عبدالله مهدي - (على شفا حفرة) بين الضياع والمقاومة.. دراسة



( على شفا حفرة ) بين الضياع والمقاومة

دراسة بقلم / عبدالله مهدي

...............

الرواية شكل فنى يحمل مشعل الاستنارة ، ويحتفى بالعقل دون النقل ، ويدعم روح الإبتداع الذى يواجه الاتباع وينتصر لقيم التسامح ، ويرفض التعصب بكافة أشكاله .

الرواية تتجاوز نمطية الحاضر وسكونه ، منشدة مستقبل نهضوي رائع ... وتمثل الرواية الثمرة لأقدم ممارسة فكرية ثقافية عرفها الإنسان عبر عصور تاريخه ( الحكى ) ...

ويلعب المكان الدور الأبرز في تشكيل شخصيات الرواية ، والأحداث ...

ولعل روايات أديب نوبل نجيب محفوظ ، تجعل من المكان وجهتها وروحها ومنتجها الأسمى ( خان الخليلي - زقاق المدق - قصر الشوق - السكرية - بين القصرين ) ...

فقد شكل محفوظ المكان بهندسية إنسانية فريدة من نوعها ... ومن المكان تفجرت ينابيع شخصياته ، وتفاعل أحداثها ...

( على شفا حفرة ) الرواية الثالثة للروائي / مجدي جعفر بعد روايتيه ( أميرة البدو _ أصوات معاصرة ٢٠٠٠ م ) ، ( زمن نجوى وهدان _ الهيئة المصرية العامة للكتاب ٢٠٠٧ م ) ناهيك عن مجموعتين قصصيتين ( أم دغش ٢٠٠٣ م -- الزيارة وتحولات الرؤى ) ...

تقع الرواية فى مائتي وست عشرة صفحة من القطع المتوسط ، وقد شغلت هذه الصفحات ثلاثة أجزاء / فصول ، كل جزء / فصل شغل مجموعة من المقاطع السردية ...

وبعد الغوص فى درر تلك الرواية ( على شفا حفرة ) تتجلى أمامنا تأويلات لهذا العنوان ...

حيث تشرف أغلب شخصيات الرواية الرئيسة على السقوط ، إلا أنها تقاوم ولا تسقط ، على نحو : ما حدث لـ " نوال بنت عبده الجنايني " ، وعشقها لـ " عصمت بن صفوت باشا " الفنان التشكيلي ، وتقف الطبقية حائلا بين إتمام ارتباطهما ، خوفا مما قد يترتب على هذا الزواج ، من تدمير لعائلة الجنايني ، ويحدث لـ" عصمت باشا " ما حدث لعمه " إلهامي " باشا من الجنون ، لأن القانون الطبقي يقول : ( الفلاحة جارية وفي أحسن الأحوال ملك يمين ، أما أن تكون زوجة فهذا عار ) ص ١٠٩

وجاء تضفير الكاتب لحكاية عرابي فى ثنايا حكاية نوال الفلاحة وعصمت باشا ، تأكيدا لروح الإنهزامية : ( وماذا كانت نتيجة تمردك يا عرابي ؟ قنبلة ألقيتها فدوت وصرخة أطلقتها وترددت فى كل مكان ، استعانوا بالإنجليز ونفوك ليبقى السادة سادة والعبيد عبيدا ) ص ١٠٩

وما أن تشرف نوال على السقوط ، فى حفرة الزواج من محمد أبو هلال ، فتقاوم السقوط بالصعود إلى قصر عصمت باشا ، الذى يتزوجها ويفر بها إلى إحدى بلاد الغرب الأوربي باريس ...

( قررا أن يغادرا أرض العزبة ، ويفلتا بحبهما ، فأرض الله واسعة ، فليذهبا إلى الإسكندرية ، قبل أن يدركهما عم عبده على أرض العزبة ومن هناك يركبان البحر ، إلى أثينا أو روما أو لندن أو باريس ) ص ١٥٧ نهاية الجزء الثانى ...

ما حدث لـ " عبده العايق " مع " زوبة " العالمة التى عشقها إلا أنها لم تقدس هذا العشق ولم تحترمه ، وخانته مع عساكر الإنجليز ...

وذلك بعد أن ( بنى لها بيتا جميلا ناحية طلخا قريبا من الشاطئ) ...

وترك لها أموالا تكفيها للعيش فى يسر وبحبوحة لسنوات ، وغاب عنها بضعة أشهر وعاد ليجد البيت الذى بناه لها ، لا يخلو فى أى وقت من ليل أو نهار من عساكر وضباط الإنجليز ، كما أبلغه خادمه الذى كلفه بمراقبتها ص١٨٠

وها هو " عبده العايق " على مشارف السقوط فى حفرة / الضياع ، فيأتى قتل عمه " إبراهيم العايق " على يد زوجته " صبرية " والتى أحبت خادمها الأسود فدبرت لقتله، ليخلو لها الجو مع عشيقها ، ف ( تحول عبده إلى أسد جسور ويقبض على القاتل ويجبره على الاعتراف بالحقيقة ،) ص ٢١٣

القرية كلها كانت على مشارف السقوط فى حفرة / الفتنة الطائفية ، بعد أن سعى الفتى المسيحى " هانى إدجار جرجيوس " لبناء كنيسة يمارس فيها عبادته ، فنكل به " عبدالوهاب العايق " وكادت نار الفتنة أن تشتعل ، فى ربوع قرية العايق بفعل " إمام المسجد المنافق " الشيخ سعدون الذى يتاجر بالدين ، لولا قدوم " مدحت بك " ، وزيارته لحى النصارى ، وأخذه " هانى " إلى المنصورة لعلاجه ، ثم الرجوع لحى النصارى ، لتناول وجبة الغداء معهم فأطفأت نار الفتنة.

الإهداء :

يؤكد أن ( على شفا حفرة ) بداية مشروع روائي كبير ، فالتنويه الذى سبق الإهداء ، يكشف أن ظروف النشر اقتضت نشر الأجزاء الثلاثة الأولى ، والتى تتوقف عند زمن الزعيم مصطفى كامل صاحب مدحت بك النهرى العايق ، المؤمن بأفكاره ، والتى تدور فى نطاق ، خلق وعى وطنى عند الشعب من خلال بناء المدارس ...

فالتعليم فى رأيه هو الحل الأمثل والعلاج الناجع ( فحينما يكون التعليم سيكون هناك القبول للكنيسة والمسجد ، تسمع الناقوس وكأنك تسمع الٱذان ....

كل يقبل الٱخر ، ويكون الدين لله والوطن للجميع ) ص ٢١١

بكارة المكان وسطوة المعتقد الشعبي :

فى مستهل رواية ( على شفا حفرة ) ..

يطالعنا المكان " منخفض أرضي كبير تقدر مساحته بخمسين فدانا أو أكثر ، يمتلأ بالماء الراكد أبدا لا تنقص منه السنون " كان يتدفق الماء عذبا فراتا فى الزمن البعيد ، ولما انحرف الناس عن عبادة رب العباد انخسفت بهم الأرض وماتوا جميعا أسفلها ...

من قائل : "منذ أن قام محمد على وأولاده بحفر الترع والمصارف ، فتسرب الماء من الترع والمصارف إلى هذه الأرض المنخفضة ، وتشكلت البركة ، ونمت أشجار الغاب والبوص والحشائش ونبات الحلفا ...." ص ٧

المعتقدات الشعبية في الرواية :

وتتجلى المعتقدات الشعبية فى الحكايات حول البركة ...

الجن يسكنها وله أفاعيل ، يظهر على شكل امرأة جميلة تفتن الشباب ، فيضاجعونها فتتحول إلى كلبة ، لا يتخلص منها إلا بإلقاء نفسه فى البركة فتكون النتيجة ، لا يبقى من عضوه الذكرى إلا جلده بالكاد ، تصلح للبول فقط ، ويعرف بين الناس ب " أبو كلبة " .... وها هى " أم فقرية " كما لقبوها تلد بدون رجل ، وتفسر ذلك قائلة : الجنى ؟!

غوانى وياما غوى نسوان كتير غيرى " ص ١٩

هذه الجملة التى وقعت عليهم كالصاعقة " فشغلانة التراحيل تأخذ العافية ، لا تبقى منها شيئا للزوجة " ص ١٩ .

ولعل علاقة المايلة " معزوزة " بالجنى الذى كان يغرق عطشها الجنسى بفحولته ، بعد أن عجز زوجها " أحمد الضعيف " ، عن إروائها ، ويدب الشك فى قلب أحمد الذى يهاب الاقتراب من البركة بغنمه " فهى مسكونة بالجنيات والعفاريت " ص ٢٣ .

وعندما كانت تأتى " معزوزة " إليه بطعام الإفطار ....

تفر إلى داخل البركة لتأتى بالحشائش للأرانب والبط ....

وعندما تخرج " وجهها أحمر بلون الدم ، وشفتيها حمراوين ، والعرق يرشح من جسمها " ص ٢٤ ..

وتحمل " معزوزة " بسبب ترددها على البركة بعد شهر من تركها بيت الزوجية ، وذلك بعد أن صفعتها " أم أحمد " حماتها ، التى تعيش على أمل أن تحمل معزوزة ، وتأتى لها بالولد الذى يملأ عليها البيت ، وتترك معزوزة بيت الزوجية فارة إلى بيت أبيها ، وتتردد على البركة التى تعشقها وتروى أرضها ، وتشبعها إلى أن تحمل ...

فتأتى أم أحمد طالبة السماح وعودتها إلى البيت ....

وتعود إلى بيت " أحمد الضعيف " حزينة مكتئبة ....

يرعى الضعيف حول البركة ، وتتسرب منه بعض الغنمات داخلها ، ويدخل ليخرجها ، إلا أنه يختفى ، ولا يستطيع أحد الوصول إليه إلا معزوزة ، خرجت من البيت واستلت سكينا ، أخفته فى ملابسها ، وتوغلت داخل البركة إلى أن وصلت إلى جثة الضعيف ، وما إن رأته حتى " راحت تغمدها بغل وعنف فى عنقه ، وحملت ابن عمها على كتفها ...

وصارت به خارجة من البركة وهى تبكى " ص ٧٥ ...

بعد أن انتصرت للإنسانية على عالم الجن والخرافات ...

" البركة مسكونة بالعفاريت ، والجنيات ، يظهر لك العفريت فى شكل رجل ، والجنية فى شكل امرأة ، تحتال عليك لتتوغل بك داخل البركة ، قد تخنقك أو تخبطك على رأسك فتصيبك بالبلاهة والعمى " ص ٧٣ ...

المعتقدات الشعبية متمثلة فى ( العفريت - الجنية - المارد - الولاية والولى ) ...

الولاية والولى :

ويستغل الشيخ عبدالعاطى ، تجمع أهل القرية ليعزوه فى مقتل " أحمد الضعيف " شقيق زوجته الرجل الطيب ، واعتقاد الجماعة الشعبية فى الولاية والأولياء ويعلن : " أيقظنى أبو الأنوار وقال : اذهب يا عبدالعاطى ، وفى مكان مقتله ، تدفنوه ، وتقيمون له مقاما ، يليق به ، ويوم مقتله تقيمون له مولدا واحتفالا كل عام ، ستظهر له كرامات ، وسيأتيه الناس من كل فج ، العانس ، الأرملة ، اليتيم ، الفقير ، المسكين ، المأزوم ... يفرج هما ويزيل كربة " ص ١٣٢

وكان رد فعل أهل القرية : " فرح الناس وهللوا وكبروا ، فاختار الله لقريتهم وليا ، شريفا من ٱل البيت ، يلوذون إليه ، ويحتمون به ، وسيعطى لقريتهم تميزا ، وتفردا ، وخصوصية " ص ١٣٢

الأنماط الأسلوبية الشعبية : --

بعض أساليب الصياغة التى تأخذ شكل النمط والتى يشيع استخدامها ، فى الكثير من أنواع الٱداب الشعبية ، خاصة الحكائية / الروائية منها : ومن الأنماط الأسلوبية مما يستخدم فى الأنواع المختلفة للقص الشعبى

1ـ قطع التتابع السردى بتعليق عرضى على نحو :

الروح الإنهزامية التى أصابت نوال وعصمت باشا من جراء الطبقية التى تحكم المجتمع واستحالة زواجهما وكسر قيود الطبقية ....

يقطع التتابع السردى بتعليق عرضى حيث يقول الراوى : " وماذا كانت نتيجة تمردك يا عرابى ؟ قنبلة ألقيتها فدوت ، وصرخة ... أطلقتها وترددت فى كل مكان ، استعانوا بالانجليز ، ونفوك ليبقى السادة سادة والعبيد عبيدا " ص ١٠٩

2ـ التأصيلية :

"نسب الأشخاص المحورية فى الرواية "

النهرى العايق ينحدر من أسرة عربية أصيلة ، فهو قرشى ومن الأشراف ، يتوارثون شجرة النسب جيلا بعد جيل ، ويحافظون على نقاء دمهم ، يتزوجون من بعض ، أو من عرب أشراف مثلهم " ص ٤٨

كما يؤصل للزعيم أحمد عرابى شيخ قرية ' هرية رزنة ' الذى كان يتباهى بأنه من نسل الحسين بن على ، فكان يقول لمحمد العايق : " أنا من زرية العارف بالله السيد صالح البلاسى البطائحى ، ومقامه الشريف بقرية فاقوس ، وهو أول من قدم إلى بلاد مصر من بلاد البطائح فى بالعراق ، فى أواسط القرن السابع للهجرة ، وهو من ذرية الإمام على الرضا بن الإمام موسى الكاظم من سلالة الإمام الحسين بن على بن أبى طالب وابن فاطمة الزهراء ، البتول بنت محمد صلى الله عليه وسلم " ص ٥٠

كما أكد الشيخ عبدالعاطى على النسب الشريف " لأحمد الطيب / أحمد الضعيف " حتى يؤكد ولايته ومقامه الرفيع فيقول لأهل قريته : " نطفة شريفة من شريف من أشراف ٱل البيت " ص ١٣٢

التعليل الإيحائى للأسماء :

العناية الفائقة من الروائى مجدى جعفر بانتقاء أسماء شخصيات الرواية ، بحيث جاءت دلالات تلك الأسماء ، ملائمة تماما لطبيعة الشخصيات وأدوارها فى السياق الروائى .

- أبو كلبة : ارتباطا لحكايته مع الجنية والتى تحولت من امرأة جميلة يضاجعها إلى كلبة .

- عبده العايق : يقول الراوى : العايق لقبه واسم جده الأكبر ، فجاء اسما على مسمى ، فكان أكثر أهل المنطقة اهتماما بمظهره .

- النهرى العائق : النهر رمز العطاء والخير الوفير ، فهو مشهود له بالمنح والعطاء طوال الرواية ...لملم شتات عائلته ، يعطف على أصحاب الجهد الضعيف وأصحاب الحالات الخاصة ، ويمنحهم راتبا شهريا .

- فقرية : البنت اللقيط التى تنسب لأحد عفاريت البركة ... ' وش فقر " ... –

- صباح : -- إشراقة الصباح ، فى الكون فتزيل ظلمة الليل ، فكانت بنتا تشع إشراقا وجمالا .

- هلال أبو حديدة : -- وبقينا على الحديدة بعد أن بصم على داره لعم جرجس ، لتعدى ابنه على الجميلة صباح .

- أحمد الضعيف : -- يقول الراوى : الضعف ليس لقبا ، ولكنه ضعف لحاله ...

تضمين الأمثال والتعبيرات الشعبية :

ص ١٨ : -- وكمان بت -- نذير شؤم -- وش فقر -- نسميها فقرية ...

ص ٢٥ : -- الدنيا لا تعطى كل شئ ، وإذا أعطت شئ ، سلبت أشياء ... العين فلقت الحجر ، والناس محرومة وعيونهم يندب فبها الرصاص ، وما يملؤها غير التراب ...

ص ٣٦ : -- وبقينا على الحديدة يا بلد ....

ص ١٣٦ -- يا داخل بين البصلة وقشرتها ما ينوبك إلا ....

ص ١٣٨ :-- تغلق محلاتك بالضبة والمفتاح ...

ص ١٤٠ : -- ولا حتى نفيخ النار هيعرفه ...

ص ١٤١ : -- ربنا بيرزق الهاجع والناجع والنايم على صماغ ودنه ...

ص ١٤٩ : -- وعلى رأى المثل : -- لحمة الكلب تسند القلب ، ... خد من التل يختل ..... إللى سبق أكل النبق ....

ص ١٦٩ : -- ولكن الرياح لا تأتى دائما بما تشتهى السفن ...

ص ١٩٨ : -- الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها ...

توظيف الدين لخدمة أغراض دنيئة : --

يعد هذا الملمح من الملامح المهمة فى الرواية ويتجلى فى صور شتى أبشعها ما قام به الشيخ سعدون زوج أم فقرية ، من تأجيج روح التعصب والجهل على العم جرجس ، لغرض مادى دنيئ فيسمى بقالته ب " بقالة الإسلام " منافسة لبقالة عم جرجس وكان تعليق عم جرجس بليغا وواعيا : " ليه يا سعدون تدس بالإسلام فى المسائل الرخيصة دى ؟ عايز تقسم البلد نصارى ومسلمين ، لن يبارك الله فى مالك أيها الأعرج " ص ١٤٢ ... "

واستثمر سعدون هذا الخلاف فى الشكل وراح يطعن فى دين النصارى ، ويحذر من كثرتهم فى القرية وهجرتهم إليها ، وأنهم يخططون لقلب مصر كلها نصرانية ، وراح يطلق لسانه عن ٱخره بلا مواربة أو تحفظ ولا يخفى انفعاله ، حتى ٱثار حفيظة أحاد من الناس ، من أهل القرية وأثار غيرتهم على الدين " ص ١٩١ واستغل سعى أحد شباب المسيحيين ببناء كنيسة على أرض البركة رغم رفض المسيحيون هذا الفعل ولذلك قال عم جرجس : مجنون ، حقا مجنون ، القانون يمنع ويجرم بناء الكنائس " قانون الخط الهمايونى " ... وبدلا من أن يساهم إمام المسجد فى تهدئة النفوس ، مدح ما فعله عبدالوهاب بك العايق ، مع هانى إدجار من تنكيل رمز للإمام الذى يماري السلطة وينافقها " فالسلطة فى يد عائلة العايق " ولولا تدخل مدحت بك وعلاجه لـ هانى وغدائه فى حى النصارى هو وابن عمه لما انطفئت نار الفتنة ... وأيقن مدحت بك أن أباه كان محقا بإبعاد هذا الشيخ عن مسجد حكمت هانم ... ويستثمر الشيخ عبدالعاطى زوج شقيقة أحمد الضعيف / أحمد الطيب اعتقاد الناس فى الأولياء .. وتمهد له أمه أثناء سعيها لخطبة بنت أم أحمد فتقول " والنبى يا أم أحمد ، ولا ليكى عليَّ يمين ، وأنا حامل فيه ، جه السيد لابس خضار فى خضار ، ومغطى وشه ، بشال أبيض ، فى وشه ضوء ما حد يتحمله ، يشع نور ، مد إيده تحسس بطنى ، وأنا مبهورة ، خايفه وفرحانه ، غير مصدقة إللى بيحصل ، شق بطنى برقة ، وبنعومة أمسك عبدالعاطى حتة اللحم ، بين إصبعيه ، وكان معه قارورة ، كب عليه منها سائل وراح يدلك جسمه به ، ويقرأ تعاويذا وأورادا ، ويتمتم بكلمات تقع فى قلبى وقبله وأعاده مكانه " ص٨٩

البناء الروائي لـ " (على شفا حفرة "

( المكان يمثل الخلفية التى تقع فيها أحداث الرواية فالبركة والجن وأفاعيله فى نطاقها ، هو رأس الأحداث ، ومصدر حركتها ، فالمكان ليس واقعا جغرافيا فحسب ، ولكنه يتجلى من خلال الأحداث والشخصيات التى تشغل هذا الحيز ، وقد حدد الكاتب زمن الرواية حينما كتب فى صدرها بأن ظروف النشر اقتضت نشر ثلاثة أجزاء منها ، تبدأ بالزعيم عرابي وتنتهى بالزعيم مصطفى كامل ، وقد راعى الكاتب الظروف الاجتماعية والطبقية فى تلك الفترة ، وقد التصقت الرواية بقوة بالزمن الذى تدور أحداثها فى نطاقه رواية (على شفا حفرة ) شهادة اجتماعية وثقافية لتلك الفترة التاريخية ، وقد نجح الكاتب فى تصويره لطبيعة الريف المصرى ومعتقداته فى سمو ورقى ...

مجدى جعفر يمثل جيلا من المبدعين ، مهموم بمحليته ، ومصورا لمنمنماته.

..............

عبدالله مهدي

كاتب وناقد وباحث في التراث الشعبي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى