رايفين فرجاني - المدارس الفلسفية الكبرى ج2

الجمالية​
الجمالية فلسفة غايتها الوصول إلى الجمال.

في مجموعة من الدراسات تعرف عادة بـ (فلسفة الفن). حيث الجمال هو ما يدعوا إلى راحة النفس عند تبادل الأفكار. والجمال موجود,ولكن بعضه غير موجود (أو هكذا بالنسبة لآخرين),ولذلك كان الإختلاف الأكبر حول قضية الجمال (هل هو نسبي أم مطلق؟) في محاولة للوصول إلى تعريف شامل له,يساعدنا على التمييز بين الجميل والقبيح. ولهذا تعددت المدارس الفنية في سعيها إلى تحقيق ذلك (العثور على مفهوم الجمال) ومرجعها الميتافيزيقي في مفهوم إسمه الإستطيقا. وأدت بحوثهم إلى مجموعة من النتائج,تصلح قيم ومحاور أساسية يدور حولها تصورنا حول طبيعة الجمال,مثل (الملل,والسخف,والإقناع, والدونية,والتكرار,والزمن,والتفرد).

ومن الفلسفات المرتبطة بالفلسفية؛الحساسية,والرومانسية.

الحساسية هي أي فلسفة تنحاز إلى (النزعة العاطفية).

وتسمى أيضا السنتمنتالية التي يشار بها عادة -ويستخدم بعض الباحثين مصطلحا (ما قبل الرومانسية في إشارتهم إلى هذا التيار- إلى مذهب أدبي هو من المدارس المعروفة والمهمة في تاريخ الأدب الروسي.

يركز الإتجاه السنتمنتالي على الفرد ومعاناته الحياتية البسيطة بغض النظر عن المجتمع (الدولة ومسيرتها / الواقع وظروفه). وتقدم إلى المتلقي (متلقيه) وعد دائم بتكبير المدى الممكن لحياة كل فرد من جمهوره. حتى ولو من خلال حبك قصص (إنسانية) رخيصة أو ساذجة. ولهذا قد تكون قصصها مشحونة بالكثير من التهدج العاطفي والدموع البكائية واستفزاز المشاعر. وانطلاقا من هذا يتوضح لنا أن السنتمنتالية مثلت الصورة الأولية للرومانسية 1790-1820.

لهذا يمكن القول أنه واحدة أخرى من المدارس الجمالية الأدبية والفنية.

أما الرومانسية فهي أي فلسفة أخلاقية تعلي من الرومانسية.

والرومانسية هنا يقصد بها الإغراق في الحب,سواء بمعناه العاطفي أو الجسدي.

ورغم نجاحها المدوي بالعالم الغربي,وبعض مناطق العالم,في تحقيق تطبيق أخلاقي مثالي بين طرفين (رجل وامرأة في العادة),إلا أنها تظل محصورة في نطاقها الأدبي بإعتبارها مدرسة جمالية.

الجنسانية​
الجنسانية فلسفة تركز على الجنس منطلقا ومقصدا.

المفاهيم الفلسفية الأكثر إرتباطا بحياتنا اليومية هي الأخلاق والجمال والإتصال والمتعة.

وأهم متعة جسدية هي الأكل والجنس. وحتى الآن توسعت الدراسات الجنسانية منذ ظهور المدرسة التحليلية على يد سيجموند فرويد,لتقدم الجنس أكثر من كونه مجرد متعة,فهو رابطة بين الحياة والموت,لإقترانه المحتوم بالجسد. الجسد الذي يكبر ويشيخ ويموت ويتحلل.

وطالما خرجت مذاهب أدبية / فنية مبدأها الجمال أو الأخلاق أو العواطف ما الذي يمنع مدرسة أخرى تركز فقط على اللذة الحيوانية الطبيعية المتمثلة في الجنس!. خاصة مع إرتباط الجنس بالكثير من العناصر الفاعلية في حياتنا تبلورت في مفاهيم مهمة مثل

-الأيروتيك
ويقصد به الأدب / الفن الجنسي حيث المغالاة في عرض المظاهر الإباحية,وربطها عادة بالحب والعاطفة (بدلا من قيم أخرى مثل الشرف والكرامة). هذا غير إرتباطها بالعنف وإنبثاق الأدب السادي منها.

-الجندر
مثلما تسعى الدراسات العرقية إلى فهم الفوارق بين البشر بحسب الجنسية,تسعى الدراسات الجندرية إلى فهم هذه الفوارق بحسب الجنس. في محاولة لتحديد ماهية الهوية الإنسانية تعد الجندرية مفهوما يبلور الهوة الجنسية. وإذا افترضنا بإمكان القول أن كل البشر بشر,من الصعب نفس القول أن كل الرجال نساء أو كل النساء رجال. يعد الجنس الفارق الأكيد والوحيد والأكثر تمييزا بين الرجل والمرأة.

-النسوية
لهذا تخصص مساحة كبيرة من الدراسات النسوية لمفهوم الجندر. ربما هو السبب الرئيسي للإعتقاد الخاطئ بأن الذكر أعلى من الأنثى. هذا الإعتقاد راجع لعوامل القوة المتغيرة والمؤثرة والتي ترجح غلبة الرجل للأسف (مع أن ذلك في أصله نسبي حسب بعض الدراسات). إن موقع النساء السفلي يرجع إلى خطأ برمجي فظيع في المصادر الإنتاجية للمعرفة.

-إنتاج المعرفة
هو عملية خلق وتطوير محتوى عن أمر أو موضوع ما يرتبط بشكل أو بآخر بالواقع المعيشي المحلي المتأثر بالواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي،ويتم إنتاج هذا المحتوى في أي شكل سواء كان مكتوبًا أو مسموعًا أو مرئيًا أو أي شكل آخر يخضع للتغيير التقني / الإعلامي في المستقبل.

الحداثة​
الحداثة,فلسفة تنادي بالتحديث المستمر في كل الأنساق الفكرية.

الفلسفة الحداثية فلسفة غايتها استحداث طرق جديدة من معطيات سابقة. حتى لو كان ذلك,من خلال الخروج عليها / عنها,وهذا هو الأساس الأول للمدرسة الحداثية. أي الإنقلاب دوما على كل ما أتى,والإتيان بأفكار أخرى غيرها. ودارت عجلة الحداثة والتحديث بسرعة حتى ولدت لنا ما يعرف بـ (ما بعد الحداثة). التي يحاول فلاسفة الغرب أن ينظّرون لها معلنين موت الحداثة (كما مات الإله والإنسان والكاتب والناقد ومات كل شيء). يرى فلاسفتنا (العرب) أن هذا ليس إلا محاولة (تحصيل حاصل) أو (سفسطة فارغة) لأن ما بعد الحداثة ليست أكثر من استمرار للحداثة. وتتميز الحداثية بأربعة خصائص أساسية؛1-التجديد: وهي سمتها الأساسية المذكورة. الفلسفة الحداثية تحديث مستمر للحديث عن الحدث. إنها حتى ولو لم تأتي بجديد؛إعادة قراءة مستمرة لآخر ما توصلنا إليه. 2-التجريب: تكاد النزعة التجريبية أن تكون مرادفة للنزعة التجديدية,لأن التجريب هو أكثر مسارات التجديد وضوحا رغم وعورته وصعوبته. لذا لكي تجدد يصبح أن تجرب خطوة مسبقة دوما قبل التجريب. ولكن التجريب لا يأتي بالضرورة بجديد. بل لا يأتي بشيء في الكثير من الأحيان. 3-التوسيع: التوسع عبر أداة العولمة المدفوعة والمدعومة بفلسفة إمبريالية (تزعم الديمقراطية) تساعد على غزو بقاع الأرض ومختلف الثقافات,من قبل ثقافة واحدة,هي الثقافة الأمريكية. 4-التمرد: وأقصد هنا تدمير أي بنى أو نظم محددة,حيث يوجهنا التدمير نحو هذا التجديد أو التجريب. الصفة الرئيسية لهذا التمرد هو الحيرة.

عند التأمل في هذه الخطابات المابعدية يعنُّ لنا أمران: الأول يكمن في ردة الفعل الفلسفية المعاصرة التي أطّرتها فلسفة الحداثة في مرحلة النهضة الأوروبية؛مما جعل الفكر البشري خاضعًا لقوانين أبدعتها فلسفة الحداثة ومن خالفها فقد خالف قوانين حياة البشر؛ويظهر ذلك على العديد من الأصعدة السياسية في النظرية الديموقراطية التي نشأت من منظور أصل الشر في الإنسان كما عند هوبز؛أو على الصعيد الفلسفي الكامن في تقديس العقل وجعله المنقذ الوحيد للإنسان كما عند كانط. ويكمن الثاني في العلاقة بين الفلسفة والفيزياء من خلال نقض الفيزياء الكلاسيكية الظاهرة في قوانين نيوتن للفيزياء بفيزياء الكم التي احتارت فيما دون الذرة في كونه جسيم أو موجه؛مما ولّد لنا مرحلة من الحيرة والريبة كما عند هايزمبرغ. ولعل هذا الرد الذي أنتج لنا مرحلة السيولة كما في فكر زيجمونت باومان الذي استبدل (مابعد الحداثة بالحداثة السائلة) يحيلنا إلى مرحلة ذوبان في الفكر البشري نتجت [TM17] عن تلك المرحلة الجامدة التي عاشها الفكر البشري ضمن مركزية الحداثة الغربية

الحيوية​
الحيوية فلسفة تتحرك على / عبر الحياة

وإذا كانت الأنشطة الحيوية المادية العضوية للكائن الحي تتمثل في خصائص من قبيل

1-النمو

2-التنفس

3-التغذية

4-الإحساس

5-الحركة

6-التكاثر

7-الإخراج

ركز بيرجسون على تجاوز الوظائف الجسدية المنبثقة عن الصور المادية للحياة بمفهومها الأوسع حيث تشمل خارج الإنسان أي الطبيعة. أو مفهومها الآخر,والأكثر إتساعا حيث تشمل داخل الإنسان,أي الحدس. لهذا سميت بمسميات من قبيل الفلسفة الحيوية والحدسية والبرجسونية نسبة إلى برجسون,أو إلى الحدس والحياة. والأخيرة هي الأكثر تعبيرا عن هذه الفلسفة التي ربما تكون الأكثر تغييرا بحكم أنها مرتبطة بأكثر العلوم تزبزبا وفوضوية وإبتعادا عن النظام. أي العلوم الإجتماعية.

ومن أعلام الحيوية؛أبيقور,ونيتشه,وهيجل,وماركس,وهنري برجسون,وإدغار موران,وجيل دولوز؛ حيث انتصر دولوز في فلسفته للحياة أيّما انتصار،وقد كان في ذلك متأثّر أيّما تأثّر بكلّ من نيتشه وبرغسون. كان لهذين الفيلسوفين دورهما في توجيه تفكير دولوز نحو إعارة الانتباه للجوانب التي همّشتها الفلسفة فيما قبل،ثم انصرف نحو التفكير في الهامشي من تاريخ الفلسفة،معتبرا التفلسف حول هوامش الفكر نوعا من إعادة الاعتبار للحياة كتجربة ومحاولة عيش التفرّد والاختلاف بعيدا عن المنظورات التأمّلية،الديكارتية والهوسرلية، السائدة في الساحة الفرنسية،والقاضية بتعزيز الفكر التمثلي.

الخطابية​
الخطابية هي فلسفة تنطلق من (الخطاب) مصدرا أوليا للمعرفة.

والخطاب هو كل ما يخاطب به المرء,وذلك يستدعي مخاطبا على الطرف الآخر,لذا وسع ميشيل فوكو المفهوم,وجعل الخطاب هو كل الآثار الفكرية وفق مجموعة بشرية معينة. ولهذا اعتبره بحق مؤسس الفلسفة الخطابية التي ساهم من خلالها في العثور على الخطابات المهمشة في المجتمع. ونقد سلطة المعرفة المنتجة للخطاب الرئيس.

الهوامش
1-المسجون ضد الحرّ

2-المجنون ضد العاقل

3-المحكوم ضد الحاكم

4-القليل ضد الكثير

5-الهامش ضد المركز

حيث يستخدم فوكو في فلسفته منهج تركيبي وتحليلي من أجل تفكيك اللغة,والنص,والمعرفة وإعادة بناءها في سياقات معينة تفضي إلى معرفة مصادرها الأولية. مستعيرا مصطلح (حفريات المعرفة) من إيمانويل كانط في كتابه نقد العقل الخالص,لكي يقنن به معنى أو دلالة شكل معين من أشكال المعرفة,وهو في حالة تحول إلى شكل آخر أو توليد شكل جديد من شكل قديم أو من سلالة معرفية سابقة. والسلالة المعرفية هي ما يمكن أن نعبر عنه تحت مسمى آخر هو السلسلة العلاماتية. "والسلاسل العلاماتية (السميوتيقية) من كل نوع،تكون متصلة بأنماط ترميزية متنوعة جداً،مثل السلاسل البيولوجية والسياسية والاقتصادية ... الخ. وهي لا تبرز فقط أنظمة الدلائل المختلفة،ولكن أيضاً أوضاع الأشياء وحالاتها.

وبالفعل،فإن الترتيبات الجماعية للملفوظ،تشتغل مباشرة داخل الترتيبات الآلية؛وليس باستطاعتنا القيام بقطيعة جذرية بين أنظمة الدلائل وموضوعاتها. وحتى عندما ندعي الاقتصار في اللسانيات على التفسير وعدم افتراض أي شيء بالنسبة للغة،فإننا لا نبرح دائرة الخطاب الذي يتضمن أنماطاً من التركيب وأصنافاً من السلطة،ذات طابع اجتماعي خاص."

الدينية​
الدينية هي أي فلسفة تنطلق من الدين (اعتناق إيماني) مصدرا أوليا للحقيقة.

ثم حدث تحول كبير بأن صار الدين في ذاته غاية لا وسيلة. وذلك بسبب فاعليته المشهودة في إعطاء أجوبة للكثير من الأسئلة المطروحة دوما للبحث عن الحقيقة. عبر مجموعة من الدراسات عرفت بـ (إحياء فلسفة الدين). يتميز هذا التحول بـ البحث عن الدين,أكثر مما يبحث عن الحقيقة,رغم أنه يجد أجوبة كثيرة لأسئلة عالقة,إلا أنه ينهى عن طرح المزيد من الأسئلة أو إعادة طرح أسئلة سابقة. هناك تحول آخر يحاول بعض المضللين (بالكسر أو بالفتحة) صنعه,وهو النظر إلى الدين خارج نطاق علم الأيديولوجيا,باعتباره أصل كل الشرور بشكل ميتافيزيقي لا يخلو من تدين ملحد. فالدين ليس إلا إتجاها أيديولوجيا,له تأثير كبير ويملك مساحات شاسعة على خريطة الفكر الإسلامي. لكنه يندرج تحت الإتجاهات الأيديلوجية التي تقسم طرق التفكير عادة إلى ثنائيات ضدية,مثل اليمينية واليسارية,أو العلمانية والأصولية. كلها أيديولوجيات منقسمة بفعل السياسة,وقد قسم الدين أيديولوجياته إلى ثلاث ثنائيات أساسية هي الدينية والإلحادية,الدينية والفلسفية,الدينية والتدينية. ويرى بعض المحللين والمؤرخين أن الدينية ليست إلا واحدة من المراحل الأربعة الأساسي للتفكير الإنساني عبر التاريخ البشري؛ (الأسطورية / الدينية / الفلسفية / الوضعية). وأرى أن الإتجاهين متحيزان مع أو ضد الدين,في حين ظهر تحول ثالث ربما هو الأكثر حيادية حتى الآن,أي فلسفة الدين. وفلسفة الدين هي التفكير الفلسفي في كل ما يتصل بالدين؛شرحا وتفسيرا وبيانا وتحليلا من دون أن أي تحيز أو تبرير أو دفاع أو هجوم. ومع أنه يمكن القول أن جانب كبير منها ينتمي إلى الدين,إلا أنه يمكننا إدراج فلسفة الإلحاد ضمنها. والإلحاد هو إنكار وجود الله,أو غيره من الآلهة,وهذا التصور يقترن به عادة التسليم بقضايا أخرى,مثل أن المادة أزلية أبدية,فهي الخالق والمخلوق (في نوع آخر من تأليه الطبيعية لا يخرج عن الميثولوجيا الإغريقية) ومنها وجد الكون والإنسان صدفة (أو وفق آلية معينة يحاول الإنسان تحديدها والتوصل إليها) وسينتهي كما بدأ. ومنها أن لا وجود للروح ولا الآخرة وغيرها من الغيبيات الغير متصلة بالمادة. (بينما يسلم البعض بوجود غيبيات من نوع آخر يمكن أن يفسرها العلم إنطلاقا من النظرية المادية).

الذاتية​
الذاتية فلسفة تركز على الذات قصدا ومنطلقا

والذات هي ذلك المعرف الذي نعي من خلاله مدركاتنا الداخلية والخارجية,أي أنها مجموع خبراتنا السابقة عن أنفسنا وعن محيطنا ممتزجة بوعينا الحاضر. فالذات تثير تساؤل الإنسان عن الإنسان حول ماهية ذاته,وحول ماهية الموضوعات حوله,ولهذا تقترن عادة وترادف أحيانا مفهوم الهوية -هذا غير إثارتها لقضية التحيز المعرفي- رغم الإختلاف بينهما. الهوية المعرّفة بمجموعة كبيرة من المصطلحات الفلسفية التي تحمل في عمقها معاني بقدر عمق الإنسان ذاته. مثل: (الإنسان / الذات / الأنا / الهوية / الماهية / الوعي / العقل). والفوارق واضحة بين المفردات السبعة,فالإنسان هو المعرف لذلك الجنس (البشري) الذي يشمل ذوات/نا. والمحدد بشكل ظواهري في الكثير من العلوم بيولوجيا وفسيولوجيا وأنثروبولوجيا وكيميائيا ونفسيا وإجتماعيا،وغيره. أما الذات،فهي مفردة تفيد الرجوع إلى الأصل،أصل الإنسان الحاضر،وليس مجرد أصل ترجعه نظرية تطورية إلى طفرة جينية / حضارية. بل أصل حاضر في تكوين تلك الذات المفكرة قبل أن تكون نفس حية دون أي انفصال بين الروح والنفس. والذات يقصد بها إنسانيتها على وجهيها (الأنا والآخر). أما الأنا فتفيد مزيد من الاستغراق في التفرد،لذا كل واحد له أناه الخاصة،ومجوعتها / مجتمعها هي مجموع الذوات. أما الهوية فهي أكثر المفردات استخداما واستكشافا لطبيعة ومحددات هذه الأنا / الذات انطلاقا من تمييزها كـذات بشرية،أو كائن مفكر. لذا نجد أن كلمة هوية تطلق على الإنسان،في محاولة لتحديد أو الإشارة إلى ماهية الإنسان. أما كلمة الماهية فهي تطلق على الشيء،الحي أو الميت. ولكن لا يفترض بها أن تطلق على الكائن العاقل. وقد ذكرنا العقل,وهو مصدر الفكر في الإنسان بما فيه إدراكنا لذواتنا،والوعي هو المساحة التي تستوعب التفكير الناتج عن هذا العقل. وفي وصف الروح يذهب الوضعيون إلى كونها عبارة من مجموعة من التفاعلات الكيميائية والعصبية تؤدي وظيفة التفكير. لذا الروح هي العقل. ولكن هذا لا يخرج كنوع من التأكيد،فهنا تنبثق مجموعة من الإشكاليات التي قد تخرج بنا عن موضوعنا,ولكنها تبرز أهمية الدراسات المعنية بالذات موضوعا لها. وتكمن الأهمية الكبرى لموضوع الذات في كونها تصلح مرجعا تأسيسيا للتحقق من أي معرفة كما أثبت ديكارت في الكوجيطو الشهير. وفي الأخير يمكننا أن ننظر إلى الذاتية بإعتبارها فلسفة تثير أسئلة مستمرة ومتجددة عن الذات,وعن الهوية,وغير ذلك من المصطلحات المذكورة وغير المذكورة.

الذرائعية​
الذرائعية فلسفة تتخذ من المنفعة الإنسانية غاية أساسية.

أي أنها "ذات منهجية تتوخى المعرفة من زاوية فعاليتها,لا من زاوية حقيقتها المطلقة. حيث تعد الذرائعية في طريقة بحثها العلمي أن لا وجود لحقائق مطلقة بل لمعارف نافعة،أثبتتها التجربة أو تخلت عنها؛ينطبق ذلك على الممارسة العادية وعلى المعارف العلمية وعلى

القيم الأخلاقية وعلى النظم السياسية. وترى الذرائعية أن للحقيقة علاقة ملازمة كليا والاختبار البشري؛وأن المعرفة أداة في خدمة الفعالية،وأن للفكر طابعا غائبا في الأساس، فحقيقة قضية تكمن إذا في كونها (مفيدة),(ناجحة),(مرضية). إن هذه الصيغ تحتمل سلسلة متواصلة من المعاني التي تمتد على مدى واسع،فإذا أخذ هذا النجاح بمعنى مكسب أو فائدة ما،نالها ذلك الذي ينتمي إلى قضية،ونكون أمام الذرائعية الأكثر ريبية،تلك التي يكون فيها مفهوم الحقيقة مستوعباً كليا في مفهوم المصلحة الفردية -أو الجماعية-؛إن كذبة نافعة هي حقيقة،فما يكون خطأ بالنسبة إلى هذا،يكون مع الأساس عينة حقيقية بالنسبة إلى ذاك."
[TM18]

الذرائعية تتخذ من الغاية (وغايتها المنفعة) ذريعة لها,لهذا سميت الذرائعية أو النفعية. ببساطة تسير وفق العبارة الشهيرة (الغاية تبرر الوسيلة). وهذا هو تطبيقها الأساسي لمفهوم (الذريعة). إلا أنها تضع المنفعة غاية أولية لها,وليس الضرر (أو الضرر هدفنا منه الإبتعاد عنه). وطالما هذه المنفعة تتحقق,فلا فائدة من الجدل حول كيفية تحققها سوى في بيان إعادة تفعيل وتكرار هذه الطرائق المفيدة. وهي بذلك تتشابه مع الظواهراتية التي تركز على (الظاهرة). فالإثنتين فلسفتين مثاليتين تنطلقان من الواقع. ومثلما كانت الظاهرة تحتمل أكثر مما يظهر منها,فإن المنفعة,أو الذريعة تتضمن أكثر مما يبدوا عليها. فثلاثية (مفيدة / ناجحة / مرضية) إلى آخر إمتدادها من الصفات التي قد تحمل عليها تجعل بيان هذه الفائدة شبه مستحيل كلما انضمت المزيد من التوصيفات للمعنى / المراد من (تحقيق الغرض) أو (الذريعة). ظهرت الذرائعية (البراجماتية) لأول مرة من خلال صك المصطلح الشهير (براجماتية) في مقال لويليام جيمس بعنوان (ما هي المشاعر؟) نشر عام 1884,وعادة تنسب أصول البراجماتية إلى الفلاسفة الأمريكيون الكبار؛ويليام جيمس,وجون ديوي, وتشارلز ساندرس بيرس. تعتقد النظرية الأداتية في التقدم،أن التقدم لا يتضمن بلوغ أهداف معينة،وإنما يتضمن عملية الحركة نفسها. غالبًا ما تُنسب أصولها إلى الفلاسفة تشارلز ساندرز بيرس وويليام جيمس وجون ديوي. وصفه بيرس في وقت لاحق في مقولته البراغماتية: (فكر في التأثيرات العملية للأدوات من خلال تصورك. ثم،فإن تصورك لهذه التأثيرات هو كل تصورك لتلك الأدوات). تعتبر البراغماتية الكلمات والفكر كأدوات للتنبؤ وحل المشكلات والعمل،وترفض فكرة أن وظيفة الفكر هي وصف الواقع أو تمثيله أو عكسه. يؤكد البراغماتيون أن معظم الموضوعات الفلسفية -مثل طبيعة المعرفة،اللغة، المفاهيم،المعنى،المعتقد والعلوم - يُنظر إليها على أفضل وجه من حيث استخداماتها العملية ونجاحاتها.

الرأسمالية​
الرأسمالية فلسفة إقتصادية قائمة على مفهوم رأس المال

رأس المال أو التمويل,مصطلح يقصد به الأموال (وما يعادلها) اللازمة لإنشاء نشاط تجاري / إقتصادي. وارتبطت الرأسمالية بالتحررية,لأن المنشيء هنا هو جهة متمثلة في شخص أو جماعة أو حتى مؤسسة غير مقيدة بأفراد بل بنظام. لا ينظر لأي إعتبارية في المعاملات المالية لهذا الفرد / الجهة عدا إعتبار المقدرة المادية والفاعلية الإقتصادية في تحريك نشاط تجاري. فهذا النظام أطاح بلون من الظلم في الحياة الإقتصادية,وبالحكم الدكتاتوري في الحياة السياسية,وبجمود الكنيسة وما إليها في الحياة الفكرية,وهيأ مقاليد الحكم والنفوذ لفئة حاكمة جديدة حلت محل السابقين,وقامت بنفس دورهم الإجتماعي في إسلوب جديد. وقد قامت الديمقراطية الرأسمالية على الإيمان بالفرد إيمانا لا حد له,وبأن مصالحه الخاصة بنفسها تكفل -بصورة طبيعية- مصلحة المجتمع في مختلف الميادين. وأن فكرة الدولة إنما تستهدف حماية الأفراد ومصالحهم الخاصة,فلا يجوز لها أن تتعدى حدود هذا الهدف في نشاطها ومجالات عملها. فيتخلص النظام الديمقراطي الرأسمالي في إعلان الحريات الأربع؛ السياسية,والإقتصادية,والفكرية,والشخصية. ولهذا تبنت آين راند الرأسمالية ونظّرت لتعميمها على المجالات السياسية في سياق فلسفتها الموضوعية "النظام السياسي والاقتصادي المثالي هو الرأسمالية وهو نظام يتعامل فيه الرجال مع بعضهم البعض ليس كضحايا أو جلادين،لا كأسيادٍ أو عبيدٍ،وإنما كتجارٍ،من خلال التبادل الطوعي الحر والمنفعة المتبادلة. هو نظامٌ لا يجوز فيه لأيّ إنسانٍ الحصول على أيّة قيمٍ من الآخرين عن طريق اللجوء إلى القوة البدنية ولا يجوز لأيّ إنسانٍ أن يشرع في استخدام القوة البدنية ضد الآخرين،إذ لا تعمل الحكومة إلا كشرطيٍّ يحمي حقوق الإنسان (الحقوق الطبيعية)،تُستخدم القوة البدنية فقط في الثأر أو ضد أولئك الذين يبدؤون استخدام العنف،مثل المجرمين أو الغزاة الأجانب. في نظامٍ للرأسمالية الكاملة،ينبغي أن يوجد هناك فصلٌ كاملٌ للدولة والاقتصاد،بنفس الطريقة ولنفس أسباب فصل الدولة والكنيسة". بالطبع وجدت الماركسية والفلسفات المنبثقة عنها (الشيوعية والإشتراكية) ثغرة ظالمة في هذا النظام القوي المتماسك والمستمر في توسعه. وهو أن البنيان الرأسمالي ينظر بالفعل إلى الرأس طاحنا ما تحت الأقدام. ولا يوفر فرص عمل / كسب لعناصر فاعلة في هذه الجهاز الإقتصادي (المسمى مثلا شركة). لأن المقدرة المادية كما هو معروف غير مقتصرة على الأموال فقط. بل شملت نظائر أخرى مثل -المواد (مثل الذهب والنفط والأدوات والآلات والمنتجات المختلفة), والأراضي والعقارات,والأسهم,والجهد. الأخير مرتبط دوما بما يقدمه فرد من مساهمة عمالية أو إدارية,ولكن يتم صهر هذا في سياق مؤسساتي يتعامل مع الفرد مثله مثل الممتلكات الأخرى متحكم بها تماما بواسطة المالك الأصلي لرأس المال.

الرمزية​
الرمزية فلسفة علاماتية تسعى إلى الكشف عن المعنى وراء الرمز.

الرمز هي صورة (بصرية أو ذهنية) غايتها الإيضاح دون الإفصاح. أو

هو إحداث بين طرفين،من خلال حذف أحدهما (وهو الطرف الأوّل) وجعل الطرف الآخر (إشارة) لذلك الطرف المحذوف.

وهي بذلك تنطلق من القانون المجازي الشهير (التلميح أقوى من التصريح). وتتطابق مع المفهوم العام حول (المعنى). الرمزية هنا قد تكون فلسفة ثانوية لأنها تنتمي إلى حقول بحثية أكبر مثل المجاز والسيمياء -وقد يخلط البعض بين العلاماتية والرمزية- والتأويل والمنطق والرياضيات واللغة,وللرمز دور بالغ الأهمية في كل هذه الحقول. كما أنه شديد الفاعلية في حيواتنا الشخصية القائمة في أغلبها على معاملات رمزية. إبتداءا من أن بعض تعريفات المعنى لا تخرج عن مطابقته أو تغذيه على الرمز. "فعلى الرغم من تعدد وجهات النظر حول المقصود بالمعنى،فإنها تكاد تلتقي جميعاً عند معنى واحد وهو: أنّ شيئاً يرمز إلى شيءٍ آخر،وكلا الشيئين يكونان من كائنات العالم الواقع" [TM19] قبل الإرتقاء بالتجريد إلى مستوى المثل,أو عالم الأفكار. وصولا إلى تحويل كل شيء حولنا إلى معنى. في مناقضة لمفهوم (الشيء). وتحويله إلى مفهوم (الرمز). هذا غير تحويل كل السلوكيات البشرية إلى رموز معينة. المال رمز الثراء. والصياح تعبيرا عن الغضب. والشعائرية شعور بالحياة.

لا تتوقف الرمزية عند هذا الحد,قدرتها الهائلة على التجريد سمحت لها بتمثيل جميع الموجودات لتغذي الحقول الثلاثة الأكبر والأكثر مقدرة على التمثيل؛الرياضيات والحاسوبيات والإتصالات. فالرمز هو الصيغة المناسبة للتعبير عن الحقائق المجهولة مثلما أن الأسطورة تمثل استعارات من المظاهر الطبيعية،من أجل أن تعكس العالمين الداخلى والخارجى. ولئن كان عصر الأساطير إنتهى,إلا أنه ما زال مستمرا في حياتنا اليومية بالعديد من المظاهر المرئية. فكل نشاطاتنا اليومية على المدى الأبعد والأكثر إرتقاءا تتحول إلى رموز دينية أو ثقافية. وهدفت إلى التعبير عن سر الوجود عبر الرمز. لذا بات شائعا بشكل لا ينفصل عن حياتنا اليومية استخدام الرمز لتمثيل الأشياء مثل الأفكار والمشاعر. وتستخدم الرمزية أحيانا لكي تشير تحديدا إلى رموز الوثنية التي تقوم بذاتها. ولقد وصف ماكس فيبر الدين بأنة نظاما من الرموز الدينية المقدسة. وعندي لا يفترق الدين كثيرا عن أي شعائر وثنية (فكلها منتمية بشكل أو بآخر إلى مجموعة أيديولوجية واحدة هي الديانات). والرمز في المعنى يمكن تعديله من قبل مختلف العوامل بما في ذلك الاستخدام الشعبي، الدين,التاريخ،والقصد السياقي,وفي الدراسات الثقافية والنفسية. "وقد اعتبر كاسيرر أن نظريته الخاصة عن الرمز تشكل جواباً عن سؤال «ما الإنسان؟». يقول في هذا الصدد «ما دام الإنسان قد خرج من العالم المادي، فإنه يعيش في عالم رمزي، وما اللغة والأسطورة والفن والدين إلا جزء من هذا العالم. فهذه هي الخيوط المتنوعة التي تحاك منها الشبكة الرمزية أعني النسيج المعقد للتجارب الإنسانية، وكل التقدم الإنساني في الفكر والتجربة يرهف من هذه الشبكة ويقويها".

الرواقية​
المشائية فلسفة تتخذ من (المشي) وسيلة أساسية لنشر تعاليمها.

الفلسفة اليونانية الأولى هي الفلسفة السفسطائية. فلسفة قائمة على تعليم فن الكلام لإستخدامه في وظائف متعددة,منها التعليم,والقانون,والتجارة. ولأنها بذلك تعتمد بشكل رئيس على فن الخطابة,فإن الحركة المستخدمة من قبل قدمي,ويدي الخطيب تؤخذ في الإعتبار بصفتها عنصرا فاعلا ومؤثرا على المتلقي. أي المشي.

المشي هو حركة تستخدم الأقدام لتحريك الجسم من مكان إلى آخر. وتتسم بالبطء بالنسبة إلى حركة أخرى هي الجري,الذي يعني أيضا تحريك الجسم من مكان إلى آخر. وبواسطة الأقدام. ولكن بشكل أسرع. ويلاحظ علماء النفس أن من يفكر بتروي يمشي بشكل أبطأ.

والمشائية بذلك تتشابه مع الرواقية,بل وتترادف معها,والمصدر واحد للإثنين,أي الفلسفة اليونانية ما قبل السقراطية,والتي -أي تلك الفلسفات اليونانية- تعددت مدراسها ومذاهبها. حيث كان المشي أثناء تلقي الدرس والنقاش حوله معتادا في أروقة وساحات الأسواق كنوع من الممارسات الخطابية. طورها سقراط لاحقا,وبعده أفلاطون وأرسطو. يعرف الأخير بأنه مؤسس الفلسفة المشائية في جامعته لتعليم الفلسفة.

والرواقية فلسفة يونانية خرجت من أحضان الأروقة. خرجت مع المشائية من أروقة أفلاطون وأرسطو وتلاميذهما فيما بعد. والرواقية تستعمل (الرواق) -والمشي- أداة فعالة لتوصيل فلسفتها إلى المتلقي,حيث كان أفلاطون يعلم تلامذته الفلسفة وعلومها أثناء (التمشية) في أروقة مدرسته.

إجتماع التلاميذ حول معلمهم طوعا لتلقي العلم في رواق / فصل داخل مؤسسة متخصصة في التعليم (تعليم الفلسفة والرياضيات) هو نفس الشكل (مع بعض التغييرات) المتبع في الجامعات حتى يومنا هذا. أما التمشية فهو نفس السلوك الذي ينتهجه الطلبة مع بعض لمناقشة بعض مواضيع الدرس. والتمشية يقوم بها المعلمون أيضا في مناقشاتهم أثناء التمشية في أروقة الجامعات. وقد يقوم بها تلميذ مع معلمه. وبهذا يربط (الرواق) والمنهج الرواقي بين التعلم والنقاش,خاصة الأخير الذي يشكل نوع من التعليم التفاعلي بين الطرفين توليدا للأفكار على حد قولة سقراط.

الفلسفة الرابعة التي تتبنى النظام المدرسي / الجامعي بعد السفسطائية والمشائية والرواقية هي الفلسفة المدرسية. وهي إمتداد للفلسفة اليونانية الأرسطية. سميت بذلك نسبة إلى المدارس الدينية التي انتشرت فيها,من خلال بعض الممارسات المكتبية,تعاليم هذه الفلسفة على أيدي الفلاسفة الثلاثة الكبار للفلسفة المسيحية؛أغسطينوس,وتوما الأكويني,وأنسليم. فالمدرسية مدرسة فلسفية تنطلق من اللاهوت المسيحي مصدرا للمعرفة وتطبقه مدرسيا.

الروحانية​
الروحانية فلسفة تنطلق من (الروح) مصدرا أوليا للحقيقة.

وقد يختلف البعض حول المنطلقات التي ترجع إليها الفلسفة الروحانية,فقد يرجعها البعض إلى كونها فلسفة غيبية,تبحث عن (كل ما غاب عنا وكان أثره حاضرا),أي مفاهيم مثل الروح والموت والله والقدر. إلا أن ذلك ليس إلا اختلاف تنوع لا تضاد. لسببين؛الأول كون الروح من الغيبيات,والعلم بعد أن استكشف (تقريبا كل شيء!),لا يزال عاجزا عن سبر أغوار الروح وكشف مكنوناتها. وبذلك هي مفتاح بالغ الأهمية في دخول عالم الروحانيات. وثانيا لأن الروح متصلة بكل الروحانيات / الغيبيات الأخرى,وبدون الكشف تحديدا عن ماهيتها,إلا أن طبيعتها واضحة. وهي طبيعة نجدها على اتصال بالكثير من الظواهر الروحانية. دراسة هذه الظواهر,وتبيان صلتها بالروح,هو أول ما نفعله في أي دراسة جادة عن الروح,ومنها

-العرافة

-الحسد

-السحر

-الجن

-الشياطين

-الجنس

-اليوجا

-الشعوذة

وتسمى هذه الظواهر عادة بـ (الروحانيات),وهناك مجموعة أخرى من الظواهر تسمى الأساطير أو الأسطوريات. والفارق الواضح بينهما,أن الأساطير كان معتقد بوجودها في الأزمان السالفة,وتبدد هذا الإعتقاد بمرور الوقت. أما الروحانيات فلا تزال توجد شريحة كبيرة من البشر تؤمن بوجودها (ويختلط ذلك مع الإيمان ببعض الأسطوريات),ولا يزال العلم حائرا في محاولاته الحثيثة لتبديد الوهم عنها. هذه الروحانيات مشهورة لدى غير المؤمنين بها بإسم (خرافات) في حاضرها,و(أساطير) في ماضيها. وإذا طبقنا ذلك على مفهوم الوحش,نجد أن الأسطوريات تشمل كائنات مثل الكيميرا والتنين. أما الخرافات فتشمل كائنات مثل السلعوة وحورية البحر. ثم هناك (العلوم الزائفة) التي تقع بين الإثنين,ويمكن تسميتها بـ (الغرائبيات),وإذا كان المحل الزمني للأسطوريات هو الماضي,والروحانيات هي الحاضر,فالغرائبيات هي المستقبل.

ولأن الروحانية فلسفة مقترنة بالروح,التي تقترن بمفاهيم مثل البقاء,الطموح,النفوذ,المعرفة. خاصة معرفة المجهول / الغيب. تنبثق عن الروحانية فلسفات أخرى (التي تتوزع على مصطلحات عديدة تخرج إشتقاقيا من كلمة الروح) مثل الروحية,وهي حركة دينية قائمة على الاعتقاد بأن أرواح الأموات موجودة وقادرة وعلى التواصل مع الأحياء.

الرياضية​
الرياضية فلسفة قائمة على الرياضيات

والرياضيات هو علم دراسة المقادير الكمية (دون إنفصال عن المقادير الكيفية)

ولفترة طويلة من تاريخ التفكير البشري,لم يخرج العقل عن تيارين رئيسيين في معالجة أي قضية / موضوع.

إما على أساس تحليل الصفات الكيفية

وإما على أساس تحليل المقادير الكمية

تحظى الكيفيات بتنوع هائل وتفاصيل عديدة لا يفقهها إلا المتخصص في نوعها,مثل

الكيمياء تعني بدراسة كيفية تفاعل المواد

الفيزياء تعني بدراسة كيفية حركة الطبيعة

الطب يعني بدراسة كيفية عمل الجسد

الميكانيكا تعني بدراسة كيفية عمل الآلة

التشييد يعني بدراسة كيفية بناء المباني

ومع ذلك,تظل قلة الحالات / الظواهر الممكن دراستها وضعف الأدوات من بلوغ مآربها سببا في قصور معرفتنا العلمية حول هذه العلوم. في حال أن الكميات تحظى بشمولية كبيرة بسبب القدرة التجريدية لكائن مثل (الكمية). منتج فكري من صنف عالي جدا.

الكمية هي وحدة / بنية يراد بها أي جزء من الكل.

حتى لو كان الكل نفسه الذي يعد جزئا من نفسه. دون أي محددات لطبيعة هذا الجزء / الكل. وعلى عكس الكيفية التي تفترض مجموعة من الخطوات (العناصر). فإن الكمية قد تكون عنصر واحد على إتصال مع العناصر الأخرى عبر مفاهيم مثل القياس,أو على إنفصال عنها بوصفه قيمة عددية.

برأيي,مصطلح (الكمية) هو المفهوم الأكثر شمولا لكل المفاهيم الرياضية في إتساق نظامي مؤسسا (نظام) شبه متكامل ومثالي يحسد عليه. نحن مثلا نجد أن

المعادلة هي علاقة بين كميتين متساويتين

النسبة هي علاقة بين كميتين مقدرتين

الزمانية​
الزمانية فلسفة تركز على الزمن منطلقا ومقصدا

والزمن هو المسار الذي تجري فيه الأحداث,وهو ينقسم إلى ثلاثة أبعاد (ماضي / حاضر / مستقبل)

توازيا مع المكان وهو الفضاء الذي تظهر فيه الأحداث,وهو ينقسم إلى ثلاثة أبعاد (طول / عرض / إرتفاع-عمق).

فالزمن واحد من الظواهر الفيزيائية والنفسية الأكثر جدلا في تاريخ الفلسفة والعلوم. والجدل قائم بشكل أساسي حول إن كانت ظاهرة داخلية / نفسية أي نابعة من عقولنا وبذلك يكون الزمن مصطلح وهمي لا وجود له في الواقع الحقيقي. أم هو ظاهرة خارجية / فيزيائية تمثل خاصية أساسية طبيعية للكون. هو نفس الجدل القائم حول طبيعة الواقع نفسه.

هناك مساران متبعان لتحليل الزمن

الأول المنهج الوصفي الذي يصف الزمن عبر حركة الأشياء,ومنه استخرجت لنا المقاييس الوقتية المعروفة,ووحدات قياس الزمن مثل ثانية,دقيقة,ساعة,يوم,شهر,عام.

الثاني هو المنهج التفسيري واختلف الفيزيائيون فيه وانشقوا إلى أكبر نظريتين فيزيائيتين في العصر الحديث؛أي النسبية العامة,وميكانيكا الكم.

وربما منهج ثالث هو الوظيفي,الذي يسعى إلى توظيف الوقت,بغض النظر عن ماهيته. ويمكن تقسيم وظائف الزمن إلى

أولا وظائف عملية,أي تطبيقات ملموسة للزمن,مثل قياس الوقت عبر الساعات والمؤقتات لتوزيع مهامنا اليومية.

ثانيا وظائف تأملية. أي فلسفة تبلور نظرتنا إلى الزمن. وهي تنقسم بدورها إلى وظائف تأملية عملية,بحسب الزمن الماضي,فنجد النزعة الماضوية والحنين إلى الماضي. أو الزمن الحاضر فنجد الحاضرية الفلسفية. أو الزمن المستقبل حيث نجد الحتمية التاريخية والتنبؤية.

ثم وظائف تأملية غير عملية,وأقصد هنا مساعي الخيال العلمي,والعلم التأملي,وفيه أن طي الفضاء بشقيه (الزمان والمكان) من أكبر الأهداف التي تبدوا لنا عصية التحقيق,بعيدة المنال,أو مستحيلة تقع ضمن المحال.

السردية​
فلسفة السرد مجموعة من الدراسات تتخذ من السرد موضوعا لها.

والسرد هنا مفهوم واسع المدى في معانيه,بشكل قد يتجاوز كل السرديات مقتحما كل التخصصات في محاولة تعريف تمادى في شططه.

السرد هو إلقاء القصص,ولا يوجد قصة بدون حبكة,أي حدث,فلا يمكن أن يسمى الوصف سردا. مثل أن نقوم بوصف إنسان أو مبنى أو مجتمع. ولكن وصفنا للحدث,هو ما يميز السرد. ولهذا أحيانا ما يختلط السرد الأدبي مع السرد التاريخي.

فالسرد حاوي للوصف وللحدث,ولهذا توسع المفهوم إنطلاقا من كونه معني بتسجيل الحدث إلى دراسة المعنى وراء هذا الحدث.

وقبل الخوض في توسعاته نستجلي سبعة مفاهيم مفتاحية لعلوم السرد هي السرد والكلام والاتصال والعلامة والكتابة والنص واللغة

السرد هو كما عرفناه,وهو مطلق في أمره واقع بين الواقع (أحداث تجري) والعاقل (وأحداث نجريها في عقلنا),وما بين الوقع والعقل,موضع يكمن فيه سردا وسطا هو التفكير والنص. فالتفكير نوعين؛سردي وصوري.

الكلام هو نظام إتصال بإستخدام لغة مبنية على الكلمات.

والكلمة هو رمز مفتاحي (صوتي) تعارف عليه القوم في إحتواءه واتفاقه على معنى.

وبهذا فالكلام جزء من النظام اللغوي,وذاك جزء من نظام أكبر هو العلامات.

والكلام يوقع السرد في نص شفوي أو كتابي. ولكنه ليس شاملا للسرد,كون الأخير يشتمل على نوع آخر هو تعاقب الصور.

والاتصال هو تبادل المعطيات / الأفهام بين طرفين أو أكثر.

ويحدث ذلك عبر الكلام,واللغة,أو العلامات,أو السرد (اللغوي / البصري).

والسرد ليس محورا إتصاليا لكونه مطلق كما ذكرنا,بينما الإتصال هو سلوك تطبيقي يحدث بين البشر,وبين الكائنات العاقلة. فالسرد هنا بمعناه الضيق رسالة,أي وحدة إتصالية. ولكن بمعناه الواسع يميل للمثل النظرية / النفسية.

السياسية​
الفلسفات السياسية هي أي فلسفة تتبنى رؤية فلسفية / سياسية.

وينقسم التفكير السياسي إلى نوعين من التصنيف؛تفكير فلسفي وهو الذي يتبنى رؤية أوسع للوجود أو تميل لأن تكون كذلك (فأغالب الفلسفات لها تطبيقات سياسية).

والنوع الثاني هو التفكير الفلسفي الذي يتخذ من مفهوم (الدولة / المجتمع) محورا لدراساته

المجتمع هو مجموعة من الناس التي تعيش مع بعضها وفق نظام معين.

والدولة هي مجتمع محدد بقطعة أرض حدودية ونظام معين يحكم الناس داخل هذه الدولة.

وفقا لذلك في الآتي نذكر الفلسفات السياسية الأكثر تأثيرا,بل وتحدد توجهاتها الفلسفية لتنقسم السياسة إلى إتجاهات (والترتيب أبجدي,كما أن التقابلات قد تكون أكثر تعقيدا من ذلك)

-إشتراكية / رأسمالية

-أصولية / علمانية

-الأعيان / العمال

-إقطاعية / دولة

-أممية / عولمة

-توسعية / إنكماشية

-جهوية / مركزية

-دواوينية / لاهرمية

-سلمية / إرهابية

-شمولية / لا سلطوية

-قومية / قطرية

-يمينية / يسارية

هذه هي الإتجاهات السياسية الرئيسية,كما تنقسم التوجهات السياسية -بإتباع تصنيف مختلف- إلى تفكير إجتماعي غرضه الوصول لمناهج أو تطبيقات فكرية تناسب مجتمعا بعينه. مثل منظومة السياسية العربية. وهناك السياسات الألمانية والفرنسية والأمريكية والروسية,إلخ.

ومن ذلك نختار مجموعة منبوذة من السياسات التي تمزج بين التصنيفين,وهي الصهيونية الإسرائيلية,والماسونية اليهودية,والنازية الألمانية,والإمبريالية الأمريكية,والفاشية الإيطالية,والاستعمارية الفرنسية,والعبودية الإنجليزية,والشيوعية الصينية,والإرهابية الإسلامية.

السياقية​
السياقية فلسفة تنطلق من (السياق) أساسا معرفيا لها.

السياق هو توجه (ساق) مجموعة من العناصر (المتساوقة) في إتجاه واحد.

حيث تزعم السياقية أن هناك مجموعة من التوجهات مفروضة على المرء بحكم سياق واحد مرسوم له من المهد إلى اللحد,لا يغير فيه إلا قدرا ضئيلا لا يخرج كثيرا عن هذا السياق.

لذا لاقت الكثير من العناية لدى نقاد ومنظري الأدب,لأن النص الأدبي بمقتضاها صار يقرأ ويحلل في سياق الظروف الإجتماعية والسياسية والنفسية والتاريخية والإقتصادية واللغوية والأدبية. وصار النص الأدبي -حتى الآن- يعنى به تحت ثلاثة أبواب لكل منهم سياقاته الخاصة

1-المبدع

2-النص

3-المتلقي

اهتم جاك دريدا أكثر بالنص مؤسسا عليه فلسفته "فهو من قدم مفهوم "التفكيك"، كما دعا إلى النسبية الثقافية والشخصية، وركز بشكل أكثر وضوحا على اللغة، والاقتباس الأكثر شهرة لدريدا "ليس ثمة خارج السياق"، أو "لا يوجد شيء خارج النص" يتعلق برفضه لفكرة أن الكلمات تشير إلى أي شيء مباشر، بدلا من ذلك "هناك سياقات فقط بدون أي مركز ثابت على الإطلاق. لذلك فإن مؤلف النص ليس هو المرجع في معناه، بل يصنع القارئ أو المستمع معناه الصحيح بالقدر نفسه، وكل نص "يولد سياقات جديدة بلا حدود بطريقة غير قابلة للانتهاء على الإطلاق".

[TM20]

"في علم المعرفة، السياقية هي التعامل مع كلمة "يعلم" بأنها حساسة للسياق. التعابير الحساسة للسياق هي التي "تعبر عن افتراضات مختلفة نسبة للسياقات للمختلفة". على سبيل المثال، بعض الكلمات التي تعتبر حساسة للسياق دون جدل هي المشيرات مثل "أنا" و"هنا" و"الآن". بينما لكلمة "أنا" معنى لغوي ثابت في جميع السياقات، إلا أن من تشير إليه يختلف مع سياق الاستخدام. على نفس الشاكلة، فإن السياقيون المعرفيون يجادلون أن كلمة "يعلم" حساسة للسياق، معبرة عن علاقات مختلفة في السياقات المختلفة لاستخدامها."[TM21]

تعد السياقية فلسفة منهجية لا تقدم رؤية إحادية أو محددة نحو تناول الأمور,بل تتخذ إجراء معين بتوسيع معنى الرمز بكونه (أن شيئا يدل على شيء آخر) إلى السياق بكون (أن الشيء يجري في سياق شيء آخر). هذا ما يعطينا مفاهيم معروفة حول دماغ في وعاء والتفكير خارج الصندوق. لا تحجم السياقية مقدار تفكيرنا,بل أنها تعرفنا على كل الحدود المحيطة بنا من أجل تجاوزها.

السيمياء​
السيمياء فلسفة تنطلق من العلامة مصدرا أوليا للمعرفة.

والعلامة هي صورة تعبر عن وجود أو معنى.

وهي بذلك تتشابه مع الرمز كونه صورة (بصرية أو ذهنية) غايتها الإيضاح دون الإفصاح.

وتتشابه مع الكلمة كونها صورة / رمزية مفتاحية اعتباطية تعارف عليها القوم في إتفاقها على معنى.

وتتشابه مع الصورة كونها صورة الشيء,أي ما به يحصل الشيء بالفعل. والصورة منظورة بيانا أو عيانا.

وتتشابه مع الرسالة كونها معنى يراد إيصاله من المرسل إلى المرسل إليه

إلا أن العلامة تسبق كل هذه المصطلحات

كما أنها تحوي غيرها من المصطلحات التي تدور في فلك السيميائية / العلاماتية,مثل النص,والسرد,واللغة,والإتصال.

تنطلق السيميائية من العلاقة بين ثنائية مشهورة في كل هذه الحقول أي

-الدال والمدلول

أو

-المبنى والمعنى

الشخصانية​
الشخصانية فلسفة تتخذ من (الشخص) الإنساني مصدرا أوليا للحقيقة.

والشخص هو معرف لمجموعة من السمات / الصفات الإنسانية التي تميز فردا عن الآخر بوصفه شخصا,وبالقول أنه شخصية. ولهذا يقال أيضا أن شخصا لديه شخصية قوية,إذا ما تميزت أو برزت شخصيته وسط الآخرين. والأصل الإشتقاقي في اللغة العربية يوافق تماما هذه المفردات. لذا نجد أن شخوص العينين يعني بروزهما للعيان. تم تقديم الفلسفة الشخصانية عبر سبعة مسميات / فلسفات شكلت تياراتها الرئيسية

1-المثالية / أفلاطون 427 ق.م: وبحث الإنسان عن المثل التي يحاكيها العالم في موجوداته المادية,بل وإعتبار الإنسان محاكاة للإله أو لكيان ما من جنس الإله. 2-الإنسانية / بترارك - مارسيليو فيسينو 1300: الإنسانية فلسفة تنظر إلى الإنسان (ذلك الحامل لأسماء أخرى مثل فرد / شخص / ذات) بصفته قيمة مطلقة. كان لبترارك الفضل في الإعلاء من الإنسان قيمة أخلاقية لا يعلى عليها,وهو أول من تحدث عن العصور الوسطى بوصفها (عصورا مظلمة) تدنت فيها قيمة الحياة البشرية. 3-الذاتية / ديكارت 1637: بعض أن خاض مجموعة من التجارب الفكرية العميقة,وعبر كتابه الرئيس (مقال في المنهج) يؤسس ديكارت لفلسفته العقلانية التي تنطلق من العقل / الوعي / الذات الإنسانية مصدر أوليا للمعرفة فيما يعرف بالكوجيطو الديكارتي (أنا أفكر,إذا أنا موجود). عبر تاريخ الغرب,ومنذ أفلاطون لم يستطع أحد أن يسترجع قيمة الإنسان المعرفية إلى أن جاء كانط وديكارت. 4-الفردانية / شوبنهاور - نيتشه - فرويد 1818: يركز كل من شوبنهاور ونيتشه على الصراع بين الفرد والواقع, ودافع كلاهما عن مبدأ التفرد (إرادة العيش عند شوبنهاور وإرداة القوة عند نيتشه). وهو مبدأ يدافع عن قدرة الفرد في السيطرة على واقعه. من خلال العقل,ومع ذلك إنبثقت عنهما ما يعرف بالفلسفة اللاعقلانية. فيما بعد يؤكد فرويد على قدرة الفرد في التلاعب بواقعه بل وبعقله عبر اللاعقل / اللاوعي. 5-الوجودية / كيركغارد - مارتن هيدغر – سارتر 1927: استطاع سارتر,وعبر تحليله لإرث فلسفي هائل,أن يعيد صياغة برنامج أخلاقي عبر جهاز مفاهيمي ضخم,محركه الرئيس هو مبدأ الوجود والعدم / الحضور والغياب (أنا أفكر .. إذن أنا كنت موجود). 6-الجوانية / عبد الرحمن بدوي - عثمان أمين 1964: متأثرا بفكر محمد عبده مثلت فلسفة عثمان أمين إنعكاسا للمثالية الغربية -كما فعل عبد الرحمن بدوي مع الوجودية الغربية- ليصيغ لنا مثاليتنا العربية تحت مسمى الفلسفة الجوانية التي تغلب الجانب الروحي على الجانب المادي "وتركز على ضرورة إستنهاض الروح أو (الطاقة الجوانية)". 7-الشخصانية / محمد عزيز لحبابي 1969: ظهرت الفلسفة الشخصانية حوارا للعرب مع الغرب عبر الفيلسوف المغربي الفرنسي محمد عزيز لحبابي,وعبر قراءاته الواسعة والعميقة والناقدة لتراث الفلسفة الغربية,استوعب في فلسفته وجودية برجسون وشخصانية مونييه وجدلية ماركس وذاتية ديكارت وإنعكاسية بول ريكور. ليستأنف وجودية بدوي وجوانية أمين وشخصانية حبشي وغدية لحبابي في تأصيل إسلامي للإنسان عبر مشروع (فردانية الفرد) الذي لم يكتمل. يدور كله حول فرضية مهمة (أن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يتصف بالتفرد,أي يختلف كل فرد فيه عن الآخر). هذا المبدأ الذي يصفه لحبابي بنقلته / قولته الشهيرة (من الكائن إلى الشخص).

الشذرية​
"تعتبر الكتابة الشذرية نوعا من الأدب,إبتدعها الفلاسفة اليونانيون,تختصر في طياتها الصغيرة والمتنوعة الكثير من الأفكار. واشتهر الفيلسوف الألماني فردريك نيتشة بكتابة مؤلفاته بها,واتبع أسلوب الشذرات فلاسفة آخرون مثل بليز باسكال وجان جاك روسو وإميل سيوران ورولان بارت وتيودور أدورنو وغيرهم,ويتبعونها أدباء ومفكرون معاصرون في وقتنا الحاضر كفن أدبي دارج على الساحة الفكرية.

الشذرة ظاهريا منفصلة ومفككة ولكنها في العمق البنيوي مترابطة وموضوعية ووحدة بنائية. هي فن أدبي منها ما يحاور الجميع والعامة وكل طبقات المجتمع,وتصلح لإضاءة الطريق للأجيال القادمة. هي فردية وذاتية,ولا تستند إلى الأدلة والبراهين,وتتأرجح بين الواقع الوجودي والخيال المتأمل وحتى الأوهام,بين الماضي والحاضر والمستقبل,وكأنها وميض شهب يسطع في سماء ليل حالك.

عندما نقرأ كتابا من الشذرات,نجد في شذرة فكرا فلسفيا,وفي أخرى علميا أو سياسيا أو تاريخيا أو فنيا.

الشعائرية​
الشعائرية فلسفة تستخدم (الشعائر) أداة في الوصول لغايتها

والشعيرة مجموعة من الممارسات البشرية تحمل دلالات رمزية وتؤدي في شروط معينة

تلك الشروط هي المتعارف عليها بصفتها (مناسبات خاصة)

ولأن المناسبات الخاصة,والعامة تقتضي وقتا معينا / فترة زمنية محددة وسط خط زمني لإحياء هذه المناسبات (التي تظل خاصة مهما بلغ تعميمها) تنقسم الشعائرية زمنيا ورمزيا إلى ثلاث أنواع أساسية

1-الطقسية
الطقس هو فعل ذو قيمة رمزية قد يفعل في أي وقت. وأقصد به هنا الفعل / الطقس الأكثر ملازمة للدورة اليومية للإنسان. ويكون الطقس فعلا يجد الإنسان ملتزما به بسبب ضغط ديني أو إجتماعي. لذا قد يكون الطقس فردي أو جماعي. مثلما قد يكون يومي أو في وقت آخر. ومن أمثلة ذلك الصلاة في الإسلام,أو اليوغا في غير الإسلام.

2-الإحتفالية
الإحتفالية هي طقوس تكون عادة إجتماعية تقام للإحتفال (أو إحياء ذكرى) لحدث يكون عادة غير متكرر. (ربما يتكرر مرة كل موسم أو كل عام أو كل قرن). لذا تكون هي المقابل الإجتماعي للطقس النفسي الفردي. وقد أقام المفكر ميخائيل باختين فلسفة تحمل نفس الإسم إنطلاقا من مفهوم (الكرنفال).

3-الرمزية
هي تلك الفعاليات والأفعال والأشياء التي نرتبط بها ونحملها رمزيات ربما أكبر حتى مما تحتمل.

الشعائر مثل منتجات فكرية أخرى (الأنطولوجيا,والأيديولوجيا,والدين,وعموم السرديات الكبرى) تتغذى على حاجة الإنسان في (الشعور بالإنتماء). "والواقع أن الدين دائما أيديولوجيا،من حيث هو نسق من المعتقدات تلجأ إليه الجماعة يُرضي حاجات نفسية فردية جماعية؛أهمها التماسك والشعور المشترك بوسائل شتى من الشعائر والطقوس والتعاليم المقدسة. من هذه الزاوية يملك الدين قدرة تعبوية هائلة ينعدم فيها غالبًا الشك والتساؤل والانقسام".

الشعبية​
الشعبية فلسفة تجمع مجموعة من القيم التي تنزل من علياء الفلسفة إلى عموم الشعب

وقد جسدت مدرسة البوب -وهي مشتقة من كلمة بوبلر Popular التي تترجم بمعنى جماهيرية أو شعبية أو شائعة / رائجة ومنه اشتقت ثقافة الموجة الإعلامية (تريند Trend) والعلامة التجارية (براند Brand) هذه الأيام- هذه القيم في تغذيها على المنتجات الثقافية المستعملة بكثرة لدى العوام. السلع الإستهلاكية مثال بارز عن ذلك. ولهذا إرتبطت هذه المدرسة بالصورة وبالفلسفة الصورية التي تروج لمنتجاتها عبر جهاز إعلامي عملاق ومترامي الأطراف يستخدم الصورة لوصول سريع إلى عقل المتلقي. هنا ولد فن البوب Pop art حركة فنية بصرية ظهرت في بريطانيا منتصف القرن العشرين (بالضبط في منتصف عام 1950,وقبل أن ينتهي العام انتقلت إلى أمريكا). ويبدوا أن هذا القرن يأبى أن ينقضي قبل أن يجر في أعطافه كل شيء معه حتى لم يبقى للألفية الثالثة من حركة فنية أصيلة عدا ربما الفن الرقمي الذي يظهر كأنه إمتداد لحركة البوب.

خرجت حركة البوب من قلب الفن التشكيلي,وسرعان ما احتوت كل الفنون البصرية مثل السينما والنحت والكولاج وتصميم الأزياء والفنون البلاستيكية. وسرعان مع وجدت مكانا لها في الموسيقى التي ارتبطت بحركات عديدة مثل البوب والروك والراب.

تحدى فن البوب التقاليد السائدة بتأكيده أن استخدام الفنان الشامل لكل الوسائل البصرية المتواكبة مع الثقافة الشعبية يتوافق مع منظور الفنون الجميلة. والبوب يزيل المواد من سياقها ويعزل الكائن,أو أنه يجمعه مع الكائنات الأخرى،للتأمل. ومفهوم فن البوب لا يشير إلى حد كبير إلى الفن في حد ذاته بقدر ما يشير إلى المواقف التي أدت إلى ذلك.

غالبًا ما يستخدم فن البوب صورًا جاهزة ومتداولة في الشارع وبين الناس مثل القصص المصورة (الكوميكس)،أو صورًا مستخدمة في الإعلانات تراها الجماهير في الأيام العادية، مثل العلامات التجارية والشعارات. اشتهر هذا النوع من الصور بعد أن ذاع صيت لوحة آندي وارهول الشهيرة لعلبة حساء البندورة (كامبل) في 1962،وهو منتوج شعبي في الولايات المتحدة الأمريكية،حيث نقل الفنان شكل العلبة بدقة عن إعلان منتشر،وبذلك استخدم صورة لم يبتكرها بنفسه!.

تشترك رسومات ليختنشتاين وآندي وارهول وتوم ويسلمان وغيرهم باتصالها المباشر بالصورة المنتشرة عن الثقافة الأميركية الشائعة،لكنها تتعامل مع الموضوع بطريقة غير شخصية فتُظهر بوضوح مثالية الإنتاج الضخم."

من أبرز الذين تأثروا بحركة البوب في مصر محيي الدين اللباد.

الصوفية​
الصوفية فلسفة تسعى إلى بذل الجهد في حمل النفس على خلاف المذموم من الهوى

التراث العربي الإسلامي يزخر بعدد هائل من أعلام الصوفية,مثل ابن عربي والحلاج والنفري. ولمفردة الصوفية في العربية (لغويا) أصلان

الأول من الأصل اليوناني صوفي بمعنى فلسفي أو فيلسوف,وصوفيا معناها الحكمة أو الفلسفة,ومنها فيلي – صوفيا وهو مزج اصطك منه فيلسوف,بمعنى محب الحكمة. ومنها ثيوصوفيا أي فلسفة الإلهيات,ويقابلها لدينا الفلسفة الإشراقية حيث يعني (صوفي) محب الحكمة الإلهية.

الأصل الثاني هو التصوف من أصل صوفي أي عوفي وقريبه صفى وصفاء أي صفاء النفس من الشوائب وسمو الروح عن الجسد. ومنها التصوف,أي التسامي عبر زيادة سعة التدين لدى المرء من خلال الإغراق في نوع من الممارسات تشغل الجانب الآخر من الممارسات الدينية,حيث الممارسات الدينية / الشعائرية ثلاثة أنواع

-طقسية

-إحتفالية

-رمزية

ترتبط الصوفية للوصول إلى الصفاء / الحكمة إما بالتخلي عن الدنيا ومتاع الدنيا بالإغراق في الطقوس الدينية والرهبنة. وإما بالتخلي عن كل شيء بما فيها تلك الطقوس مع الإحتفاظ فقط بالعزلة عن الناس وعن الأشياء. وفي بعض أشكال الصوفية,تحاول إبدال العزلة بالجهاد بإعتباره شكل من أشكال التخلي عن الدنيا. فقد أدخلت الصوفية مجموعة من الأفكار الغريبة إلى الساحة الفكرية الإسلامية والدينية عموما,مثل المتاجرة بالموت,واستنطاق الأشياء بحثا عن الغيبيات,والبلاغة الصوفية (خاصة فيما يعرف بـ شطحات الصوفية,والخلط مع السحر). "وفي مجال الأدب؛ فماقدّمه التصوّف فيه ليس إلّا امتدادًا في الحقيقة –على عكس أطروحة أدونيس في (الصوفيّة والسورياليّة)- للبلاغة المكّيّة؛بلاغة القرآن المكّيّ. (لمزيدٍ من التفصيل راجع بحثنا: اللّا مفسَّر القرآني، مجلة “تأويليات”، العدد 4، بيروت، 2021). أي أنّ بلاغة التصوّف ليست فائقة،هي فقط (مختلفة)،وهي مختلفةٌ ليس لأنّها مفارقةٌ لنَظْم البلاغة السائد،بل لأنّها (غير منتشرة)،فاشتهرت من قبيل النادر." ويقال أن للصوفية تجليات أخرى مثل الصوفية والوجودية والسريالية. ومن أعلام الصوفية

الطبيعانية​
الطبيعانية فلسفة غايتها النظر إلى الطبيعة بشكل يتجاوز مجرد كونها الطبيعة.

فيما يُعرف بـ (تضخيم الطبيعة) وفق رؤية تفرض طبيعانياتها على كل شيء.

وبما أن الطبيعانية تركز على العناصر الطبيعية,وتعمل على تضخيمها,فإن هذا التضخيم لا يمكن تطبيقه إلا في حدود الأدب. ولهذا عرفت الطبيعانية بصفتها مدرسة أدبية رائدة.

ولهذا أبضا انحصرت هذه الفلسفة على الأدبيات (أعمال فولتير نموذجا صارخا لها) رغم أن لها صدى واسع خلف تخوم الأدب,وتتماس مع النفس (خارج حدود الأدب) فيما يعرف بـ الطبيعانية الوجودية.

والطبيعانية الوجودية -عكس الطبيعانية الإنسانية- تسعى إلى فهم العالم ودور الإنسان فيه.

أي أنها فلسفة تعمل على الربط بين الإنسان والطبيعة في محاولة فهمها لكليهما. فهي تنطلق من الإنسان أوليا لفهم الطبيعة,وبيان الوجود من خلاله. فتخلص إلى تقرير أن كل ما يخرج عن هذا الفهم (ما وراء الطبيعة) ليس موجودا (لأنه ليس موجودا في الطبيعة,ولأنه غير موجود ضمن حدود فهمنا) مثل الأرواح والأشباح وحتى الآلهة. ما تمظهر في أكبر أشكاله بالفلسفة الظواهرتية.

والفلسفة الطبيعية تتمازج مع الفلسفة الفيزيائية,فالطبيعة رئيسي موضوع لكلاهما,وكانت الفلسفة الطبيعية المصدر الذي انبثقت عنه العلوم الطبيعية (الفيزياء). عبر مرحلة وسط عُرفت بالفلسفة الآلية / الميكانيكية.

ومع ذلك لم تستقل الفلسفة الطبيعانية عن الحياة الإنسانية بإعتبار أن الفيزياء لا تخص سوى الخاصة. بل نجح ماركس في تعميم الطبيعانية والمادية على تاريخ المجتمع البشري.

وقد نشأت الطبيعانية لأول مرة,مثل بقية الفلسفات الغربية,في أحضان الفلسفة اليونانة.

ومثل أغلب الفلسفات كان للطبيعانية تأثيرا مدويا على الفن (كما الأدب) مستخرجة حركة فنية حملت نفس الإسم وهي الطبيعانية. كما تأثرت بها حركات أخرى مثل التكعيبية والجسدية. بل يمكن القول أن الطبيعانية واحدة من أهم الفلسفات الكبرى -الخمسة ربما- ويتجلى هذا في تأثيرها الكبير على الفلسفات الأخرى التي أنبثقت عنها,مثل المادية والحركية والتطورية والماركسية والذرية (مذهب الذرة) ومذهب الطاقة والوجودية الطبيعانية.

هذا غير بلورتها لمفهوم (الشيء في أصله) الطبيعي. أي البحث في (طبيعة الأشياء) وهو معادل لـ (ماهية الكائنات). ومن ذلك استفادت الفلسفات الوضعية والظاهراتية والذرائعية.

الطوباوية​
الطوباوية فلسفة إجتماعية غايتها الوصول إلى مجتمع مثالي.

وقد قلنا مجتمع مثالي,وليس (المجتمع المثالي) لسببين

أولها لأن تصور البشر لهذا المجتمع المثالي يختلف بين جماعة وأخرى. وتعد ظاهرة (الرق) مثالا صارخا على هذا يجمع بين تناقض التصرفات المتحضرة بين أبناء اللون الأبيض,وفي نفس الوقت قمع وحشي ضد العبيد السود من نفس أفراد هذا المجتمع. وهو مجتمع لا يمكن أن نصفه (رغم تحضره الظاهر) بـ (مجتمع مثالي).

وثانيها لأن الوصول لهذا المجتمع المثالي,هو أمر مستحيل تماما,ورغم ما يذهب إليه ليبنتز من أن (عالمنا هو أفضل العوالم المحتملة) فإن في مقولته تلك بغض النظر عن سياقها (والرؤية الإيمانية التي اتصف بها ليبنتز) إعتراف ضمني بأن هذا هو الأفضل من الأسوأ. أي هو واقع بين عدة خيارات / احتمالات أحلاهم مرّ. ولهذا وجدت الجنة. والجنة فكرة موجودة فلسفيا ومعترف بها حتى لو كنت ملحدا. لأن الإنسان (السوي) لا يكف عن سعيه للوصول إلى المجتمع المثالي,أو اليوتوبيا / الجنة.

نشأت الطوباية لأول مرة تاريخيا في النصوص الإبراهيمية بإعتبارها سجلات تاريخية ثبتت مصداقيتها وحجم الموثوقية بها (نسبيا) بالمقارنة مع السجلات التاريخية الأخرى. وبحسب الأخبار الواردة فيها فإن أول ثلاث يوتوبيات معروفة هي جنة آدم وسفينة نوح ومملكة سليمان. ثم وكعادة الغرب بنسب أول الأمور إليه,فلا فلسفة قبل الفلسفة اليونانية,ولا يوتوبيا قبل يوتوبيا توماس مور إمتدادا لأول مدينة طوباوية في تاريخ الفكر الغربي,وهي جمهورية أفلاطون. مع أن الفلسفة اليوتوبية حاضرة في التراث العربي,وإن كانت نقلا عن التراث اليوناني,وتعديلا عليه وتأثرا به. هذا مع تجاهل واضح ومتعمد لمساعي حضارات الشرق الأولى إلى تلك اليوتوبيا منذ أيام الملك جلجاميش وسعيه الدؤوب عن سرّ الخلود. وسعي الإنسان إلى الجنة يتمثل في مجموع أفكار المجتمع الحاضرة,المسماة أيديولوجيا. أي أن الأيديولوجيا (المذهبية) تتفق مع اليوتوبيا (الطوباوية) في محاولة الذهاب / الوصول إلى مجتمع أفضل. الفرق هو أن الوصول موصول في اليوتوبيا,والوصول معزول في الأيديولوجيا. "فالأيديولوجيا دائما متضافرة مع الطوباوية أو اليوتوبية وتصور ما ينبغي أن يكون، ولئن كانت الأيديولوجيا — كما أوضح كارل مانهايم — تتعايش مع الحالة الراهنة في المجتمع، بينما الطوباوية دائما في وضع التعارض مع الحالة الراهنةَّ فإن العنصر الأيديولوجي والعنصر الطوباوي في الفكر الإنساني لا يُولدان منفصلين عن بعضهما؛طوباويات الطبقات الصاعدة كثيرًا ما تتحول إلى أيديولوجيا. ومعيار

التفريق بينهما هو درجة تحقيق الطوباوية في التاريخ وتحولها إلى أيديولوجيا. (21 لذلك

اعتبر إمجه Emge اليوتوبيا — أو الطوباوية — أيديولوجيا مرئية يتوقع حدوثها).

الظاهراتية​
الظاهراتية فلسفة تنظر إلى (الظاهرة) مصدرا أوليا للمعرفة.

والظاهراتية فلسفة تستند إلى الوعي مرجعا إلى المعرفة بحسب الوقائع الظاهرة للعقل. أي ما تمثله الظواهر الواقعية في خبرتنا الواعية اعتمادا عليها كنقطة بداية,ثم تنطلق من هذه الخبرة لتحليل الظاهرة وأساس معرفتنا بها. غير أنها لا تدعي التوصل لحقيقة مطلقة مجردة سواء في الميتافيزيقا أو في العلم بل تراهن على فهم نمط حضور الإنسان في العالم. وهي تنتمي إلى نوع من الفلسفات المثالية يسمى الفلسفة المتعالية (الترنسندنتالية Transcendentalism). وواحدة من أبرز الأفكار التي تطرحها هذه الفلسفة هي مفهوم الاستعدادات المعرفية / الابستمولوجية التي رسخ لها كل من كانط وهوسرل وتشوموسكي. وإن كان إدموند هوسرل (مؤسس الظاهراتية) يغالي في تمديدها ليجعلها تشمل علم المنطق متمثلا في علم النفس. حيث ركز هوسرل في فلسفته على العلاقة الجدلية بين الواقع والنفس والتي ينبثق منها الفكر / المنطق,وهي علاقة أثبتها ديكارت في أناه الكوجيتي Cogito (أنا أفكر,إذن أنا موجود) ومن بعده يعيد هوسرل البرهنة عليها في ظاهرياته,ولكن هوسرل هنا ينحاز للنفس على حساب الواقع,فيجعل علم المنطق جزئا من علم النفس,ويختزل الواقع كله في الرؤية البشرية / الإنسانية له دون أن ينصاع تماما لمفهوم المعرفة القبلية,ولكنه يشكل القوانين العامة للفكر بالرجوع إليها. والإستعدادات المعرفية / المعرفة القبلية هي نقاط إنطلاق مبدئية تسمح للعقل البشري بالذهاب في أي إتجاه فكري يسلكه من خلال (البيئة / الوراثة). أي أنها ترتبط بالوعي الخالص قبل أن يتصل بأي خبرة تجريبية. وترجع الأهمية الكبرى لهذه الفلسفة إلى كون الظاهرة بنية أساسية في بناء العلوم,فهو أول ما ينظر إليه عند دراسة أي من صور الطبيعة المختلفة. أي أن تمثلات الطبيعة تتجلى لنا في صورة (ظواهر). وبعد جدل طويل بين الفلاسفة والعلماء (أو فلاسفة العلوم) حول ماهية الحقيقة خلف واقعنا,وخلف كل معارفنا. ذهب هوسرل إلى أن الحقيقة هي ما نعرفه بالفعل,عبر أكثر شيء معرف علميا,أي الظاهرة. بمعنى آخر,كان مبدأ المثالية أولية الوعي,ومبدأ المادية أولية الوجود,فجمعت هذه الفلسفة بينهما ومبدأها أن المعرفة عبارة عن وعي ومضمون هذا الوعي في نفس الوقت,الوعي هو الذي يجمع العقل والمادة وهو ليس العقل أو الحس بل الشعور (مفهوم آخر هو الإمتداد). والظاهرة Phenomenon -كما يظهر من إسمها- هي أي حدث يظهر (يمكن مراقبته) لنا عيانا أو بيانا. حيث تم تطوير المصطلح,وصكه داخل مصطلح جديد هو علم الظواهر (فينومينولوجيا Phenomenology). أي أن التحول الغير مسبوق الذي أحدثه مؤسس الظواهراتية إدموند هوسرل,هو الربط بين الظواهر والمثل. والظواهراتية أو الظاهراتية متصلة بالفلسفة الظاهرية. حيث الظاهرية فلسفة تتخذ من (الظاهر) مصدرا أوليا للمعرفة. أي أنها عكس الفلسفة الباطنية,ويقصد بها طائفة كبيرة من الفلسفات على رأسها الظاهراتية. ولكن الظاهرية تسلكا مسلكا مغايرا بكونها لا ترهق نفسها وأدواتها في البحث عن (باطن) قد لا يكون موجودا,أو قد يكون ظاهرا إلينا بالفعل.

العاطفية​
الرومانسية هي أي فلسفة أخلاقية تعلي من الرومانسية.

والرومانسية هنا يقصد بها الإغراق في الحب,سواء بمعناه العاطفي أو الجسدي. ورغم نجاحها المدوي بالعالم الغربي,وبعض مناطق العالم,في تحقيق تطبيق أخلاقي مثالي بين طرفين (رجل وامرأة في العادة),إلا أنها تظل محصورة في نطاقها الأدبي بإعتبارها مدرسة جمالية. والرومانسية تقرب من المذاهب الخيالية حيث تعلي من القيم اليوتوبية في أضيق حدود المجتمع,أي الزوج أو العائلة. وهي عندي موسعة لتشمل العائلة,حبا بين إبن وأب,أخت وأخ,جد وحفيد,عم أو خال,صاحب وصاحبه. وليس فقط زوج وزوجه أو عاشق ومحبوبته. ومع ذلك جرى تعميم الرومانسية في مقاصد العديد من المحدثين لتشمل الكثير من القيم التي توصف بأنها خيالية. تسعى إلى وجود يوتوبيا / فانتازيا لا وجود لها. فالحب أعمى يغفل عن تعقب حقيقة الأمور كما هي عليها. ومع ذلك هي فلسفة قائمة على توسيع عاطفة الحب بإعتباره محركا سلوكيا هاما ضمن العواطف السبعة الرئيسية للإنسان 1-الفرح ومنها الفلسفة الجمالية,2-الحزن ومنها الفلسفة التشاؤمية,3-الغضب ومنها الفلسفة العبثية,4-الخوف ومنها فلسفة الموت,5-النفور ومنها الفلسفة العدمية,6-الدهشة ومنها الفلسفة السريالية,7-الحب ومنها الفلسفة الرومانسية. فالنفس السوية تحتم أن الإنسان لا يؤذي إنسانا آخر إذا أحبه,أي أن الشخص غير قادر على أن يؤذي شخصا عزيزا عليه. إلا في حالة إضطرارية ظرفية. أو في حالة غير سوية. تنادي معظم الفلسفات الأخلاقية والإصلاحية, وكذلك الديانات بأن يعم مشاعر الحب الجميع,حب من أجل السلام. لهذا يمكن القول بوجود إحترام متبادل بين الديانتين الإسلامية والمسيحية في حالة الوصول إلى فهم صحيح بينهما. ولما تعثر العثور على الحب الأسمى,فلا أحد خالص النية,تحولت الرومانسية إلى توجيه مشاعر الحب نحو الطبيعة التي تبدوا مسالمة جدا بغض النظر عن بعض الضرورات الوحشية. فنجد الرومانسية متأثرة بالطبيعانية. ويظهر تأثرها بالروحانية إذا لم تجد غايتها في الطبيعة,لتذهب نحو الهروب من أي قيود عقلانية. بل نشهد الرومانسية في صور أخرى مثل تمجيد الماضي والحنين إليه (بإعتبار أن كل ما قد مضى فقد مضى) ولذلك يبدوا ما فات هينا عن ما آت,وعما هو معاش. ويمكن تمديد الرومانسية أكثر لتشمل كل العواطف البشرية. وترتبط الشاعرية بالرومانسية.

الشاعرية فلسفة قائمة على الممازجة بين الشعر والشعور. والشعرية هي حقل مهم من حقول البلاغة,وهذا غير المفهوم التقليدي الذي يعرف الشعرية من الشعر مقابلا للنثر,بينما الشعرية المقصودة هنا هي المرادف للشاعرية كما لدى ج.كوهن J .Cohen. في حقل الأدب,حيث الشعرية / الشاعرية Poetics / Poétique هي دراسة العلاقة بين عناصر النص وكيفية إنتاجها لتأثيرات معينة مع إعتبار أن النص هنا يتجاوز معناه التقليدي المقتصر على النص اللغوي. هذا التعريف يقرب الشعرية بشكل كبير جدا من العاطفية,خاصة وأن الإثنين يشطحان بالعاطفة والشعور إلى آفاق بعيدة في اللاعقلانية.

العبثية​
العبثية فلسفة تنادي بـ (لا جدوى) البحث عن الحقيقة لأن كل جهودنا مآلها الفشل.

أي أنها فلسفة تنظر إلى الفوضى العبثية كنتيجة حتمية أو كغاية نهائية. وهي في ذلك تشبه إلى حد كبير الفلسفة التشاؤمية,لأن العبث يولد الفوضى,ويجردنا من أي انتظام في حياتنا, مما يوقف تقدمنا في الإرتقاء بإنسانيتنا. رغم أن العبثية,وكذلك التشاؤمية,ويا للمفارقة تريدان الإرتقاء بهذه القيم الإنسانية. أو على الأقل تتمنى ذلك,دون أن تفعل الكثير حيال ذلك,عدا التسليم بالحقائق التي ورغم قبحها,فهي (أمر واقع). هذا التسليم هو مفتاح لإيقاظ عقولنا بدلا من التغافي والانسياق إلى فخاخ شبه إنسانية ساذجة تزيد الوضع سوءا.

لذا ربما غاية هذا العبث,هو الوصول إلى السعادة بالتجرد من المعنى.

-هل المعنى مرتبط بالشقاء؟ وهل الفهم يتناسب عكسيا مع السعادة؟

هذا السؤال أصلا كان شاغل الفلاسفة بإختلاف مذاهبهم الفلسفية,إلى أن جعلته الفلسفة العبثية أساسا لفلسفتها,وفي التناقض بين ميل الإنسان للبحث عن معنى الإنسان,والوجود،وبين انعدام المعنى له،"يظهر للإنسان طرق ثلاث لحل هذه المعضلة وفقا لما قدمها كل من كيركيغارد وكامو رائدا العبثية.

-الإنتحار (الهرب من الوجود): وهو الحل الذي ينهي به الإنسان حياته الخاصة. وقد رفض كل من كيركيغارد وكامو جدوى هذا الخيار،ويرى كامو أن الأمر لا يواجه العبثية،بل يصبح أكثر عبثية بإنهاء الإنسان لحياته.

-المعتقدات الدينية والوروحية المجردة التي تتحدث عن عالم متعال: وهو الحل الذي يؤمن به الشخص بوجود واقع أبعد من كل هذا العبث،وعلى هذا النحو واقع له معنى. وقد ذكر كيركيغارد أن الإيمان بأي شيء أبعد من الواقع العبثي يتطلب معتقدات دينية غير عقلانية ولكن لربما تكون ضرورية في مثل هذا الشيء غير القابل للإثبات الملموس والتجريبي. إلا أن كامو اعتبر هذا الحل أيضا (إنتحاراً فلسفيا).

-القبول بالعبثية: وهو الحل الذي يتقبل فيه الشخص عبث هذه الحياة ويتابع في حياته على الرغم من ذلك. وقد أيد كامو هذا الحل مؤمنا بأن تقبل هذه العبثية يمكن أن يحقق للإنسان الحرية المطلقة،وذلك من خلال تفهم عدم وجود القيود الدينية أو الأخلاقية ومن خلال التمرد على العبثية في الوقت نفسه الذي يتقبل أنها شيء لا يمكن إيقافه،يمكن للمرء أن يكون محتوى عن المعنى الشخصي المكون خلال هذه العملية. إلا أن كيركيغارد على الضفة الأخرى،اعتبر هذا الحل (جنونا شيطانيا)."

وكما هو ظاهر فإن العبثية متأثرة جدا بالوجودية,ولكنها لا ترى أي قيمة وراء هذا الوجود.

العدمية​
العدمية فلسفة قررت عدم القدرة على الإمساك بـ وجودنا / ذواتنا / إنسانيتنا.

وهي في تجاوزها لهذا الوجود أصبحت فلسفة تتخذ من العدم غاية لها. أي بعد أن كانت تقرر بـ (عدم وجود شيء) أصبحت يقينها بـ (عدم وجود أي شيء). ولأننا لا يمكننا الوصول إلى العدم (إلا بموتنا ربما) فالبديل في حياتنا هو (اللامبالاة). أي عدم الإهتمام بأي شيء. وبالتالي عدم التفكير في أي شيء. وهو ما يعود بنا إلى الحقيقة الأولية من هذه الفلسفة في أول سطر أعلاه. مما يؤدي إلى "شك تحول فيه كل مقدس إلى مدنس,والنظام إلى فوضى,والمعنى إلى اللامعنى".[TM22] يرجع هذا التأكيد على عدم وجود أي قيمة للحياة أو الإنسانية إلى البحوث التاريخية / الميتافيزقية لأكبر فلاسفة الألمان؛نيتشه وهيدجر. "بالنسبة لنيتشه,يمكن تلخيص مجمل القضية العدمية في موت الالوهة أو في سقوط القيم العليا. بالنسبة لهيدجر,يعدم الوجود ذاته باستحالته كليا إلى قيمة."[TM23] كما أكد عبد الرحمن بدوي في إفتتاحية كتابه عن (الوجود الزماني). وقد أسقط الفلاسفة الثلاثة ماركس وفرويد وداروين قيمة الإنسان إلى الحضيض,حيث اختزل الأول الإنسان في المال,والثاني اختزله في الجنس,والثالث اختزله في الطعام. ومع ذلك -وهو ما يزيد الطين بلة- يعد الشاغل الأكبر في أكثر المواضيع بحثا عن قميتها,هوالحياة,ولما تهون الحياة أو يهيمن الموت,تتغير النظرة إلى الشاغل الأكبر بالمثل,أي الموت. فلما طرح الفيلسوف ول ديورانت سؤاله (لماذا لم تعد الفلسفة اليوم محبوبة؟)،وهو سؤال إشكالي،فإذا نظرنا إلى زمن طرح السؤال،نجده في العام ١٩٢٩ زمن ما عرف في الأوساط الاقتصادية بالكساد،وأعيد طرحه في العام ١٩٥٣ إثر الحرب العالمية الثانية،وإذا ما تتبعنا تاريخ الفلسفة سنجد أن السؤال حول الفلسفة وأهميتها دائما ما تأتي في نفس المناخات (حتى في تلك المتاهات المستقبلية التي يفرضها علينا كتاب الخيال العلمي). كتب هيجل في كتابه موسوعة العلوم الفلسفية أن كراهية العقل لنفسه ميزولوجيا Misology تنتشر في زمن الانكسارات والهزائم ويغدو مطلب الناس وملاذهم العالم الحسي و يضيقون ذرعا بالعقل وتنظيراته،وقد قال هيجل واصفا هذا المزاج العدمي (يؤدي تقهقر الفكر,لسوء الحظ إلى ضرب من (كراهية العقل والتفكير .. Misology,و كراهية المنطق والتدليل العقلي عموما) بحيث يتخذ موقفًا عدائيا من جهوده,كذلك الموقف الذي يتخذه ما يسمى بمذهب المعرفة (المباشرة) الذي يذهب إلى أن هذه المعرفة (المعرفة الحسية المباشرة) هي الصورة الوحيدة التي نستطيع أن نصل بواسطتها إلى معرفة الحقيقة".

في هذا تقترب العدمية من العبثية,وتكاد العين أن تجعلهما ترادفا من نفس العين. لولا أن العدمية مرتبطة أكثر بالموت,وهي قد تذهب بالعدمي إلى اختيار الموت دراسة أو فعلا. بينما العبثية -التي قد تتجاور مع العدمية- لا تذهب سوى بعبث هذه الحياة,ومع ذلك تنطلق من مسعى وجودي إلى الإعلاء من قيمة هذه الحياة. ومع ذلك كان من الممكن أن نضع الفلسفات الثلاث على خط واحد؛العدمية,والعبثية,والتشاؤمية. لولا رغبتي في أن أفصل بكل واحدة.

العقلانية​
العقلانية فلسفة تنطلق من العقل مصدرا أوليا للمعرفة.

وذلك راجع لسطوة العقل على الكثير من مجريات التاريخ التي شملت الإنسان في سياقها, ومن ذلك إعلاء الإنسان (أو تهميشه) بواسطة العقل. ولأنه قد جرى الإعلان عن إعلاء الإنسان سابقا,جرى هنا الإعلاء عن (عقل الإنسان) بإعتبار أنه الميزة الأساسية للتمييز بين الإنسان والحيوان. وجاء الإعلان بمسمى (فلسفة العقل) -حيث الفلسفة العقلانية شقيقة الفلسفة الإنسانية- وكأن أي فلسفة أخرى لم تصدر عن (عقل). انطلاقا من كون العلم (رائد العقل الأول حسبما يزعمون) له نتائج ملموسة ومؤثرة على حياة البشر. نتائج هائلة بإعتراف الجميع حتى وإن تمسكوا بالنكران. ولكن ينسى هؤلاء أن نصف المعرفة العلمية والمعرفة عموما متمثل في النتائج والتطبيقات التي تستمر عملية التوليد لها,والنصف الآخر هو تقنين النظريات. أي أن العقلانية ليست منحصرة في المادية بدليل أن أهم مدرسة مادية عقلانية هي المدرسة الوضعية التي تمزج بين التجريبية المادية (والمنطق الإستقرائي) والمنطقية العقلانية (والمنطق الرياضي). فلا اعتماد بهذا دون ذاك. نشأت العقلانية بوصفها فلسفة مثالية ترى أن الأفكار سابقة للحواس,وتعلي من العقل فوق الواقع. ومع ذلك يحاول المنظرين تجاوز هذه الثغرة عبر الجمع بينهما في مجموعة من الثنائيات العقلية عبر التركيز على العلاقة بين العقل والجسد,هي أربعة ثنائيات 1-ﺍﻟﺘﻮﺯﺍﻱ (ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﻭﺍلجسدي),وهو ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﺠﺴﺪ ﻻ ﺗﺆﺛﺮ ﺳﺒﺒﻴﺎً ﻓﻲ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺍﻟﺒﻌﺾ,ﻭﺫﻟﻚ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻛﻮﻧﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻻﺕ ﻭﺟﻮﺩﻳﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ؛ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﺘﺤﺮﻙ ﻋﻠﻰ ﻃﻮﻝ ﻣﺴﺎﺭﺍﺕ ﻣﺘﻮﺍﺯﻳﺔ (ﺃﻱ ﺃﻥ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺗﺘﻔﺎﻋﻞ ﺳﺒﺒﻴﺎً ﻣﻊ ﺍﻟﻌﻘﻞ،ﻭﺃﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺪﻣﺎﻍ ﺗﺘﻔﺎﻋﻞ ﺳﺒﺒﻴﺎً ﻣﻊ ﺍﻟﺪﻣﺎﻍ)،ﻭﻫﻲ

ﺗﺒﺪﻭ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻬﺎ. 2-العرضية / المناسبية,وﻫﻲ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺒﻨﻰ ﻓﻜﺮﺗﻪ ﻧﻴﻜﻮﻻ ﻣﺎﻟﺒﺮﺍﻧﺶ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺆﻛﺪ ﻓﻴﻪ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺴﺒﺒﻴﺔ ﺍﻓﺘﺮﺍﺿﻴﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺠﺴﺪﻳﺔ ﺃﻭ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﺴﺪﻳﺔ ﻫﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻓﻌﻼً ﺳﺒﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻃﻼﻕ؛ﻓﻔﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ ﻫﻤﺎ ﻣﺎﺩﺗﺎﻥ ﻣﺨﺘﻠﻔﺘﺎﻥ،ﻓﺈﻥ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ( ﺳﻮﺍﺀ ﻋﻘﻠﻴﺔ ﺃﻭ ﺟﺴﺪﻳﺔ) ﻫﻲ ﻣﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺂﺛﺎﺭﻫﺎ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻓﻌﻞ ﺗﺪﺧﻞ ﺍﻹﻟﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻣﻌﻴّﻨﺔ. 3-مثنوية الخصائص ﻫﻲ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﺘﺄﻟﻒ ﻣﻦ ﻧﻮﻉ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ (ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ) ﻭﺃﻧﻪ ﻫﻨﺎﻙ ﻧﻮﻋﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺼﺎﺋﺺ : ﺍﻟﺨﺼﺎﺋﺺ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﺼﺎﺋﺺ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ (ﺍﻟﺬﻫﻨﻴﺔ). 4-ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻲ (ﺍﻟﻤﺰﺩﻭﺝ),ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻲ ( ﺃﻭ ﻛﻤﺎ ﺗﺴﻤﻰ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺔ ﻣﺜﻨﻮﻳﺔ ﺍﻟﺸﻜﻞ ) ﻫﻲ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﻫﻤﺎ ﺟﺎﻧﺒﺎﻥ ﺃﻭ ﺷﻜﻼﻥ ﺃﻭ ﻣﻨﻈﻮﺭﺍﻥ ﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ (ﻟﺬﺍ ﻓﻬﻲ ﻧﻮﻋﺎً ﻣﺎ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﻣﺨﺘﻠﻄﺔ،ﻭﻳﻤﻜﻦ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺃﺣﺎﺩﻳﺔ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﻮﺍﺣﻲ). ﺇﻥ ﻋﻼﻗﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺑﺎﻷﺣﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻤﺤﺎﻳﺪﺓ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﻣﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺪﺩﺓ،ﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻓﺮﻕ ﻭﺍﺿﺢ ﻳﺬﻛﺮ ﺃﻧﻪ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﻤﺤﺎﻳﺪﺓ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻤﺤﺘﻮﻳﺎﺕ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻤﺤﺎﻳﺪﺓ ﻭﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺪﺍﺧﻞ ﺑﻬﺎ ﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻘﻠﻴﺔ ﺃﻭ ﻣﺎﺩﻳﺔ ﺃﻭ ﻛﻼﻫﻤﺎ ﺃﻭ ﻟﻴﺴﺖ ﺃﻱ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﻧﻈﺮية ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻲ ﺗﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﻫﻲ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺃﻭ ﺟﻮﺍﻧﺐ ﻟﻤﺎﺩﺓ ﺃﻭ ﻛﻴﺎﻥ ﺃﻭ ﻋﻤﻠﻴﺔ،ﻭﻫﻲ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻋﻘﻠﻴﺔ ﻭﻻ ﻣﺎﺩﻳﺔ ﻛﻤﺎ

ﺗﻔﻬﻢ ﻋﺎﺩﺓ . ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺻﻴﻎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﺃﻳﻀﺎً ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﻣﻜﻤﻠﺔ ﻟﺒﻌﻀﻬﺎ ﻭﻏﻴﺮ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻼﺧﺘﺰﺍﻝ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺠﺰﺅ (ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘﻼﻓﻬﺎ ﻭﺗﻤﻴﺰﻫﺎ ). أي أنها تنزع إلى ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺔ ﻛﺤﻞ ﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﺠﺴﺪ.

العلمية​
العلمية هي فلسفة تنطلق من العلم مصدرا أوليا للمعرفة.

وهي تسمى أيضا فلسفة العلوم. وقد نمت هذه الفلسفة حتى كانت حقيقة بأن تسمى بـ فلسفة العصر. نظرا لكل هذه المنجزات البشرية الفائقة المنسوبة إلى العلوم. فـ "مع تقدم علم الطبيعة (البيولوجيا) والنجاح المطرد الذي حققه في تقديم تفسير فيزيقي للظواهر الطبيعية ذهب كثير من الفلاسفة في القرن العشرين إلى إعتبار نظرياته صاحبة الكلمة فيما يتعلق بتقديم وصف للوجود وإعتباره مثالا يحتذى بالنسبة لسائر العلوم من حيث قدرته على تقديم قوانين دقيقة يمكنه على أساسها تفسير بل والتنبؤ بظواهره الخاصة. إنعكس ذلك بالضرورة على تصور بعض الفلاسفة للحياة النفسية والعقلية للإنسان,وهو ما عنى بالنسبة لهم إما محاولة بيان إمكانية رد علم النفس -ذلك المنوط به دراسة الحياة النفسية والعقلية للإنسان- إلى علم الفيزياء أسوة بمحاولة رد العلوم الطبيعية الأخرى -كالكيمياء- إلى علم الفيزياء,أي بيان رد ما هو عقلي إلى ما هو فيزيقي,أو بيان الطابع العلمي لعلم النفس كعلم مستقل وهو ما يعني التوصل إلى قوانين بإمكانها أن تفسر بل وتتنبأ بالظواهر النفسية والعقلية إسوة بعلم الفيزياء ببيان أن هذه الظواهر في ذاتها ظواهر فسيولوجية,أي فيزيقية الطابع." و"الطبيعيات أو الفلسفة الطبيعية هي السلف التاريخي المباشر — وفي الآن نفسه الجذور الضاربة في البنية الثقافية — للعلم الطبيعي الذي يتربع على صدر نسق العلم الحديث، واحتل الموقع الاستراتيجي المعروف في مشروعه،هذا المشروع الذي اتسعت جنباته رويدا رويدا،حتى شملت كل فروع العلم؛الفيزيوكيمياوية ثم الحيوية ثم الإنسانية،بفضل القيادة النَّاجحة للفيزياء الكلاسيكية النيوتونية،وفي مطالع القرن العشرين هبَّت ثورة (النِّسبية والكوانتم) الكمومية (اللتين انتزعتا مقاليد السلطة الفيزيائية من النيوتونية،وكان هذا إيذانا بالتعملق المعاصر الرهيب للعلم الطبيعي،وبالنضج الثري الزاخر لفلسفة العلوم،حتى تعد من المنجزات اليانعة حقا للفكر الغربي الحديث؛أَو ليست تقنينًا لأصلاب أشد عناصر الحضارة الحديثة فاعلية واتِّقادا: العلم الحديث؟" فـ "لفترة طويلة منذ قيام الثورة الفرنسية ونشأة علم الاجتماع كان النموذج الوضعى هو النموذج المسيطر،وهو النموذج الذى ظل مسيطرا طيلة المرحلة الكلاسيكية وحتى منتصف القرن العشرين تقريبا." و"قد صاحب الإلحاد في أوروبا هذا التطور الهائل الذي لم يعهد له مثيل في مجالات العلوم الطبيعية,وما يقوم عليها من تقنية دخلت نواحي الحياة المختلفة وسهلتها. فربط الناس في الغرب بين هذا وذاك؛فاعتقدوا أن هذا التطور ما كان ليحدث لولا اطّراح الدين وإحلال الفلسفة المادية الإلحادية العقلانية"

لقد أصبحت فلسفة العلوم هي الحكم الأول الذي يرسم الحدود الفاصلة بين العلمي واللاعلمي,في كافة العلوم المختلفة مثل العلوم الطبيعية والعلوم الإجتماعية. من خلال محورين هما: التجربة والقياس. وتحدد قيمة العلوم وتاريخه,وتضع منهج البحث العلمي الثابت. مما يعطي العلم قيمة شبه مطلقة,وهو ما يتناقض مع طبيعة العلم نفسه في منجزه الأولي والنهائي.

الباروكية​
الغرائبية فلسفة تنشد الغرابة بإعتبارها إنعكاس طبيعي لمجتمع مشوه.

هذا الإنعكاس ليس إلا إستمرار في مسار معين وفق نموذج تاريخي شهير هو التاريخ الباروكي الذي يفترض وجود غاية تاريخية,أي أن المجتمعات البشرية لطالما كانت آخذةً في التطور نحو حالةٍ نهائية طبيعية؛البذور تتحول إلى ثمار,والأجنة تتحول إلى بشر, والمجتمعات البشرية تتحول إلى فراديس ويوتوبيات. (أو العكس). حيث يطرح التاريخ الباروكي مجموعةً أحاديةً من القيم والبنى السياسية والإجتماعية بوصفها (أ) حتمية،و (ب) نقاطَ نهاية أعلى منزلة لكل التغير التاريخي،وهي النتائج السياسية والاجتماعية الناشئة عن الإرث الأوروبي الغربي. أي أنه من زاوية أخرى بعيدة النظر,فإن مآل / منتهى التفاحة هو التعفن,وأن ينخرها الدود,أو تتحول إلى روث أو براز بعد أكلها. تقفز الباروكية إلى هذه المحطة الأخيرة متجاوزة المراحل في الوسط,لترتبط الباروكية بمفردات من مجموعة (الموت – الزوال – النهاية). ويرى بعض النقاد أن الباروكية مفهوم غير متجانس لأنها لا تقدم وحدة إسلوبية محددة. وعادة ما يتم إدراج عصر الباروك بين الأسلوبية / المانيريسمو والركوكو. إن المصطلح يشير من ناحية جمالية إلى أي أسلوب فني يقابل مفهوم الكلاسيكية الذي أطلقه هاينريش فولفلين عام 1915،ولهذا فإن مصطلح الباروك يمكن استخدامه كاسم أو صفة. ووفقا لهذا الطرح فعلى أي أسلوب فني أن يمر من خلال ثلاث مراحل؛القديمة والكلاسيكية والباروكية. ويُعتبر الفن الجديد والفن الهليني والقوطي والرومانسي أمثلة على هذه المراحل الباروكية. فعلى الرغم من دوام العقلانية الكلاسيكية إلا أن الفن أصبح أكثر دقة وزخرفة متبنياً أنماطاً أكثر ديناميكية وتأثيراً ومفاجئة وندرة من خلال تفعيل التأثيرات والخدع البصرية. ويُلاحظ وجود ميل نحو التصوير الواقعي في فترة شحٍّ اقتصاديّ حيث يواجه المرء واقعه بطريقة مجردة. أحياناً فإن هذه الحقيقة المجردة كانت تعرِض على عقلية قلقة وبائسة العديد من تناقضات الأضواء والظلال وتوجهات نحو المبالغة وإخلال التوازن، حيث يتم ذلك بواسطة أسلوب يشوه الأشكال بواسطة تأثيرات قسرية وعنيفة. وقد اقترنت الغرائبية بالعديد من التوصيفات تراوحت ما بيت التحقيرية والتعظيمية,بين الضآلة والضخامة. واكتنفتها مذاهب ومسالك فنية عديدة. إذا كانت المرحلة الكلاسيكية هي هي الحكمة في الذوق فإن المرحلة الباروكية هي الحكمة في الغرابة. ينظر كثيرا للباروكية على أنها نظير الكلاسيكية. مما يجعل جميع تيارات الحداثة الباحثة عن تأصيل تنطوي تحت لواءها. أول من رفض المعنى السلبي للباروكية.

وقد تشكل المذهب الباروكي في بدايات القرن العشرين (ولكنه شمل القرن السابع عشر بأكمله, وبعض بدايات القرن الثامن عشر,مع تقطعات في القرن التاسع عشر,وصولا إلى القرن العشرين). وبرز بشكل أساسي في أوروبا الغربية على الرغم من ظهوره أيضا بفعل الاستعمار في العديد من المستعمرات التابعة للدول الأوروبية وخصوصا في أمريكا اللاتينية.

الفوق-واقعية​
السريالية حركة فنية تتخذ من فوضوية اللاوعي منطلقا لإبداعاتها.

واللاوعي ماثل بالنفس البشرية (ظاهريا) في أمرين؛(الأفكار اللاشعورية والأفعال التلقائية والكلمات اللاواعية),و(الأحلام). فاعتمد أصحاب المدرسة السريالية فى رسوماتهم وكتاباتهم على الأشياء الواقعية التى تستخدم كرموز للتعبير عن أحلامهم والارتقاء بالأشكال الطبيعية إلى ما فوق الواقع المرئى. -فالسريالية Surrealism تعني حرفيا (الفوق واقعية)- وهي إبداعات لم تخرج كثيرا عن الإطار الفني المحدد لها بإرتباطها بالحلم كوسيلة للفرار من الواقع. هذا الفرار الذي تمثل في الأعمال السريالية مقدمة عوالم أجمل للفرار من واقع أسوأ. أو عوالم أسوأ للرضا والرضوخ لهذا الواقع الأقل سوءا مثلما يحدث عند الإستيقاظ من كابوس. وكل الناس لديهم كوابيس مهما انحدرت ظروفهم المعيشية. الواقع,أن الوحيدين الذين لا يملكون أحلاما ولا كوابيس هم الموتى,وربما المقبلين على الموت (انتظارا أو انتحارا).

ومع ذلك حاول أندريه بريتون (وهو واحد من رواد الحركة السريالية ويمكن إعتباره المنظّر الرئيسي لها) تمثيل السريالية في الواقع من خلال الفكر,بإعتبار أن الفن ليس إلا إنعكاسا لهذا الفكر.

ونظّر

إن السريالية آلية / تلقائية / نفسية خالصة من خلالها يمكن التعبير عن واقع اشتغال الفكر إما

-لغويا (شفويا / كتابيا)

-صوريا (الرسم / الصورة)

بعيدة كل البعد عن أى تحكم خارجى,أو مراقبة تمارس من طرف العقل,وخارجة عن نطاق أى انشغال جمالى أو أخلاقى. هذا بالضبط هي نفس محاولة إمساك اللامعقول بالعقل في الفلسفة اللاعقلانية التي تتوسع بمساراتها عن السريالية. فالأخيرة لم تخرج كثيرا عن كونها حركة فنية,أدبية وبصرية.

ومن الناحية البصرية تخلصت السريالية من مبادئ الرسم التقليدية فى التركيبات الغريبة لأجسام غير مرتبطة بعضها البعض لخلق إحساس بعدم الواقعية. وتحاول أن تستنطق الإنفعالات لكشف ما خلف الحقيقة البصرية الظاهرة. فترتبط المدرسة السريالية كثيرا بالمدرسة المجازية.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى