أمل الكردفاني- التكرار والضحك

قرأت البارحة عن فرضية تطور الضحك والتي أشار إليها جون موريال في كتابه comic relief: a comperhensive philosophy of humor، مستمداً تلك الفرضية من ضحك الحيوانات السفلى كالقرود، ومن فكرة فتح الفم كعلامة، وأنهم كانوا -اي الإنسان البدائي- يضحك كعلامة ما عندما تحدث مفارقة في الصيد وخلافه.
لكنني أعتقد أن الضحك لم يكن يحدث من المفارقات، بل من التكرار، سنلاحظ أن القرويين يكررون جملاً معينة، غالبا ما تكون سطحية، ويضحكون عند تكرارها، وسنشاهد أن التكرار هو بالتحديد ما يجعل الطفل في عمر السنة يضحك، أي تكرار الجمل غير المفهومة في وجهه. وأعتقد أن هذه باكورة المزحة البشرية. وأن المجتمعات الأكثر تطوراً تمل من التكرار، وتعمل باستمرار على التجديد. حتى على مستوى العمل وليس فقط على مستوى التسلية. وتستخدم القوى التجارية هذا النزوع؛ لتسويق كل ما هو جديد من منتجاتها كل فترة من الزمن، وسنلاحظ مثلاً أننا نقوم بتحديث هواتفنا، وقد لا يمنحنا التحديث أي ميزة جديدة ذات أهمية، مع ذلك فنحن نبحث عن أي ميزة إضافية رغم اكتفائنا من هاتفنا الذي اعتدنا عليه. على هذا المستوى التسويقي، قس كذلك سرعة المنتجات الفنية، على تيك توك ويوتيوب..الخ، حيث تنال أغنية ما ملايين الإعجابات والمشاركات خلال يومين أو ثلاثة ثم تنطفئ جذوتها، ليتم تبديلها بأغنية أخرى، وقد يحدث انتشار سريع لفيلم قصير جداً، لبضعة أيام ثم يُنسى. في الوقت الذي كان فيه الانتاج الفني يمتد تاثيره لسنوات قبل ظهور الانترنت. وكان الفيلم أو المسرحية يعاد تكرارهما على مدى أشهر طويلة.
لذلك فالتكرار سمة من سمات البدائية، وكذلك تاثيره الإضحاكي. وبالتالي يمكننا التنبوء بأنه خلال عشر سنوات، ستختفي ملايين المنتجات الفنية، بحيث يبتلع الجديد القديم ويطحنه ثم يلفظه إلى العدم باسرع من ارتداد الطرف.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى