المحامي علي ابوحبله - قرار محكمة لاهاي يبدد ادعاءات سلطات الاحتلال بشان الأراضي المحتلة "أراضي متنازع عليها"

أعلن مندوب فلسطين الدائم في الأمم المتحدة السفير رياض منصور ، عزم السلطة الوطنية الفلسطينية تقديم مشروع قرار إلى الأمم المتحدة للتصويت عليه منتصف الشهر الجاري يتعلق بوصف احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية قانونيا، في خطوة قوبلت بانزعاج إسرائيلي.

ومن شأن اعتماد مشروع القرار في الجمعية العامة الأمم المتحدة سيعقبه الطلب من محكمة العدل الدولية علاج هذه القضية كونها الجهة المختصة في الأمم المتحدة لمعالجة القضايا القانونية. في المقابل، قالت الإذاعة العبرية العامة أمس الأحد، إن إسرائيل منزعجة جدا من الحراك الفلسطيني، مشيرة إلى أن فرص تمرير القرار والموافقة عليه من قبل الأمم المتحدة كبيرة للغاية.

وذكرت الإذاعة أن الفلسطينيين يسعون إلى إعلان أن الاحتلال الإسرائيلي المستمر يمثل عملية ضم للأراضي الفلسطينية لذلك فهو يشكل "انتهاكا" للقانون الدولي وقرارات سابقة لمجلس الأمن ، ونقلت الإذاعة العبرية عن مصدر سياسي قوله إن الولايات المتحدة تمارس ضغوطا شديدة على السلطة الفلسطينية في محاولة لتأخير الخطوة لكن دون نجاح في الوقت الحالي.

واعتبر منصور أن الحراك الفلسطيني في الأمم المتحدة "قانوني وسلمي وحضاري وخيار تفرضه الظروف والتوقيت في ظل زيادة عدوانية الاحتلال الإسرائيلي" في الضفة الغربية والقدس الشرقية. ومن حق القيادة الفلسطينية أن تستعمل "الأدوات المتاحة لديها سلميا وقانونيا ومنطقيا وعمليا ضد من يحاصر الشعب الفلسطيني ولا يلبي مطالبه بالتصرفات الأحادية من خلال الاستيطان وهدم البيوت ومصادرة الأراضي".

وقد اعتبرت الحرب في القدم وسيلة مشروعة لفض المنازعات بين الدول، وبالتالي كان اكتساب ملكية الأقاليم بالضم متعارفاً عليه، إلا أن تقدم فكر المجتمع البشري نتيجة لما جنته عليه الحروب من دمار أقنع الدول بضرورة نبذ هذه الوسيلة وتقرير عدم مشروعيتها، فالقانون الدولي يمنع اللجوء إلى الحرب ويعتبرها وسيلة غير مشروعة لحل المنازعات بين الدول، ويمنع استخدام القوة المسلحة إلا في حالة الدفاع الشرعي الفردي أو الجماعي أو بتكليف من مجلس الأمن لحفظ الأمن والسلم الدوليين وفقاً لما جاء في المادتين (42/51) من ميثاق الأمم المتحدة، بالإضافة إلى حظر استخدام القوة في العلاقات الدولية وفقاً للمادة (2/ف4) من الميثاق المذكور.

ويعتبر الغزو المسلح جريمة ضد السلم والأمن الدوليين، وحسب ما اعتبرته محاكمات نورمبرغ بأنه جريمة ضد أمن البشرية تستوجب معاقبة مرتكبيها، والآمرين والمتآمرين على ارتكابها.

ويترتب على دولة الاحتلال التزامات قانونية تجاه سكان الإقليم المحتل، والتي نظمتها بشكل أساسي ثلاثة مواثيق دولية تتمثل في المواد)42،56) من قواعد لائحة لاهاي والمرفقة كملحق لاتفاقية لاهاي الرابعة لعام 1907 المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية والخاصة باحترام عادات وقوانين الحرب البرية، واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 الخاصة بحماية الأشخاص المدنيين في أوقات الحرب، والبرتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف الأربعة 1977.

وتفرض هذه الاتفاقيات التزامات قانونية وعرفية على دولة الاحتلال، لذا يتوجب عليها الوفاء بالتزاماتها من خلال توفير الحماية للمواطنين في الأراضي المحتلة.

أقر المجتمع الدولي منذ عام 1967م أن القوات الإسرائيلية هي قوة احتلال حربي، وأن الأراضي الفلسطينية هي أراض محتلة، تنطبق عليها أحكام اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م، المتعلقة بحماية السكان المدنيين وقت الحرب. وبصفة إسرائيل طرفاً متعاقداً وموقعاً على الاتفاقية، فإنه يتحتم عليها تطبيق أحكام هذه الاتفاقية. كما وتفرض هذه الاتفاقية والقانون الدولي الإنساني، على المتعاقدين توفير الحماية للسكان المدنيين.

وقد أقرت إسرائيل باستعداها لتطبيق الاتفاقية على أساس الأمر الواقع، وتطبيق الشق الإنساني، إلا أنها لم تعترف بأنها دولة احتلال حربي على أراضي عام 1967م.

ويبقى القرار الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 22/10/2003م من أهم قرارات الأمم المتحدة، فيما يخص بناء جدار الفصل العنصري وذلك بعد الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن لمشروعي قرار مقترحين لوقف البناء في جدار الفصل، فقد أحالت الدبلوماسية الفلسطينية قضية الجدار إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي أصدرت في الثاني والعشرين من أكتوبر عام 2003م قرارا يتعلق بالجدار الفاصل، رعته دول الاتحاد الأوروبي الخمس عشرة بعد أن وافقت عليه 144 دولة وعارضته أربع دول بينها الولايات المتحدة وإسرائيل في حين امتنعت 12 دولة عن التصويت.

في التاسع من يوليو 2004م، أصدرت محكمة العدل الدولية ما يطلق عليه، (رأيا استشارياً) حول شرعية الجدار الفاصل الذي تقوم إسرائيل بإقامته في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تلبية لطلب الجمعية العامة للأمم المتحدة، في الثالث عشر من كانون الأول للعام 2003م.

وقد بحث الرأيُ الاستشاريُ، الذي أصدرته المحكمة الدولية، قضية الجدار الإسرائيلي من ثلاثة محاور:


أولها- مدى شرعية قيام إسرائيل بتشييد هذا الجدار. حيث أكدت المحكمة في قرارها -بكل وضوح- عدم شرعية بناء الجدار وقانونيته في الأراضي الفلسطينية، استناداً إلى القانون الإنساني، كما ردت محكمة العدل الدولية ادعاء إسرائيل بأن وثيقة جنيف الرابعة لا تسري على المناطق الفلسطينية؛ إذ تذرعت اسرائيل أن الضفة الغربية وقطاع غزة لم تكونا في أي وقت سابق جزءاً من دولة ذات سيادة.

وفي هذا السياق، حددت المحكمة أنه؛ نظراً لكون المناطق الفلسطينية سقطت في أيدي إسرائيل نتيجة لحرب العام 1967م مع دولتين موقعتين على الوثيقة، فإنه يتوجب أن تتفق سيطرة إسرائيل على المناطق الفلسطينية، مع وثيقة جنيف.

ثانيها- فهو تبعات وآثار الجدار الفاصل على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره؛ فقد أشارت المحكمة إلى وجود مخاوف كبيرة، من أن يؤدي مسار الجدار الفاصل إلى أيجاد (حقائق على الأرض)، تؤدي إلى الضم الفعلي للمساحات والأراضي التي استولت عليها إسرائيل وعزلتها، لإقامة الجدار، مما يؤدي إلى التأثير على الحدود المستقبلية ما بين إسرائيل والدولة الفلسطينية. وترى محكمة العدل الدولية أن الضم الفعلي لأجزاء من الضفة الغربية إلى إسرائيل، يشكل خرقاً لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.

ثالثها- مدى قانونية الجدار الفاصل على ضوء القانون الدولي لحقوق الإنسان، وفي هذا السياق، حددت المحكمة بصورة جازمة -بخلاف الادعاءات الإسرائيلية- أن هذا القانون يسري بأكمله على الأراضي المحتلة.

ورأت محكمة العدل الدولية أن الجدار الفاصل يمس مختلف الحقوق المذكورة في الاتفاقيات والمواثيق التي وقعت إسرائيل عليها، وهي: الحق في حرية الحركة، الحق في التنقل وفي العيش حياة كريمة، (والمقننة في البنود 12 و 17 من الميثاق الدولي، بخصوص الحقوق المدنية والسياسية)، الحق في العمل، الحق في مستوى حياة لائق، الحق في الصحة والتعليم، (وهي مقننة في البنود 6، 11، 12 و- 13 من الميثاق الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية، الاجتماعية والحضارية).

وفي نهاية رأيها الاستشاري، لخصت المحكمة الدولية رأيها الاستشاري، بأنه يتوجب على إسرائيل التوقف الفوري عن بناء الجدار الفاصل في الأراضي الفلسطينية، وتفكيك أجزاء الجدار الفاصل، التي تمت إقامتها في الضفة الغربية، و إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل البناء، وإلغاء الأوامر التي تم إصدارها بخصوص إقامته، وتعويض الفلسطينيين الذين تضرروا جراء ذلك.


كما ناشدت محكمة العدل الدولية المجتمع الدولي بالامتناع عن تقديم المساعدة إلى إسرائيل، طالما استمر الوضع غير القانوني الذي نشأ في أعقاب إقامة الجدار الفاصل، وباتخاذ الوسائل القانونية من أجل إيقاف الخروقات الإسرائيلية، وضمان تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة.

أما على صعيد الموقف الإسرائيلي، فقد رفضت إسرائيل التعاون؛ بدعوى عدم وجود صلاحية للمحكمة، لبحث هذه القضية. وفي الوثيقة التي قدمتها إسرائيل، بررت هذا الإدعاء بكون الحديث لا يدور حول قضية قانونية، وإنما حول قضية سياسية، وأن الإطار المناسب لبحث هذه القضية هو إطار الحوارات الثنائية بينها وبين الفلسطينيين، وقد ردت المحكمة بأغلبية الأصوات الإدعاء الإسرائيلي حول صلاحيتها، وأكدت على شرعية وقانونية الأحكام الصادرة عنها.

القرار الصادر عن محكمة لاهاي بحد ذاته يعد مرجعية قانونيه وذات أهميه لتبديد ادعاءات حكومة الاحتلال أن الأراضي الفلسطينية أراضي متنازع عليها ووفق قرار محكمة لاهاي هي أراضي محتله وتخضع لاتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة ولاتفاقية لاهاي بشأن الاقليم المحتل مما ينزع عن سلطات الاحتلال أي صفه للتملك واقامة المستوطنات وجميع الاجراءات الاسرائيليه غير شرعيه

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى