الجزء الخامس.
عند هشام ناجح:
فإن ما يثير انتباه القارئ أن المبدع كما قال الناقد المرحوم، محمد البغوري : جعل خياله يسبح بين الشرق والغرب وبين خصوصيات مغربية من خلال مجموعته القصصية " وشم في السعير" التي صدرت سنة 2013 ، وقد عبر العنوان عن محتوى جل القصص ، بحيث سرد الكاتب أحداث ووقائع من وحي الذاكرة فقط .
وقد اعتمد القاص في عمله على طرق عدة، وأساليب مختلفة، وتقنيات متعددة في تشييد معمار المجموعة الفني، وعن ذلك يقول الناقد نفسه:
كما وظف طريقة بانورامية في هندسة مجموعته القصصية ، حيث تنقل بين قصة وأخرى وكأنه يضع خطوة هنا وأخرى هناك ، بأسلوب تعبيري ، محمل بسرد غرائبي ، طريف أحيانا ومستفز أخرى ، استعمل التناص مع التاريخ والأسطورة واعتمد على قراءاته المتنوعة في آداب الشعوب الأخرى وعلى مخيلته الواسعة ، فجاءت القصص مزخرفة بألوان الطيف ، ما إن تندمج في واقع المحكي الشعبي ، والواقع المعيش حتى يحلق بك من جديد إلى آفاق مغايرة تماما ، وكأنه يحلق بك بجناحين خرافيين، يتغيا من ورائها منح القارئ فسحة فكرية و راحة نفسية من ثقل محكياته الواقعية البئيسة. لقد جعل مجموعته القصصية تتخطى الانتماء الشوفيني لتعانق كل الثقافات الإنسانية.
وهي قصص تمارس تأثيرها على القارئ بفعل ما تمتلكه من طاقة على إحداث الدهشة في نفسه، يقول الناقد نفسه:
مرات عديدة يجد القارئ نفسه يحاول فك المقاطع المجازية لاستقراء المغزى الموارب ، الشيء الذي يجعل بعض النصوص مفتوحة على كل التأويلات ، ولعمري هذا ما يشدني أكثر ، " فالقصة الماتعة لن تكون بحجمها أو موضوعها أو شخوصها بقدر ما تكون بتأثيرها على ذهن وإحساس القارئ".
ولا يغرب عن بال القارئ أن القاص قد وظف لغة تمتلك من الجرأة الشيء الكثير، حتى إنها تسمي الأشياء في أحايين بمسمياتها، يتابع الناقد نفسه قائلا:
بخصوص اللغة المستعملة فهي فصيحة ، جريئة تعتمد على معجم تركيبي ، ولكنها محملة بإيحاءات تستبطن روح العامية ، كما نجد توظيفات قليلة للدارجة المغربية كما في ص 9 في القصة " سبع موجات" بحيث اعتمد على المخزون الشعبي والاعتقاد الخرافي السائد ، فشطر قصته إلى سبع أجزاء وعنونها بالموجة 1...2....إلخ وحاول من خلالها إثارة مجموعة من القضايا جاءت على شكل صور تفضح الواقع وتعريه. تحدث عن الفقر والبطالة وعن السكن العشوائي حيث تتفشى العادات السيئة والأخلاق المنحطة في ص9 " آش من نهار نتفك منك أعيفة الرجال؟" في ص10 " زعيق والدتي يهتز له البيت ، العطالة والبطالة هي أهم ما أنجبت ...الجارة الشهوانية هذه المرة هي من تسترق السمع لتملأ جرابها من الحكايا، فتستمر مسرحية الحكي والنكاية بينهما على مشارف كؤوس الشاي العصرونية" في ص10 أيضا " متى يعول على من يفطر بالخبز والشاي أن يكون رجلا ؟" في ص12 المسكين جن من فرط قراءة الكتب ، الله يسترنا في الدنيا والآخرة... ، تهمهم والدتي بأدعيتها التي تتصدى لعين بني آدم، تعد الموجات ، فنغطس جميعا في الموجة السابعة التي تأتي على السحر والعين والإنسان والأشياء.
ومنبع الدهشة إضافة إلى ما سلف، قدرة القاص على تطويع اللغة لتقول مختلف الوضعيات، وتعبر عن مختلف المواقف والمشاعر بدقة تنم عن براعة وتمكن.
عند لحسن باكور:
يقول الناقد ريد برقان عن تجربة القاص:
لحسن باكور وجه من الوجوه السردية المعاصرة التي تداوم على الإنتاج والإبداع بوثيرة محترمة وبعيدا عن الأضواء والقفزات الإعلامية. راكم على الصعيد السردي لحد الان روايتين (“البرزخ”، و”شريط متعرج من الضوء”) وثلاث مجاميع قصصية (“رجل الكراسي”، و”الرقصة الأخيرة”، و”الزرافة تظهر في غابة الاسمنت”) نال بها جميعا جوائز بالعالم العربي، حيث نالت مجموعته “رجل الكراسي” جائزة الشارقة للإبداع الأدبي سنة 2008، كما أحرزت مجموعته “الرقصة الأخيرة” جائزة دبي الثقافية لسنة 2015.
وتكتسي الكتابة في العالم السردي للحسن باكور طابعا خاصا لا من حيث المواضيع والوضعيات التي يؤثرها منفردة منعزلة، ولا من حيث طريقة الاشتغال على السرد الذي يقترب من تصوير الكاميرا الشفافة التي تنبع من لغة صافية مهووسة بنقل لحظات هاربة.
وبغية الانفتاح على هذا العالم المتميز تقترح هذه الورقة الاقتراب من المجموعتين القصصيتين “رجل الكراسي” و”الرقصة الأخيرة”، واضعة نصب عينيها الظفر بالخاصيات التي تشكل من العالم السردي للحسن باكور عالما متفردا.
تضع المجموعتان نفسيهما في وضع متقارب من حيث الحجم، وبشكل تصاعدي ينمّ عن تطور التجربة، ف”رجل الكراسي”[1] تنتظم في ثلاث وستين صفحة من القطع المتوسط، وتضم تسع قصص. أما “الرقصة الأخيرة”[2] فتمتد على مساحة سبع وعشرين ومئة صفحة وبها تسع قصص. ولعل في تزايد الصفحات وبقاء عدد القصص على ما هو عليه ما ينبؤ بتطور في التجربة وتمرّس أكثر بالكتابة، وفتح لمغاليقها على الصعيد السردي.
ولعل المدهش والمثير للإعجاب هو حضور الغريب والعجيب في أعماله، وعن هذا الجانب، يقول الناقد نفسه:
العجيب والغريب:
لكي تصبح الحقيقة فاقعة تحتاج إلى دفعة من خيال، فالحقيقة والواقع كما هو لا طراءة فيها ولا فجاءة، وتكاد، لفرط حقيقتها وواقعيتها، تبدو عادية مبتذلة. لهذا يلجأ السارد لحظة اشتداد الأزمة إلى العجيب للانفلات من أسر الواقع ومحدوديته، ولإعطاء الوضع العام شحنة جديدة مفارقة للمألوف، ومعبّرة بشكل أكثر قوة عن وضعيات مقلقة، فالتعبير عن الانفصام جعل الشخصية تطارد نفسها، وللتعبير عن مخاصمة الذات لنفسها وحاجتها إلى المصالحة اعتبر الشخصية حاملة لعدة أوجه /أقنعة بمجرد أن وعتها طفقت تنزعهاـ ولم تسترح حتى أزالتها كلها، واستعادت وجهها الأول. ولترسيخ فكرة الهمّ الضاغط على الشخوص، وإيمانهم بعدم إمكانية التخلص منه جعل السارد “رجل الكراسي” الشخصية تحمل كرسيا أينما حلت وارتحلت وكأنه قدرها المحتوم.
والشيء نفسه نجده عندما ينتاب الشخصيات الخوف، أو فوبيا الأماكن المغلقة، حيت صوّر السارد الخوف على هيئة شخصية تطارد الشخصية الرئيسية، وتتربص بها كلما دخلت المصعد. ولم تستطع التخلص منها إلا عندما قهرت خوفها[10].
وتركيز الكتابة عند لحسن باكور على الذات وانفصامها، وعلى العجيب والاختيارات المفارقة للحقيقة، يدرج عالمه السردي ضمن اللحظة الحديثة في مسار القصة العربية التي بدأت تهرب من ضجيج الأيديولوجيا وتركز على الذات، وتبحث عن طرق جديدة لقول الأشياء. وهي لحظة تتقاطع مع لحظة تاريخية عامة أساسها الإحباط، وأفول الإرادة الحرّة في الفعل داخل المجتمع، بحكم ما ترتّب عن سنوات الرصاص من إحباط وانكفاء على الذات، وإصرار الدوائر المسؤولة على المحافظة على وضع بات بائدا وتقليدا متفسخا.
إن الهروب من الواقع واللجوء إلى الخيال يعدّ، والحالة هذه، استجابة لمطلب مزدوج؛ حيث تجد الذات متنفسا لها عبر التخفّف من ثقل الواقع ومعانقة حلم أو طيف خيال، وهذا مطلب أصبح ضروريا لاستمرار العيش. كما يجد القارئ فضاء يتماهى معه ويفرغ من الضغط الذي سبق له أن وقع تحت براثنه.
ويختم قوله ب:
عالم لحسن باكور السردي عالم سوداوي تفصح فيه الذات المعطوبة عن هواجسها التي لم يُسمح لها أن تتجاوز الذات، فبقيت تأكل نفسها ببطء وأناة حزنُها عميق وأساها مترسخ. وخلال رحلتها هذه تتسلح بعين دقيقة المراقبة تجيد التقاط التفاصيل وتبرع في رصد فجيعتها التي أصبحت خارج الذات داخل العالم المحيط. ولأن الذات، كل ذات تحتاج للمقاومة لكي تعيش التجأت الذوات عي هذا العالم إلى الحلم والعالم العجيب لتعمق فجيعتها أو لتقول ذاتها بشكل أكثر رحابة وأشد عمقا.
عند هشام ناجح:
فإن ما يثير انتباه القارئ أن المبدع كما قال الناقد المرحوم، محمد البغوري : جعل خياله يسبح بين الشرق والغرب وبين خصوصيات مغربية من خلال مجموعته القصصية " وشم في السعير" التي صدرت سنة 2013 ، وقد عبر العنوان عن محتوى جل القصص ، بحيث سرد الكاتب أحداث ووقائع من وحي الذاكرة فقط .
وقد اعتمد القاص في عمله على طرق عدة، وأساليب مختلفة، وتقنيات متعددة في تشييد معمار المجموعة الفني، وعن ذلك يقول الناقد نفسه:
كما وظف طريقة بانورامية في هندسة مجموعته القصصية ، حيث تنقل بين قصة وأخرى وكأنه يضع خطوة هنا وأخرى هناك ، بأسلوب تعبيري ، محمل بسرد غرائبي ، طريف أحيانا ومستفز أخرى ، استعمل التناص مع التاريخ والأسطورة واعتمد على قراءاته المتنوعة في آداب الشعوب الأخرى وعلى مخيلته الواسعة ، فجاءت القصص مزخرفة بألوان الطيف ، ما إن تندمج في واقع المحكي الشعبي ، والواقع المعيش حتى يحلق بك من جديد إلى آفاق مغايرة تماما ، وكأنه يحلق بك بجناحين خرافيين، يتغيا من ورائها منح القارئ فسحة فكرية و راحة نفسية من ثقل محكياته الواقعية البئيسة. لقد جعل مجموعته القصصية تتخطى الانتماء الشوفيني لتعانق كل الثقافات الإنسانية.
وهي قصص تمارس تأثيرها على القارئ بفعل ما تمتلكه من طاقة على إحداث الدهشة في نفسه، يقول الناقد نفسه:
مرات عديدة يجد القارئ نفسه يحاول فك المقاطع المجازية لاستقراء المغزى الموارب ، الشيء الذي يجعل بعض النصوص مفتوحة على كل التأويلات ، ولعمري هذا ما يشدني أكثر ، " فالقصة الماتعة لن تكون بحجمها أو موضوعها أو شخوصها بقدر ما تكون بتأثيرها على ذهن وإحساس القارئ".
ولا يغرب عن بال القارئ أن القاص قد وظف لغة تمتلك من الجرأة الشيء الكثير، حتى إنها تسمي الأشياء في أحايين بمسمياتها، يتابع الناقد نفسه قائلا:
بخصوص اللغة المستعملة فهي فصيحة ، جريئة تعتمد على معجم تركيبي ، ولكنها محملة بإيحاءات تستبطن روح العامية ، كما نجد توظيفات قليلة للدارجة المغربية كما في ص 9 في القصة " سبع موجات" بحيث اعتمد على المخزون الشعبي والاعتقاد الخرافي السائد ، فشطر قصته إلى سبع أجزاء وعنونها بالموجة 1...2....إلخ وحاول من خلالها إثارة مجموعة من القضايا جاءت على شكل صور تفضح الواقع وتعريه. تحدث عن الفقر والبطالة وعن السكن العشوائي حيث تتفشى العادات السيئة والأخلاق المنحطة في ص9 " آش من نهار نتفك منك أعيفة الرجال؟" في ص10 " زعيق والدتي يهتز له البيت ، العطالة والبطالة هي أهم ما أنجبت ...الجارة الشهوانية هذه المرة هي من تسترق السمع لتملأ جرابها من الحكايا، فتستمر مسرحية الحكي والنكاية بينهما على مشارف كؤوس الشاي العصرونية" في ص10 أيضا " متى يعول على من يفطر بالخبز والشاي أن يكون رجلا ؟" في ص12 المسكين جن من فرط قراءة الكتب ، الله يسترنا في الدنيا والآخرة... ، تهمهم والدتي بأدعيتها التي تتصدى لعين بني آدم، تعد الموجات ، فنغطس جميعا في الموجة السابعة التي تأتي على السحر والعين والإنسان والأشياء.
ومنبع الدهشة إضافة إلى ما سلف، قدرة القاص على تطويع اللغة لتقول مختلف الوضعيات، وتعبر عن مختلف المواقف والمشاعر بدقة تنم عن براعة وتمكن.
عند لحسن باكور:
يقول الناقد ريد برقان عن تجربة القاص:
لحسن باكور وجه من الوجوه السردية المعاصرة التي تداوم على الإنتاج والإبداع بوثيرة محترمة وبعيدا عن الأضواء والقفزات الإعلامية. راكم على الصعيد السردي لحد الان روايتين (“البرزخ”، و”شريط متعرج من الضوء”) وثلاث مجاميع قصصية (“رجل الكراسي”، و”الرقصة الأخيرة”، و”الزرافة تظهر في غابة الاسمنت”) نال بها جميعا جوائز بالعالم العربي، حيث نالت مجموعته “رجل الكراسي” جائزة الشارقة للإبداع الأدبي سنة 2008، كما أحرزت مجموعته “الرقصة الأخيرة” جائزة دبي الثقافية لسنة 2015.
وتكتسي الكتابة في العالم السردي للحسن باكور طابعا خاصا لا من حيث المواضيع والوضعيات التي يؤثرها منفردة منعزلة، ولا من حيث طريقة الاشتغال على السرد الذي يقترب من تصوير الكاميرا الشفافة التي تنبع من لغة صافية مهووسة بنقل لحظات هاربة.
وبغية الانفتاح على هذا العالم المتميز تقترح هذه الورقة الاقتراب من المجموعتين القصصيتين “رجل الكراسي” و”الرقصة الأخيرة”، واضعة نصب عينيها الظفر بالخاصيات التي تشكل من العالم السردي للحسن باكور عالما متفردا.
تضع المجموعتان نفسيهما في وضع متقارب من حيث الحجم، وبشكل تصاعدي ينمّ عن تطور التجربة، ف”رجل الكراسي”[1] تنتظم في ثلاث وستين صفحة من القطع المتوسط، وتضم تسع قصص. أما “الرقصة الأخيرة”[2] فتمتد على مساحة سبع وعشرين ومئة صفحة وبها تسع قصص. ولعل في تزايد الصفحات وبقاء عدد القصص على ما هو عليه ما ينبؤ بتطور في التجربة وتمرّس أكثر بالكتابة، وفتح لمغاليقها على الصعيد السردي.
ولعل المدهش والمثير للإعجاب هو حضور الغريب والعجيب في أعماله، وعن هذا الجانب، يقول الناقد نفسه:
العجيب والغريب:
لكي تصبح الحقيقة فاقعة تحتاج إلى دفعة من خيال، فالحقيقة والواقع كما هو لا طراءة فيها ولا فجاءة، وتكاد، لفرط حقيقتها وواقعيتها، تبدو عادية مبتذلة. لهذا يلجأ السارد لحظة اشتداد الأزمة إلى العجيب للانفلات من أسر الواقع ومحدوديته، ولإعطاء الوضع العام شحنة جديدة مفارقة للمألوف، ومعبّرة بشكل أكثر قوة عن وضعيات مقلقة، فالتعبير عن الانفصام جعل الشخصية تطارد نفسها، وللتعبير عن مخاصمة الذات لنفسها وحاجتها إلى المصالحة اعتبر الشخصية حاملة لعدة أوجه /أقنعة بمجرد أن وعتها طفقت تنزعهاـ ولم تسترح حتى أزالتها كلها، واستعادت وجهها الأول. ولترسيخ فكرة الهمّ الضاغط على الشخوص، وإيمانهم بعدم إمكانية التخلص منه جعل السارد “رجل الكراسي” الشخصية تحمل كرسيا أينما حلت وارتحلت وكأنه قدرها المحتوم.
والشيء نفسه نجده عندما ينتاب الشخصيات الخوف، أو فوبيا الأماكن المغلقة، حيت صوّر السارد الخوف على هيئة شخصية تطارد الشخصية الرئيسية، وتتربص بها كلما دخلت المصعد. ولم تستطع التخلص منها إلا عندما قهرت خوفها[10].
وتركيز الكتابة عند لحسن باكور على الذات وانفصامها، وعلى العجيب والاختيارات المفارقة للحقيقة، يدرج عالمه السردي ضمن اللحظة الحديثة في مسار القصة العربية التي بدأت تهرب من ضجيج الأيديولوجيا وتركز على الذات، وتبحث عن طرق جديدة لقول الأشياء. وهي لحظة تتقاطع مع لحظة تاريخية عامة أساسها الإحباط، وأفول الإرادة الحرّة في الفعل داخل المجتمع، بحكم ما ترتّب عن سنوات الرصاص من إحباط وانكفاء على الذات، وإصرار الدوائر المسؤولة على المحافظة على وضع بات بائدا وتقليدا متفسخا.
إن الهروب من الواقع واللجوء إلى الخيال يعدّ، والحالة هذه، استجابة لمطلب مزدوج؛ حيث تجد الذات متنفسا لها عبر التخفّف من ثقل الواقع ومعانقة حلم أو طيف خيال، وهذا مطلب أصبح ضروريا لاستمرار العيش. كما يجد القارئ فضاء يتماهى معه ويفرغ من الضغط الذي سبق له أن وقع تحت براثنه.
ويختم قوله ب:
عالم لحسن باكور السردي عالم سوداوي تفصح فيه الذات المعطوبة عن هواجسها التي لم يُسمح لها أن تتجاوز الذات، فبقيت تأكل نفسها ببطء وأناة حزنُها عميق وأساها مترسخ. وخلال رحلتها هذه تتسلح بعين دقيقة المراقبة تجيد التقاط التفاصيل وتبرع في رصد فجيعتها التي أصبحت خارج الذات داخل العالم المحيط. ولأن الذات، كل ذات تحتاج للمقاومة لكي تعيش التجأت الذوات عي هذا العالم إلى الحلم والعالم العجيب لتعمق فجيعتها أو لتقول ذاتها بشكل أكثر رحابة وأشد عمقا.