د. خالد عبدالغني - المسكوت عنه في محاولات إنشاء نقابة الأخصائيين النفسيين

انني ما زلت اتصور أن النقابة عمل لا يقوم به إلا أصحابه من الاخصائيين النفسيين وهم كثير وهم اولى بإدارة شئونهم ولست منهم فقد تجاوزت كما أكرر احلام المهنة ولكن حديثي للشباب وإياهم أعني .
وتعتبر نقابة المحامين هى أول النقابات التى أنشئت فى مصر و ذلك عام 1912 و تلتها بعد ذلك بقية النقابات و منها نقابة المهن الإجتماعية التى أنشئت عام 1973 . فلماذا تأخر إنشاء نقابة الاخصائيين النفسيين حتى السنوات الأخيرة، فكل اساتذة علم النفس الذين اسسوا هذا العلم في مصر لم يكونوا أخصائيين نفسيين بل كانوا من خريجي التربية في الأقسام العلمية غالبا أو خريجي الفلسفة ،، فزيور وسويف والقوصي ولويس مليكة ويوسف مراد وغرهم الكثير والكثير عملوا بعد عودتهم من الخارج بالجامعة وأصبح لهم مظلة تحميهم ،، وكان هذا الجيل ومن بعده أجيال على علاقة طيبة بالسلطة منهم عثمان نجاتي والسيد خيري وأحمد زكي صالح وصلاح مخيمر وأغلب تلاميذه ،، وغيرهم الكثير والكثير ،، وأصبح هناك عمداء لكليات الأداب والتربية من اساتذة علم النفس وأصبحوا نوابا فاعلين لرؤساء الجامعات بل واصبحوا رؤساء جامعات واصبح أحدهم وزيرا للتعليم ، وأصبحوا نافذين في كل جهات السلطة داخل الدولة المصرية ،، فلماذا لم ينشئوا نقابة الأخصائيين النفسيين ، وكانت كلمة واحدة منهم في الخمسنيات والستينيات والسبعينيات والثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين قادرة بتحقيق هذا الحلم ،، ألم تكن إحداهن - وهي مؤسسة كلية دراسات الطفولة حاليا - مقربة من سوزان مبارك طوال السنوات الأخيرة من حياتها؟ .. ويظل السؤال لماذا لم تقم هذه الاجيال وكانت قادرة بإنشاء نقابة الاخصائيين النفسين ؟؟ أتمنى ألا أجيب ،، حتى جاء أد.عبدالستار إبراهيم الذي يحمل على عاتقه ثمانين عاما بعد غربة دامت لأكثر من 50 عاما وأشأ نقابة المهن النفسية التخصصية - لا ادخل في توصيفات قانونية لا أعرفها - ولكن أليس من الأجدر الاهتمام بهذا البناء حتى ولو كان فيه قصور او معوقات او عقبات ،،، فقد تجاوزت شخصيا أية احلام تتعلق بالمهنة ولكن ربما يكون هذا الحديث للشباب الغض الذي من حقه أن يحلم بواقع أفضل للمهنة ولذلك أقول لكم لن يحك جلدك مثل ظفرك فتولى انت كل امرك ، فلن يناضل الأكاديميين من أجلك فلهم مظلتهم التي تحميهم ولكن ناضل انت لانك من يعمل في الميدان ومن يعنيه تطور المهنة.
ثم جاء الجيل التالي وهو جيل الثمانينيات من القرن العشرين ومع بزوغ أنجمهم كان هناك جيل قد سبقهم للهجرة الى أوروبا وأمريكا واستقروا بها ولهذا الموضوع شجون سوف نتكلم عنها لاحقا ، نعود لجيل االثمانينيات الذي تصادف ارتقائهم المعرفي والعلمي مع نشأة الجامعات في بلاد الخليج العربي فسافروا إليها ليمكثوا سنوات طوال بها وبعضهم استقر به المقام هناك الى الآن ، ومشت على نفس الخطى كل الاجيال التالية حيث انتشار الجامعات العربية وزيادة الحاجة لأعداد كبيرة من الأساتذة المصريين ، وفي تلك السنوات تم نسيان أمر نقابة الأخصائيين ولم يعد يذكره أحد ،، حتى كانت بداية التسعينيات من القرن العشرين وتكوين رابطة الاخصائيين النفسيين بهدف تزايد اعدادها لتكون نقابة فيما بعد هكذا قال لنا يومذاك احد المقربين من مؤسسها صفوت فرج وحتى هو نفسه ذكر ذلك في اكثر من مقابلة معه في اوائل التسعينيات أيام "مقر الرابطة في غمرة"،،، ثم تمضى السنوات ويحدثني اد.حسين عبدالقادر عن إعداده لمشروع لتأسيس نقابة للاخصائيين النفسيين - نقابة المهن النفسية التخصصية المقدم للبرلمان حاليا - وهو للحق لديه خبرة في هذا المجال فقد سبق له تقديم مشروع نقابة للمهن الفنية أو التمثلية وسعي في ذلك سعيا جادا حتى تحقق له ما أراد في الثمانينيات تقريبا ،،، ومنذ عام أو عامين او أكثر تقريبا اخذت المبادرات والمناقشات والاجتماعات تتم من أجل انشاء نقابة المهن النفسية باجتماع الجهات النفسية العاملة في المجال كرابطة الاخصائيين النفسيين والجمعية المصرية للتحليل النفسي والجمعية المصرية للدراسات النفسية وغيرها ... والسؤال الآن هل الأكاديميين الذين يقدمون دورات تدريبية كشرط للحصول على تصريح العلاج النفسي سيوافقون على انشاء النقابة وهي المقرر لها قانونا أن تمنح تصاريح ممارسة المهنة وهل سيشاركون في القيام بأمرها وادارتها مثلا ؟؟ وهل الأكاديمين الذين يقدمون الدورات التدريبية الحرة من أجل تنمية مهارات الاخصائيين النفسيين وكدعاية لتسهيل الحصول على تصريح العلاج النفسي مع انشاء النقابة ؟؟،، وما علاقة الاكاديميين بتولي مسئولية النقابة وادارتها وهم لا يعانون ولا يعايشون ألام المهنة ومعوقاتها فلهم كما قلت مظلتهم الجامعية التي ينتمون إليها .
كانت دراسة علم النفس إبان إنشاء جامعة فؤاد – القاهرة - وفاروق – الإسكنرية تقع ضمن قسم الفلسفة وعليه فقد عين زيور في أول عمله بمصر بالقاهرة ثم انتقل الى الاسكندرية ثم أسس قسم علم النفس بجامعة عين شمس ، ومنذ ذلك التاريخ عام 1952 كانت دراسة علم النفس تتم بجانب علم الأجتماع وكان القسم يسمى بقسم الدراسات الاجتماعية والنفسية ، وتبعته في ذلك اقسام علم النفس في الجامعتين الكبيرتين (القاهرة والإسكندرية)، وقام بتدريس علم النفس بالإسكدنرية سامي علي و أحمد عزت راجح خريجي فرنسا كأبرز أسماء جيل التأسيس والجيل التالي كان برعاية عبدالرحمن العيسوى خريج لندن ،، وقام على قسم علم النفس بعين شمس مصطفى زيور خريج فرنسا ، وقام بتدريس علم النفس بالقاهرة يوسف مراد خريج فرنسا والمشرف على اطروحات مصطفى سويف الذي سيرأس القسم ويتولى أمره ويغير مساره إلى النظرية السلوكية لاحقا ،، ومع السبعينيات تكون دراسة علم النفس في اقسام مستقلة عن قسم علم الاجتماع ،، وتبدأ جامعة الزقازيق في انشاء قسم علم النفس وإلمنيا وطنطا وبنها والمنوفية والمنصورة وبقية الاقسام في الجامعات المختلفة،، ومن الجدير بالذكر ان أول من عمل بوظيفة أخصائي نفسي كان أحمد فائق عام 1956 تقريبا بمصلحة الكفاية الانتاجية ثم تبعته دفعة 1957 و1958 التي كان من بينها استاذي عزت الطويل الذي درس لي بآداب بنها أمد الله في عمره وحتى منتصف الستينيات كانت الدفعات في قسم علم النفس بآداب عين شمس تتجاوز أعدادها اصابع اليدين بالكاد وأتصور أن نفس الحال كان في جامعة القاهرة والاسكندرية ، إلى أن زادت الأقسام وزادت أعداد الخريجين وكانوا في الأغلب ما يعملون مدرسين لمادة علم النفس بالتربية والتعليم أو أخصائيين نفسيين في المجال الصناعي وبأعداد قليلة في الخدمة الطبية النفسية، حتى كان قرار أحمد فتحي سرور وزير التعلم حينها بتعميم عمل الاخصائي النفسي في مدارس التربية والتعلم في أوائل التسعينيات كتجربة سرعان ما كتب لها الإنتشار الكامل في نهاية النصف الأول من التسعينيات من القرن العشرين ،، هذا التطور في أعداد الخريجين من الندرة إلى الكثرة ربما كان سببا في عدم الحماس لتكوين نقابة لهم ، لكن الحال كان شبيها ولكن في اختلاف في أعداد الخريجين أيضا فيما يتصل بالاخصائيين الاجتماعيين الذين نجحوا في تأسيس نقابة لهم في بداية السبعينيات ، والسؤال لماذا نجح الاجتماعيون وفشل النفسيون في تأسيس نقابة لهم؟ ،، ومن الطبيعي أن اقدم اجتهادا فليس لدى وثائق ولم اكن معاصرا لتلك الفترة ، ولكنى أذهب إلى أن خصائص شخصية الإحتماعيين يومذاك كانت أكثر إيمانا بالعمل الجماعي وتكوين رابطة تضم اعضائها تحت مظلة واحدة ، وأما النفسيون ولم تكن لهم رابطة تجمعهم سوى الجمعية المصرية للدراسات النفسية وأعتقد كان يرأسها القوصى في تلك الفترة وكان شيخا كبيرا حقق انجازه الضخم كأول حاصل على الدكتوراه في علم النفس من لندن عام 1935 تقريبا ولم أحظ برؤيته إلا مرة واحدة في إحدى ندوات رابطة التربية الحديثة بالقاهرة قبل رحيله بشهور – انا أكتب الآن من الذاكرة وألتمس العذر في بعض التواريخ والاسماء - كمأ أن أغلب أعضاء تلك الجمعية كان ولم يزل من خريجي كليات التربية ومن الاساتذة العاملين بتلك الكليات إلى الان، وبالتالي فليس لهم هم إنشاء نقابة للاخصائيين النفسيين لقلة عددهم الفعلي في الوظائف يوم ذاك ، وأما أساتذة كليات الأداب وهذا ما يعنيني أكثر فقد بدأت الهجرات للخارج والعمل في دول الخليج حتى أنهم اسسوا جامعات ورأسوها وكانوا عمداء لكليات بها ورؤساء أقسام أيضا حتى كان السفر في تلك المرحلة يتم بتوصيات خاصة فعلى سبيل المثال إذا أسس احد اعضاء جامعة القاهرة قسم علم النفس أو عمل به مبكرا فدائما ما يوصي بزملائه من نفس القسم وكذلك قسم علم النفس بآداب عين شمس ..الخ وظلت هذه السنة قائمة حتى وقت قريب جدا وأصبحت تثمل مراكز قوى - قسم علم النفس بجامعة المللك سعود مثالا لذلك ـ ستظهر بعض اثارها بعد ذلك في فترة الثمانينيات وما بعدها حتى الان في التعيينات بالوظائف الجامعية في مصر ولهذا الحديث شجون - وأصبح كل يلوذ بتأمين حياته المادية ولهم بعض الحق ولكن الواقع يؤكد أن إساهمهم العلمي بعد عودتهم كان ضئيلا إلا من قلة قليلة استمرت في العطاء ، قد يكون هذا الكلام صحيحا كجزء من تاريخ المهنة ولكن لا يصح أن يستمر إلى الآن.. (
ملاحظة ذكرت اسماء الاساتذة الدكاترة الكرام بأسمائهم مجردة لكونهم اعلام ورواد ومؤسسي علم النفس وهم ليسوا بحاجة لألقاب قبل اسمائهم فهم بذواتهم ألقاب شامخة في تارخ العلم وتاريخ مصر)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى