عبد علي حسن - صنعُ النصّ.. ما الذي يصنعُ / ينتجُ النصّ؟

ولعل الجواب سيكون حاضراً وسريعاً وهو اللّغة ، ولكن أيةَ لغةٍ تصنع النص والإبداعي تحديداً ؟ فقد تجاوزت المفاهيم الابستمولوجية المعاصرة المفهوم الضيق للغة بعدّها وسيلة إتصال بين البشر لتحقيق غاية التفاهم ، ومن بين المفاهيم والتعريفات المهمّة التي تختص بصنع وإنتاج النص الإبداعي هو أن اللغة هي التعبير المباشر للأفكار ، وهذا يعني اولاً أن اللغة الاستهلاكية المستخدمة في التفاهم اليومي لنقل الوقائع والأحداث بالنسبة للسرد وحيثيات التجربة اللاشعورية بالنسبة للشعر ، ستكون بضاعة رثّة ورديئة لاتملك مقومات التأثير والبقاء لذا فإن هذه اللغة لاتصنع النص الإبداعي ، لأن موادها الأولية مستهلكة ، وثانياً أن هناك مهمّة ثانية للغة وهي التي يعوّل عليها في ارتقاء النص الىٰ مستوىٰ الأدبية/ الشعرية التي اشترطها ياكوبسن والشكلانيون الروس لتحقيق أدبية النص ، إذ أن المهمة هنا لاتتوقف عند حدود الإخبار فقط بل تتجاوزها الىٰ تضمينها بؤر افكار اقلّ ماتتّصف بها هي الجدّةَ لإغناء الموروث الفكري والجمالي للإنسانية ، وقطعاً فإن الوصول إلى تحقيق هذه المهمة للغة تستلزم قدرة استثنائية لتجاوز الموضوعي السائد ، وبذلك فإن ماسيحلّق به النص للارتقاء والبقاء والتأثير سيكون بجناحين الاول جمالي /لغوي والثاني فكري / معرفي .
هكذا كتبت المنجزات الأدبية التي كُتبَ لها البقاء والتأثير ، فاللغة الجديدة تصنع نصاً جديدا .

عبد علي حسن

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى