي من خلالها يستطيع الفرد التعبير والإتيان بالبراهين والحجج، أثناء تعلم الكتابة كفرادة ملكية، يحق للكاتب استعمالها وفق ما تحدده ليكونها، ويثبت بعد ذلك صحة أننا فعلا تعلمنا الكتابة، أنى لي إذا، وكيف أفهم هذا الخطاب الكتابي، إن كان لا يزال عاجزا في تعقل ذاته، كيف نفهم الكتابة "ذاتها" كرهان تضع الكاتب في مسافة بينه ونفسه، كيف يستمر الحال ونحن لم نحسن طرح الأسئلة بعد حول التسآل المفتوح، والمستمر؟؟
ثمة قول أخير، إن كان الموضوع قائما على أن هناك ما يقال، وأنا لم أقل بعد ما أخاله مجديا، في رصد الكلام، الذي يظل كعادته عصيا على الحصر، لا أزال أتخيل الرمز، ومن ثم الكتابة، الكتابة بص
فاللغة كمعطى، وإرث اجتماعي، هي ركيزة الحاضر، أو هندسة للتاريخ بكل أطيافه في قالب يرسم مدى، وأفق، وإطار الكلام الذي يترجم الواقع العصي على الإلمام، تلك الصورة الذهنية، المشكّلة بكل أنواع الكتابة، والكلام، والفنون، وما يمت للإبداع، للقراءة ــ بكل حمولتها الدلالية ــ بصلة الحاضر الغائب، هي السمة الوحيدة التي تفرض على الكاتب وجودها، وإرثها، فالكتابة هي الشرط الوحيد الكائن، إنها "إنتاج" الكاتب، ذاك الذي لا ينفك يصبح "منتوجا" عند القراءة، وعند الممارسة، حيث تفضي القراءة بحد ذاتها إلى "إنتاج" آخر، كلعبة الدوال، ودواليك...
فلنعد من حيث ابتدأنا، بأن ثمة شيء (قول) ما ناقص؟ إذا فرضنا جدلا، أننا أمام سؤال لا مهرب منه مرده، ما ومن هو؟ هذا الشيء، يوقظ في تتابعه، أسئلة من قبيل، كيف، ولماذا، وهل... إنه هو؟ ذلك التمهيد للقول بأننا أمام نقصان ما، ولو حسمنا الفرض أمام ذاك النقصان، بأنه هو الكتابة أو اللغة ــ وتلك لا تكون ناقصة بذاتها ــ كعامل يستدرج الكاتب لما يريد، فهل نحن فعلا رهينة هكذا نقصان؟
لا أزال استحضر وقوفي في حافة الكتابة الأدبية، هذا، كي أُخرج نفسي من اللبس في الحكم إزاء تلك المسألة، وكي لا أخرجها من الكتابة، "كأكثر المصطلحات تشويشا، وتفتحا" حسب فانسون جوف، فالكتابة في الدرجة الصفر كنقطة ابتداء النهاية، هي سمة بارت التي ما انفك يزاولها، ويهجرها ويرجع لها كنقطة أولية عند انتهاء البدء، أو بعبارة أكثر تقاربا من القول، دخولا في سياق الجوانب الحياتية الشاملة، أو خروجا من نفق المرآة تلك، مرآة نرسيس "الأديب" المنشغل بذاته، وتجاوزا للسمات التي بصددها تدشن الآراء سلطتها، وغوايتها للكائن البشري، تلك النقاط والصور التي ترسم ملامح الجماعات والمؤسسات، في حركة تاريخية مُحكّمة، وقريبة من القدسية، تلك الصورة المحددة الملامح بحاجة ماسة، إلى نظرة خارجة، أو رؤية تأتي بالضرورة من خارج تلك الدائرة، فوضوية في مجاراة ذاك العنف المُمَأسس، لتؤكد للأولى ضديتها، ونقيضها، ووجهها المحتم والأبدي الذي لا يكون إلا في الاختلاف، تلك النظرة الحادة، أو ذاك التجاوز الذي لا ينفك يثبت حضوره بصورة مربكة، وحاضرة في مجاراة النصوص المكبلة، له اسم، هو الكتابة.
فهل أبدو فعلا أنني تعلمت ممارسة الكتابة؟ هذا السؤال مؤجل، ولربما إن كان ذاك الإتيان المهجور، والذي تؤسسه القرائن، هي الصورة التي رسمتها البلاغة كواجهة معفية، قبل أن يعفيها الزمن! فهل نحن فعلا تعلمنا الكتابة!؟ أو لنقل هل نحن فعلا تعرفنّا على موضع الكتابة، لا تزال ــ كتاباتنا تلك ــ تشتغل في غير موضعها!؟ كصيغة السؤال المنشغل في خارج حقله، على الأقل مثلما يتم طرحه الآن، لا شك هناك الكثير ما يخاله القارئ، وأخاله، لذا سيظل هذا السؤال مؤجلا، ومن ثم سنفتح نافذة القراءة، وبمثل ما تكون صيغة الدلالات المنطقية للتكبد الكتابي، أو لنقل تلك الشعلة التي تستدعي الكتابة حين تفرض صورتها على الخيال، تلك هي الخاصية التي ثير عملية الكتابة، من لدن لاكان، وبارث، وجوف، إلى موران، دريدا، سيوران مجمعين على أن الرمز، هي سمة الإنسان التي لا يشترك معه فيها غيره، ولذا هي شاكلة الفرادة التي يصنع منها الكاتب حضوره، وأنا استعمل الحضور كصيغة أقرب للتحيز الوجودي الذي لا نستطيع الجزم على توحّده إلا عبر مرحلة ممرحلة، هي من تكشف لنا ما إن كانت الكتابة قد حددت أفقها كإطار قابل للقبض والانفلات، أو مشكّلة بذلك قدرة الفرد على امتلاك المقدرة للتفرد بالكتابة، تلك التي تظل مستوحاة دائما وبشكل مطّرد من رمزيته التي لا يدانيه فيها أحد، ذلك لو تمكن من انفلات المنهجية التي تحدد أطره التفكيري، فها نحن نعود مجددا للتأكد ــ والتحرر معا ــ ما إن كانت الكتابة ــ كأداة رمزية، وفرادة رامزة ــ قادرة في الانفلات من القبض المستمر...
لم يعد التأكيد مجديا، إن كانت الكتابة لا تزال لم تحدد معالمها بعد، فبالتالي ليس هناك ما يمكن ضبطه، أو لنقل ــ بطريقة أخرى ــ تعقله، إذا كان المغزى الوحيد الذي ما زال تحت التسآل المستمر، قاد الكتابة نفسها إلى شيء من التهور والسرد المكرر حول ذاته، وإلا كيف نفهم الكتابة تلك التي يمتلكها الأديب كخاصية في التفرد، كيف نفهم تلك المهارة التي تظل معكوسة بحمولتها الدلالية والاجتماعية تلك، هذا قبل اختلاطها برؤية الكاتب، وتأثير المحيط في أداءه الكتابي؟ كيف نحدد فهم الكتابة ــ خصوصا في هذه الحالة ــ إن لم نشرع في تعلمها بعد، وحين أتكلم عن التعلم أتحدث عن تلك الممارسة أو العملية التي من خلالها يستطيع الفرد التعبير والإتيان بالبراهين والحجج، أثناء تعلم الكتابة كفرادة ملكية، يحق للكاتب استعمالها وفق ما تحدده ليكونها، ويثبت بعد ذلك صحة أننا فعلا تعلمنا الكتابة، أنى لي إذا، وكيف أفهم هذا الخطاب الكتابي، إن كان لا يزال عاجزا في تعقل ذاته، كيف نفهم الكتابة "ذاتها" كرهان تضع الكاتب في مسافة بينه ونفسه، كيف يستمر الحال ونحن لم نحسن طرح الأسئلة بعد حول التسآل المفتوح، والمستمر؟؟
ثمة قول أخير، إن كان الموضوع قائما على أن هناك ما يقال، وأنا لم أقل بعد ما أخاله مجديا، في رصد الكلام، الذي يظل كعادته عصيا على الحصر، لا أزال أتخيل الرمز، ومن ثم الكتابة، الكتابة بص